السبت، 21 مارس 2020

فرنسا وإيطاليا والتأمـيـنـات !!

فرنسا وإيطاليا والتأمـيـنـات !!
أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية




يا لسرعة الأحداث وانكشاف خباياها.. فبينما الكورونا تتألق بازدهار لتجتاح العالم وتدور الأحداث فيما بين التصدي والالتزام أو التسيّب، بدأت خبايا اللعبة الاقتصادية تشرئب برأسها. ذلك لأن صفعة كورونا يبدو أنها أجبرت البعض على إعادة النظر في أساسيات اقتصادها..

ففي خطابه إلى مواطنيه أعلن إيمانويل ماكرون يوم 12 مارس الحالي أنه يتعيّن عليه استخلاص الدروس من أحداث اللحظة.. وراح يبحث أمر ضرورة "إجاد شركة قومية، وأنها تعد مسألة استراتيجية لبلدنا".. وفي 16 مارس أعلنت الحكومة الإيطالية عن نيتها تأميم شركة آليطاليا الجوية، التي وصلت الي مستوي الإفلاس، وذلك في نطاق خطة عاجلة للتصدي للصدمة الاقتصادية الناجمة عن "كوفيد ـ19"..

وتدرس الحكومة الإيطالية تكوين شركة جديدة تكون تحت رقابة وزارة الاقتصاد والمالية أو أن تكون تحت سيطرة شركة بأغلبية مساهمة عامة، حتى وإن كان ذلك عن طريق غير مباشر دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.. وقد خصصت روما مبلغ ستمائة مليون يورو لمجمل قطاع الطيران الوطني تمثل فيه شركة آليطاليا نصيب الأسد. كما تمت الاتصالات بين شركات الطيران دلتا الأمريكية ولوفتهانزا الألمانية وأطلنتيا الإيطالية التي تدير طرق ومطارات إيطاليا..

ومن جانبه أعلن برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي عن أنه يمكن استخدام عبارة التأميم إذا دعت الضرورة. بينما أعلنت الحكومة الفرنسية من جانبها، أمس، يوم 17 مارس، الحرب الاقتصادية ضد فيروس كورونا ولا تستبعد أي وسيلة لمساعدة المؤسسات المعرضة للخطر في الاقتصاد الفرنسي المتوقف، حتى مع فرنسيين محكوم عليهم بالبقاء في منازلهم!

وكان رئيس الجمهورية الفرنسية قد أعلن في خطابه الي الدولة يوم 12 مارس: "سنلجأ الي كافة الوسائل لحماية موظفينا ومؤسساتنا أيا كان الثمن".. وفي تصعيد لمقولة ماكرون أعلن وزير المالية والاقتصاد الفرنسي أمس، يوم 17 مارس، استكمالا لعبارة ماكرون: "أن هناك حربا اقتصادية ومالية، وأنه على استعداد للجوء الي كافة الوسائل بما فيها التأميمات لحماية المؤسسات الفرنسية التي تتهددها أزمة كورونا، مضيفا: لن أتردد في استخدام كل الوسائل التي في يدي لحماية المؤسسات الفرنسية الكبرى، وذلك ممكن أن يمر عبر الرسملة أو عبر المساهمة أو حتى عبر التأميم إذا دعت الضرورة".

كما أضاف في نفس التعليق: "هناك أيضا حربا اقتصادية ومالية (...) وستمتد، ستكون عنيفة، ويجب أن نكرس لها كل قوانا. إن الحرب الصحية ستأخذ مسألة أسابيع، والحرب الاقتصادية والمالية مسألة شهور. وسنحتاج لوقت لإعادة دفع الاقتصاد لنعطيه كل طاقته".

ولو اصفنا أن هناك بعض الشركات الكبرى التي أغلقت مصانعها في فرنسا بالفعل، من قبيل رينو وميشلان، كما أوقفت شركة إيرباص الإسبانية نشاطها في اسبانيا لمدة أربعة أيام. انهارت أسهم إيرفرانس والشركة الهولندية كي إل إم في البورصة في أيام معدودات..

وللحد من الخسائر أو تفادي شلال افلاس المؤسسات لعدم إمكانيتهم وقف نشاطهم بالكامل لمدة أسابيع، تم ضخ 45 مليار يورو ستذهب لتأجيل أو إلغاء الالتزامات الاجتماعية والمالية لفترة ما. وكلها إجراءات عامة مهمة تختلف عن السياسات الاقتصادية المتبعة تقليديا.. فهل سيؤدي هذا الموقف إلى إعادة النظر بصورة شاملة في شكل النظام العالمي الاقتصادي الحالي؟

والسؤال متروك لخبايا كورونا..


زينب عبد العزيز 18 مارس 2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق