نعم، "الأخوة هي الحدود الجديدة للإنسانية" التي فرضها البابا فرانسيس على العالم أجمع في زمن التمهيد لكورونا ولما بعدها..
وفرضها خاصة على المسلمين في الشرق الأوسط.. فتحت هذه العباءة الفضفاضة وفي نفس أيام الترتيب لها واصدار الوثيقة الألعبانية المسماة "الأخوة الإنسانية"، كان البابا قد أصدر توجيهاته لأن تتواصل عمليات التبشير والتنصير في بلدان الشرق الأوسط "بخطي ناعمة وبلا مصادمات".. وهو ما أعلنته المواقع والصحف الفاتيكانية بل والصحافة الفرنسية في حينها.
ففي "اللقاء المرئي" الذي تم أمس 4/2/2021، بين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، والشيخ محمد بن زايد، واليونسكو، والبابا، وبعض المنظمات والشخصيات المتداخلة في هذا المشروع التخريبي والرامي إلى تحريف الإسلام إن لم يكن اقتلاعه، بدأ البابا بتحديد الآتي:
"إما أن نكون أخوة.. وإما كل شيء سينهار". بهذه العبارة الواضحة المعني التهديدي حذر البابا الجميع، والجميع هنا مقصود بهم أساسا القيادات الدينية للبلدان المسلمة ومَن فوقهم.. ثم واصل مستطردا: "ما من حاجة إلي حرب لخلق أعداء. الإهمال يكفي". والإهمال هنا يعني أن عدم الاستجابة وحدها أو التراخي في التنفيذ يؤكد وجودنا في قلب حرب اقتلاعيه دينية. فالعنوان الذي تصدر الاحتفالية أمس، في الفاتيكان ونشره اليوم موقعه "زنيت" (fr.zenit.org)، يؤكد هذا المعني إذ بدأ الافتتاح بقول: "رسالة لحدث مرئي مع الإمام الأكبر للأزهر". وهو ما يؤكد أن الرسالة موجهة للإمام وللمسلمين، إن لم تكن لتوريط فضيلة الإمام.
ثم بدأ الموقع بعرض مقطع آخر من الرسالة يقول: "اليوم، الأخوّة هي الحدود الجديدة للإنسانية. كلنا جميعا أخوة، فإما أن نهدم بعضنا بعضا..."، ولم يستكمل الموقع باقي العبارة، لكنه واصل بقول "ذلك ما أكده البابا في هذا الفيديو المسجل من أجل حدث مرئي مع الإمام الأكبر للأزهر، الموقّع المشارك لبيان "الأخوة الإنسانية" قبل عامين (2019) في أبو ظبي".
ويواصل بيان موقع "زنيت" الفاتيكاني في انتقاء العبارات التي يريد التأكيد عليها قائلا: "لم يعد هناك اليوم وقتا لعدم الاهتمام"، ذلك ما أكده البابا الذي يدعو لرفض "التباعد"، و"الإهمال"، و"عدم الاهتمام"". إن "الأخوة تعني اليد الممدودة؛ الأخوة تعني الاحترام. الأخوة تعني الاستماع بقلب مفتوح".. "أنه وقت الاستماع. أنه وقت القبول الصادق. أنه وقت التأكيد على أن عالم بلا أخوة هو عالم من الأعداء.. ولنقولها بوضوح: إما أخوة، وإما عداء".. وقد فاته إضافة: "أنه وقت التنفيذ والطاعة بلا أي اعتراض"!..
ثم قام الموقع الفاتيكان "زنيت" بنشر كلمة البابا كاملة، بعد أن أكد أهم ما تضمنته الرسالة الشديدة الوضوح. وتقول الفقرة التي وجهها للإمام:
* شكرٌ خاص إليك، أخي، صديقي، ورفيقي في التحديات والمجازفات في الصراع من أجل الإنسانية، الإمام الكبير أحمد الطيب، شكرا للمرافقة على طريق التأمل وصياغة الوثيقة التي تم تقديمها من عامين. إن شهادتك قد عاونتني كثيرا لأنها كانت شهادة شجاعة. أعلم أنها لم تكن مهمة سهلة. لكننا استطعنا أن نقوم بها معا، وبتعاون بعضنا بعضاً. إلا ان أجمل شيء هو أن هذه الرغبة الأولي في الإنسانية قد دعمتها أخوة حقيقية. شكرا، أخي، شكرا".
ومن الواضح هنا في كلمة الشكر هذه، أن البابا تعمد فيها أن يورط شيخ الأزهر وتحميله علنا ما في هذه الوثيقة من سلبيات، ما كان لفضيلة الإمام أن يوقيع عليها لولا التلاعب في الترجمات..
كما أعرب البابا عن رغبته لشكر سمو الشيخ محمد بن زايد لكل الجهود التي حققها لنتمكن من التقدم على هذا الطريق. فلقد آمن بهذا المشروع. لقد آمن". وهذه العبارة هي عبارة لها معني كنسي شهير شديد الدلالة: "لقد آمن"..
ثم أضاف البابا قائلا: "وأعتقد أنه من الإنصاف أيضا أن أشكر ـ واسمح لي سيادة القاضي ـ استخدام عبارة "الطفل المرعب" (L’enfant terrible) في هذا المشروع، القاضي عبد السلام، الصديق، المجتهد، المليء بالأفكار، والذي عاوننا على التقدم قدما". وعبارة "الطفل المرعب" تعني في مختلف القواميس الفرنسية: "الطفل الساذج الذي يتفوه بعبارات جد محرجة لأهله أو للآخرين. كما أنها تعني في المجالات العامة معني النجاح العبقري الذي يتخطى القانون المألوف الشديد الوضوح".
وهنا أراني مضطرة لطرح سؤال ساذج بمناسبة الحديث عن المسؤول السابق عن "الشؤون القانونية" في الأزهر، والذي منحه البابا رسميا لقب "القاضي" في كافة مراسلاته وتصريحاته، بل وعيّنه رئيسا تنفيذيا للجنة المسؤولة عن تنفيذ قرارات وثيقة "الأخوة الإنسانية"، والتي أنشأها رسميا يوم 11/9 للربط بين اللجنة والإسلام والتاريخ الرسمي للإرهاب ولصقه بالإسلام.. "تري هل تمت معادلة قانونية رسمية لمساواة وظيفة "موظف الشؤون القانونية" بوظيفة "القاضي" (Juge)؟
ثم وجه البابا تحية لجميع المشاركين في هذه الملهاة التهديدية قائلا: "شكرا للجميع على أنكم راهنتم على الأخوة، لأن الأخوة اليوم هي الحدود الجديدة لحدود الإنسانية. فإما أن نكون أخوة، وإما سنهدم بعضنا بعضا. لم يعد هناك وقتا لعدم الاكتراث. لا يمكننا أن ننفض أيدينا".
أي إن الاحتفالية بدأت بشيء من التهديد.. وانتهت بالتهديد الصريح..
زينب عبد العزيز
5 فبراير 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق