الأربعاء، 18 مارس 2020

هل نحن حقًا على أعتاب النهاية؟ وفي أي مرحلة نكون؟

هل نحن حقًا على أعتاب النهاية؟ وفي أي مرحلة نكون؟


9 يونيو، 2016
إن من أهم المعارف التي لابد أن يلم بها المسلم لفهم واقعه والتبصر في مستقبله هي النبوءات التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم وأشراط الساعة التي نبّهنا لها، ولهذا فقد انشغل المسلمون منذ صدر الإسلام الأول بأحاديث آخر الزمان والفتن وعلامات يوم القيامة، والتي تناولت أخبار الغيب والحديث عما سيكون فأشبعت فضول المسلمين خاصة وهم يشهدونها تتحقق تباعًا في كل وقت يحين زمانها، بل ترسخ معها إيمانهم ويقينهم، إنها من دلائل النبوة، ومما تميّزت به أمة محمد-صلى الله عليه وسلم-من معرفة بالقادم، مع العلم أن النبي لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه. ولا شك أن الإيمان بما في اليوم الآخر وعلاماته من الإيمان بالغيب الذي لا يدركه العقل، ولا سبيل لمعرفته إلا بالنص عن طريق الوحي. قال تعالى:
(الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وفي هذا الزمان استقرت بيننا علامات الساعة ونحن في شغل شاغلون، أدركها البعض ونبّهوا لها وهم في خشية وخوف متلازمين، لأنهم يعلمون يقينا أنها الوعد الحق الذي لا مناص لبشر ولا مخلوق منه… بينما غفل عنها آخرون وتجاهلوها…فكان التخاذل والغبن. قال الله تعالى:
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ )
وشتان بين سلوك المصدق بيوم الدين الذي يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض، ولحساب الآخرة لا لحساب الدُّنيا وبين سلوك المكذب أو الغافل عنه، فالأول له سلوك فريد يتميّز بالاستقامة وقوة الإيمان والبصيرة بالواقع والمستقبل، والثبات والصبر على المصائب والشدائد، أما الثاني فأي ريح تقتلع جذور قناعاته وترمي به في صحاري الهوى والخوف والتيه والحسرة.

نهج التعامل مع أحاديث نهاية الزمان

وقد تأملت في أحاديث آخر الزمان وتبحرت في كتابات العلماء والفضلاء فوجدت الجميع متفق على أن الأحاديث في هذا الباب كثيرة ولا أفضل من الاستناد على الصحيح والحسن منها لتتضح لنا رؤية ما ينتظرنا…
لقد اختار جمع من العلماء تقسيم علامات الساعة إلى صغرى وكبرى، بينما قسمها آخرون إلى ثلاثة أقسام وجعلوا بين الصغرى والكبرى: الوسطى وأشاروا لها بزمن المهدي، وقسموا الصغرى إلى ثلاثة أقسام :
  • قسم منها انقضى
  • وقسم لا يزال يتكرر
  • وقسم لم يقع بعد

في حين رجح آخرون تقسيم الأشراط إلى القسمين التاليين: علامات قبل موعد الساعة ومنها العلامات الصغرى والكبرى، وعلامات أثناء قيام الساعة وهي تحديدا الكبرى التي تصاحب قيامها.

العلامات الصغرى التي قبل قيام الساعة

فأما العلامات الصغرى التي قبل قيام الساعة فلا يمكن ترتيبها بشكل ثابت وقطعي، فقد تكون وقعت أو تتكرر أو لم تقع بعد وقد تظهر في مكان أكثر من غيره أو في زمن أكثر من غيره، وهي تمهيد لأشراط الساعة الكبرى والتي بمجرد أن تبدأ أولاها فإنها تتسلسل تباعا ويتغير حال الأرض بين يوم وليلة… فلا يمكن للإنسان أن يعول على ترتيب أو ظهور للأشراط الصغرى إلا من حيث التهيؤ لمرحلة تغيرات عظمى ستحل بالأرض فجأة، لن يكون له فيها وقت للاستدراك أو النجاة ما لم يعد نفسه لذلك اليوم…

أشراط الساعة الكبرى

أشراط الساعة الكبرى إذا ما ظهرت أولاها، تتابعت كتتابع الخرز في النظام إذا انفرط عقده، وإذا طلعت الشمس من مغربها؛ قفل باب التوبة، وختم على الأعمال، فلا ينفع بعد ذلك إيمان ولا توبة؛ إلا من كان قبل ذلك مؤمنًا أو تائبًا:
(يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا)
فطوبى لن تأهب لما بعد الموت واتعظ واعتبر من أشراط الساعة الصغرى فلم يغفل ولم يرتاب… إننا نتحدث عن أكثر من 100 علامة وما من قرن إلا وظهرت فيه بعضها وأما في قرننا فما أكثرها… وحتى نضبط عداد الزمن، فلننظر في أي مرحلة أصبحنا اليوم حسب أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

في أي مرحلة نحن؟

لقد شدني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والطبراني في الأوسط ورجاله ثقات ونقله الألباني في الصحيحة من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
“تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكا عاضا ( أي وراثيا) فيكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم يكون ملكا جبريا ( أي قهريا) فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت”.
ومن يتدبر هذا الحديث تتجلى له أي مرحلة وصلنا إليها اليوم خاصة وأن الأمة تشهد مرحلة مخاض كبرى وثورة على الأنظمة الجبرية القمعية التي قهرتها عقودًا من الزمن، إنها مرحلة زوال الحكم الجبري بلا شك، ولا يخال عاقل أن الأمة سترضى أن تقبع مرة أخرى تحت وطأة أنظمة متسلطة ظالمة طاغية، فقد انطلقت شرارة الثورة وإن استغرقت وقتًا إلا أنها ستنتهي بإذن الله إلى مرحلة التحرر التام والقدرة على بسط الشورى والعدل واختيار الحكم الذي تحلم به الأمة، ألا وهو خلافة على منهاج النبوة.
إنها كذلك مرحلة الوعي والإدراك لحقيقة الحرب على الإسلام ومرحلة صحوة أمة لمواجهة أعدائها الذين كانوا دائمًا السبب في تخلفها وتعاستها ومآسيها مما يُبشر بالملاحم وبانطلاق قوة المسلمين ضاربة في الأرض تقيم العدل وترد الحقوق وتنتصر للمستضعفين وترد عادية الكافرين وهي مرحلة الصعود التي بشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذن نحن في آخر مرحلة مصيرية لا ندري كم ستستغرق ولكن يجب أن نعلم أن مجرد الوصول لمرحلة الملاحم فإن ما يليها هو الأشراط الكبرى والتي إن ظهرت علامة واحدة منها فإننا أصبحنا أمام تسلسل للبقية تباعًا، وينطلق العد التنازلي لنهاية عمر هذه الدنيا…!
نبصر اليوم معًا حصار العراق والشام وهو نازلة نبَّأنا بخبرها الرسول-صلى الله عليه وسلم-وبأنها كائنة في آخر الزمان: فقد أخرج مسلم من حديث جابر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“…. يوشك أهل الشام ألا يجبى إليهم دينار ولا مدي، قلنا من أين ذلك؟ قال: من قبل الروم “
ونحن نتألم جميعا اليوم لما يعيشه المسلمون في العراق والشام من حصار وعدوان، بل وما نعيشه اليوم أيضا من تداعي الأمم على الأمة الإسلامية. نبأنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل 14 قرن من الزمان حيث جاء في الحديث عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يُوشكُ أن تداعى عليكم الأمم، من كل أفق، كما تداعى الأكلة على قصعتها. قال: قلنا: يا رسول الله، أمن قلّة بنا يومئذ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غُثاءً كغُثاء السيل، ينتَزِع المهابة من قلوب عدُوّكم، ويجعل في قلوبكم الوهن. قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: حبّ الحياة، وكراهية الموت).
وقد بشرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الجهاد ماض إلى آخر الزمان حيث أخرج أبو داوود وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“ستصير الأمور إلى أن تكونوا جنودًا مجندة، جند في العراق، وجند في اليمن وجند في الشام”،
وفي رواية: “جند في مصر وجند في المشرق، وجند في المغرب“، فقال ابن حوالة: خر لي يا رسول الله إن أنا أدركت ذلك، قال:
“عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده، وأما إن أبيته فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم فإن الله تكفل لي بالشام وأهله “
وقال الألباني عن هذا الحديث في تحقيقه لكتاب” فضائل الشام”: صحيح جدا.
إن هذه المرحلة التي نمر فيها هي مرحلة انحسار هيمنة الحكم الجبري وانشغال الأمة بالجهاد الموزع على ثغور المسلمين الحساسة والرئيسية، وقد ظهر حصار الروم لنا في العراق والشام، وارتفعت معه درجة وعي المسلمين ورغبتهم في انتزاع حرياتهم ولو على حساب دمائهم لإقامة العدل الذي يحققه لهم دينهم، فإن جمعنا معها باقي أشراط الساعة التي ثبتت وبشرى الرسول صلى الله عليه وسلم بمرحلة يعمّ بين المسلمين فيها العدل ويظهر فيها المهدي، فإننا نتوقع اقتراب مرحلة أشراط الساعة الكبرى أكثر من أي وقت مضى.
إننا على أبواب الملاحم وإننا على مقربة من فتنة الدجال…! وللحديث بقية فكونوا بالقرب …

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق