اشنقوا آخر قاض بأمعاء آخر إعلامي!!
في الثورة الفرنسية الدموية حدثت مجازر وأعاجيب..
قتلوا الملك والملكة والحاشية..
وكانت أحكام الإعدام تصدر بالمئات والألاف.. في مقاطعة واحدة قتل ستمائة ألف..
الدكتورة ليلى تكلا واحدة من أفضل من وصف هذه الثورة وأظهر عوارها في فرنسا أما من فضحها في مصر فقد كان الكاتب العملاق جلال كشك..
كانت دفقة الطهر الأولى للثورة قد تدنست.. ونشيد الليفيتانت روجيه دي ليل الذي غناه للثورة لم يعد ينطبق عليها ..
انسحب الأطهار وتقدم الفجار..
انقلب الثوار على بعضهم البعض..
ثم انقلب القضاة..
وأصبح القضاة يصدرون أحكاما بالسجن بل وبالإعدام على قضاة كل يوم..
أصبحت الأحكام تشترى والبراءات تباع.. ووصل القضاة إلى درجة من الخسة لم يشهدها تاريخ فرنسا كله..
وأصبح البلاطجة وقطاع الطرق صبيانا يمارسون أعمالهم لحساب كبار القضاة وتحت حمايتهم..
وأصبح القضاء أكبر خطر يهدد بالقضاء على الثورة في فرنسا ومن ثمة عودة الإمبراطور نابليون..
لم يعد ثمة قضاة شرفاء وآخرون غير شرفاء.. بل أصبح هناك قضاة تتاح لهم الفرصة لبيع ضمائرهم وآخرون لا يجدون من يشتريها..
كانت الأحكام تباع بالملايين.. وتصدر دون منطق ولا قانون بل بالرغم من المنطق والقانون..
وعندما آلت الأمور لروبسبير قبل قتله هو الآخر اجتمع بشيوخ الإعلاميين والقضاة وطالبهم بتطهير القضاء والإعلام فاختلفوا.. وجاء من بعده فأمر بإبعاد ألف قاض وألف إعلامي فرفضوا وحرضوا الغوغاء والسوقة ليمارسوا الحرق والسلب والنهب.. وكان اإعلاميون لا يكفون عن الكذب لتغطية الجرائم وتداعت الأمور وتدافعت حتى أدرك الناس أن الفساد لم يكن من الملك والملكة والحاشية فقط فبدلوا شعارهم من : اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس ..إلى اشنقوا آخر قاض بأمعاء آخر إعلامي..
ثم انقلب العامة على القضاة والمحاكم فأحرقوا المباني وهدموها وسلبوا ونهبوا وانتهكوا البيوت والأعراض حتى قال من قال ياليتنا وافقنا على ما عُرض علينا..
تحولت المحكمة العليا إلى جراج للسيارات.. ونادي قضاة باريس إلى دورة مياه عمومية.. وخربت المحكمة الدستورية رغم أنها كانت أول محكمة في العالم..
وقال من قال أنه لولا ذلك لانهارت فرنسا ولفشلت الثورة..
ولمدة مائة عام بعد ذلك ظل القضاء والإعلام موصوما بما يشين..
... بل لم يستعد القضاء كرامته إلا في القرن العشرين..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق