جعلوا من الامة مضحكة العالم
مشاريع تحاول إسرائيل وبدعم مادى من الإمارات تقوّض الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لقناة السويس.
اتفاقية اسرائيل والإمارات للقضاء على الممر الدولى "قناة السويس"
من أصعب الخيانات، خيانة الصديق لصديقه، فهي الأشد قهرا على أي إنسان، خاصة وأن الضحية لا يضع ذلك في الحسبان، لأنها يطمئن لصديقه، فتكون الصدمة عندما أنه يطعنه في ظهره، حينها يتمنى لو ابتلعته الأرض عن أن يعيش هذا الموقف.
قد لا نجد تعريفاً يوصف به البعض ممن وقعوا مستنقعاً لذلك الداء غير أن الخيانة صفة نكرة لمن خان الأمانة والعهد فباء بغضب على غضب، هي جريمة بشعة ووصمة عار تلاحق صاحبها، أينما حل وارتحل وللخيانة أوجه مختلفة ومتعددة، لكن عندما يتعلق الأمر بالجار لا فرق بين الخطأ والخيانة لأن النتيجة واحدة، وتلك الخيانة لا تغتفر ومن يقدم عليها يستحق أقصى العقوبات، ثمنها كبير يجب أن يتحمل عبئه من باع ضميره وأدار ظهره للجار والعهد وعمل على أقل درجات الخلق الكريم.
وخير مثال على ذلك هو انغماس “محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان” ولى عهد أبو ظبى في مستنقع التآمر ومعاداة الدول الجارة والصديقة والعربية وكل ذلك يتجلى ويظهر يومًا بعد يوم بخطى ارتجالية طائشة غير محسوبة، بل وبعشوائية تلطخ سمعتها أكثر مما آلت إليه، حدث كل ذلك أمام أعين واسماع العالم بأكمله بعد انكشاف العديد من الوثائق والتسجيلات التي تؤكد تورطها أي ابو ظبى في دعم وتمويل الإرهاب، وتدبيرها للأعمال الخبيثة التي تهدف من ورائها زعزعة أمن واستقرار الدول الشقيقة في المنطقة العربية وإسقاط أنظمتها الحاكمة عن طريق تأليب الرأي العام ضدها وإحاكة التدابير من ورائها.
مشاريع تحاول إسرائيل الترويج لها، يمكن بعد قيامها أن تقوّض الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لقناة السويس.
ضربة غدر من الإمارات وإسرائيل
إذاً هي ضربة غادرة من الإمارات والكيان الإسرائيلي الهدف منها تجاوز قناة السويس عبر مشروع عسقلان الذي سيصل البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، و سيوفر طريقاً موازياً لقناة السويس المصرية، عبر شبكة خطوط أنابيب ستنقل النفط والغاز ليس فقط إلى المنطقة، ولكن إلى مناطق كثيرة في أوروبا وآسيا.
قبل هذا الاتفاق كان معظم النفط القادم من دول الخليج الفارسي نحو الأسواق الأوروبية يمر إما عبر قناة السويس أو عبر خط الانابيب المصري سوميد الذي تبلغ طاقته نحو مليونين ونصف المليون برميل يومياً.
أوضح “كننجهام” أن “بناء خط سكة حديدي كوصلة شحن، سيوفر بديلا للممر المائي المصري الشهير بقناة السويس، حيث سيربط هذا المشروع المسافة المقدرة بحوالي 300 كم بين إيلات وأشدود”، مشيرًا إلى أن “المشروع سيكون فرصة للصين لكسب موطئ قدم في المنطقة”.
في خطوة تمثل صدمة لصانعي القرار والشعب المصري، ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في مقال للكاتب بلير كننجهام، أن “المشروع الإسرائيلي المقترح بشق قناة منافسة لقناة السويس، تربط إيلات على البحر الأحمر مع ميناء أشدود على البحر المتوسط، من شأنه إيجاد بديل لقناة السويس، وتعزيز العلاقات الإسرائيلية مع الصين وأوروبا”.
وأوضح “كننجهام” أن “بناء خط سكة حديدي كوصلة شحن، سيوفر بديلا للممر المائي المصري الشهير بقناة السويس، حيث سيربط هذا المشروع المسافة المقدرة بحوالي 300 كم بين إيلات وأشدود”، مشيرًا إلى أن “المشروع سيكون فرصة للصين لكسب موطئ قدم في المنطقة”.
وأكد المقال أنه “سيبدأ البناء في هذا المشروع خلا الـ12 شهرًا المقبلة، ومن المتوقع أن يستغرق استكماله 5 سنوات، وتقدر تكلفته المبدئية بـ 2 مليار دولار”.
ما هو حجم التهديد الذي تواجهه قناة السويس؟
بعد توقيع اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل بواشنطن، كشف موقع «جلوبس» الإسرائيلي أن إسرائيل طلبت في اجتماعات سرية مساعدة الإمارات لإحياء مشروع خط «إيلات –عسقلان».
وذلك عبر إقناع السعودية بإنشاء خط أنابيب بري وبحري يربط مصافي البترول في مدينة ينبع السعودية بميناء إيلات الإسرائيلي، ثم يُنقل النفط إلى أوروبا عبر الخط الإسرائيلي دون المرور بقناة السويس. ثم جاء إعلان شركة خطوط الأنابيب الإسرائيلية «إي أيه بي سي»، عن توقيعها مذكرة تفاهم مع شركة طاقة إماراتية لتمرير النفط من الأسواق الخليجية لإسرائيل، ومنها لأوروبا.
حاليًّا، تمر ناقلات النفط الخليجية المتجهة إلى الغرب من مضيق هرمز بالخليج العربي، ومنها إلى مضيق باب المندب (جنوب البحر الأحمر)، وصولًا إلى قناة السويس، ومنها لأسواق أوروبا والأمريكتين.
وفي حال طبّق المقترح الإسرائيلي ستختفي قناة السويس من المعادلة. وتبلغ الطاقة الاستيعابية لخط «إيلات – عسقلان» حوالي 600 ألف برميل يوميًا.
وقد نقلت وكالة «رويترز» عن مصدر مُطلع على الصفقة أن كلفة المشروع تبلغ 700-800 مليون دولار، ومن المقرر أن تبدأ أولى الإمدادات مطلع عام 2021، في وقتٍ تواجه فيه قنوات السويس عزوف السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، في أقصى جنوب أفريقيا، للحد من التكلفة المادية خاصة مع انخفاض أسعار النفط.
وقد صرّح الرئيس التنفيذي لشركة خطوط الأنابيب الإسرائيلية لمجلة «فورين بوليسي» بأنّ عملية إحياء مشروع خط «إيلات عسقلان» الذي يبلغ طوله 254 كم، يمكن أن تقضي على حصة كبيرة من شحنات النفط التي تتدفق عبر قناة السويس، خاصة أنّ الخطة المبدئية تقتضي أخذ 12-17% من حصة النفط الذي يعبر القناة، عدا عن تصعيد المنافسة لأن المشروع سيقدم خصومات كبيرة.
وتنقل المجلة مجددًا عن رئيس الشركة أنّ «كلفة العبور باتجاه واحد من قناة السويس تصل إلى 300-400 ألف دولار أمريكي، ما يسمح لإسرائيل بتقديم خصومات مهمة».
ولفهم الكلفة بشكل أفضل نصيغ المعادلة كالتالي: مرور حمولة ناقلتي نفط عبر خط إسرائيل، تساوي كلفة عبور ناقلة واحدة فقط عبر قناة السويس.
سوق الطاقة: مصر vs إسرائيل
لا يهدد خط «إيلات-عسقلان» قناة السويس وحدها، بل يهدد الخط المصري المعروف باسم «سوميد»، ويمتد الخط من خليج السويس إلى سيدي كرير على البحر المتوسط بالإسكندرية.
ويضخ الخط مليونين و500 ألف برميل يوميًا، ويمثّل بديلًا مصريا لقناة السويس لنقل النفط من منطقة الخليج العربي إلى أوروبا، ويضخّ الخط باتجاه واحد إلى أوروبا، ويتفوق عليه الخط الإسرائيلي إذ يسمح بالحركة في الاتجاهين.
ويمثل خط «إيلات عسقلان» أهمية للدول الخليجية لكونه بديلًا استراتيجيًّا لمضيق باب المندب الذي يمر منه 22% من وقود العالم، وتهدد إيران مرارًا بإغلاقه. ولكن الخطر الحقيقي للخط في أن إسرائيل ستصبح المركز الإقليمي لتصدير الطاقة على حساب القاهرة، التي تسعى لأن تكون المركز والمحور لتبادلات الطاقة، وستخسر جزءًا من نفوذها مع تجاوز جيرانها في الخليج للقناة التي يصل عمرها إلى 150 عامًا.
خط «إيلات عسقلان» ليس آخر الطموحات الإسرائيلية في تحييد قناة السويس. فصفقات التطبيع تحمل معها مشروعًا جديدًا لإحياء خطط السكك الحديدية، لنقل تجارة الشرق إلى الغرب عبر موانئ إسرائيل دون الحاجة لعبورها قناة السويس.
سكك حديد الحجاز.. هل تُشيد إسرائيل قناة سويس برية؟
في ديسمبر (كانون الأول) عام 2017، خرج وزير الاستخبارات الإسرائيلي بتصريحٍ مثير خلال حوار صحافي أجراه معه موقع «إيلاف» السعودي، قال فيه: «نعمل على ربط الخليج العربي بميناء حيفا، وإعادة إحياء قطار الحجاز». وقد أعلنت إسرائيل عن هذه المبادرة قبل عام من التطبيع مع الإمارات ويبدو أنها اليوم أقرب للتطبيق.
مقطع ترويجي أنتجته السلطات الإسرائيلية لشرح المشروع.
تهدف المبادرة إلى ربط البحر المتوسط بالخليج العربي، بمدّ سكك حديدية، لتصبح إسرائيل جسرًا لأوروبا، وتقترح المبادرة بناء مسارات برية تربط الخليج العربي بميناء حيفا، على نفس المسار التاريخي الذي كان عليه قطار الحجاز الذي شيده السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عام 1908 بطول 1320 كم، والمعروف باسم خط «مرج بني عامر»، لكن ستضاف له خطوط جديدة داخل الأراضي السعودية، وأغلب دول الخليج.
والمشروع في الأصل يرمي إلى خلق طريق بديل للتجارة يتجاوز قناة السويس وكلفها، بالإضافة لتجنب المرور من مضيق هرمز الذي تُهدد إيران بإغلاقه عشية كل صراع إقليمي. ويتخطى المشروع أيضًا مضيق باب المندب وأخطاره الأمنية.
تستفيد إسرائيل من المشروع بجدوى اقتصادية قد تبلغ عام 2030 نحو 250 مليار دولار أمريكي، ما يمثل أربعة أضعاف الرقم الحالي الذي يمر عبر الموانئ الإسرائيلية، كما أنّ المشروع البري نفسه سينهض باقتصاديات الدول الثمانية المستهدفة وهي: الأردن والعراق، والكويت والسعودية والإمارات، والبحرين وعمان وقطر.
ومنذ اكتشتف إسرائيل الغاز في البحر المتوسط، وهي تستعد لطرح نفسها مركزًا للتجارة والطاقة إقليميًا، بإعادة تأهيل وبناء مطاراتها الجوية وموانئها البحرية، ودعوة الدول العربية لإحياء قطار الحجاز من جديد.
إضافة إلى التخطيط لنقل الغاز إلى أوروبا عبر قبرص واليونان ممثلًا في مشروع «إيست ميد»، الذي يهدد الخطط المصرية بالتحول إلى مركز للطاقة إقليميًا، وفي هذا المشروع ينحصر الدور المصري في استقبال الغاز الإسرائيلي عبر محطتي التسييل، وإعادته مرة أخرى إلى تل أبيب التي تتكفل بتصديره إلى دول الاتحاد الأوروبي.
الصين جزء من الصورة
يزيد من أهمية مشروع سكك حديد الحجاز أنه يقع على الخارطة الاستراتيجية لطريق الحرير الصيني، الذي يسعى لربط الصين ببقية دول العالم، بدعم إنشاء بنى تحتية ضخمة تشمل بناء مرافئ وطرقات وسكك حديدية ومناطق صناعية.
وفي العام الماضي، حصلت الصين على عقد حصري لتشغيل بوابة جديدة في ميناء حيفا الإسرائيلي لمدة 25 عامًا، بدءًا من 2021، وتأتي هذه الصفقة في إطار رؤية الصين التي سيخدمها ربط الخليج العربي بإسرائيل، لتمرير مشروعها الضخم.
وفي عام 2014، شرعت الصين في بناء محور «إيلات أشدود» بتمويل بلغ خمس مليارات دولار، مقابل حصولها على حصة من الغاز الإسرائيلي في شرق المتوسط.
يبدأ المشروع من إيلات على البحر الأحمر جنوبًا، ويتجه حتى ميناء أشدود على البحر المتوسط، بإنشاء طريق خلفي وتجهيز خط سكة حديد يبلغ طوله حوالى 300 كيلومتر، وهي الخطوة التي دفعت الحكومة المصرية للاستعانة بالاستشاري نفسه الذي نفّذ المشروع الإسرائيلي المنافس، ليقدم خدماته في عملية توسعة قناة السويس الجديدة.
وقبل محاولات تشييد محور «إيلات أشدود»، ودعوة الدول الخليجية لإحياء مشروع السكك الحديدية، كانت إسرائيل تحاول منذ التسعينيات تنفيذ مشروعها الخاص لربط البحر الميت بالبحر الأحمر بمساعدة الأردن، وهي الخُطوة التي لم تكتمل، لكنّ صفقة القرن أعادت طرحها من جديد.
«قناة البحرين».. فكرة إنشاء قناة سويس إسرائيلية موازية
في مؤتمر مدريد عام 1991، طرحت إسرائيل على الأردن مشروع «قناة البحرين»، الذي يستهدف ربط البحر الأحمر بالبحر الميت، وكلا الدولتين إسرائيل والأردن تطلان عليهما.
يحلم المشروع بضخّ 300 مليون كم مكعب سنويًا من مياه البحر الأحمر، لتحليتها في منشأة تقام في مدينة العقبة، جنوب الأردن، وستنتج محطة تحلية المياه 80 مليون متر مكعب سنويًّا من مياه الشرب للفلسطينيين والأردنيين والإسرائيليين، كما هو مُخطط لها، وستشتري إسرائيل ما يصل إلى 40 مليون متر مكعب منها على أن تبيع 33 مليون إلى السلطة الفلسطينية.
مشروع قناة «البحرين»، للربط بين البحر الميت والبحر الأحمر، ويمر بشكل كامل داخل الأراضي الأردنية.
كشف الأردن وإسرائيل عن المشروع عام 2002، وفي 2013 وقعت الاتفاقية بين البلدين في واشنطن. وفي آخر مقترح قدمته إسرائيل، قدّرت كلفة القناة بملياري دولار أمريكي ستدفع على مدى 25 عامًا، يقدّم الأردن نصف المبلغ وإسرائيل النصف الآخر، مع تعهد الولايات المتحدة بمنح 100 مليون دولار، ومعها 160 مليونًا من الاتحاد الأوروبي، وأخيرًا تعهّدت اليابان بتوفير معدات تصل قيمتها إلى 20 مليون دولار.
ورغم أنّ عمّان تنفي رسميًا الوصول إلى اتفاق محدد مع إسرائيل، حول مشروع «قناة البحرين» الذي تتفاوض عليه الحكومتان منذ خمس سنوات، إلا أنّ صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ذكرت أن المناقصة في المشروع ستبدأ أواخر العام الحالي.
الخلاف بين الأردن وإسرائيل حول طبيعة المشروع، فتح الباب للقاهرة لتشكك في النوايا الإسرائيلية. فالأردن يرغب بإنشاء قناة أنبوبية لنقل المياه فقط، ولكن الرغبة الإسرائيلية أكبر وتشمل حفر ممر مائي، يمكن الاستفادة منه مستقبلا ومده إلى البحر المتوسط.
وهو ما يُهدد نظريًا قناة السويس بوجود ممر مائي بجوارها، ولكن خبراء إسرائيليين مثل عويد عيران، سفير إسرائيلي سابق في الأردن، يشككون بنجاح المشروع الإسرائيلي عمليًا في ربط البحرين، عدا عن سؤال الجدوى الاقتصادية أمام الكلف الضخمة للمشروع.
لا ضرر على إسرائيل حاليًا من تعثر مفاوضاتها مع الأردن بشأن «قناة البحرين»، وهي تعوّل على مشروع خط «إيلات –عسقلان»، إلى جانب سكك حديد الحجاز، وهما ما سيوفران لها، نظريًا حتى الآن، عائدًا اقتصاديًا بمرور التجارة إليها من أقصى الشرق باعتبارها ممرًا منافسًا لقناة السويس ويأخذ جزءًا كبيرًا من حصتها.
الاحتلال الإسرائيلي
منذ 11 شهر
هل تضع «قناة البحرين» الأردن في قبضة إسرائيل؟
علامات الاحتلال الإسرائيلي, التطبيع الإماراتي, العلاقات بين مصر وإسرائيل, سكة حديد الحجاز, صفقة القرن, عسقلان, قناة البحرين, قناة السويس.
يبدو أن قدرة مصر على الرد لن تتجاوز تصريحات خفيفة من مسؤولين من الصف الثالث والرابع على المستوى السياسي المصري بينما يكتفي الصف الأول والثاني بعدم مغازلة هذا التقارب بين الإمارات و الكيان الإسرائيلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق