الاثنين، 23 مارس 2020

قراءة في كتاب : هندسة الجمهور


قراءة في كتاب :هندسة الجمهور

كيف تغير وسائل الإعلام الأفكار والتصرفات
اسم الكتاب :“هندسة الجمهور كيف تغير وسائل الإعلام الأفكار والتصرفات؟”
الكاتب  أحمد فهمي
القسم
الصحافة والإعلام
اللغة
العربية
الناشرمركز البيان للبحوث والدراسات 

قراءة : مركز البحوث والدراسات

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
الإعلام قادر على إصابة الملايين بطلقة واحدة، كتاب هندسة الجمهور بقلم أحمد فهمي، من مطبوعات مركز البيان للبحوث والدراسات، هل نستطيع أن ننفك عن تأثير وسائل الإعلام، هل إذا كنا أذكياء لن نخدع؟، في الحقيقة هذا السؤال يجب أن نفهم كيف يكون الجواب عليه.
الكتاب جاء ليدعم الطرف الذي لا يدرك حتى أن هناك من يخطط للاستحواذ عليه[1]، الطرف الأول الإعلام طرف كما ذكر الكاتب يعلم ما يفعل وكيف يفعل...[2]، فصول الكتاب تعرض أهم النظريات الإعلامية والنفسية الموظفة في مجال التأثير على الجمهور، أهم الأساليب المتبعة في خداع الجمهور والاستحواذ عليه ثم التحكم فيه فكريا وسلوكيا.
في مقدمة الكتاب ذكر حادثة في عام 1938م صدقها نحو مليون شخص من ستة ملايين متابع، الحادثة هي هبوط مركبة فضائية على أطراف مدينة نيويورك، صدق الناس الحدث بعضهم حملوا أمتعتهم، تحول الحدث بعد أن أنه عمل مسرحي إلى معدد ضخم من الأبحاث والدراسات في مجالات متعددة، نفسية واجتماعية وإعلامية.
هناك في بين الإعلام المطبوع والإذاعة والبث المباشر على الهواء من حيث الاستقبال وردود الأفعال، ومن هنا يتبين قوة تأثير البث المباشر والإذاعة، ترسخت كثير من الديكتاتوريات بفضل الإذاعة يقول جوبلز وزير إعلام هتلر: لم يكن ممكنا لنا تولي السلطة أو استخدامها بالأسلوب الذي فعلنا دون المذياع.
وذكر الكاتب ما ذكره الباحث الإيطالي عن موسوليني، وما كتبه جوي إلمر مرجان عن أنه لا يمكن أن تكون هناك أنة حرة إذا تركزت السيطرة على الإذاعة في أيدي قلة من الناس.
برز إلى عالم الدعاية والإعلام رجل غير التاريخ[3]، وهو إدوارد بيرنيز فماذا أحدث هذا العالم؟ وما هي المصطلحات التي استخدمها؟، ومن أبرز من استفاد منه؟.
بداية بيرنيز كان قد تشرب أفكار خاله عالم النفس البارز سيغموند فرويد فجاء محملا عن اللاوعي وإمكانية برمجة الجمهور، قبل بيرنيز كانت الدعاية تتركز حول جودة المنتج، بعده اكتشف أن إعادة صياغة الجمهور ربما تكون أسهل من تغيير المنتج وهنا يبرز أثر بيرنيز، أبرز المصطلحات المستخدمة هندسة الإجماع أو هندسة القبول، أبرز زبائنه الحكومة الأمريكية، بيرينز حول الجمهور إلى مفعول به.
تساءل الكاتب وحق له أين ذلك الكائن الأسطوري الذي ينفق الملايين من أجل فقط أن ينقل للناس عبر شاشاته الحقيقة دون تزييف؟، وذكر الكاتب المهمة الحقيقة للإعلام حسب واقعه.[4]
في فصل أيها الشعب لست ذكيا إلى هذا الحد، ذكر الكاتب أن بعض الشعوب تتغنى في أناشيدها وشعاراتها بذكائها، وتساءل هل هذا الوصف يكون بالفعل صحيحا؟ هل لأنه موجود في هذا الشعب بعض العباقرة، أن هذا الشعب عبقريا؟، وقدم بعض الدراسات عن ذكاء الشعوب وترتيبها وقدم دراسة توضح هل ممكن أن ينخدع الشعب الذكية بالإعلام؟
ذكر الكاتب أربع سمات رئيسية في الفرق بين إعلام المجتمعات التي تتمتع بالحريات وبين إعلام الدول المحرومة منها:
أولا: مستوى التناقض بين الحقيقة والافتراء.
ثانيا: مستوى الحبكة الإعلامية للأكاذيب.
ثالثا: وجود النخبة المؤثرة المعارضة للخداع.
رابعا: توفر البيئة القانونية الداعمة للحريات.
في فصل الإعلام والاتصال بعض التعاريف لعلم الاتصال وبعض المصطلحات وفيه تعريف جامع لعلم الاتصال، وفي فصل مكونات عملية الاتصال الجماهيري ورد نموذج لازوريل وهو يتضمن خمس مكونات أساسية لعملية التأثير الإعلامي وهي: من؟المرسل، يقول ماذا؟الرسالة، بأي وسيلة؟، لمن؟ وبأي تأثير؟، واتبعه الكاتب بنموذج مالتيزك الذي يظهر عدد من المتغيرات.
في فصل الإعلام لا يكذب ذكر الكاتب أن الإعلام نجح في أن يصبح في موضع المرجعية، وليس مرجعية معلوماتية فقط بل للقيم والتصورات، وذكر بعض الدراسات التي تثبت ذلك، والتأثير الأخطر للإعلام في أن الإنسان يتفاعل مع الواقع بحسب تصوره له، والذي يكون التصور في واقعنا هو الإعلام.
التلفاز وبسبب ما يتسم به من إثارة وتشويق فإنه يمارس تأثيرا تربويا يفوق ما تمارسه الأسرة أو المدرسة، عندما طولبت عينة من دراسة ميدانية بجامعة ليستر ببريطانيا، بالاختيار بين التصديق بما يقوله الوالدان، أو المدرسة أو التلفاز، اختار 54% تصديق ما يقوله التلفاز، وفي حادثة بشعة شغلت الرأي العام فقد قتل رب أسرة ولك أن تتصور بماذا انشغل الأطفال بعد مقتل أبوهم مباشرة[5].
تحدث الكاتب عن اضطرار الجمهور للتصديق مع علمه بالكذب، وذكر تحليلا لذلك وممكن أن يرجع له القارئ في موضعه[6]، وتحدث عن صدور حكم قضائي يشرع الكذب للسياسيين، فكيف وصلوا لذلك[7].
خصص الكاتب صفحات لكشف خدع الإعلام لا يكذب، وذكر وقرر قبل ذلك أن أغلب وسائل الإعلام لا تتوقف عن الكذب، سواء كانت منصة للسياسيين أو رجال الإعلام
في القاعدة الأول من يدفع للزمار، يختار اللحن، تحدث الكاتب عن تكلفة القنوات الإعلامية، وأن تكلفتها تزيد عن إيراداتها، وتساءل ممن يدفع الفرق؟، وتحدث عن السر وراء الإعلام وأنه يكمن في مزيج ثلاثي يضم ثلاثة أركان المال – السياسة – الإعلام، وذكر نموذج صانه الملوك وهو جاك أبراموف، وفي القاعدة الكثير من النماذج، بل إنه تحدث عن ظاهرة تغيير الولاءات عند الإعلاميين.
في القاعدة الثانية الإعلام يتعلم من بافلوف، ويتضح المزيج بين علم النفس والإعلام، وأورد الكاتب خلاصة ما استفاده الإعلام من حيث: تداعي المعاني، التعزيز أو التدعيم، وأخيرا المحاكاة.
في القاعدة الثالثة الاستعانة بصديق، وهي نقل الرسائل عبر النخب وقادة الرأي الذين لديهم القدرة على إعادة صياغتها ووضعها في إطار ذي دلالة عند الجماعات التي تتبع لهم، وأورد في القاعدة بعض الشواهد، وأورد الأنماط التي يتعامل بها الإعلام مع النخب المؤثرة في الرأي العام وهي: المنع، الاحتواء، الزرع.
وفي القاعدة الرابعة هندسة العقول والمجتمعات، وهو أهم فصل في الكتاب، ابتدأه الكاتب بسؤال ممكن أن تطرحه، وهو: كيف ترى نهاية الصراع بين العرب واليهود في فلسطين؟ ذكر الكاتب أن طارح السؤال سيتفاجأ بإجابات متناقضة لدرجة مضحكة أحيانا، برغم التشابه العام بين هؤلاء الأشخاص في خصائص كثيرة.
فما الذي يجعل الاستجابة متنوعة ومتفاوته تجاه الشيء نفسه إلى هذه الدرجة؟، إنه ما يعرف بــ النظام الإدراكي المعرفي للإنسان.
لا تصدر الاستجابة من الإنسان كرد فعل للواقع المادي بشكل مباشر، وإنما كرد فعل للواقع كما يدركه هو بكل تركيبته، ومن خلال ما يسقطه الواقع من أفراح وأتراح، وأشواق ومعان، أو رموز وذكريات، وأطماع وأحقاد، ونوايا خيرة وشريرة، ومن خلال مجموعة من المنظومات الأخلاقية والرمزية والأيدولوجية[8].
وأتمنى أن أطيل هذا الموضوع وأسرده بالكامل، ولكن اللبيب بالإشارة...يكتفي، ومن الأمثلة الطريفة ما يروى عن ماري أنطوانيت ملكة فرنسا قبل الثورة والتي كانت تعيش عيشة مترفة منعزلة عن العالم الخارجي، فقد قيل إن بعض الحراس وجدوا فلاحا مغشيا عليه من فرط الجوع، فأتوا به إليها، فأشفقت عليه وقالت له «يا سيدي، يجب ألا تتبع هذا لرجيم القاسي».
وليس هناك غرابة في موقفها هذا لأنها فرضت مخزونها الإدراكي على ما رأته بعيونها، فالجوع الذي حدث للفلاح ليس بسبب الفقر بالنسبة لها، بل هو بسبب الرجيم.
الأشخاص ينظمون معتقداتهم وأفكارهم في أشكال ذات مغزى ومعنى معين، ثم يدركون العالم الخارجي وفق إطار المعنى أو المغزى، وهذا ما يفسر عدم تطابق الفهم والاستجابة للرسالة الإعلامية الواحدة.
وسائل الإعلام تتعامل مع الخريطة الإدراكية وفق ثلاثة إستراتيجيات وهي: التوظيف – التعديل – التنميط، أتمنى من القارئ أن يقرأ هذا الفصل ويفهمه جيدا، حيث فيه أمثلة تبين كيف وظفت الإدراكية، منها: بيل كلينتون وصغر سنه وأثره على ترشحه للرئاسة، وعراب الإستراتيجية إدوارد بيرنيز...إلخ.
القاعدة الخامسة تتلخص في الجواب عن لماذا تدفع مالا لشراء صحيفة؟ لماذا تجلس أمام التلفاز لساعات متتالية؟ ما الذي يدفعك لتكرار هذا السلوك يوميا دون كلل أو ملل؟.
الجواب في نظرية الاستخدامات والإشباعات، وهي أن الإنسان يتابع وسائل الإعلام من إشباع مجموعة من الحاجات والدوافع، وعلى أساس ذلك يحدد نسبة تعرضه لوسائل الإعلام كما وكيفا.
وقسم الحاجات إلى مجموعات خمسة حسب تقسيم العلماء له، وذكر الكاتب الخدع المستخدمة التي منها: إيهام المتلقي بحاجات غير حقيقية، وخدعة الإشباع البديل ومثالها شعب ثائر غاضب من الحكومة، لأسباب مختلفة فقر ظلم فساد، يبادر الإعلام بالتدخل ليقوم بدلا منهم بالنقد العلني للحكومة، والخدعة الأخيرة وهي عبر الحاجة إلى التشويق والإثارة وتتبع الغرائب.
القاعدة السادسة انطلقت في أن وسائل الإعلام تواجه أنماط مختلفة من الجمهور، جمهور المتلقين الخاص، جمهور المتلقين العام، الخاص هم أولئك الذين ينتمون إلى جماعات محددة داخل المجتمع، والعام هم مجموع الشعب.
بذلك يكون على وسائل الإعلام التحرك بحذر داخل المرجعية لكل فئة، ولذلك طورت وسائل الإعلام أساليب متنوعة للالتفاف على المعايير الثقافية والاجتماعية بما يكفل لها تنفيذ رؤيتها دون أن توقع المتلقين في أزمة التناقض ولك أن تقرأها أخي القارئ لكي تعرف بعض النظريات لتمرير بعض الفتوى، استخدام الرأي والرأي الآخر لإحداث سلوكيات مخالفة لتقاليد المجتمع.
فن الوصول إلى الزبون القاعدة السابعة، تتعرض الرسالة الإعلامية إلى مقلصين لها وهما: التشويش، والفقد.
وذكر الكاتب كيف عالجوا المتخصصون هذه الإشكاليات بالتكرار، وذكر الكاتب أهداف التكرار الذي ذكر بعضها غي دورندان، في كتابه الذي وسمه الكاتب بالمهم وهو الدعاية والدعاية السياسية.
إذا كان الجمهور يصدق فلماذا يتوقف الإعلام عن الكذب؟، قاعد ثامنة، ذكر فيه الكاتب أسباب قابلية التصديق، وأسباب الاستمرار في الكذب.
وفي التاسعة ذكر كيفية التلاعب بالعقول، وأهم فكرة في التلاعب بها هي من خلال العقل الباطن، حيث تتحكم دوافع خفية في سلوك الإنسان، وهناك سياقات متعددة يظهر فيها توظيف الإعلام للعاطفة في تحقيق أهدافه، وهي:
1. إثارة المخاوف.
2. أسطورة الصديق.
3. أسطورة العدو...كبش المحرقة.
وأخير الأجندة، ترتيب وسائل الإعلام للمواد الإخبارية والقضايا والموضوعات التي تتناولها في ترتيب يشير إلى الأهمية، وهذا الترتيب يعبر عن سياستها من هذه المواد، وكيف أنه في أحيان تقدم أخبار ومنشورات ليست ذات أهمية ليشعر المتلقي بقلة الأهمية لأخبار ومنشورات عرضت بعدها.
 [1] ص [15].
[2] ص [15].
[3] ص [8].
[4] ص [12].
[5] ص [33].
[6] ص [35].
[7] ص [36].
[8] ص [75]

===============

قراءة طلعت شعبان

في هذا الزمان المليء بالنفاق والكذب، والتضليل الذي يولد الكراهية في نفوس الشعوب والجماعات والمجتمعات، حتى أصبح نقل الحقيقة وكأنه جريمة يعاقـَب عليها.

وفي ظل هذه الحقبة التي نعيشها، والتي أصبح الكذب شعار الأبواق الإعلامية فيها، ووسط إغفال كثير من الناس لسلاح الإعلام وعدم التفكير وتعقل ما يُمرر إليهم من أخبار، كان لا بد من التوضيح حول ما يقوم به الإعلام في الخفاء لتدمير الشعوب بالأفكار والأشياء التي يريدها أن نراها، ونقتنع بها والخضوع والإذعان لما يقوله.بين يدينا كتاب «هندسة الجمهور: كيف تغير وسائل الإعلام الأفكار والتصرفات؟» للكاتب أحمد فهمي. وتبلغ عدد صفحات الكتاب مئتي صفحة، ونشر في عام ١٤٣٦هجريًا، وصدر عن مركز البيان للبحوث والدراسات، وهو جزء من سلسلة تتكون من ثلاثة أجزاء. والكتاب في مجمله يتحدث عن الإعلام ودوره في خداع الشعوب عبر طرق عديدة، والتي بنيت على بعض النظريات النفسية التي تم إقحامها واستخدامها لترويج الأفكار والأخبار بالطريقة التي يراها الممولون، والذين يريدون بسط أفكارهم وقراراتهم على الشعوب دون معارضة أو إبداء رأي.

مقدمة
يذكر الكاتب في بداية كتابه حول حدث كاذب ظهر على القناة الشهيرة السي بي إس CBS، وقد أثر هذا الخبر بشكل كبير في المتلقين، وهو أنباء عن ظهور مركبة فضائية في المدينة، ومن ثم تبين أنه عمل فني مستوحى من رواية «حرب العوالم».

فبعد هذه الحادثة التي أصابت الجميع بالذعر، يذكر الكاتب أن هذه الحادثة نبهت العلماء إلى مدى خطورة الإعلام، وأن باستطاعته خداع الشعوب وجعلهم يصدقون أشياء كاذبة وليس لها وجود في الحقيقة.

ثم بدأ يتنامى هذا مع التطور الإلكتروني في وسائل الإعلام، والتي لها تأثير أكبر من ذي قبل، بالإضافة إلى الإعتماد على النظريات النفسية واستغلالها في تغييب وعي الشعوب.

هل نحن -الشعوب- أذكياء حقًا؟

أيها الشعب: لست ذكيًا إلى هذا الحد. في هذا العنوان يشرع الكاتب في ذكر أننا كشعوب لسنا أذكياء كما نتصور، ثم يقوم بصياغة الأسئلة: هل إذا وُجِد عبقريٌ في مجتمع معين فهل يعني ذلك أن المجتمع بأكمله يكون عبقريًا بالتبعية؟.. إلخ

ثم يأخذنا الكاتب في عرض إحصائات ذكاء الشعوب في بعض الدول، وقد أشار قبل الشروع بذكرها إلى أن هذه الإحصائات ليست دقيقة ولا تعطي إثباتًا واضحًا، ونقل هذه الإحصائات من أستاذ علم النفس البريطاني ريتشارد لين، والذي يعد أشهر من قام بهذه الدراسة، والتي استخدم فيها مقياس الذكاء IQ. 
وبناء على دراسته يزعم أن نسبة ذكاء الشعوب على النحو التالي: 
المركز الأول سنغافورة بنسبة ١٠٨، وفي المركز الثاني كوريا الجنوبية بنسبة ١٠٦، ثم في الثالث اليابان بنسبة ١٠٥، أما الرابع فقد حصلت عليه إيطاليا بنسبة ١٠٢، ثم أيسلندا ومنغوليا، وسويسرا، والنمسا والصين، والتي توافق المستوى المتوسط في الذكاء بنسبة ١٠٠.
أما في الدول العربية فقد تصدرت العراق الدول العربية حيث حصلت على ٨٧ درجة، ثم الكويت ٨٦، ثم تليها اليمن ٨٥، وتتساوى كل من السعودية والإمارات والمغرب والأردن في المركز الرابع بنسبة ٨٤، بينما تأتي مصر ولبنان في مرتبة متأخرة، حيث حصلت مصر على ٨١ ولبنان على ٨٢.

ثم ذكر الكاتب بعد ذكر الإحصائات أن المجتمعات التي تأخذ نسبًا مرتفعة في الذكاء، تتمتع بحرية الإعلام. وعلى العكس، الدول التي حصلت على نسبة ذكاء منخفضة تكون الحرية فيها منعدمة.

ثم يباشر الكاتب ويذكر بأن تطور الإعلام لا يكترث بذكاء الشعوب وتقدمها، فقد أصبح في هيئة يستطيع أن يقنع الناس بأشياء كاذبة، وأن الإعلام يستطيع التلاعب بالعقول دون الاهتمام بنسب الذكاء، فقد صدقوا بأن هناك مركبة فضائية أصابتهم بالذعر.

كيف تتم عملية التواصل الجماهيري؟

إن الإعلام هو أحد تطبيقات وفروع علم الاتصال، وينظر إلى الإعلام باعتباره مصطلحًا بديلًا لـ«الاتصال الجماهيري»، وبهذا فإن وسائل الإعلام هي وسائل الاتصال الجماهيري، والتي تشمل الصحف والراديو والتلفاز….إلخ، ويعرض الكاتب أشكال الاتصال وهي:
  • الاتصال الشخصي
  • الاتصال بالجماعات الصغيرة 
  • الاتصال الجمعي 
  • الاتصال الجماهيري 
ثم يذكر لنا مكونات عمليات الاتصال الجماهيري، واستشهد بنموذج «لازويل»، حيث يتضمن خمسة مكونات أساسية هي: 

  • من؟ (المرسل صاحب الرسالة مثل الإعلامي).
  • ماذا يقول؟ (الرسالة المراد إيصالها للفرد).
  • بأي وسيلة؟ (الوسيلة التي يتم توصيل بها الرسالة، راديو، تلفاز.. إلخ).
  • لمن؟ (الجمهور المراد إرسال الرسالة إليه).
  • وبأي تأثير؟ (الأثر المراد أن يوجد من الفرد عند استقباله الرسالة: هل القبول أم الرفض أو الحث على استخدام سلوك معين).

الكاذب الذي لا يُكذَّب!

يذكر الكاتب في أن الشعوب أصبحت مذعنة ومستسلمة لشبح الإعلام الصادق الذي لا يكذب، فقد باتوا يثقون في الإعلام لدرجة أنهم لا يظنون بأنه لا يكذب، حيث يذكر الكاتب عدة أمثلة ومواقف نجد فيها أننا أصبحنا نقدس الإعلام وكأنه معصوم يستحيل عليه الكذب دون تفكير في الرسائل التي ينقلها إلينا أو التحقق من مدى صحتها.

ولكن مهلًا… إذا كان الإعلام يكذب فمن يُمول كذبه؟

«من يدفع للزمار يختر اللحن»: يتحدث الكاتب في هذا العنوان حول الممولين للقنوات الإعلامية، لما لهم من دور في الاقتصار على عرض أشياء معينة يريدونها أن تصل للمتلقين -الشعب-، مثل أجهزة الدولة مثلًا التي تختار عرض ما تريده هي، وكذلك القنوات الخاصة وغيرها، حيث يذكر بأنها لَعِبت دورًا كبيرًا في خداع الشعوب والتأثير فيهم وجعلهم يصدقون، فمن يبذل المال الكثير يختر ويتحكم فيما يتم عرضه.

النظريات النفسية: من التعلم إلى خداع الشعوب؟
يذكر الكاتب أن الإعلام استفاد كثيرًا من النظريات النفسية واستغلالها في فهم الجمهور المتلقي، بغية التأثير فيه وإقناعه بالأوهام، وجعل الخيال حقيقة والضلال نورًا.
ثم يذكر نظرية التعلم الشرطي لعالم النفس الشهير «بافلوف»، والتي كان قد أجراها على حيوان -كلب-، وموجزها أنه قام بعمل مزامنة بين مثير حقيقي وهو الطعام، ومثير شرطي محايد وهو صوت الجرس، حيث حصل على سيلان لعاب الكلب فور سماع صوت الجرس، ثم أثبت أن المثير الإضافي -صوت الجرس- قادر على تحفيز ردة الفعل نفسه لدى الكلب.


يتابع الكاتب ويقول بأنه تم الاستفادة من هذه النظرية في الإعلام عن طريق تحديد الطُرق التي يستجيب بها الإنسان تجاه المثيرات الخارجية، وهي:

١- تداعي المعاني: مثل الربط بين مثيرين أحدهما حقيقي والآخر إضافي. مثل عرض صورة موحشة والدمار وإقرانها بالجنود الألمان، بحيث يتم الربط بينهما وتوليد الكراهية واستحضاره فورًا إذا عُرِضت على الجمهور أيًا كان نوعه.

٢- التدعيم أو التعزيز: يستجيب الفرد للمثير الإضافي -مثل صوت الجرس كما سبق- إذا كان المثير الطبيعي -مثل الطعام- يبعث على الراحة والرضا والسعادة، ويتجنب الاستجابة إذا كان المثير يبعث على النفور أو الخوف.

ويذكر الكاتب مثالًا على ذلك، إعلان عن طعام أو مشروب معين، وتجد الشخص في الإعلان يشعر بتلذذ به، فإنك عندما تشترى مشروبًا تجد نفسك مدفوعًا لشراء هذا النوع من المشروب الذي شاهدته في الإعلان.

٣- المحاكاة: وهو التطبيق العملي، ويكون من خلال استخدام المشاهير لتأييد فلان أو نصح الناس، مما يحرك الأفراد للانصياع وتقليدهم وعمل مثل ما يقومون به.

لن تكتمل الحفلة إلا إذا “استعنا بصديق”

ففي الاستعانة بصديق يذكر الكاتب في كتابه أن وسائل الإعلام تلجأ في الأزمات “للاستعانة بالأصدقاء” نخبً وفنانين … إلخ، حتى وإن لم يكونوا متخصصين، فيستقدمون مثلًا مشاهير في الرياضة والتمثيل، حتى الذين اعتزلوا، بغية التأثير النفسي في الجمهور لما لهم من ذكريات قديمة مع هؤلاء الفنانين، فيقوموا بمحاكاتهم والأخذ برأيهم.

ثم يذكر الكاتب مثالًا على ذلك، فيقول استقدم الرئيس الأمريكي كالفن كوليدج عام ١٩٢٤ بيرنيز صاحب “التوظيف السياسي لنخبة الفن” ليستشيره بشأن انخفاض شعبيته وتعرضه للسخرية، فقام بيرنيز بالاتفاق مع عدد من الفنانين وأقنعهم بزيارة الرئيس في البيت الأبيض ويلتقطون معه بعض الصور، ما حدث هو أن اهتمت الصحافة بالأمر وازدادت شعبية الرئيس.

إدراك الأفراد وكيف يتلاعبون به 

يحدثنا الكاتب عن إدراك الأفراد، وأن اختلاف آرائهم واتجاهاتهم هو نتاج ما يدركونه من عالم الواقع، فتتباين وتختلف الرؤى والاتجاهات بحسب إدراكهم. ثم يأخذنا الكتاب ويتحدث عن دور الإعلام، وكيف يتلاعب بالنظام الإدراكي المعرفي للإنسان، ويقول بأن الإعلام يستخدم استراتيجيات مختلفة، منها الخارطة الإدراكية للجمهور، وهي: التوظيف والتعديل والتنميط. وموجزها ما يلي:

أولًا- توظيف الخريطة الإدراكية:
وهي عن طريق دراسة خصائص الجمهور، وتحليلها بغرض إعطاء الرسالة المناسبة التي يستجيب معها.

ثانيًا- تعديل الخريطة الإدراكية:
يقول سقراط “أينما يُخدع الناس فيصيغون آرائهم بمنأى عن الحقيقة، ويتضح أن الخطأ قد تسلل إلى عقولهم عبر صورة معينة تشبه تلك الحقيقية”. فالإعلام يقوم بترسيخ بعض المفاهيم الخاطئة واستبدال الصوب بهذا الخطأ، وجعله مُسلَّمًا به لدى الأفراد، وهو في الحقيقة كاذب ليس بصحيح.

ثالثًا- تنميط الخريطة الإدراكية:
ويهدف هذا التنميط إلى جعل الشعب متجانسًا مع بعضه البعض في كل شيء، مثلًا في السلوك والطباع والانقياد والطاعة. وقد ضرب الكاتب مثالًا على كوريا الشمالية، حيث لا يوجد إعلام سوى الإعلام الرسمي للدولة؛ ما أثر في مدركات الشعب وجعلها متجانسة مع بعضها البعض في أمور عديدة.

وحيثما تكونوا فنحن معكم

(إعلام: كل شيء لكل إنسان في أي وقت) يذكر الكاتب في هذا أننا أصبحنا لا نستطيع أن نستغني عن الإعلام والصحافة، لأن لدينا حاجات نريد إشباعها، والإعلام يوفر مثل هذه الإشباعات، مثل الحاجات المعرفية، والعاطفية، والاندماج الشخصي، وحاجات الاندماج الاجتماعي، والحاجات الهروبية -كالهروب من التوتر والضغوط … إلخ

ثم يتابع الكاتب فيذكر أن الإعلام استطاع أن يحول ثقافة الحاجة إلى ثقافة الرغبة من خلال نظرية “الاستخدامات والإشباعات”، حيث يُشعِر الفرد بأنه مفتقر لأشياء، ولكن في الحقيقة هو لا يحتاجها، ولكن يدفع الفرد لاتخاذ سلوك معين لأجل مصلحة الذين يتحكمون في الإعلام.

وأما عن خدعة الإشباع البديل فيذكر الكاتب أن الإعلام في بعض الأحيان أو في الأزمات يقوم بعمل عملية إشباع، ولكن ليس إشباعًا حقيقيًا، ولكنه إشباع مُوهِم للجمهور. فمثلًا: إذا كانت هناك أزمة تستثير الكراهية وغضب الشعب، فيقوم الإعلام والصحافيون بتقديم الانتقادات للحكومات، والذي من شأنه أن يُحدِث تخفيفًا من الحدة والغضب.

ولا ينسى الكاتب بأن يذكرنا بأن الإعلام يلفت النظر إلى الحاجة إلى التشويق والإثارة، حتى يؤثر بشكل أكبر في شرائح كبيرة في المجتمع، فيختارون ويخاطبون كل طبقة بلغتها بهدف إيصال الرسالة لها بطريقة جذابة لا تخرج من العقول أبدًا.

من جلدتنا ويتحدثون بألسنتنا …

في هذا العنوان يعرض الكاتب عددًا من الأمور، فيقول إن نجاح أي قناة أو صحيفة يكون من خلال كثرة المتابعين الذين يتلقون ما تقوله، ثم يذكر بأن المجتمع لا يخلو من أن يكون الفرد ضمن جماعة مرجعية يرجع إليها، سواء باختياره أو مجبرًا، وأن مثل هذه الجماعات تقف أمام ثقافة التغيير التي يقودها الإعلام، ولكي لا يتصادم الإعلام مع هذه الجماعات فيستخدم أساليب عديدة منها:
  1. نظرية اللعب أو الإمتاع: هو توصيل الرسالة المراد إرسالها إلى الجمهور بنوع من الترفيه وغيره بين فقرات الأخبار.
  2. استغلال الاختلافات بين الجماعات والعمل على إرسال رسالتها وسط خلافاتهم ونزاعاتهم الداخلية.
  3. استخدام أعضاء سابقين أو منشقين عن جماعة، ويستعملهم الإعلام كثغرة في نقد وتشويه  لفئة هذه الجماعة.
  4. التعايش الوهمي أو الشكلي مع معايير المجتمع. 

كيف يتم التسلل إليك

في فن الوصول إلى الزبون، يشرع الكاتب في الحديث في أن الرسالة التي يُريد الإعلام إيصالها قد تحدث لها نوع من عرقلة الوصول للمستهدفين من الجمهور، وهذه العرقلة هي التشوية والفقد. ولكي لا تقع الرسالة لعملية التشوية والفقد، يذكر كيف عالج المختصون هذه المشكلة عن طريق عدة وسائل منها التكرار، وهو أكثرها شهرة، وتمرير الكذب، وجذب الانتباه، والعرض المستمر، والاستفزاز الدافع للمتابعة، واستعراض القوة، وكسر التقاليد وتوليد اللامبالاة.

إذا كان الجمهور يصدق..فلماذا يتوقف الإعلام عن الكذب

يسأل الكاتب في هذا الموضوع سؤالًا وهو متى يتوقف الإعلام عن الكذب؟ ويُجيب أيضًا: عندما يتوقف الجمهور عن التصديق.

لكن الأمر المثير للجدل هو أن الجمهور نفسه قابل لتصديق أمور غير صحيحة بدرجة كبيرة، فيعرض الكاتب عددًا من الأسباب التي تجعل الجمهور مصدِقًا للإعلام أو قابلًا للتصديق، منها: افتقاد القدرة على النقد، والكسل عن التثبت، وغياب الأطر المرجعية، والكذب المخلوط.

العواطف كالعواصف؛ تتلاعب بالعقول

العقل الباطن وفرويد، يذكر الكاتب أن فكرة العقل الباطن التي جاء بها فرويد من الأمور الهامة، حيث ذكر أن الإنسان تحكمه عدة دوافع خفية تؤثر فيه وفي سلوكه، وأن هذه الدوافع عمومًا تستثير العواطف والمشاعر والأحاسيس لدى الفرد. وقد لعب الإعلام على العواطف واستخدم التأثير في العقل الباطن دون أن يدري الجمهور المتلقي هذا الاختراق الوجداني.

ثم يحدثنا الكاتب عن أن هناك سياقات متعددة، يظهر فيها توظيف الإعلام للعاطفة في تحقيق أهدافه، ثم يطول الشرح فيها، ووضع الأمثلة على الأحداث وغيرها، وهذه السياقات نذكرها لكم إجمالًا وهي: إثارة المخاوف، أسطورة الصديق، أسطورة العدو.

ختامًا…في مراجعة هذا الكتاب

يعتبر هذا الكتاب في مجمله جيدًا جدًا ومهمًا في ذات الوقت، حيث أنه يحمل أشياء كثيرة عن الإعلام وخباياه، حاول الكاتب إيصالها للقارئ، ليعرف بما يدور وراء الكاميرات وليس علاجها. ورغم ذلك، إلا أنه يجب التنبيه على أن الكتاب يفتقر في بعض المواقف والأحداث للتوثيق، ولكن هذا لا يضيع جهد الكاتب، ففيه جهد طيب ومشكور عليه؛ لذا فهو مهما كان يظل وجبة دسمة للقارئ الذي يُريد فهم ما يدور خلف الكواليس.
المصادر
1- هندسة الجمهور: كيف تغير وسائل الإعلام الأفكار والتصرفات؟
2- الميادين: هندسة الجمهور: كيف تغير وسائل الإعلام الأفكار والتصرفات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق