حثالات بشرية
د. محمد عباس
(www.mohamadabbas.net)
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شرعية إلا للمقاومة.. وهي تحكم ولا يُحكم عليها..
الأمة لا تواجه ربابنة أخطئوا الطريق بل قراصنة سرقوا السفينة..
الاستعانة بالأمريكيين في دارفور كفر..
حثالات بشرية
يا ولي العهد: إرسال جيش إلى العراق كفر وخيانة..
يا ولي العهد: زادت أخطاؤك فليتك تتنحى..
حكام لهم صفات العبيد..
غاص قلبي..
أحسست بلفح النار واعتصار الألم وفزعة الغصة وترويع الاختناق..
كانت قناة الجزيرة تتحدث عن حزب سياسي في الدول الاسكندنافية يطالب باعتبار مجرد اعتناق الإسلام جريمة تستوجب السجن وباعتبار القرآن كتابا محرما لأنه كتاب إرهابي مرفوض وغير إنساني ولا يختلف عن كتاب هتلر: "كفاحي".. و أن الواجب تجريم اقتنائه..
وفي نفس الوقت كنت أقرأ:
" وصف مقدم أحد البرامج الحوارية في أكبر شبكات الإذاعة الأمريكية وهي شبكة وستوود وان ويدعى جاكي مايسون .. وصف "الدين الإسلامي كله" بأنه "منظمة قاتلة" تعلم "الكراهية والإرهاب والقتل".
و أضاف قائلا ما يلي:
" كل الدين الإسلامي يدعو إلى ويعلم الكراهية والإرهاب والقتل ولا أحد يعلم ذلك، وقد حان الوقت لأن يعلموا ذلك عن (الإسلام). القرآن يعبر بخمسين أسلوب عن الكراهية والحقد والعداء والقتل، (القرآن) موهوب للإرهاب. أنا لا أعلم كيف يمكن أن نسمي (الإسلام) دينا بالمعني التقليدي للكلمة. يجب أن نسميه منظمة قاتلة معنية بقتل الناس".
***
وغاص قلبي وحرقتني النار واعتصرني الألم وفزّعني الغصة وروعني الاختناق..
ورحت أتذكر مقتطفات من التلمود الذي لم يهاجمه أحد، التلمود الذي ينص على أن قتل الأممي ( غير اليهودي) قربان إلى الله يرضيه ويثيب عليه، لأن الأمميين أعداء لله واليهود، وهم بهائم لا حرمة في قتلهم بأي وسيلة، و يقول: "إن اليهود أحب إلى الله والملائكة، وانهم من عنصر الله كالولد من عنصر أبيه، ومن يصفع اليهود كمن يصفع الله، والموت جزاء الأممي إذا ضرب اليهودي، ولولا اليهود لارتفعت البركة من الأرض واحتجبت الشمس وانقطع المطر، واليهود يفضلون الأمميين كما يفضل الإنسان البهيمة، والأمميون جميعاً كلاب وخنازير، وبيوتهم كحظائر البهائم نجاسة، ويحرم على اليهودي العطف على الأممي لأنه عدوه وعدو الله، والتقية أو المدارة معه جائزة للضرورة تجنباً لأذاه. وكل خير يصنعه يهودي مع أممي فهو خطيئة عظمى، وكل شيء يفعله معه قربان لله يثيبه عليه، والربا غير الفاحش جائز مع اليهودي كما شرع موسى وصموئيل (في رأيهم). والربا الفاحش جائز مع غيره. وكل ما على الأرض ملك لليهود، فما تحت أيدي الأمميين مغتصب من اليهود وعليهم استرداده منهم بكل الوسائل[1].
ورحت أسترجع: "أصدر حاخام يهودي امس فتوى تحلل قتل المدنيين الفلسطينيين خلال الحرب. وقال الحاخام دوف ليئور مسؤول الكنيس في مستوطنة كريات اربع شرق الخليل، ان التوراة تأمر بحماية اليهود فقط"[2]..
وغاص قلبي وحرقتني النار واعتصرني الألم وفزّعني الغصة وروعني الاختناق..
وراح قلبي ينوح:
- هنيئا لكم انتصاركم.. هنيئا لكم يا حسني مبارك ويا جمال عبد الناصر ويا محمد علي.. هنيئا لك يا عبد العزيز آل سعود ويا ولي العهد.. هنيئا للقذافي وبورقيبة وكمال أتاتورك.. هنيئا للبشير وجارنج.. هنيئا لعلى عبد الله صالح ولجمال مبارك.. هنيئا للطهطاوي و أحمد لطفي السيد وسلامة موسى وعلى عبد الرازق وطه حسين ولويس عوض وجابر عصفور..هنيئا لشبلي شميل وفرح أنطون.. هنيئا لنازلي فاضل ومدرستها وللورد كرومر و تلاميذه.. هنيئا لسعد زغلول وإسماعيل صدقي وقاسم أمين.. هنيئا لصلاح عيسي ومصباح قطب ونوال السعداوي وجمال الغيطاني وهويدا طه و أنيس منصور.. هنيئا لسمير رجب والإبراهيمين: العدة ونافع.. هنيئا للغذامي والحمد وفندي.. هنيئا للكاذب النيهوم والأسود غير العفيف و أركون والعظم وأدونيس .. هنيئا لفاروق حسني و أشباهه وهم كثر.. هنيئا لمباحث أمن الدولة والمباحث العامة والأمن القومي والحرس الوطني والبوليس السياسي.. هنيئا للجلادين والمرتدين والخونة.. هنيئا للشيوعيين واليساريين والقوميين..
ثم واصلت النواح:
- ها هم قد عادوا يا صلاح الدين.. عادوا يا عمر بن عبد العزيز يا على يا عثمان يا عمر يا أبا بكر ( رضى الله عنكم جميعا).. ها هم قد عادوا.. عادوا يا رسول الله صلى الله عليك وسلم وليس فينا من يقودنا من صحابتك.. أما إخوانك فموزعون على كهوف أفغانستان وسجون أمريكا والقاهرة والرياض وصنعاء وعمان وتونس و..و..و..أما في الأرض المقدسة يا رسول الله صلى الله عليك وسلم فقد منحوا المجاهدين ذوي الأجر أو الأجرين مهلة شهر يتوبون فيها إلى الشيطان وينكصون عن الجهاد... عادوا.. عادوا.. وليس ثمة من يقودنا إلى طريق النجاة.. عادوا وليس فينا سوى أبي جهل و أبي لهب وابن المغيرة والوليد والحارث بن قيس بن عدي وأمية بن خلف وأخيه أبي و أبو قيس بن الفاكه والعاص بن وائل، والنضر بن الحارث و زهير بن أبي أمية و عقبة بن أبي معيط و الأسود بن المطلب، و مالك بن الطلاطلة الحافظ لدين الله وما حفظ و أين الفائز بنصر الله وما انتصر، عادوا وكل حكامنا ابن سبأ بل يفوقونه..
عادوا والمطلوب من الأمة أن توالي أعداء الله و أن تبرأ من المجاهدين في سبيله..
هل من حق ابن سبأ أن يحدد لنا ما هو الحلال وما هو الحرام؟!..
أو من حق أبي جهل أن يعرفنا ما هو الإيمان وما هو الكفر..؟!
أو من حق أبي لهب أن يميز لنا بين الرحمة والقسوة؟!..
أو من حق الوليد بن عتبة أن يقول لنا ما هو الصواب وما هو الخطأ..
هل من حق ابن سبأ السعودي أن يحدد لنا من هم المجاهدون ومن هم الخوارج؟!..
هل من حق ابن سبأ المصري أن يخون الدين والأمة كما لم يخن ابن سبأ الأصلى أمته ودينه..
هل من حق الخنزير – ابن سبأ العراقي- أن يعترف في وقاحة أنه هو الذي سلط الأمريكيين ليقصفوا أهلنا في الفلوجة .. والله يعلم أنه لكاذب فهو أحقر و أهون من أن يسلطهم و أنهم هم الذين يسلطونه كما يسلط الصياد كلبه.. نعم.. هم يفعلون ما يشاءون ويتركون له مهمة النباح..
هل..
هل..
هل..
***
ها قد عادوا..
عادوا وفينا من يتهم الإسلام بأبشع مما يتهمونه به ..
وزراء داخليتنا و أجهزة أمننا وكتابنا و إذاعاتنا وتلفازنا وصحافاتنا ومجلاتنا ونيابتنا وقضاؤنا!!..
عادوا وكلابنا تمزق لحمنا بأكثر مما تمزقها كلابهم..
بل إنهم عندما يعجزون يسلطون كلابنا مباشرة كما حدث في العراق..
عادوا..
عادوا..
عادوا..
لكنني من ديجور الظلام انتبهت على حقيقة باهرة..
أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.. كما أن أدنى صور الحياة هي صورتها البيولوجية.. وأنهم يستطيعون قتل الملايين منا لكن هل يستطيعون قتل في ظلال القرآن، أو الموطأ أو المسند أو الجامع أو الصحيحين.. يستطيعون مع الخونة والجهلة تغيير برامج التعليم.. لكن هل يستطيعون تغيير القرآن؟..
هل يستطيعون التسلل إلى قلوبنا ليتنزعوا منها تقوى الله وحب الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؟..
قد يستطيعون قتل البطل العظيم أسامة بن لادن رضى الله عنه أو أبي مصعب الزرقاني حفظه الله و أيده بنصره لكن خالد الوليد سيظل فينا رابضا ينتهز الفرصة كي يقلب الدائرة عليهم.. و أبي عبيدة بن الجراح سينهض ليطرد قيصر: كلب الروم بوش.
وقد يستطيعون أسر العالم الفقيه الشجاع حين جبن الناس: الدكتور عمر عبد الرحمن .. لكنهم لن يتمكنوا منا إلا إذا تمكنوا من المقداد بن عمرو أبي ذر الغفاري وسعد بن أبي وقاص ومصعب بن عمير ومعاذ وصهيب وآلاف وآلاف يحفل بهم تاريخنا وتضئ بهم سماواتنا لا يستطيعون الوصول إليهم أبدا مهما بلغ عدهم وعتادهم لذلك فإن النصر محتم لنا مهما تراجعنا والهزيمة حتم عليهم مهما انتصروا..
إذن ..
النصر قادم لا ريب فيه..
قادم مهما غاص القلب ولفحت النار واعتصر الألم وفزعت الغصة وآلم الاختناق..
***
ولست أخاف يا أمة على الإسلام فهو محفوظ ومنتصر لكنني أخاف على أجيالنا أن يغضب الله عليها فيذهب بها ويأتي بقوم يحبهم ويحبونه فيكتب للإسلام على أيديهم النصر..
لا أحول أن أنقذ الإسلام بل أحاول أن أنقذكم يا ناس ويا أمة..
أحاول أن أنقذكم.. أحاول أن أنقذكم من خزى الدنيا وخرابها ومن فضيحة الآخرة وعذابها.. فلو لم تكونوا كما أنتم لما تمكنت منكم تلك الحثالات البشرية التي نصبت نفسها عليكم حكاما ونخبة..
لماذا لم تقاوموا كما ينبغي للمقاومة أن تكون..
لماذا خافتّم بإبطال الجهاد حتى قبل أن تجهر أمريكا بأمرها لإبطاله.
لماذا انقلبت عندكم المفاهيم..
لماذا تبنيتم مصطلحات أعدائكم و آرائهم فيكم..
منذ أسابيع قتل عملاء الأمن أو عملاء أمريكا مفتي الباكستان.. فهل تعلمون ماذا كان عنوان صحيفة الحياة؟ لقد كان:
"متشددون يثيرون فوضى في كراتشي بعد اغتيال المرشد الروحي لـ"طالبان"
مدريد, لندن, إسلام آباد, كابول الحياة 2004/05/31
شهدت مدينة كراتشي جنوب باكستان امس, اعمال عنف نظمها متشددون احتجاجاً على اغتيال المفتي نظام الدين شامزاي الذي يعتبر المرشد الروحي لحركة "طالبان" في باكستان.
و إنني أنبه القارئ إلى هذه التغطية الفاجرة فالتمويه يتم على الشهيد وعلى وظيفته الحقيقية وعلى سبب اغتياله كما أن المحتجين على الاغتيال هم المتشددون.
أما الحقيقة فهي أن الرجل مفتي السنة وكان على وشك إصدار فتوى بكفر برويز مشرف لتعاونه مع أمريكا عدوة الإسلام.. فاستبق الخائن الفتوى و أمر العملاء الإرهابيين حقا بقتله.
حتى صحيفة الشرق الأوسطن التي يطلقون عليها في المنتديات: " الشر الأوسخ" كانت أفضل في تغطيتها من الحياة:
الشرق الأوسط:
شغب في باكستان بعد مقتل مفتي السنة
كراتشي ـ لندن: «الشرق الأوسط» والوكالات
اجتاحت كراتشي في جنوب باكستان أمس موجة عنف واسعة النطاق بعد ان قتل مجهولون بالرصاص مفتي السنة في باكستان، نظام الدين شامزاي، خارج مسجده.
وقالت الشرطة ان المفتي نظام الدين شامزاي الموالي لطالبان والذي دعا إلي الجهاد ضد الولايات المتحدة بعد غزو افغانستان والعراق مني باصابة أفضت إلي موته. كما أصيب ابنه وقريب اخر له وأحد حراسه وسائقه. ولم يتضح على الفور من وراء الهجوم او ما ان كانت له صلة بأحداث العنف الطائفية. وقال وزير الشؤون الدينية اعجاز الحق للتلفزيون الباكستاني : كان هذا قتلا عمدا ووفقا لمعلوماتنا فقد شارك فيه نحو 10 إلي 12 شخصا».
***
نعم..
بل لقد انتقلت العدوى .. وعمت..
لقد ذهلت من وصول العطب إلى نخاع الكتاب الإسلاميين أنفسهم.. ومنذ أيام كان أحدهم يقول على إحدى الفضائيات مستعيدا أحداث رواية الفسق والكفر والجنون" وليمة لأعشاب البحر".. وكان الكاتب الإسلامي يقول أن القاهرة كادت تحترق لولا أن الله سلم..
الله سلم..
القاهرة كادت تحترق..
لكن التعبير لإبراهيم سعدة، وهو ابن سبأ آخر، فلماذا يكرر الكاتب الإسلامي إفكه..
الحمد لله على كل حال.. الحمد لله بالصبر.... ولقد سلم الله حسني مبارك وعصبته لحكمة لا ندريها و أجل حسابهم لزمن قد نستعجله لكننا نعرف أنه تقدست صفاته وتنزهت أسماؤه لا يعجل بعجلتنا.. لكن القاهرة لم تسلم ولا مصر بسلامة مبارك و أركان حكمه إلا إذا كانت السلامة في إزاحة الطواغيت و إزالة أغواتهم.. ليس بالسيف الذي هدد بتقويم اعوجاج ابن الخطاب إن اعوج ، ولا بالجهاد كما ينبغي أن يكون، بل بالمظاهرات والاحتجاج المدني ( وهما حلال في شرع اللات بوش والعزي : دول الاتحاد الأوروبي).. وبرغم أنهما حلال على كافة المذاهب فإن الكل يستعيذ مما كان يمكن أن يحدث..
ماذا كان يمكن أن يحدث..
أن تستعيد الأمة أمرها وتقبض على طواغيتها وتحاكم أكابر مجرميها وتقتل من فسقوا فيها..
ماذا كان يمكن أن يحدث لو تمكن الشباب الذين غضبوا من أجل لا إله إلا الله من الاستيلاء على الحكم لتحقيق إرادة الأمة..
ماذا كان يمكن أن يحدث؟..
أن تقف مصر الحرة لتقول لأمريكا : لا.. فتكبح جماح الخنزير الهائج بوش.. ولو أن مصر قالت لا لما فعلت أمريكا ما فعلته في أفغانستان والعراق.. ولما فعلت إسرائيل ما تفعله في فلسطين..
أن تقف مصر المسلمة نواة تتجمع حولها باقي دول المسلمين لاستعادة دولة الخلافة العظمى..
أن تخجل السعودية مما تفعل وقد رأت مصر تثوب إلى رشدها فتتوقف عن ممارسة دور العبد مع السيد في علاقتها بأمريكا.. و أن تتوقف عما تفعله من خيانة لدينها و أمتها وقومها..
هل هذا هو ما أخاف أخانا..
أهذا هو ما نستعيذ منه..
ما هو هدف المعارضة في مصر إذن ؟
وما هو هدف الإسلاميين جميعا ..
أليس القضاء على الطواغيت جميعا؟..
لماذا إذن نسقط بين الإيمان والكفر والجهل والغفلة والخيانة والنفاق فنقول أننا سعداء لأن حركة الأمة أجهضت فلم تبلغ غايتها بتغيير نظام الحكم بالوسائل المدنية ( المصرح بها من الأمم المتحدة ومن اتفاقيات جنيف!!)؟؟..
لماذا..
لماذا..
لماذا..
***
هذه الغشاوة على البصائر والضمائر وهذا النكوص عن الحق والإصرار على الباطل هي التي تدفعني إلى مجال لم أكن أريد الولوج فيه أبدا..
مجال الفتوى..
***
في الطب، لا يبيح القانون لغير طبيب ممارسة المهنة، فإذا مارسها، ولو بأدوات الطبيب وآلاته فإن القانون يعامله بحسم بالغ، ويعتبر أن فتح خراج مثلا جريمة تكييفها القانوني هو: طعنة نافذة بآلة حادة..
هذا هو القانون.. أما الاستثناء فهو يحدث حين يتعرض مريض لحالة خطيرة في غياب الطبيب، كانسداد الحنجرة بطعام أو بسواه.. فإنه يباح للموجود أيا كان عمله أن يقوم بعملية جراحية أشبه بالذبح.. إذ عليه أن يطعن رقبة المريض من الأمام في منطقة القصبة الهوائية ولو بسكين مطبخ أو شظية زجاج ليفتح فيها ثغرة تمكن المريض أن يتنفس.. وليس أمام المريض من فرصة في الحياة إلا ذلك..
لا تسئ بي الظن أيها القارئ ولا تظنن أنني أستدرجك إلى درس في الطب..
لكنني أردت أن أقول لك أن الإقدام على فعل ما قد يشكل جريمة في الأحوال العادية .. و أن النكوص عن نفس الفعل قد يكون هو الجريمة في الظروف الاستثنائية.
أطلت المفتتح..
و أعترف أنني خائف.. بل وترتعد فرائصي لأنني مقدم على الفتوى.. و أنا غير مؤهل للفتوى.. لكن ما حيلتي إن غاب الطبيب و أحدق بالمريض الخطر..
لست خائفا من ملك قد أفتي بجواز قتله.. لكنني خائف من ملك الملوك أن يضلني الهوى.. وما كان أغناني لو تقدم غيري..
نعم..
أقدم على الفتوى دون جرأة عليها يا حبيبي ومولاي صلى الله عليك وسلم.. دون جرأة.. لكنني وجدت علماءنا يتوارون ويتخلفون ويناورون ويتأولون.. ويسارعون في الفتوى إذا كانت للشيطان فإن كانت في سبيل الله ثقلت ألسنتهم واشمأزت قلوبهم..
أقدم على الفتوى لأقول أن مصدر الشرعية الوحيد هو المقاومة.. وليس من حق أحد الحكم عليهم .. ولهم هم الحق أن يحكموا علينا جميعا.. وليس من حق أي واحد منا أن يحكم عليهم..
يقف العالم الجهبذ فقيه السلطان متبرما مشمئزا يطلق صفات الوحشية والبربرية بل وأحكام الخروج على الإسلام ( ألم يدّع فقهاء السلاطين قبل ذلك أن المستنيرين لا يكفِّرون أبدا) يطلقونها على أسيادنا – لا أقول إخواننا – المجاهدين الذين يمارسون أعمالا ليست من الإسلام فيذبحون الأسرى ويشوهون الإسلام.
لم يسأل الجهبذ نفسه أي سؤال.. ولا هو أجهد نفسه حتى بالتأكد أن من يحكم عليهم بأحكامه القاسية هم الذين ارتكبوا الفعل الذي ينسبه إليهم. فهناك من يقول على سبيل المثال أن بعض عمليات الذبح على الأقل يقوم بها الموساد والسي آى إيه.. ( الرئيس الإيراني على الأقل قال ذلك).. لكن فقهاء الريموت كنترول لا يأبهون بشبهة تسقط الحد ولا بدليل يوجبه.. فقهاء الريموت كنترول يفتون بما تتحرك به أصابع الحاكم.. والحاكم نفسه ليس سوي دمية في مسرح العرائس خيوطها في أيدي الـ CIA والموساد. ولم يقل لنا أي فقيه من فقهاء الريموت كنترول ولا هو كلف نفسه أن يوضح لنا من الذي طلب منه أن يصدر فتواه .. ولماذا.. ولم يقل لنا صدئ الروح أين نذهب بـ: "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر".. ولا قال لنا ميت القلب ماذا نفعل بـ:" ما من امرئٍ يخذلُ امرءاً مسلماً في موطنٍ يُنتقصُ فيه عِرضه ، ويُنتهك فيه من حُرمته إلا خذله اللهُ تعالى في موطنٍ يُحبُّ فيه نصرتَهُ ، وما من أحدٍ ينصرُ مسلماً في موطنٍ يُنتقصُ فيه من عِرضهِ ، ويُنتهك فيه من حُرمته ، إلا نصره الله في موطنٍ يحبُّ فيه نصرتَهُ ".. ولا هو فسر لنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يمنع تسليم المسلم حتى إلى الصليبي المحالف :"... خلوا بيننا وبين الذين سَبَوْا منا نُقاتلْهم ، فيقول المسلمون : لا ، والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا".. ولا هو قال لنا أين نذهب بـ:"الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ و المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يسلمه".. ولا هو قال لنا كيف نفسر : "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون"..
لم يقل لنا أين نذهب بـ: "الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً"..
أين نذهب بـ: " فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ "..
أين نذهب بـ: "قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ"..
أين نذهب بـ: " قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ"..
أين نذهب بـ: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً "..
أين نذهب بـ: " وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً"..
أين نذهب بها وجميع قوانين جميع حكوماتنا تسحق من يحرض المؤمنين على القتال..
أين نذهب بـ: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"..
أين نذهب بها والمجلس الإسلامي الأعلى قد حرّم ذكر الجهاد في بياناته كما أن قوانيننا الوضعية تجرم ذروة سنام الإسلام..
أين نذهب بـ: (والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيله - إلا جاء يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك).
وكلمة الجهاد إذا أطلقت كما يقول ابن رشد ( المستنير الذي يعده المستنيرون حجة علينا ) : يقول ابن رشد (وكلمة الجهاد إذا أطلقت إنما تعني قتال الكفار بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ).
أين نذهب بـ: (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله). أين نذهب بها إذا ذهب مجاهد إلى ابن سبأ العراقي فقتله؟!..
أين نذهب بها .. وهل نحرم ذكر الحديث كي لا نخالف أوامر حكامنا.. أم ننال فيهم وبهم منازل سادة الشهداء.
أين نذهب بـ: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد).
أين نذهب بـ: (المؤمنون تتكافأ دمائهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر)..
أين نذهب بها وقد أقر حكامنا بالعكس: ألا يقتل كافر بمؤمن!!..
أين نذهب بـ: (إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله)..
أين نذهب بـ: (إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أدخل الله عليهم ذلاً لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم)
أين نذهب بـ: (عجب ربنا من رجل غزا في سبيل الله فانهزم أصحابه، فعلم ما عليه فرجع حتى أهريق دمه، فيقول الله عز وجل لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه).
أين نهرب من : (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قيل : أو من قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قيل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت)
أين..
أين..
أين..
هل ضاع الإسلام؟!..
أم نزل وحي بنسخ القرآن؟..
أم كفرتم بعد إيمانكم؟!!..
...
أفتي أنا.. ليس جرأة على النار بل خوفا منها..
أفتي بأن أي دولة إسلامية ترسل جيشا إلى العراق استجابة لابن سبأ العراقي قد خالفت شرع الله مخالفة تخرج المسئول فيها من الملة.. وأن من حق المجاهدين قتل جنود هذا الجيش بل وقتل من أرسله .. و أن من يُقتل منهم لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين..
هل تسمع يا ولي العهد السعودي؟!..
وليس المصري أغلى عندي من أبناء الجزيرة ولا مصر أغلى من الجزيرة فبعد مكة والمدينة كل أرض المسلمين سواء. ولو أرسلت مصر جيشا إلى العراق وكنت هناك لكنت أول من يقاتله..
يا ولي العهد لقد ذهبت بعيدا في الرضوخ لأمريكا..
ارحم نفسك رحمك الله واستقل وتنح عن الحكم.. فإن لم تفعل فإنني أصرخ في العائلة السعودية: أليس فيكم رشيد؟.. لقد عزلتم سعود لأمور أقل كثيرا مما اقترفه ولي العهد فلماذا لا تغيرونه وقد هبط بتصرفاته بسمعة المملكة إلى ما لم تكن عليه أبدا.
لم أيأس من جمعكم كله بعد يا آل سعود ومن المؤكد أن هناك أقلية منكم ما زالت تؤمن بالله وبرسوله وتعتبر أن الجهاد هو ذروة سنام الإسلام.. وللباقين من آل سعود لست أناشدكم من أجل الدين أو الأمة بل أناشدكم من أجل أنفسكم.. إن أمريكا لا تحميكم.. بل هي تدفعكم إلى حتفكم على أن تغسل أيديها من دمائكم ليكون القاتل والمقتول منا..
انظروا إلى الكويت.. هل سيبقى منها شئ..
إذا انتصرت المقاومة – وهي حتما منتصرة بإذن الله – فقد انتهت الكويت ومسحت مسحا من خرائط الجغرافيا وكتب التاريخ لأن تكاليف الثأر ثقيلة و أخشى أنها تستوعب الدم الكويتي كله.. ( معظم الكويتيين اقتنوا المنازل في بريطانيا وكندا استعدادا لهذا اليوم)..
أما ذا انتصرت أمريكا - لا قدر الله- فسوف يقوم خنزيرها الحاكم في العراق بضم الكويت إلى البصرة كما كانت عبر التاريخ وستؤيد أمريكا ذلك..
في الحالين انتهت الكويت بحماقة حكامها فلا تسيروا في نفس الطريق..
تذكرون يا قراء أنني بدأت منذ شهور طويلة، قبل بدايات الأحداث أحذر من أنني أري ما سيحدث في السعودية وشبهته بما حدث في مصر عام 54..
المطلوب من ولي العهد اليوم هو بذاته ما كان مطلوبا من عبد الناصر .. القضاء على الإسلام.. سموهم إخوانا.. سموهم إرهابيين.. سموهم متشددين.. سموهم أصوليين.. سموهم أي شئ فالاسم لا يهم والمطلوب هو القضاء على الإسلام كله الذي يجاهر الآن كلابهم بالمطالبة باعتبار مجرد اعتناقه جريمة..
المطلوب الآن من ولي العهد ذلك.. وهو يفعله.. لكن الأمر لن يطول به بعد أن يفعله كما طال بجمال عبد الناصر.. فقد تغيرت الظروف وأسفر الوحش الأمريكي عن أنيابه.. و ما أظنه.. وما أصدق ظنوني!!.. أنه سيتم الضغط على ولي العهد كي يأتي أمورا تفقده صبر أهله وتثير عليه الأمة كلها.. إنهم يدفعونه لاستغلال وزن المملكة بين الدول الإسلامية لكنه سينسف هذا الوزن بفعله.. ولا أستبعد أبدا أن تكون أمريكا تدرك جيدا الانشقاق داخل الأسرة الحاكمة نفسها و أنها تعمق هذا الصراع بدفع ولي العهد إلى تصرفات لا يمكن الدفاع عنها.. لتنفجر الأمور وليحارب هذا ذاك وذاك هذا وتشتعل الفتنة بين العائلة والعائلة وبين العائلة والناس وبين الناس والناس.. لتدخل أمريكا في النهاية للاستيلاء على الجزيرة كي تقر الأمن..
يا ولي العهد:
لقد حذرتكم عام 1990 وقد حدث كل ما حذرتكم منه..
وحذرتكم 2001 وحدث ما حذرتكم منه..
وحذرتكم 2003 وحدث ما حذرتكم منه..
وهذا هو تحذيري الأخير:
أفعالك لن تقضي عليك فقط.. ولا على عائلتك فقط.. بل على الجزيرة العربية كلها.. بالإضافة إلى تأثيراتها الكارثة على أمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.
يا ولي العهد : إرسال جيش من الجزيرة إلى العراق خط أحمر يفتح الأبواب لأنهار من الدم.. منها دمك.. فاحذر..
أفتي هنا بما أفتى به علماء الباكستان ضد جيشهم الذي أمره ابن سبأ الباكستاني أن يلاحق المجاهدين في وزيرستان..
***
أفتي بما أفتى به الشيخ محمد أبوزهرة عن فلسطين و أطبقها على العراق: (إن العدو قد دخل ديارنا، وأخذ أرضاً مقدسة من أرضنا، وبذلك يكون القتال فرض عين، ولايكون فرض كفاية، فيجب على كل مسلم، في أي أرض اسلامية أن يتقدم للقتال، ويأخذ الأهبة لذلك.. وإن الذين احتلت أجزاء من ديارهم على المسلمين مجتمعين أن ينصروهم ولا يتركوهم) ثم أفتى بفتواه الجامعة المزلزلة لشتى المسلمين في كل أرجاء الأرض: (ليس الجهاد بالعمل الجامع للجيوش المجيشة بل للجهاد ضروب أخرى غير الجيوش، فليذهب إلى الأرض المغتصبة في كل اقليم اسلامي طائفة مدرعة بالإيمان والسلاح والمال، تنطلق فتقض مضاجع أولئك المغتصبين، وتجعلها عليهم سماً زعافاً، بدل أن تكون لبناً وعسلاً كما يريدون).
***
أفتي أيضا بأن المنافقين لا يحكمون على المؤمنين ولا القاعدين عن المجاهدين ولا الخائنين على المخلصين.. وأن من حق المقاومة أن تقوم بكل دور السلطة من ولي أمر وقضاء و إفتاء ما دامت السلطة الموجودة سلطة عميلة عينها الكافر.. و أن الجار المسلم مرتد إن والى الكفار فهو منهم..
قد أوصيهم عندما يكون لهم جيش ورادارات ومصارات ومخابرات أن يتجنبوا قتل المدنيين.. أما قبل ذلك فلا توصية ولا وصاية..
قد أوصيهم عندما يملكون القنابل النووية ووسائل نقلها أن يلتزموا قد الاستطاعة بعدم قصف المناطق السكنية في نيويورك وواشنطن وتل أبيب.. وأن يضربوا فقط معسكراتهم ومفاصل اقتصادهم..
قد أوصيهم ألا يستعملوا القنبلة النيوترونية التي تبخر البشر وتبقي على المعدات والمباني ( تلك التي استعملها عبدة الشيطان الأمريكان في مطار بغداد)..
قد أوصيهم بالصبر عند المقدرة.. أما عند دفاع الصائل فليس لهم منا إلا الذبح..
نعم..
أفتي بأن من حقهم قتل كل من أعان الأمريكان عليهم..
أفتي بأن الفتوى من حقهم لا من حق غيرهم ممن هان أو خان..
أفتي و لا أناشد بالإفراج عن أحد، فالدول المارقة التي تركت ضحاياها يذهبون إلى هناك هي الأولي، ليس بالمناشدة، بل بالتنديد واللوم إلى تلك الدول التي تركت رعاياها يتساقطون هربا من جوع تسببت فيه حكومات لصة عميلة.. تركتهم يتساقطون بين براثن الكفر والموت.
أفتي بأن الإسلام وطن..
لا يوجد عربي ولا كردي ولا زنجي ولا نوبي ولا بربري ولا أبيض ولا أسود و إنما إخوة لا فضل لأحده على أخيه إلا بالتقوى.. و أفتي في هذا الصدد أن استعانة الأكراد العراقيين بالأمريكيين أو الأفارقة السودانيين بالبريطانيين إنما هو كفر مخرج من الملة..
نعم..
كفر مخرج من الملة..
استعانة المسلم بالمشرك على أخيه المسلم كفر مخرج من الملة..
ومن يوالي الصليبيين على المسلمين فإنه من الصليبيين .. نعم.. هو منهم.. وقد أسقط هو بنفسه جميع حقوقه.. ولم يكن له من حق سوى حق الحاكم الظالم الفاسق.. أما وقد والاهم فلا حقوق له ولا اعتبار لموثق أوثقه أو لعهد أعطاه أو لأمان أمضاه..
...
أفتي بأن الأمة كلها آثمة إذ نكصت عن نجدة المجاهدين الأقرب فالأقرب..
أفتي بأن الأمة آثمة إذ لم تجاهد بأرواحها في جهاد هو فرض عين.. وليس بالضرورة أن يتم على أرض العراق بل إن ضرب قواعد الكفر في أي مكان قد يكون أكثر تشتيتا و تأثيرا.
أفتي بذلك و أعاتبك يا أمة.. بل أقرعك و أدينك..
إن كنت قد عجزت عن الجهاد كما يجب أن يكون.. أما من حركة.. أما من صوت أما من همسة..ألا يحرضك ضعيف الإيمان على الخروج في مظاهرة بعد صلاة جمعة..
***
أحاول أن أفهم.. كيف ركعت الأمة كل هذا الركوع لحثالات بشرية تسلطت على الحكم واستولت عليه..
أحاول أن أفهم كيف سجدت الأمة كل هذا السجود لأعداء الله..
أدرك أن الهجمة كانت عاتية..
و أن الهدم لم يحدث في عام أو عامين بل في عشرات العقود والحقب..
أدركوا منذ زمان طويل أن أمتنا لا يمكن هزيمتها دون تفتيتها من الداخل.. وراحوا يفتتون كل مؤسسة وحزب وهيئة ونقابة..
أدركوا أن الإسلام هو الرابط للأمة فراحوا يوثنونه ويهودونه وينصرونه.. يحولونه إلى شئ آخر غير الإسلام..
***
خانك حكامك يا أمة.. لم يكونوا ربابنة أخطئوا الطريق إذ يمخرون بالسفن عباب البحار.. لم يكونوا ربابنة.. بل كانوا قراصنة استولوا على السفن وسرقوها.. فاستسلم لهم أصحاب السفن و أهلوها.. كما لو كانوا هم الربابنة..
خانك جيشك يا أمة.. وما من مكان حكم فيه العسكريون إلا حاق الخراب بأهله لأن جيشك لم يحارب الأعداء إلا فيما ندر وكان دائما يحاربك أنت يا أمة فلم لم تمنعيه..
خانك بوليسك يا أمة وتحول إلى عصابات إجرامية من النخاسين والجلادين يعرضون أبناءك في سوق النخاسة ويروعونهم ويقتلونهم ويلفقون لهم القضايا..
أفسد الفساد حتى قضاءك الجالس والواقف.. فلم يعد لديك قضاء لا واقف ولا جالس.. أصبح ما عندك قضاء ميت.. فإن حيا شخوصه فقد مات ضميره..
خانتك جامعاتك يا أمة أصبحت فروعا و أوكارا يستشري فيها الغزو الفكري وهدم الأمة..
خانتك صحافتك..
خانتك نخبتك..
فأين كنت يا أمة..
يا أمة نست الله فأنساها الله نفسها..
مزقي الدستور يا أمة..
مزقي دستور التضليل والكذب والزور والبهتان..
مزقي الدستور الذي لا يتعامل معه إلا بمفهوم المخالفة واللف والاقتحام والاستغفال..
مزقي دستورك..
مزقيه..
ودعيني أقدم لك دستورك الحقيقي..
دستورك الذي تتبعيه..
دستورك الذي أقسم حكامك وجيشك وبوليسك وقضاؤك وجامعاتك ونخبتك ألا يخالفوه أبدا.. فهم يسيرون على حذوه حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة..
أقرأ لك من دستورك الحقيقي يا أمة:
مادة 1:[3]
.. سنختار (لهم ) من بين العامة رؤساء إداريين ممن لهم ميول العبيد، ولن يكونوا مدربين على فن الحكم ، ولذلك سيكون من اليسير أن يمسخوا قطع شطرنج ضمن لعبتنا في أيدي مستشارينا العلماء الحكماء الذين دربوا خصيصاً على حكم العالم ..
والى ذلك سنعطي الرئيس سلطة إعلان الحكم العرفي، وسنوضح هذا الامتياز بأن الحقيقة هي أن الرئيس ت لكونه رئيس الجيش ـ يجب أن يملك هذا الحق لحماية الدستور الجمهوري الجديد، فهذه الحماية واجبة لأنه ممثلها المسؤول.
مادة 2
إن الصحافة التي في أيدي الحكومة القائمة هي القوة العظيمة التي بها نحصل على توجيه الناس
مادة 3
إن ضخامة الجيش، وزيادة القوة البوليسية ضروريتان لإتمام الخطط السابقة الذكر. وانه لضروري لنا، كي نبلغ ذلك، أن لا يكون إلى جوانبنا في كل الأقطار شيء بعد إلا طبقة صعاليك ضخمة، وكذلك جيش كثير وبوليس مخلص لأغراضنا.
مادة 4:
إننا أصحاب التشريع، وإننا المتسلطون في الحكم، والمقررون للعقوبات، وأننا نقضي بإعدام من نشاء ونعفو عمن نشاء، ونحن ـ كما هو واقع ـ أولو الأمر الأعلون في كل الجيوش، الراكبون رؤوسها، ونحن نحكم بالقوة القاهرة، لأنه لا تزال في أيدينا الفلول التي كانت الحزب القوي من قبل، وهي الآن خاضعة لسلطاننا، إن لنا طموحاً لا يحد، وشرهاً لا يشبع، ونقمة لا ترحم، وبغضاء لا تحس. إننا مصدر إرهاب بعيد المدى. وإننا نسخر في خدمتنا أناساً من جميع المذاهب والاحزاب، (...) ولقد وضعناهم جميعاً تحت السرج، وكل واحد منهم على طريقته الخاصة ينسف ما بقي من السلطة، ويحاول أن يحطم كل القوانين القائمة. وبهذا التدبير تتعذب الحكومات، وتصرخ طلباً للراحة، وتستعد ـ من أجل السلام ـ لتقديم أي تضحية، ولكننا لن نمنحهم أي سلام حتى يعترفوا في ضراعة بحكومتنا الدولية العليا.
مادة 5[4]
لقد نشرنا في كل الدول الكبرى ذوات الزعامة أدباً Literature مريضاً قذراً يغثي النفوس.
الأدب والصحافة هما اعظم قوتين تعليميتين خطيرتين. ولهذا السبب ستشتري حكومتنا العدد الأكبر من الدوريات.
وبهذه الوسيلة سنعطل Neutralise التأثير السيئ لكل صحيفة مستقلة، ونظفر بسلطان كبير جداً على العقل الإنساني. وإذا كنا نرخص بنشر عشر صحف مستقلة فسنشرع حتى يكون لنا ثلاثون، وهكذا دوالي.
ويجب ألا يرتاب الشعب أقل ريبة في هذه الإجراءات. ولذلك فإن الصحف الدورية التي ننشرها ستظهر كأنها معارضة لنظراتنا وآرائنا، فتوحي بذلك الثقة إلى القراء، وتعرض منظراً جذاباً لأعدائنا الذين لا يرتابون فينا، وسيقعون لذلك في شركنا ، وسيكونون مجردين من القوة.
وفي الصف الأول سنضع الصحافة الرسمية. وستكون دائماً يقظة للدفاع عن مصالحنا، ولذلك سيكون نفوذها على الشعب ضعيفاً نسبياً. وفي الصف الثاني سنضع الصحافة شبه الرسمية Semi Official التي سيكون واجبها استمالة المحايد وفاتر الهمة، وفي الصف الثالث سنضع الصحافة التي تتضمن معارضتنا، والتي ستظهر في إحدى طبعاتها مخاصمة لنا، وسيتخذ أعداؤنا معارضتنا، والتي ستظهر في إحدى طبعاتها مخاصمة لنا، وسيتخذ أعداؤنا الحقيقيون هذه المعارضة معتمداً لهم، وسيتركون لنا أن نكشف أوراقهم بذلك. (...) وحين يمضي الثرثارون في توهم أنهم يرددون رأي جريدتهم الحزبية فانهم في الواقع يرددون رأينا الخاص، أو الرأي الذي نريده. ويظنون أنهم يتبعون جريدة حزبهم على حين انهم، في الواقع، يتبعون اللواء الذي سنحركه فوق الحزب.
.. ستكون الغرامات مورد دخل كبير للحكومة، ومن المؤكد أن الصحف الحزبية لن يردعها دفع الغرامات الثقيلة ولذلك فإننا عقب هجوم خطير ثان ـ ستعطلها جميعاً.
وهذه الإجراءات ستكره الكتاب أيضاً على إن ينشروا كتباً طويلة، ستقرأ قليلاً بين العامة من أجل طولها، ومن أجل أثمانها العالية بنوع خاص. ونحن أنفسنا سننشر كتباً رخيصة الثمن كي نعلم العامة ونوجه عقولنا في الاتجاهات التي نرغب فيها[5]. وان كون المؤلفين مسؤولين أمام القانون سيضم في أيدينا، ولن يجد أحد يرغب مهاجمتنا بقلمه ناشراً ينشر له.
مادة 6
لخدمات البوليس أهمية عظيمة لدينا، لأنهم قادرون على أن يلقوا ستاراً على مشروعاتنا Enterprises، وأن يستنبطوا تفسيرات معقولة للضجر والسخط بين الطوائف. وأن يعاقبوا أيضاً أولئك الذين يرفضون الخضوع لنا.
مادة 7
رغبة في تدمير أي نوع من المشروعات الجمعية غير مشروعنا ـ سنبيد العمل الجمعي في مرحلته التمهيدية أي أننا سنغير الجامعات، ونعيد إنشائها حسب خططنا الخاصة. وسيكون رؤساء Heads الجامعات وأساتذتها معدين إعدادا خاصاً وسيلته برنامج عمل سري متقن سيهذبون ويشكلون بحسبه، ولن يستطيعوا الانحراف عنه بغير عقاب. وسيرشحون بعناية بالغة، ويكون معتمدين كل الاعتماد على الحكومة Gouvernment وسنحذف من فهرسنا Syllabus كل تعاليم القانون المدني مثله في ذلك مثل أي موضوع سياسي آخر. ولن يختار لتعلم هذه العلوم إلا رجال قليل من بين المدرسين، لمواهبهم الممتازة. ولن يسمح للجامعات أن تخرج للعالم فتياناً خضر الشباب ذوي أفكار عن الإصلاحات الدستورية الجديدة، كأنما هذه الإصلاحات مهازل comedies أو مآسٍ Tragedies، ولن يسمح للجامعات أيضاً إن تخرج فتياناً ذوي اهتمام من أنفسهم بالمسائل السياسية التي لا يستطيع ولو آبائهم إن يفهموها.(...) وعلينا أن نقدم كل هذه المبادئ في نظامهم التربوي، كي نتمكن من تحطيم بنيانهم الاجتماعي بنجاح كما قد فعلنا. وحين نستحوذ على السلطة سنبعد من برامج التربية كل المواد التي يمكن إن تمسخ upset عقول الشباب وسنصنع منهم أطفالاً طيعين يحبون حاكمهم، ويتبينون في شخصه الدعامة الرئيسية للسلام والمصلحة العامة. [6]
وسنتقدم بدراسة مشكلات المستقبل بدلاً من الكلاسيكيات Classics وبدراسة التاريخ القديم الذي يشتمل على مثل Examples سيئة أكثر من اشتماله على مثل حسنة ، وسنطمس في ذاكرة الإنسان العصور الماضية التي قد تكون شؤما علينا، ولا نترك إلا الحقائق التي ستظهر أخطاء الحكومات في ألوان قائمة فاضحة. وتكون في مقدمة برنامجنا التربوي الموضوعات التي تعني بمشكلات الحياة العملية، والتنظيم الاجتماعي. وتصرفات كل إنسان مع غيره.
مادة 8
إن حكومتنا ستعتقل الناس الذين يمكن إن تتوهم منهم الجرائم السياسية توهماً عن صواب كثير أو قليل. إذ ليس أمراً مرغوباً فيه أن يعطى رجل فرصة الهرب مع قيام مثل هذه الشبهات خوفاً من الخطأ في الحكم. ونحن فعلاً لن نظهر عطفاً لهؤلاء المجرمين. وقد يكون ممكناً في حالات معنية أن نعتد بالظروف المخفقة Attenuating circumstances عند التصرف في الجنح offences الإجرامية العادية ولكن لا ترخص ولا تساهل مع الجريمة السياسية، أي ترخص مع الرجال حين يصيرون منغمسين في السياسة التي لن يفهمها أحد إلا الملك، وانه من الحق أنه ليس كل الحاكمين قادرين على فهم السياسة الصحيحة.
ولكي ننزع عن المجرم السياسي تاج شجاعته سنضعه في مراتب المجرمين الآخرين بحيث يستوي مع اللصوص والقتلة والأنواع الأخرى من الأشرار المنبوذين المكروهين.
مادة 9
حينما نمكن لأنفسنا فنكون سادة الأرض ـ لن نبيح قيام أي دين غير ديننا[7].
***
هل تُمارين يا أمة في ذلك أو تجادلين فيه..
أليس هذا هو الدستور المطبق في البلاد الإسلامية جميعا..
***
نعم..
هذا هو الدستور الذي يحكم بلادنا.. وإذا نظرنا إلى الواقع فلن نجد إلا تجليات هذا الدستور..
دعنا الآن من فساد رأس السمكة فذلك لا يحتاج إلى بيان ولننظر إلى فساد السمكة كلها..
***
إنني هنا لا أستطيع تناول الأمر بأي درجة من العمق والإحاطة.. إنما فقط أشير إلى شواهد الأمور من بعيد إذ أحاول الإجابة على سؤال جوهري عن سر صمت الأمة.
أشير فقط..
***
وقبل أن أشير فإن علىّ أن أنبه القارئ أن ما أقوله بشع ومروع ورهيب.. لكن الواقع أكثر بشاعة وترويعا مما أقول بدرجة لا تقاس.
ولكي أضرب لكم مثلا عما أقول فلنعد إلى هزيمة 67..
تخيلوا لو أن الفرصة قد أتيحت قبل الهزيمة لانتقاد أوجه القصور في الجيش المصري..
فهل كان أي خيال مهما بلغ جموحه سيتصور ما حدث فعلا؟..
أم أن الواقع كان فوق أي خيال و أي تصور..
هل كان الخلل كما حاولوا أن يوهموا به الرعاع الذين هم نحن؟ هل كان لأننا لم نبدأ الحرب بالضربة الأولى؟ هل كان لأن الضباط قضوا ليلة الحرب في سهرة ماجنة فتأخروا في الاستيقاظ مما أدى لنجاح الضربة الجوية الإسرائيلية؟ هل كان لأن الشفرة تغيرت فلم يصل تحذير عبد المنعم رياض من الأردن بخبر انطلاق الطائرات الإسرائيلية؟( مكثت أعواما أعض بنان الندم و ألوك الحسرة على ضياع تلك الفرصة) لكن.. هل كان هناك أي فرصة؟ هل هزم الجيش لعارض طارئ أم هزم لخلل جوهري فيه لا يعود إلى إهمال ضابط أو لجهل جندي بل كان يعود إلى فساد هائل لنظام كامل.. أشد ما فيه فسادا قياداته.. وسط صمت شعبي يمثل التربة التي تترعرع فيها وتنمو أي هزيمة.. وأن جميع من نشروا تلك الأسباب السابقة وما شابهها إنما يشبهون مساعدي اللص في السوق والذين ينشرون الارتباك والضوضاء كي يفلت اللص.
سوف يتطور الأمر بعد ذلك في كافة أرجاء عالمنا الإسلامي لكي يضع في كافة المستويات هياكل فارغة..
نعم هياكل فارغة..
يكون الرئيس أو الملك مع الأسرة والحاشية هم اللصوص الحقيقيون الذين ينهبون البلاد، ويعرف الكل ذلك، ويتاح للجميع أن يهاجموا الفساد واللصوص بشرط واحد.. ألا يتعرضوا على الإطلاق للرئيس أو الملك مع الأسرة والحاشية !! وفي تلك الحال يصبح أي كشف للفساد ليس سوي تصفية للمنافسين للسيد الرئيس الملك وحاشيته و أسرته!!..
هياكل فارغة..
اكتبوا كما شئتم لكن لا تذكروا الحقيقة أبدا.. ذلك هو برنامج الحرية في بلادنا وتلك هي حدودها..
تلك هي حدود الكارثة التي أتناولها.. ولكي أستطيع الإحاطة بها فإنني محتاج لجهد عشرات الآلاف من الكتاب عبر عشرات الحقب.. لذلك فإنني لا أستطيع إلا أن أشير..
نعم.. في هذا الإطار أتحدث إليكم مؤكدا أن خيالي ومنطقي مهما بلغ جموحه فإنه لا يتناول إلا نزرا يسيرا من الكارثة.. مجرد أن يشير..
***
إذا تناولنا استفتاءات الرئاسة على سبيل المثال فلكم هو مروع ورهيب أن ندرك أن عدد من يذهبون إلى صناديق الاستفتاء فعلا لا يتجاوز 5% من الناخبين.. وهذه النسبة تبطل الاستفتاء كله.. وتجعل من رئيس الجمهورية غاصبا لمنصبه دون سند من القانون.. ( حتي في دراسات مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية لا تصل نسبة الحضور من الناخبين إلى20% وهي نسب مزورة .. ولكن لا يستطيع الأهرام أن يذكر سواها.. لأنه لو اعترف بالحقيقة لهدم شرعية الدولة كلها).
ولعل القارئ يذكر أن مجلس الشعب في مصر مطعون في شرعيته منذ عشرين عاما.
هل تعني هذه الإشارة للقارئ شيئا من الواقع أو الحقيقة؟..
هل تجيب على السؤال الصاعق: ومن يحكم إذن..
هل تكشف سيطرة جهاز الأمن الباطش الجبار الغبي ووسائله المجرمة في تزوير الانتخابات وترويع الناخبين بأكثر الطرق بشاعة و أشدها إجراما ووقاحة وسفها.. ويتم ذلك كله في حماية سلطة الدولة بل تحقيقا لأوامرها واستجابة لمطالبها... يتم أمام الناس لسحقهم وترويعهم.. يتم أمام وسائل الإعلام وقنوات التلفاز والصحف والمجلات القومية فلا تنشر عنه شيئا على الإطلاق لتكون توابع الجريمة أشد تأثيرا من الجريمة نفسها.. فلماذا تقوم الأهرام أو الأخبار على سبيل المثال بالتعتيم على تزوير ضابط منحرف مزور أو على تعذيب ضابط مجرم سافل مريض مجنون ..
وهل نندهش بعد ذلك لغرق الأمة في بحور اليأس والعجز والصمت..
نعم.. اليأس والعجز والصمت..
هذا هو برنامج كل حكومة مصرية أو عربية أو إسلامية..
هذا هو البرنامج الرسمي ودعكم مما عداه مما يعلن..
فكما أن بروتوكولات حكماء صهيون هي دستورنا فإن الغرق في بحور اليأس والعجز والصمت هو برنامج حكوماتنا الرسمي الذي تعهدت به أمام أمريكا و إسرائيل ولا يضمن لها استمرارها في الحكم إلا نجاحها في تنفيذ هذا البرنامج.. نعم .. فليس كل هذا اليأس والعجز والصمت نتيجة لسوء التدبير أو عجز التفكير أو خطأ التقدير.. وإنما هو هو المطلوب لذاته..وهو الذي تستديم نعمهم ووظائفهم عليه وعطاياهم ورشاواهم على أدائه في كافة أرجاء عالمنا العربي والإسلامي.. فوزير الحرب ليست مهمته إعداد الجيش للحرب بل منعه من الاستعداد للحرب وجعله احتياطا لشرطة قمع الأمة وقهر الوطن.. وبالنسبة لدول الجوار مع إسرائيل فثمة مهمة إضافية .. هي حماية حدود إسرائيل.. وزير الصناعة مهمته تدمير الصناعة وفتح البلاد لصناعات الغير.. وزير الزراعة مهمته تدمير الزراعة.. وزير الثقافة مهمته نشر السفالة والوقاحة والشذوذ والكفر والعهر والتطبيع..
***
ومرة أخرى يا قراء فإنني أشير.. فقط أشير..
أشير إلى الصحافة على سبيل المثال..
أشير إليها من خلال قضية أثارها فهمي هويدي سببت زلزالا تكاتف الجميع كي يمنعوا تداعياته وفضائحه.. كان هويدي قد أكد أن الفساد نابع من بعض القيادات الصحفية، وأنه لا يجوز فقط عقاب صحفيين شبان متورطين. وكشف هويدي عن أن أحد المسؤولين في أحد الأجهزة الرقابية أبلغه أن هناك "مؤسسة صحفية واحدة تضم 120 شخصا، تجاوز رصيد كل واحد منهم خمسة ملايين جنيه مصري. وحرص هويدي على أن يؤكد أن عبارة "الصحفي المليونير" لم تكن واردة في مصر على مدار تاريخها، إلا أن هذه العبارة أضيفت للقاموس خلال السنوات الأخيرة، رغم أن انضمام أي صحفي – كما يقول هويدي – إلى نادي المليونيرات في الظروف العادية لا يمكن أن يتحقق له من أي باب من أبواب الحرفة إذا كان شريفًا بطبيعة الحال. وقال: إن بعض هذه القيادات حولت الصحف لـ"عزب" خاصة بأسرها، وأن بعض القيادات تحصل على إتاوات عن كل شيء يدخل المؤسسة الصحفية من إعلانات إلى صفحات الوفيات. وأضاف هويدي يقول: إن هناك اختراقا من قبل بعض المؤسسات الأجنبية لبعض المؤسسات الصحفية لتمويل أنشطة مهمة فيها. وقال هويدي إن بعض المجلات الأسبوعية تنشر حملات صحفية عن مسألة معينة مثل مشكلات الدواء أو فساد الصناديق الاجتماعية، ثم تنشر بعدها إعلانات لهذه الجهات الرسمية تدافع عنها، ويعتبر ذلك ضروريا لدفع مرتبات العاملين في تلك الصحف والمجلات!. وأشار هويدي إلى أن الفساد الأكبر يأتي من الصحف المستقلة التي تدافع عن رجال الأعمال. وختم بالقول: إنه لا يمكن تحميل رجال الأعمال أو الوزارات التي تشتري المحررين كل المسؤولية؛ فهناك محاولة للإفساد، وهناك القابلية للإفساد. وقال من يحاول الإفساد ما كان له أن ينجح في ما يسعى إليه، إلا لأنه وجد أمامه طرفا قابلا للغواية.
***
ولنترك فهمي هويدي كشيخ من شيوخ الصحافيين ولنذهب إلى صحافي نابه من شباب الصحافيين هو أحمد عبد الهادي ولنطالع مقتطفات من كتابه المروع: " في بلاط صاحبة الجلالة" فنقرأ في مقدمة الكتاب الصاعقة:
" كانت صدمتي بحق قوية ..صحفي شاب في مقتبل العمر لا يزال في بداية الطريق، احترف البغاء الصحفي ..احترف النصب وتزوير الحقائق وقلبها رأسا على عقب ، من أجل حفنة جنيهات ..لا يمانع في الرقص مع الشيطان طالما أن ذلك سينتهي به إلى ما ينشدة ..وقدوته في ذلك صحفي عجوز ، نجح في تلقينه الدرس جيدا ، حيث يستغل هو الآخر دماء الضحايا وشبابهم ، ويمتص كل قطرة من دمائهم الفتية ..ووسائله في ذلك ، جريدة درجة ثالثة .. وجمعية يزعم أنه يرعى بها الموهوبين ..وقلم يقطر سما.."..
" حاربنا في سبيل العثور على فرصة في بلاط صاحبة الجلالة..كنا على يقين من أن الطريق ليس سهلا بالمرة .. وندرك منذ أول خطوة لنا ، أن هذا الطريق تحفه المشاق ..فتحنا صدورنا الفتية للعواصف ، وأعددنا أنفسنا للأخطار والمتاعب ..وعندما عثرنا على هذه الفرصة كانت صدمتنا كبيرة ..التجارة ..والبيزنس ..والجنس .. والابتزاز ..بجوار المقالات التي تذوب عشقا في الوطن .. صحفيين تحولوا إلى تجار عبيد ، ورقيق أبيض وآخرين قفزوا على الساحة بالابتزاز والنصب ..اكتشفنا أننا تحولنا إلى سلعة يتاجر فيها البعض ..اكتشفنا عشرات الأبواب الخلفية ، التي لابد من المرور بها أولا ، في سبيل الاستمرار ..صحفيين صغار تحولوا إلى طعام في سبيل استمرار الكبار ..صحف احترفت تجارة كل شئ ، بدءا من التهليل والتطبيل والتصفيق لمن يدفع ، وانتهاء بالهجوم المخطط على كل من تسول له نفسه ورفض مطالبها.. وصحف أخرى تفوح منها رائحة البترول ، والدولارات ، وصحف من عينة مصاصي الدماء..كل شئ أصبح يباع ويشترى ..اختلطت الأقلام الفاسدة بالشريفة ، فكان من الطبيعي أن يتوه كل شئ ..ونتوه نحن أيضا وسط مدينة نجح كل سكانها في إخفاء وجوههم الحقيقية ،خلف أقنعة مزيفة وملابس أنيقة أخفت كل حقيقتهم ..فكان لابد من هذا الكتاب ، الذي يكشف الستار عن بعض أسرار الصحافة المصرية ، وما يدور في الكواليس ، بعيدا عن أعين القراء ، ويكشف بعض من معاناتنا نحن الجيل الجديد في بلاط صاحبة الجلالة..ويكشف أيضا أبعاد الانقلاب الذي قام به البعض للسيطرة على عرش صاحبة الجلالة .والثورة المضادة التي حاول بعض الصحفيين الجدد تزعمها ، لتخليص صاحبة الجلالة من بين براثن بعض السماسرة"..
"إن هذا الكتاب يعد بمثابة محاولة للتطهر من كل الأخطاء ، والآثام التي ارتكبناها، وارتكبها في حقنا البعض ..محاولة لنزع كل الأقنعة المزيفة التي تفنن البعض في ارتدائها ، حتى أصبحت جزءا من جسده ..محاولة أخيرة لكي نقف أمام أنفسنا لأول مرة عراة ، من أجل رؤية أجسادنا على حقيقتها ، علنا ننجح في علاج ما تشوه من هذا الجسد قبل فوات الأوان"..
يتحدث أحمد عبد الهادي عن كشفه لفعل كويتي خسيس تسبب ، في قتل عشرات العمال المصريين بعد انسحاب صدام حسين من الكويت ، فقد بدأ الخبراء بتنظيف أرض الكويت من الألغام والمفرقعات ، لكنهم رأوا أن المسح التقليدي قد يستغرق فترة طويلة ، خاصة وأن المباني الهامة والحيوية ، تحتاج لسرعة التنظيف من الألغام حتى يتسنى استخدامها ، فقامت باستئجار مجموعة من العمال المصريين ومنحت لكل منهم عشرة دنانير في سبيل تنظيف إحدى المدارس من التراب الموجود بها ، والحقيقة أنها استأجرتهم للتأكد عما إذا كانت هناك ألغام بالمدرسة أم لا ؟ بحيث إذا كانت قوات صدام غرست بها ألغام فإنها ستنفجر في وجه العمال ، ويذهبوا في ستين داهية (...) ..ودخل المساكين المدرسة دون أن يدركوا ما ينتظرهم في الخفاء .. وبعد لحظات ، دوى صوت انفجار في المكان ..وعاد الجميع جثثا هامدة إلى وطنهم .والجثث التي عادت إلى الوطن متفحمة ، معها اعتذار رقيق من وزارة الدفاع الكويتية ، دون حتى دولار واحد ، لأن حكومة مصر الشقيقة تفهمت الأوضاع في الكويت الشقيق ..وأهالي الضحايا فقراء معدمين ..حفنة فلاحين ..لا حول لهم أو قوة ..ولا يعرفون الطريق إلى أي مسئول ..ولا يمكنهم أن يكونوا سببا أبدا ، في تعكير صفو العلاقات الحميمة بين مصر والكويت ، ..ولم تكتب الصحف أي خبر عن وصول الجثث ..ولم يتحرك أي مسئول ، رغم أن الجثث كانت متفحمة وبالعشرات ، والعفن ينبع منها ، ورائحتها غير طبيعية ..وكان من الممكن أن تمر القضية مرور الكرام ،وتموت للأبد ماتت القضية بعد أن اكتشف الصحافي أنه كان أداة لكلمة حق أريد بها الابتزاز وتخليص الحسابات.
وفي مرة أخرى يحصل الصحافي على مستندات تدين أحد المحافظين : " وطلب منى رئيس التحرير المزيد من هذه المخالفات ، وظننت أن طاقة القدر اتفتحت لي ، وأن محمد سامر الله لا يسامحه هيوافق ويصرف لي ولو حتى عشرين جنية خاصة بعد نشر جزء من هذه المخالفات .. لكن أتت الرياح بما لم تشتهى السفن..حيث فصلني بسلامته وطردني "..
أما السبب فهو أن رئيس التحرير اتصل بالمحافظ وساومه على وقف النشر ..
وفي واقعة ثالثة صارخة يوجع أحمد عبد الهادي قلوبنا ليس على الصحافة وحدها، بل على الصحافة والقضاء والنيابة والدولة كلها.
كان أحمد عبد الهادي يعمل تحت رئاسة مصطفى بكري في صحيفة الأحرار:
" وكان لابد من الانتقام منا نحن ، لأننا تجاوزنا الخطوط ، والحدود المقررة فقد احتضنا المظلوم ..وكنا السوط الذي يهوى على ظهر الظالم ..وكشفنا انحرافات بعض الكبار وبلعبه سمجة ومتبعة في مثل هذه الأمور ، أقام صاحب العقار الموجود فيه الجريدة ، دعوى قضائية يطالب فيها بإخلاء الطابق الخامس ..وعلى الرغم من أن الدعاوى في مثل هذه الأمور تستهلك وقتا طويلا جدا ، من معارضات واستئناف ، ونقض ، وقد لا يستطيع صاحب العقار في هذه الحالة التنفيذ من الأساس ، نظرا لتقاعس الأجهزة الأمنية ، وتراخيها المعروف في التنفيذ.. رغم ذلك فوجئنا بعشرات من سيارات الأمن المركزي وعربات مدرعة وعشرات من قوات الأمن ، وحاصروا العقار رقم 19 بشارع الجمهورية صباح يوم الجلسة..جاءوا لتنفيذ حكم لم يصدر بعد ..وكنت أشرف على تنفيذ الصفحات المسائية بالجريدة مساء اليوم السابق ، وانتهيت من عملي في الرابعة فجر ذلك اليوم ، وكنت متوجها إلى غرفتي لأتمكن من نيل قسط من النوم ، وصدمتني هذه التشكيلات والفيالق الأمنية ، وظننت أنها جاءت لتأمين المكان حول محكمة عابدين خوفا من هروب بعض المتهمين الخطرين ..وعندما عدت بعد ثلاثة ساعات في السابعة ، تزايد عددها ..ثم جاءت القوات الخاصة ، وارتدى جنود الأمن المركزي الخوذات ، واستعدوا بالدروع ، وجاء مصطفى بكرى رئيس التحرير ، وقطع الشك باليقين عندما أكد لنا أن هذه الفيالق من أجلنا نحن ..في سبيل تنفيذ حكم لم يصدر بعد .وسألنا أنفسنا في دهشة ..حتى لو كان الأمر كذلك ، فهل نحن بهذه القوة التي يحشدون لها كل هذه القوات؟..وهل كانوا يظنون أننا نخفى أسفل طيات جلود أجسادنا النحيلة القنابل المسيلة للدموع ، والمدافع التي سنقاومهم بها ؟..وهل يخصصون مثل هذه الحشود والمصفحات والقوات الخاصة لتنفيذ أحكام القضاء الصادرة لكل المواطنين؟..ثم أليس من الطبيعي أن هناك طعون ..ونقض في الحكم ؟ هذا مع الفرض الجدلي ، بأن الحكم صدر لصالح صاحب العقار. كانت الأسئلة تدق كل الرؤوس على السواء ، وكنا واثقين من حياد ونزاهة القضاء المصري الذي أصبح هو الشيء الباقي لنا في الوطن ، لكننا أبدا لم نكن واثقين من حياد هذه الفيالق التي تحاصرنا من كل جانب ، وفجأة انطلقت صرخة من فم زميلنا أحمد جبيلى وهو يحذرنا :
- أغلقوا الأبواب ، لقد صدر الحكم ضدنا
وجاءت الشرطة للتنفيذ ، وإخلاء الطابق الخامس ..على الرغم من استعدادنا المسبق للنتيجة ، إلا أننا صدمنا ..وشعرنا بأننا فقدنا عزيزا علينا .كان الأمل يراودنا في حكم يصدر لصالحنا ..لكن الأمل تسرب من بين أيدينا (...) وهرولنا جميعا ، وتفرقنا في أنحاء الطابق الخامس ، وأخذ كل منا يؤدى دورا لم يأمر به أحد البعض يزيح المقاعد من الطرقات ، ويضعها خلف الباب ويجلس فوقها لمنع رجال الشرطة من الدخول .. والفتيات يحملن الأوراق الهامة ، لنقلها من أرض المعركة لمكان آمن (...) وجاء اللواء محمد مصطفى الشناوي ، يتقدم فيلقا من جنود الأمن المركزي شاهرا فوهة مسدسه في وجوهنا ، دون أن يفرق بيننا وبين المجرمين الذين يتعامل معهم وهو يقول في عجرفة:
- وسع يا روح أمك منك له.
وبلا مقدمات ، احتمى بجحافل التتار التي زحفت خلفة ، وأهوى بمؤخرة المسدس على رأس أحد الزملاء ، فاستشاط الجميع غضبا ، واشتعلت معركة غير متكافئة ضد لواء شرطة قدم لينفذ تعليمات عليا ، صادره إليه في أحد المكاتب المكيفة الأنيقة ، ونفذها فعلا حرفيا ، لذلك لم نندهش عندما تم مكافأة الرجل في نهاية خدمته ، بتعيينه محافظا للدقهلية ..( الدقهلية بالذات دون كل محافظات مصر مع الأسف ) ..وصرخ مصطفى بكرى محذرا
- أيها الأغبياء ، احذروا انفلات أعصابكم
وضاعت كلماته وسط محاولة تصدينا لكسر الباب ، واقتحام الطابق الخامس والتفافنا حول ضباط الشرطة ، وصرخات الفتيات التي اختلطت بأجساد نحيلة بالضربات ..باللكمات بكلمات مشتعلة ..بمكاتب ، وأثاث ، وأوراق ، يتم إلقائها من أعلى لإفساح الطريق لسيادة اللواء ، الذي أخذ يلوح بمسدسة مزهوا في عنترية وسادية غريبة ، وصرخ في مسرحية مكشوفة
- اتركوا الباب ياولاد الكلب
- لن نتركه
هوريكم يا.....( كلمة قذرة خادشة للحياء )
(...)
***
كتاب أحمد عبد الهادي يحمل في أحشائه عار الصحافة المصرية.. وهو عار يمثل القاعدة والاستثناء منه شديد الندرة.
***
لن أسمح لنفسي بالحديث عن معلوماتي المؤكدة غير الموثقة عن الرشاوى التي يتلقاها كبار الصحافيين، ولكنني أشير- على سبيل المثال إلى مواد منشورة ومذاعة في الفضائيات ( قناة دريم) عن اعترافات الدبلوماسي لؤي الهاشمي:
"بعض الصحفيين المصريين كانوا يحصلون على رواتب " .. "وفي إحدى المرات جاء أحد الصحفيين المصريين ليتسلم راتبه الثابت فأعطيته شيكا أمام صحفي مصري آخر وكنت متعمدا ذلك فشكاني الصحفي للسفير الذي استدعاني على الفور وعاتبني قائلاً: كيف تتعمد أن تعطي الصحفي راتباً أو مبلغاً من المال أمام صحفي آخر؟ فقلت له: إذا كان رافضاً لهذا الأسلوب لماذا استلم المبلغ كان عليه أن يرفضه"..
إلا أنني أؤكد بعد إيراد المثل، أننا لم نتناول سوى القشور، لأن السرقات الكبرى كلها تتم بعيدا عن الأعين، بل على الأحرى في حماية جهاز الدولة الباطش الجبار المنحرف.
***
وفي هذا الصدد نفسه نذكر ما حدث من كبار الموظفين في التلفاز محمد الوكيل أو من "حازم الشناوي" من بعدما ثبت من التحقيقات تقاضيهم مع آخرين ..
و أيضا.. لم أذكر ذلك إلا على سبيل الإشارة، بل إنني أذكر أن صحافيا هو الأستاذ سيد الغضبان يكتب أسبوعيا عن فساد بمئات الملايين في محطات التلفاز و إعلاناته وبرامجه والرشاوى التي تقدم فيه..
فهل تعلمون منذ متى يفعل ذلك.. منذ ما يقرب من عشرين عاما.. فلا هو توقف.. ولا السرقة توقفت.. ولا أحد علق على كل ذلك.
***
أشير أيضا إلى كارثة التعليم في مصر..
كانت مهمة بهاء الدين عليه من الله ما يستحق هو القضاء على التيار الديني والاستجابة للمطالب الأمريكية بتغيير المناهج وتجفيف منابع الدين و إحالة كل المدرسين الملتزمين إلى وظائف إدارية ونفيهم وتشتيتهم وتقديم الرشاوى إلى من يستسلمون ويبيعون دينهم ووطنهم ( رشاوى بكل معنى الكلمة.. فلجان تطوير التعليم المشتركة مع الأمريكيين كانت تحصل على رشاوى ضخمة تحت اسم المكافآت.. لكن هذه المكافآت كانت تصرف دون أي مستند.. خوفا من وقوع هذه المستندات في أيدي صحافي معارض يفضح الأمر) ..
وفي ظل بهاء الدين ذاك – عليه من الله ما يستحق – وصلت المهزلة إلى حد لا يمكن تصوره وتحول التعليم المجاني إلى جهل باهظ التكاليف، وخلت المدارس من تلاميذها – كل تلاميذها تقريبا- وانتشرت الدروس الخصوصية لتستهلك المليارات من أسر مطحونة تعيش على الكفاف..
الأكثر ترويعا و إجراما أن كل فرد في الأمة كان يعرف ذلك كله.. لكن وسائل الإعلام تنشر عكسه.. لأنه ما من أسرة في مصر إلا ولها أطفال في المدارس ويعلمون علم اليقين ما يحدث فيها.. يعلمون على سبيل المثال أن نسبة الحضور لطلبة الثانوية العامة لا تزيد عن 5% بينما هو وهم – لعنه الله ولعنهم- لا يكفون عن التغني بأمجاده و أمجادهم.. وسيتفرع عن ذلك وجه آخر من وجوه الإفساد عندما يبحث هذا التلميذ عن شهادات مرضية يحصل عليها عن طريق الرشوة للأطباء أو المستشفيات.. وتستمر الدائرة الجهنمية بينما الصحف القومية وشاشات التلفاز تطالعنا كل صباح ومساء بأنبل مظاهر تخفي خلفها أقبح غايات.
ولقد قيضت لي الظروف أن ألمح مشهدا من المشاهد المأساوية حين واجه أحد نظار المدارس ذلك المسئول - عليه من الله ما يستحق – فما كان من المسئول الكبير إلا أن أمر حرسه بضرب الناظر علقة ساخنة مع صدور قرار بنفيه.. وتسرب الخبر إلى الصحافة.. ومورست الضغوط على الناظر المسكين فوقع على إقرار بنفي ما حدث.. وخرج المسئول وبراءة الأطفال في عينيه يدين أولئك الرعاع الذين لا يكفون عن عرقلته في مسيرته النبيلة.
لو ظللت أكتب خمسين عاما لما استطعت الإحاطة بأوجه الفساد والخراب والدمار التي تحيط بالأمة..
***
لكنني أشير إشارتي الأخيرة .. أحاول أن أتتبع معكم رحلة حياة مواطن مصري أو عربي أو أي مواطن في أي بلد إسلامي.. من مولده إلى وفاته..
***
سوف أحاول الإيجاز قدر ما أملك.. لن أتطرق إلى الجوانب الاقتصادية والصحية والاجتماعية التي تعتصر القلب. ولا أنا سأقابلها من الجانب الآخر بمظاهر البذخ السفيه الفاجر الذي يضاعف بشاعة من يسرقون الأمة.. فليست كل الذنوب و إن اتفقت المسميات سواء.. ذلك أن من يسرق الغنى غير المحتاج ليس كمن يسرق المعدم أو من يحسبونهم أغنياء من التعفف.
فإذا ولد هذا الطفل في أسرة متدينة، فإن أغلب الظن أنه يولد ليجد أحد أبويه أو عمومته أو خئولته معتقلا بدون محاكمة.. ربما منذ عشرين عاما.. فإن لم يكن ذلك فلابد أن الابتلاء أصاب أحدا من العائلة..
في مثل هذه الأسر، تحاصرها أجهزة الأمن الباطشة الفاجرة الجبارة، تجعلها تعيش في رعب مقيم وهم مستديم، ذات مرة، ألقت الشرطة القبض على مسلم في بور سعيد، وبعد امتهان المنزل، وضرب الأب المسلم أمام أبنائه وزوجته وجيرانه لكسر هيبته وتحقيره ومنع تأثيره، اصطحبوا الأب، وفي اليوم التالي عاد أمين الشرطة، ولعله قال لنفسه إنني أعصى الله و أبيع الجنة و أشتري النار من أجل مرضاة الرئيس فلماذا لا أفعلها من أجل نفسي، عاد أمين الشرطة في اليوم التالي، ليغتصب زوجة الرجل.
تحاصر هذه الأسرة، يضيق عليها، ويضايق أبناؤها ومن كان منهم موظفا في الحكومة يفصل، ومن كان موظفا في القطاع الخاص يتصل ضابط الأمن بصاحب العمل ليغويه ثم ليهدده . يحاول جهاز الأمن الباطش الجبار سحق الأسرة، يحاول، بالضغط بالعوز والجوع والفقر والحاجة أن يدفع امرأة المعتقل أو بناته إلى الزنا، وفي وسط هذا الجو المرعب، يقتنصون أخا شقيقا أو قريبا للمعتقل، ليجعلوا منه عميلا للمباحث وجاسوسا على أصحاب أخيه، ولهذا الجاسوس العميل تفتح الأبواب وتمهد الطرق وتتوفر الوظائف ويغدق المال.. و إذا تمكن من اقتناص الفرصة فقد يتحول إلى كاتب كبير تفتح له أجهزة الأمن كبريات الصحف، ومفكر عظيم تنشر له كبريات دور النشر كتبه.. لا لقيمتها.. بل لأن أجهزة الأمن أمرتها بذلك..
سنترك هذا الطفل الآن إلى طفل آخر، لم يولد في مثل تلك الأسرة، بل ولد في أسرة تلتزم الحد الأدني، هذا الطفل سينشأ على تحذيره من أن يغشى منابع التطرف: المساجد!.. أو أن يضع نفسه في مواطن الشبهات: صلاة الجماعة!.. كي لا يحدث لهم ما حدث لتلك الأسرة المنكوبة الملتزمة.
الاحتمال الثالث أن يولد هذا الطفل في أسرة لا تقوم بأبسط واجبات الدين.. أسرة منحلة لا تقيم الصلاة ولا تؤتي الزكاة ولا تصوم رمضان ولا تحج أبدا.. أسرة كل المنكرات عندها مباحة وكل الفرائض إرهاب وتطرف.. فهؤلاء لا خوف عليهم من الطاغوت الفاجر المجرم.
في الخامسة أو السادسة من عمره تبدأ رحلة الطفل مع المدرسة، ليجد مدرسة قد فرغت من كل من عمر الإيمان قلبه بعد أن أحالت أجهزة الأمن الباطشة الجبارة كل مدرس يعرف معنى الإيمان إلى وظيفة إدارية، ونفته من الأرض، بمساعدة وزراء تعليم منافقين فسقة.
هل غفل الطواغيت أن ما يفعلونه ذاك يفسد العملية التعليمية من أساسها، ذلك أن المؤمن المتدين الذي يؤدي حق ربه هو الحريص على أن يؤدي واجبه تجاه تلاميذه وهو الذي يعرف أن الإخلاص في العمل عبادة، و أن شرخ هذا النموذج يهدم العملية التعليمية كلها، ويجعل أساس الترقي هو الفهلوة والفساد والبعد عن الدين. إن السمعة السيئة في هذا المجال ليست عائقا أمام الترقي بل هي السبيل إليه لأنها تؤكد أن صاحبها غير مشتبه به، و أنه لن يكون منبعا من منابع التطرف والإرهاب.
سوف ينتقون لتدريس الدين أكثر المدرسين جهلا وتنفيرا وبعدا عن جوهر الدين ( شخصيا: أدخلت ابنتي في مدرسة إسلامية خاصة، ولم اكتشف إلا بعد أن انتهت من المرحلة الابتدائية أن مدرس الدين كان يساومهم على ألا يحفظوا ما عليهم من القرآن مقابل أن يعطوه شطائر الإفطار التي أعدتها لهم أمهاتهم) .. حذرهم المدرس من إفشاء السر.. ولم يكن هناك امتحانات كي تكشف الأمر.. ولم ينج من هذا الأمر إلا الأسر التي كانت متنبهة له منذ البداية فاعتمدت على مدرس خاص في تدريس الدين.
ما يهمنا هنا.. وما نضع ألف خط تحته.. هو الحرص على أن يكون التعليم الديني مهمشا ومجوفا ومظهريا يخفي من الجهل الكثير..
أكرر..
أضع تحت هذه الجملة ألف خط..
لأن ذلك لا يتم اعتباطا..
بل يتم وفق خطط مدروسة ومخطط لها جيدا..
يتم ويُواصل في التعليم الإعدادي والثانوي والجامعة..
ويتم تخريج جيل يعرف عن نابليون أكثر مما يعرف عن خالد بن الوليد.. وعن مادونا وسامبسون أكثر مما يعرف عن هارون الرشيد ومحمد الفاتح، وعن المودة أكثر مما يعرف عن الجهاد، ويستطيع أن يسمع أسماء الولايات الأمريكية بينما يعجز عن ذكر عشر عواصم عربية، وهذا الجيل المفرغ الأجوف، المصنوع خصيصا، حسب الطلب، من النخاسين الذين يحكمون الأمة، هذا الجيل سيكون هو المستهدف بالشبهات التي يثيرها الصليبيون واليهود وخدمهم من اليساريين والشيوعيين والقوميين حول الإسلام، وهي شبهات تتهاوى أمام أي علم ديني حقيقي، من الذي حُرم هؤلاء المساكين من أن يتعلموه، يتعرضون للشبهات، فيتزلزل إيمانهم، ويهتز يقينهم، ولا يعودون صالحين للجهاد في سبيل دين أو وطن. ولقد كان هذا هو المطلوب منذ البداية.
أرفع صوتي يا ناس و أحذر يا أمة.. أرفع صوتي بأنني كنت مخطئا في يقين طالما ركنت إليه.. يقين بأن المسلم لا يمكن أن يرتد من الإسلام إلى النصرانية أو اليهودية أبدا.. وكنت أضع لنفسي الأساس الفلسفي لذلك بقولي أن المشكلة العقلية كلها ليست في الإيمان بالله لأن أي دارس اليوم يدرك بقوانين الفيزياء والرياضة أن لهذا الكون خالقا هو الله سبحانه وتعالى.. دعنا من العميان الذين لا يرون ضوء الشمس فهؤلاء قلة لا يؤبه لها.. الأغلبية الساحقة تؤمن إذن بوجود الله.. تبقى المشكلة الثانية هي التساؤل: هل ترك الله عبيده الذين خلقهم دون رسل لهدايتهم وبيان الطريق القويم لهم، وذلك بمجرد المعطيات العقلية مستحيل..
إذن.. الله موجود .. وقد أرسل رسلا..
عند هذا المنعطف لا يوجد سوى الإسلام..
نعم.. فالتفوق الحاسم المطلق للإسلام لا يحتاج إلى أي دليل إلا إذا كان هذا الدليل صاروخ كروزو أو قنبلة ذكية أو طائرة أباتشي.. فنحن لا نملك دليلا مثله..
أقول أن تفوق الإسلام حاسم وتساميه معجز و إعجازه معقول ليس بالمقارنة لكم الخرافات الوحشية المجنونة في الكتب السماوية المحرفة والتي لم يحفظ الله منها سوى القرآن.. ليس من أجل ذلك.. بل بالدراسة المجردة للإسلام دون حتى مقارنة يظهر على الفور تساميا لا ينافس ولا يبارى.. هذا التسامي الذي يعبر عنه سيد الشهداء في زماننا – إن شاء الله – بقوله:
(وعشت في ظلال القرآن أنظر من علو إلى الجاهلية التي تموج في الأرض ، وإلى اهتمامات أهلها الهزيلة الصغيرة ، أنظر إلى تعاجب أهل الجاهلية بما لديهم من معرفة الأطفال وتصورات الأطفال ، واهتمامات الأطفال ، كما ينظر الكبير إلى عبث الأطفال ، ومحاولات الأطفال ، ولغة الأطفال ، وأعجب ، ما بال هذا الناس ، ما بالهم يرتكسون في الحمأة الوبيئة).
أقول ظللت لي هذا اليقين أقول لنفسي أنه قد يباح للأعمى أن ينكر وجود الشمس لكنه حال إبصاره لابد أن يعترف بها وإلا كان مأفونا مجنونا.. وكنت أقصد بالأعمى : الكافر.. وكنت أعني بالمبصر من آمن بالله.. وكنت أعني أنه إذا آمن بالله ورسله فليس من دين يحترم العقل ويوافق المنطق إلا الإسلام.
ظللت على هذا اليقين واثقا أن المستحيل بعينه أن يستجيب مسلم لعمليات التبشير ويرتد.. كان ذلك مستحيلا بالنسبة لي رغم الأنباء المقلقة التي كانت تتسرب من الجزائر و أندونيسيا و أماكن أخرى.. ظللت على هذا اليقين حتى فوجئت بأنباء موثقة عن أعداد لا يستهان بها.. في قلب القاهرة .. ارتدت عن الإسلام إلى النصرانية.. صحيح أن جماعات التبشير تلك نفثت سمومها في قاع المجتمع حيث الفقر الوحشي والجهل الضاري وحيث الإسلام مجرد اسم لا تمارس أي شعيرة من شعائره.. لكنه على أي حال حدث.. ( مع توالي الضغوط طالب بعض علماء الأزهر أن تتوجه جماعات التبشير إلى الأزهر للتبشير هناك في ندوات مفتوحة تقرع فيها الحجة بالحجة.. لأنه ليس من المنطقي أن يذهب مبشرون على أعلى درجات الثقافة إلى قطاعات بشرية على أعلى درجات الجهل والفقر ليمارسوا التبشير بينهم .. وأن العدالة تقضى أن يواجه العلماء علماء.. واعتبر المبشرون ذلك اعتداء على حرية الأديان وانتهاكا.. واضطهادا.. وتفريطا .. وافتئاتا على حقوق الإنسان)..
***
لنعد إلى طفلنا الذي كنا نتحدث عنه..
سوف نذهب مع هذا الطفل إلى المدرسة الإعدادية ثم الثانوية
كبر الطفل واتسعت مداركه وازداد وعيه وبدأ يتخذ موقفا من الحياة وبدأت عيون الجهاز الغبي الباطش الجبار ترصد.. سيلاحظ الطفل أن معظم مدرسي الدين مجرد مسوخ شائهة .. وسينسحب جزء من ذلك على اللغة العربية حيث يعد الاهتمام بها نوع من الحذلقة والتخلف التي تثير الاشمئزاز والنفور والضحك.. المرجعية الكبرى عادل إمام سوف يؤكد لهم ذلك .. وحتى المسكين محمد جلال عبد القوي والدكتور يحيى الفخراني حين يكون الحديث بالعربية الفصحي في مسلسلاتهم قرين للتخلف والإرهاب ( ماذا يريد شارون أكثر من ذلك).. في هذه السن الخطرة سيكتشف الطل الكبير أو الشاب الصغير أن الكبيرة الوحيدة التي يمكن أن تهدد وجوده وليس تفوقه العلمي فقط هو أن يواظب على صلاة الجماعة.. سوف يعد احتشامه وعفته قرينة ضده لكنها لا ترقى إلى مستوى كبيرة صلاة الجماعة.. المدرس الخواجة الأمريكاني ماضغ العلك سوف يكون المثل الأعلى.. وذلك الذي يرتكب كبيرة الزنا سوف يكون المثل الأعلى الذي يحذو الأطفال الكبار أو الشباب الصغار حذوه.
في مدرسة أجنبية اكتشف جاري أنهم يجعلون الأطفال يصلون أمام المذبح كل صباح.. كان معظمهم مسلمين.. وذهب الجار يحتج.. وتمسكت ناظرة المدرسة المسيحية بموقفها قائلة أن هذا هو سلوك المدرسة منذ خمسين عاما.. وهدد الرجل وتوعد.. واضطرت الناظرة إلى استثناء المسلمين من الصلاة أمام المذبح.. ابنة الرجل كانت متدينة.. ولست أدرى إذا ما كانت هذه الحكاية قد استفزتها أم أنها طبيعة التدين فيها هي التي دفعتها للتحدي والاتفاق مع مجموعة من زميلاتها على أداء الصلاة جماعة في مسجد المدرسة الخاوي على عروشه، ورتبوا الأمر بحيث لا يقيمون الصلاة في أوقاتها (!!) و إنما وقت الراحة ( الفسحة) حتى لا تتعارض صلاتهم مع الدروس والحصص. قوبل الأمر بالإهمال من الإدارة في البداية وبالسخرية من زميلاتهن المسلمات.. لكن.. شيئا فشيئا ابتدأ عدد المصليات في الزيادة.. ناظرة المدرسة ارتاعت من الظاهرة فحاولت منعها.. أصرت الطالبات.. بدأت الناظرة تكدرهن بصور شتى.. وقال جاري لابنته أنه لن يساعدها و إنما سيتركها تخوض التجربة حتى نهايتها.. ولتتعلم منها كيف تنتصر لدينها في بيئة معادية دون أن تخل بنظام ذلك المجتمع المحيط المعادي..راح عدد الطالبات يزداد.. وتمسكهن بالصلاة يشتد.. كانت قدرتهن على اجتذاب زميلاتهن قد رفع من روحهن المعنوية.. وكانت انتصارهن على ناظرة المدرسة مبعث فخار.. وبدأت الطالبات يطورن الأمر بالاتفاق على حفظ أجزاء من القرآن وتسميعها لبعضهن.. وتبادل الشرائط الدينية.. وفجأة أصدرت ناظرة المدرسة قرارا بأن يشرف مدرس الدين على المسجد ويكون مسئولا عن الصلاة .. بعد أيام رتب مدرس الدين دقائق معدودة للصلاة يغلق قبلها و بعدها المسجد.. احتجت الطالبات فقد كن يقمن أكثر من جماعة حسب ظروفهن.. لكن التضييق ازداد وادعي مدرس الدين لا غفر الله له - بإيعاز من ناظرة المدرسة – أنه يحدد وقت الصلاة بهذه الدقائق ويغلق المسجد فيما عداها خوفا من قيام الطالبات بأعمال مخلة في المسجد.. ولم يكتف بذلك بل كتب طلبا إلى ناظرة المدرسة يوضح فيه وجهة نظره.. معظم الطالبات وربما كلهن لم يكن يفهمن ماذا تقصد المربية الوقحة المجرمة لعنها الله.. واستدعهن الناظرة إلى مكتبها واتهمتهن – شفاهة.. فلم تكن الملعونة تجرؤ على الإفصاح- أنهن يمارسن الشذوذ أثناء الوضوء..
عندما فهمن أصبن بانهيار عصبي..
توقفت الصلاة..
وكان مدرس الدين هو الوجه الآخر لشيخ أزهر ووزير أوقاف..
وكان الوجه الآخر لأجهزة الأمن التي لا ترى بأسا في ممارسة الشذوذ وترى البأس كله في الصلاة..
***
قلنا منذ البداية أن التلميذ ينتمي إلى أسرة من ثلاث: المتدينة المنكوبة.. والمسلمة التي تروعها صور الأسرة المنكوبة.. والأسرة المنحلة..
سوف يحاول التلفاز تذويب الفوارق.. سوف يكون الدين مجال السخرية والاستهزاء وسوف يكون الزنا حبا والمجون تحررا والخلاعة رقيا .. وحتى في التمثيليات الدينية فإنك لن ترى صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابياته و إنما سترى صحابة فاروق حسني وصحابيات صفوت الشريف.. والأمر يحتاج إلى تفصيل في مقال مستقل.
***
في المدرسة أيضا سوف تسقط قيم الطفل الشاب قيمة بعد قيمة ومثلا بعد مثل.. سيتعامل مع المدرس الذي لا يسمح له بالنجاح إلا إذا أخذ عنده درسا خصوصيا.. وسيذهب البعض للشكوى للناظر أو المدير.. وسيكتشفون بعد عناء أن الناظر أو المدير يحصل على إتاوة من المدرس الذي يعطي دروسا خصوصية بينما لا يحصل على شئ من المدرس الذي يحترم نفسه وعمله فلا يعطى مثل تلك الدروس.. وسيكتشفون كم ينكل المدير بمثل هذا المدرس.
سوف يكتشف الطالب أيضا أن أجهزة الأمن التي لا تغيب عنها شاردة ولا واردة في أمور الدين والصلاة قد تركت تجار البانجو والمخدرات يرتعون أمام المدرسة مع دلائل مؤكدة على تستر الأمن مقابل اشتراكه في الأرباح [8].
***
يلتحق البعض بالجامعة.. البعض الآخر يتوقف عند التعليم المتوسط لينضم إلى حشود هائلة من العاطلين يستفزهم التلفاز بإعلاناته السفيهة ويحرمهم الأمن من البحث عن ملاذ في المسجد فتتزايد حالات الانحراف والشذوذ والإدمان..
الذين يذهبون إلى الجامعة سيرون وجها أكثر بشاعة للحياة حيث يتحكم الأمن في كل كبيرة وصغيرة.. لكنهم قبل أن يذهبوا يفاجئون بآبائهم و أمهاتهم يجعلونهم يقسمون الأيمان المغلظة ألا يتورطوا في السياسة ولا في صلاة الجماعة أو الانضمام إلى أي نشاط ديني.
***
رغم أنني أكره بمجامع قلبي عهد جمال عبد الناصر إلا أنني أشهد كم كان الحرس الجامعي أيامها يهاب الطلبة ويتجنب الاحتكاك بهم مهما استفزهم الطلبة.. نعم .. كان ضابط الحرس الجامعي يهاب الطالب[9].. وعشت حتى رأيت في عهد مبارك عميدا لكلية جامعية كنت أستقل معه سيارته.. كنت في المقعد الخلفي.. وكان ضابط الحرس في الكلية يجلس على المقعد المجاور للعميد الذي كان يقود السيارة بنفسه.. وكنا كلما توقفنا هرول العميد كي يفتح باب السيارة لضابط الحرس!!.
كان العميد كالأساتذة كوكلاء الجامعة ورئيسها يعلمون أن قرارات ترقيتهم وتعيينهم لا يمكن أن تتم دون موافقة الحرس الجامعي وترشيحاته.
الحرس الجامعي هو وجه أجهزة الأمن في الجامعة.. وهو يتألى على الله لا غفر الله لهم.. فيعز ويذل ويخفض ويرفع..ابتداء من أصغر القضايا إلى أجلها و أعظمها.. إنه يحدد قوائم اتحادات الطلبة فيمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء.. وعندما تأتي الانتخابات يقوم بالتزوير كي تنجح أسماء بعينها.. وهو لا يختار تلك الأسماء اعتباطا.. وإنما يفرز الطلبة منذ التحاقهم بالجامعة إلى عدة فئات.. فئة خاملة لا خطر منها ولا تأثير لها ولا اهتمامات على أي مستوى أو تنحصر اهتماماتها في لعب الكرة ومغازلة الزميلات.
***
تبقى فئتان: فئة منحة نشطة يقربها الأمن ويمنح أعضاءها مرتبا شهريا ويكلفه بمهام معينة وسط الطلبة منها التجسس عليهم أو إفشال مؤتمر لنصرة فلسطين أو العراق – على سبيل المثال – وكتابة تقارير لأجهزة الأمن عن الناشطين والمتدينين[10]... هذا القسم هو الذي سينمو باستمرار بعد ذلك، هو الذي سيتم توصية الأساتذة عليه كي ينجح بتفوق.. هو الذي سيغل المناصب في اتحادات الطلبة .. هو الذي سيعين كأعضاء لهيئة التدريس في الجامعة.. وبعد ثلاثين عاما سيشكل هيكل الجامعة كلها من أساتذة وعمداء ورئيس جامعة..
لكن..
ليس علينا أن ننتظر ثلاثين عاما..
لأن الموجودين اليوم هم الذين تمت تربيتهم بهذه الطريقة منذ ثلاثين عاما.
الفئة الأخرى هي فئة الملتزمين.. مجرد الالتزام الهادي الذي يشكل الحد الأدنى للمسلم الحقيقي.. هذا الحد الأدني تعتبره أجهزة الأمن تطرفا و إرهابا..
أفراد هذه الفئة يسحقون سحقا.. ينكلون بهم كي يكونوا عبرة.. ويفتحون لبعضهم ثغرة كي يكونوا جواسيس على زملائهم.
حكى لي بعض الطلاب أن الأمن كان كثيرا ما يفتش غرفهم في المدينة الجامعية،، وأنه كانت تحدث أثناء التفتيش حركة محمومة حيث يهرع الملتزمون إلى المنحلين يستعيرون منهم المجلات الفاضحة والصور العارية وشرائط الجنس كي يضعوها في غرفهم دليلا أمام أجهزة الأمن على براءتهم.
كانت أجهزة الأمن تغفر كل ذنب وتعفو عن كل جريمة وتتجاوز عن كل خطأ إلا أن يكون هذا الخطأ اقتناء لكتاب في الفقه أو التوحيد.. بل كان مجرد وجود المصحف دليل اشتباه يستوجب منهم اليقظة والحذر والمتابعة.
منذ دخول الطالب إلى الجامعة لن تحدث حركة دون موافقة الأمن عليها.. هو الذي سيحدد مواعيد الامتحانات بل طريقة التدريس التي تشغل الطالب طول العام بالامتحانات بغض النظر عن التحصيل كي لا يكون أمامه أي وقت لمحاولة فهم أي شئ في مجتمعه.
كان نظام الفترتين سبيلا إلى ذلك و أحد أعمدة انهيار التعليم في الجامعة لكنها أوامر الأمن.
لن يعين معيد ولا عميد ولا رئيس جامعة إلا بموافقة الأمن وترشيحه.
بل لن يسمح لطالب بالتحاق بالدراسات العليا دون موافقة الأمن.. ولن تعلن نتيجته إلا بعد موافقة الأمن..
بل لقد بلغ الأمر في الأعوام الأخيرة إلى ما لا يمكن تصوره.. إذ أن نتيجة الطلاب لا تعرض على مجلس الكلية لاعتمادها قبل أن يعتمدها الأمن .. أما ما يفعله الأمن فهو أنه لا يسمح أبدا للملتزمين من الطلاب بالاحتفاظ بترتيب متفوق.. نعم.. يقوم الأمن بتغيير الدرجات وترتيب الطلاب كي لا يسمح للمتدينين بالمنافسة على وظائف المعيدين والمدرسين المساعدين، وهذا هو مفهومهم في تجفيف المنابع.
هذا الانهيار في المبادئ والقيم لا يتم بلا ثمن.. وإذا كان من الممكن أن يتم تغيير الدرجات والترتيب مجاملة للحاكم والسياسة فلماذا لا يتم مجاملة للأساتذة وضباط الأمن الذين يشغل أبناؤهم كل المراكز الأولي.. كلها بلا استثناء.. بلا محاولة لذر الرماد في العيون.. بل إنني والله على ما أقول شهيد رأيت ما هو أغرب من ذلك.. رأيت طلبة حصلوا على الثانوية العامة بمجموع خمسين في المائة وحصلوا على بكالريوس الطب بامتياز وكانوا من الأوائل..أحد هؤلاء الناجحين بخمسين بالمائة.. لم يكن خريج القسم العلمي بل الأدبي!!.. أما كيف تم ذلك فبالمال والسلطان والنفوذ والفساد.. التحاق بكلية طب في رومانيا لعام واحد..تحويل إلى كلية طب محلية بتعضيد وتوصية من مسئول كبير.. معظم هؤلاء الطلبة لم يستخرجوا جوازات سفر من الأصل.. تم الأمر كله على الورق!!..
وسط هذه المباءة من الفساد انهار التعليم كله..
أصبح أخس الطلبة – بغض النظر عن مستواهم العلمي الذي لا يحدده مستواهم بل أجهزة الأمن- هو الذي يختار لوظائف المعيدين والمدرسين المساعدين.. فإذا أفلت أحد من الرقابة الصارمة فإنه لن يفلت من المصفاة التالية حيث يختار أخس المعيدين والمدرسين المساعدين لشغل وظائف المدرسين.. ثم يختار أخس المدرسين ليكونوا أساتذة مساعدين.. ثم أخس الأساتذة المساعدين ليكونوا أساتذة ثم أخس الأساتذة ليكونوا رؤساء أقسام ثم أخس رؤساء الأقسام ليكونوا عمداء كليات ثم أخس عمداء الكليات ليكونوا رؤساء جامعة.
متوسط الدخل الرسمي لرئيس الجامعة ثلاثمائة ألف جنيه..
الدخل الرسمي..
لا نتحدث عن العمولات والسرقات والرشاوى..
ثلاثمائة ألف جنيه..
ليس في العام..
ولكن..
في الشهر..
وهذا ليس مرتبا مقابل عمل.. و إنما أجر نخاس يبيع شرفه وطلبة جامعته وعلمه..
لهذا فسدت الجامعة.. ووقفت مع الكفر ضد الإيمان.. مع الطغاة ضد الأمة.. وتبنت مناهج تعليم الغرب وكل وجهات نظره فينا فانفصلت عن الأمة وازدرتها.. وسقطت.
***
إنني أعيد التكرار والتنبيه أنني أذكر الأمثلة على سبيل الاستدلال لا الحصر..
و أن ما يحدث في الجامعة يحدث في كل مجال آخر.. ولعل ما يحدث في الأماكن الأخرى أشد بشاعة.
***
الذين لا يعينون في وظائف الجامعة وهم الغالبية العظمى ينقسمون إلى قسمين: الأغلبية الكاسحة تنضم إلى جيش العاطلين.. أما الأقلية التي رعاها الأمن.. الجواسيس والعملاء.. فإن الأمن يدفع بهم إلى أجهزة الدولة المختلفة ليواصلوا علاقاتهم وخدماتهم للأمن من أماكن أخرى..
من هذه الأماكن على سبيل المثال: الصحافة والإذاعة والتلفاز.. وتبدأ دورة أخرى من دوائر الفساد والإفساد.
أحد أصدقائي المقربين وكان يشغل منصبا هاما في صحيفة حزبية خاضت مع الحكومة معارك ضارية قال لي وهو ينفس عن همه:
- لقد خضنا هذه المعارك كلها و 60% من الصحافيين في الصحيفة يتبعون جهاز الأمن.
***
لقد توسعت في مأساة الجامعة لكي أقول الآن أن هذه الدورة تتكرر في كل مكان في ربوع الوطن.. الوطن الكبير من المحيط إلى المحيط.. قد تختفي بعض تجليات الظاهرة لتحل محلها أخرى.. وقد تختلف بعض تفاصيلها.. لكن الأمر هو هو.. ولست أدري كيف غاب العقل والضمير والدين على أجهزة الأمن تلك.. خاصة بعد ما تمزق الغشاء وانكشف الغطاء ولم يعودوا يستطيعون الادعاء أنهم يحمون مبارك أو الأسد أو عبد الله.. تمزق الغشاء وانكشف الغطاء وانفجرت الفضيحة لأنهم يهزمون أمتهم ويهدمون دينهم لصالح أمريكا و إسرائيل.
نعم..
في مثل بلادنا يدفع الأعداء الجيش والبوليس ليكونا كما أرادت لهما بروتوكولات حكماء صهيون.. أن يكون الجيش فئرانا مذعورة .. و أن يكون البوليس كلابا مسعورة.. و أن تكون الأمة شراذم محاصرة مأسورة..
***
بالطبع هناك استثناءات باهرة.. وكما يسقط الشيطان بالغواية العابدين يتنبه بعض العابثين فيئوبون إلى ربهم ويعودون إلى رشدهم ليسببوا للجهاز الغبي الباطش الجبار المشاكل.
من ناحية أخري لم يعد هناك أي معنى لاستقلال الأجهزة والسلطات ما دام 60% على الأقل ممن يشغلون أهم المناصب يتبعون الجهاز الباطش الجبار.
نعم..
60% في مصر.. وحال مصر أفضل من سواها.. فإنني أحسب هذه النسبة في سوريا 80% أما في تونس فربما كانت 100%.
البلد الوحيد الذي برئ من ذلك إلى حد كبير هو شعبنا في الجزيرة العربية.. أحفاد الصحابة.. ولنلتفت إلى أن مهلة ولي العهد لم تؤثر إلا على ستة فقط..
ليس معنى ذلك أنني أدافع عن الجهاز الباطش الجبار في المملكة.. بل لعلى أدرك أنه أكثر جهلا وقسوة وإجراما جبروتا من نظيره المصري– الذي كان معلما له في يوم من الأيام في مدرسة التعذيب الأمريكية-..ولا أقلل أيضا من خطورة الجواسيس والعملاء الذين يتسترون خلف مصطلحات كالإصلاحيين أو حتى العلمانيين.. أدرك خطورتهم خاصة عندما تدعمهم الدولة – زاعمة العكس- ويدعمهم الخارج.. إنما أقصد قوة إيمان أهلنا في الجزيرة.. ذلك هو الهدف الرئيسي الآن.. وهذا الهدف مطلوب تفتيته وتحطيمه.
***
أريد أيضا أن أقول لكم يا ناس أن ما نحسبه هجوما مفاجئا بعد 11 سبتمبر إنما هو هجوم قديم مخطط سبق الإعداد له منذ عشرات الحقب.. وأن له مئات الفروع والروافد.. فرع منها على سبيل المثال تحرير المرأة ( كل امرأة نادت بهذا المصطلح تقع بين الكفر والفسوق) لأن المقصود فعلا تعهير المرأة.. وفرع آخر حقوق الإنسان.. والمعنى بعد " أبو غريب" لا يحتاج لبيان.. وفرع يحمل اسم الديمقراطية ..و..و.. وأن كل هذا استعمل منذ استعمل لتفتيت وحدة الأمة.. كانوا يعلمون أن الإسلام هو الضام القوي الذي يكبح كل التناقضات وكانوا يخططون لدفع الأمة لتركه أو على الأقل لعزله في المساجد ليضعوا مكانه شعاراتهم الجوفاء التي خدعت البعض منا .. أما البعض الآخر فقد أقدم عليها وهو يعلم أنه الكفر..
تحت مظلة الإسلام وبمرجعيته لم تكن الكويت تستطيع الاستعانة بكافر على مسلم لكنها براية القومية الخفاقة في الوحل فعلت..
تحت راية الإسلام كان الأكراد يدافعون عن الدولة العثمانية وتحت راية القومية أصبح منطقيا أن يطالبوا بدولة.. قومية ( منطقيا.. ولكن ليس صوابا ولا حلالا).. نفس الشيء ينطبق على البربر والأفارقة.
نعم الهجوم مخطط له منذ مئات السنين وينفذ بدأب شديد وصبر أشد كي لا يفلت العيار ويصحو المسلمون فينقلب السحر على الساحر..
في السودان على سبيل المثال.. سمحت بها أوروبا لمحمد على كي تلهيه عن تكوين دولة عربية ( دعنا الآن من الوحدة التي ربطت بين البلدين منذ أعماق التاريخ.. منذ تحتمس الثالث على سبيل المثال).. سمحوا بوحدة مصر والسودان لكن إلى حين.. وبدأت المناوشات بحوردون عام 1877 تمهيدا لاحتلال مصر نفسها عام 1882.. والضربة الثانية كانت اتفاق الحكم الثنائي عام 1898.. والضربة الثالثة كانت تصرفات انقلاب 23 يوليو في مصر تحت ضغط الأمريكيين والبريطانيين.. وكان موقف مصر الأحمق ضد الإسلام بلا عقل في السودان خاصة.. لأن الإسلام في السودان متعدد الأعراق والأديان هو السبيل الوحيد للمحافظة على الدولة.
المعول الأخير لتفتيت السودان يأتي على يد عسكري آخر هو البشير وهو الخطوة المكملة لما فعله صلاح سالم وجمال عبد الناصر.
يقول فاروق جويدة: " كان من أسباب الجفوة أيضا , محاولات الخلط بين التيارات الإسلامية في مصر والسودان .. ان الدين في السودان يختلف تماما عنه في مصر , لأن الشعب السوداني يعتبر الدين مصدر حماية أمام ضغوط كثيرة قادمة من الجنوب تساندها كيانات دولية ضخمة .. وكان الشعب السوداني يعتبر نفسه حامل راية الإسلام في القارة السوداء .. وفي الفترات التي اشتبكت فيها ثورة يوليو مع التيارات الإسلامية في مصر في مراحل مختلفة كان ذلك من أسباب التوتر في العلاقات المصرية ـ السودانية رغم أنه من الثابت أنه لا توجد علاقة ما بين التيارات الإسلامية في البلدين."[11]
كان اللواء محمد نجيب يفهم ذلك.. لكن جمال عبد الناصر لم يفهمه فساهم مساهمة كبرى في الدفع إلى الهاوية.. إلى تفتيت السودان.
إذن .. عندما نتكلم عن تفتيت السودان اليوم لا بد أن نبدأ التفكير فيما حدث منذ مائتي عام على الأقل.
نفس الأمر ينطبق على تفتيت الجزيرة العربية و أي بلد إسلامي آخر.. وما توسعت في متابعة حال نموذج للإنسان مصري منذ ولادته إلا لكي أنبه و أحذر.. فكل دول عالمنا الإسلامي تسير على نفس الطريق وإن اختلفت المسافات التي قطعوها والمحطات التي يقفون الآن عليها.
***
نعود إلى مصر..
نعود إليها كنموذج لما سيصير إليه حال الجميع لو استمرت الأمور على ما هي عليه..
ذلك أن مصر لم تعقم.. ولم تستسلم كلها..
كان هناك دائما من يحاول الخروج على النمط الذي حددته أجهزة الأمن.. ولنقرأ معا ماذا يحدث لهم أو بالتحديد ماذا حدث لبعض الشباب الذي نهض لا لكي ينازع الطاغوت سلطانه – غير الشرعي- و إنما ليحتج على الغزو الصليبي الأمريكي للعراق..:
"قالت ثلاث من أهم المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان اليوم إنه يجب على السلطات المصرية اتخاذ إجراءات فورية لوضع حد لما يكابده المتظاهرون ضد الحرب من الاعتقالات وصنوف التعذيب المستمرة".
منال خالد , تحمل صورة زفافها الذي تم منذ عشرة أيام فقط .. القي القبض عليها وعذبت وتم تهديدها بالاغتصاب .
التقى المحامون بمنال خالد أثناء اقتيادها من قسم الشرطة؛ فقالت لهم، والدموع تنهمر من عينيها، إنها تعرضت لـ"علقة موت"، وإن الرجال يُسحقون سحقاً بالداخل. وفي وقت لاحق، قالت منال خالد للمحامين إن ضباط قسم الخليفة هددوها هي ومعتقلتين أخريين بالاغتصاب. وذكر أحد المتهمين، وهو جمال عيد، للمحامين في جلسة تجديد أمر اعتقاله إن الضباط ضربوه ضرباً شديداً بعصا حتى انكسرت على جسمه؛ كما قال إنه اشتبه في وجود كسر في ساعده فطلب عرضه على طبيب، ولكنه حُرم من الرعاية الطبية.
هذا، وقد استمرت موجة الاعتقالات منذ اعتقال المئات من النشطاء والمتظاهرين، بالإضافة إلى المتفرجين والمارة، أثناء المظاهرات المتفرقة المناهضة للحرب التي جرت في شتى أنحاء القاهرة يوم الجمعة الموافق 21 مارس/آذار الجاري؛ وردت الشرطة على المظاهرات باستخدام القوة المفرطة، حيث تعدت بالضرب على الكثيرين من المشاركين فيها، واعتقلت أعداداً كبيرة منها. كما احتلت الشرطة مقر نقابة المحامين نحو ست ساعات، واعتقلت المحامين خارج المقر وداخله؛ واقتيد المعتقلون إلى معسكر الأمن المركزي في حي الدراسة وإلى المقر الرئيسي لمباحث أمن الدولة في حي لاظوغلي. وقد أُفرج عن بعض هؤلاء المعتقلين، فيما أحيل 68 آخرون إلى النيابة العامة أو نيابة أمن الدولة. غير أن عدداً غير معروف من الأشخاص لا يزالون رهن الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، مما يشكل انتهاكاً لما ينص عليه القانون من ضرورة إحالة المعتقلين إلى مكتب النيابة في غضون 24 ساعة منذ القبض عليهم.
ولا يزال العدد الإجمالي للمعتقلين ومكان اعتقالهم طي المجهول؛ فمن المحتمل أن يكون بعضهم لا يزالون محتجزين في معسكر الأمن المركزي بالدراسة، ويُعتقد أن البعض الآخر محتجزون في سجن طرة المحكوم؛ وثمة آخرون من المحتمل أن يكونوا محتجزين في مختلف أقسام الشرطة بالقاهرة. ومن بين المعتقلين ما لا يقل عن ثلاثة أطفال دون الخامسة عشرة وجهت إليهم نيابة قصر النيل الاتهامات يوم 22 مارس/آذار، بالإضافة إلى فتاة في السادسة عشرة من عمرها وجه إليها مكتب نيابة الأزبكية الاتهام. وقد تلقت منظمة هيومن رايتس ووتش في 21 مارس/آذار معلومات من المحامي جمال عيد، أثناء احتجازه في معسكر الأمن المركزي بالدراسة، مفادها أن ثمة أطفالاً في الخامسة عشرة من عمرهم محتجزين في زنزانة واحدة مع الكبار.
وفي 23 مارس/آذار، اعتقلت السلطات المزيد من الناشطين، اقتيد الكثيرون منهم من منازلهم، ومن بينهم اثنان من النواب المعارضين في مجلس الشعب المصري. وأحيل سبعة من المقبوض عليهم، من بينهم النائبان المعارضان، في نفس اليوم إلى مكتب نيابة أمن الدولة. وفي صباح الثلاثاء الموافق 25 مارس/آذار، اعتُقل عدد غير معروف من طلاب جامعة القاهرة، واقتيدوا إلى فرع مباحث أمن الدولة بشارع جابر بن حيان في الجيزة. وادعى طالب أخلي سبيله أن بعض الآخرين الذين لا يزالون محتجزين هناك تعرضوا للتعذيب لإجبارهم على الكشف عن مكان كمال خليل، وهو من النشطاء ضد الحرب.
وأعربت المنظمات الثلاث عن بالغ قلقها بشأن ما ورد من أقوال تفيد بتعرض المتظاهرين للضرب أثناء القبض عليهم ثم أثناء احتجازهم. وفيما يلي أمثلة من ذلك:
تعرضت الناشطة منال خالد والمحامي زياد عبد الحميد العليمي للضرب المبرح عند القبض على كل منهما في 21 مارس/آذار. وذكرت منال خالد أيضاً أن ضابط أمن الدولة العميد حسام سلامة هددها بالاغتصاب عقب القبض عليها. وقد التقى طبيب من مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، وهو من المنظمات غير الحكومية المصرية، بكلا المعتقلين في قسم شرطة الأزبكية يوم 22 مارس/آذار، وقال لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن منال خالد أصيبت إصابة خطيرة في إحدى عينيها، بينما كان العليمي مصاباً بكسر في الذراع. وقالت منال خالد للمحامين والنشطاء في 25 مارس/آذار إنها حرمت من حقها في أن تُعرض على طبيب شرعي لإثبات الإصابة؛ وقال لها مفتش صحة إنها مصابة بتجمع دموي أسفل العين اليمنى، ونصح بعرضها على طبيب عيون، ولكنه لم يعالجها ولم يتحقق من تلقيها الرعاية الطبية اللازمة. وذكر زياد عبد الحميد العليمي أن أحد مفتشي الصحة قال له إن ذراعه مصاب بثلاثة شروخ، ولكنه لم يعالجه ولم يتحقق من حصوله على الرعاية الطبية اللازمة. وقد تعرض كلاهما للضرب مرة أخرى لاحقاً في قسم شرطة الخليفة ..
ورد أن خمسة معتقلين على الأقل قد تعرضوا للتعذيب بالصدمات الكهربائية في مقر مباحث أمن الدولة بلاظوغلي بين منتصف الليل والثانية والنصف من صباح السبت الموافق 21 مارس/آذار 2003. · تعرضت نورهان ثابت، وهي طالبة حامل بجامعة القاهرة، للركل أثناء القبض عليها في 22 مارس/آذار 2003، وأثناء احتجازها لدى الشرطة معصوبة العينين ومقيدة اليدين.
من بين المعتقلين الثمانية والستين الذين أحيلوا إلى النيابة حتى الآن، عُرض 12 على نيابة الأزبكية، وصدر أمر باعتقالهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات في 22 مارس/آذار؛ وتم تمديد اعتقالهم لمدة أسبوع آخر في 25 مارس/آذار. وأحيل 49 إلى نيابة قصر النيل ونيابة الجمالية، وصدرت بحقهم أوامر اعتقال لمدة 15 يوماً. أما المعتقلون السبعة الباقون فقد أحيلوا إلى نيابة أمن الدولة في 23 مارس/آذار؛ وصدرت ضد السبعة جميعاً أوامر اعتقال لمدة 15 يوماً، ومن المحتمل إحالتهم إلى محكمة أمن الدولة التي لا يجوز استئناف أحكامها، ولا يمكن نقضه إلا بأمر من رئيس الجمهورية.
وقد وُجِّهت إلى جميع المعتقلين الثمانية والستين الذين أحيلوا إلى النيابة تهمة المشاركة في تجمهر لأكثر من خمسة أشخاص، بموجب قانون التجمهر الذي يرجع إلى عام 1914.
***
لقد تعمدت في المثل الذي أوردته على الفور أن لا يكون الضحايا من الاتجاه الإسلامي..
تعمدت ذلك..
فلدي أجهزة الأمن في العالم الإسلامي فتوى من الموساد والمخابرات الأمريكية أن ذبح المسلمين واجب.. بل فرض..
والنموذج السابق يتعلق بطائفة واسعة من المجتمع.. ولم يكن ضد نظام الحكم.. ومع ذلك عومل بهذه القسوة..
إنني أريد أن أقول أن من فعل جهاز الأمن ذلك لصالحه.. هو الذي يملك أمر هذا الجهاز ويرأسه...
أمريكا و إسرائيل..
و أريد أن أقول أن خبرة الدولة المصرية الحديثة منذ محمد علي باشا سنة 1805 حتى اليوم قامت على سعي الدولة الحثيث لتفليس المجتمع وإفقاده قوته وقدراته الذاتية. فقد سعت الدولة المصرية إلى ترسيخ وجودها على حساب المجتمع، من خلال تدمير مؤسسات المجتمع الطبيعية أو الأصيلة[12] ولما كانت الدولة مخترقة بالدول الأوروبية ثم ببريطانيا ثم بأمريكا ثم بالاتحاد السوفيتي ثم عادت إلى أمريكا مرة أخري فقد كانت الأمة تفتت باستمرار لصالح هذه القوى.
***
ويتناول تقرير المنظمة المصرية المتابعة الميدانية لظاهرة التعذيب في مصر خلال الفترة من أبريل 2003- أبريل 2004 . وفي هذا الإطار، رصدت المنظمة (42) حالة تعذيب داخل أقسام ومراكز الشرطة بينها (16) حالة وفاة توافرت لدى المنظمة شكوك قوية أنها نتيجة التعذيب وإساءة المعاملة.
كما يتناول هذا القسم أيضاً قراءة تحليلية لظاهرة التعذيب في مصر خلال الفترة من 1993-أبريل 2004 ، وفي هذا الإطار رصدت المنظمة حوالي (412) حالة تعذيب من بينها (120) حالة وفاة توافرت لدى المنظمة شكوك قوية أنها نتيجة التعذيب وإساءة المعاملة.
ورغم رصد المنظمة المصرية لاتجاه الحكومة بإحالة قضايا التعذيب إلى القضاء منذ عام 2000 ، إلا أنه يلاحظ إصدار أحكام قضائية مخففة على المتهمين بسبب القصور التشريعي في مواجهة ظاهرة التعذيب .
وأوضح زارع في مداخلته بان مركزه قد سجل العام الماضي 1124 حالة تعذيب ضد مواطنين ارتكبت داخل مراكز الشرطة او في مقرات جهاز أمن الدولة المصري، مشيرا إلى أن هناك اكثر من 70 وسيلة تعذيب يتم استخدامها في هذه الأماكن.
ومن ناحيته دافع اللواء فؤاد علام رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق عن سجلات الشرطة التي نفي أنها تمارس التعذيب بشكل منهجي. وقال علام أثناء الندوة التي يأمل المشاركون ان تركز الانتباه علي قضايا التعذيب قد تكون هناك سلبيات ولكن هذا لا يعني أن الصورة قاتمة تماما .
***
فؤاد علام هذا من كبار الجلادين وقيل أنه قتل بيديه الكثيرين منهم الشهيد كمال السنانيري زوج شقيقة الشهيد سيد قطب..
جلاد من كلاب النار..
( ويا أخي المهندس محسن من الجزيرة العربية.. توصيني بعدم السب.. وتجعلني أكشف لك أمرا.. فو الله ما أسبهم للتنفيس عن ضيق.. ولا للتعبير عن غضب.. ولكنني أخشى أن يفلتوا من عقاب الأرض – مع يقيني بعقاب السماء- فأحاول استدراجهم لرفع قضايا سب وقذف ضدي كي أستطيع إثبات جرائمهم وكشف الستر عنها.. ويعلم الله أنني أفعل ذلك مدركا أنني يمكن أن أُسجن في أي مرة فحال القضاء والنيابة ما تعلمون.. وعلى كثرة وقسوة ما أسبهم فلم يجرءوا أبدا على مقاضاتي إلا مرة واحدة في قضية " وليمة لأعشاب البحر عندما سببتهم بأشد الألفاظ قسوة .. بل وذكرت آباءهم أيضا( أرجوك أن تراجع صحيح الجامع في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في سباب بعض المشركين على آبائهم) ومع ذلك انسحبوا من المحكمة مذعورين خوفا من أن تدينهم المحكمة: وتذكر أن من حكم بكفر نصر حامد أبو زيد كانت محكمة النقض وليس الأزهر(.
***
ولنتناول في تقرير آخر ماذا حدث للإسلاميين:
"تعذيب متهمي الإخوان المسلمين في مصر"
القاهرة:سامح سامي
تقدمت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أول أمس ببلاغ للنائب العام حول واقعة تعذيب سبعة من المتهمين في القضية رقم 462 لسنه 2004 حصر أمن دولة عليا المعروفة باسم " تنظيم الإخوان المسلمين".
أفادت فيه بأن المذكورين متهمون في تلك القضية ومحبوسون على ذمتها حبساً احتياطياً ورغم ذلك تم اقتيادهم بمقر مباحث أمن الدولة فرع مدينة نصر ولذلك توجه محامو المنظمة لحضور تحقيقات النيابة معهم أثناء نظر أمر استمرار حبسهم احتياطياً وذلك يومي 12 و13 /6/2004. وأثناء عرض المذكورين على نيابة أمن الدولة العليا أثبت المذكورون أمام النيابة وقائع التعذيب وبحضور وشهادة محامو المنظمة حيث أنه بتاريخ 3/6/2004 تم إخبارهم أنهم مطلوبون لاستكمال التحقيقات وتم اقتيادهم من محبسهم بسجن مزرعة طرة إلى سجن الاستقبال حيث مكثوا هناك قرابة الأربع ساعات حتى تم نقلهم من سجن الاستقبال إلى مقر مباحث أمن الدولة بمدينة نصر.
وذكر التقرير أنهم تعرضوا للعديد من ممارسات التعذيب منها :
1- تكبيل أيديهم من المعصم في الوضع خلف الظهر كما تم وضع عصابات صوفية سميكة على أعينهم لحجب الرؤية.
2- نزع ملابسهم عنهم بالكامل وظلوا على هذا الوضع المهين طوال الفترة الممتدة من 3/6 وحتى 10/6/2004.
كما أفادوا بأنهم ظلوا في وضع التكبيل من المعاصم طوال فترة الاحتجاز و التعذيب مما أعاقهم عن الكثير من العمليات الحيوية اليومية اللازمة للإنسان كقضاء الحاجة أو الاستحمام فضلاً عن صعوبة النوم في هذا الوضع.
3- الصعق الكهربائي في مختلف أنحاء الجسد على النحو التالي:
-الوضع "إستاكوزا" وفيه يتم توصيل الأسلاك في أطراف أصابع القدمين وفي الرأس مما يتسبب في مرور التيار الكهربائي في الجسد دورة كاملة.
-الوضع "أبو غريب" وفيه يتم توصيل التيار الكهربائي في كل من الأعضاء التناسلية وحلمتي الصدر للمعذبين.
4- التعليق من الذراعين و القدمين على ماسورة حديدية في وضع يسمى "الشواية".
5- التهديد بإحضار الزوجات والإناث من الأبناء وتعريضهم للإيذاء الجنسي على أيدي ضباط مباحث أمن الدولة ومعاونوهم.
هذا فضلاً عن الضرب بالأيدي والركل بالأرجل في سائر أنحاء الجسم والصفع المتواصل على مؤخرة الرأس و الرقبة والخدين لمنع المعذبين من التفكير والإجابة بشكل مرتب أو منظم.
وقد نجم عن هذه الأساليب التعذيبية إصابة البعض منهم بالإصابات التالية : محمد إسماعيل سعد: يعاني من تبول لا إرادي نتيجة صعقه بالكهرباء في عضوه الذكري لفترات طويلة. هذا فضلاً عن أن المذكور يعاني من ربو شعبي ويحتاج دائماً لوجود البخاخة الطبية في متناول يديه وهو ما منع منه وعندما أصيب بنوبة سعال حادة قام الضباط بإفراغها في الهواء بالقرب من وجهه وسط ضحكاتهم المستهزئة بمحاولته المستميتة لاستنشاق أكبر قدر من العقار من الهواء وذلك على حد ما جاء بأقواله.
مصطفى طاهر الغنيمي: أصيب بكسر في يده مع عدم مقدرته على الوقوف لمعاناته من اختلال في التوازن نجم عن الصفع المتواصل على الأذن.
محمود زين العابدين: أصيب بكسر في الذراع الأيمن.
خالد عيد الشامي: مصاب بكسر في الضلوع.
وقد شهد محامو المنظمة الكثير من أوجه التعسف مع المتهمين حيث رفض السيد رئيس النيابة من مناظرة إصابات المواطن/ محمد إسماعيل سعد.
***
وانظر أيها القارئ إلى تلك الوحشية الفاجرة الكافرة.. لأن كل مسلم بل كل إنسان على ظهر الأرض قد أدمى ضميره ما حدث لإخوتنا في أبو غريب..
لكن وحوشنا يسمون نوعا من أنواع التعذيب باسمه جرأة على الله وعلى حدوده.. جرأة على الوطن وعلى الأمة وعلى الدستور وعلى القانون.. أي قانون حتى قانون الطاغوت المعلن.
ودعوني هنا أصدر فتوى أخري:
إن مرتكب الكبيرة لا يكفر.. إنه فاسق أو عاص.. ولكن من يعذب إنسانا كي يرده عن دين الله ويصرفه عن الإسلام فهو كافر.. وأظن أن ذلك هو ما تفعله أجهزة أمننا من الرباط إلى جاكرتا.. و أرجو أن يعذر بعضهم بالجهل.
***
أوصيك يا أمة مع بداية أي تغيير في أي بلد من بلادك ألا تغفري لهذه الحيوانات المتوحشة أبدا.. و أن تحاكميهم في كل جريمة ارتكبوها لتقيمي فيهم حدود الله..
***
لطالما حيرتني ظاهرة التعذيب في بلادنا.. فالشمول والوحشية والاتساع والفجور الذي اتسمت به لا يعود إلى أي فترة من تاريخنا.. ولا حتى في الجاهلية.. و إن كان ثمة صلة مع الماضي فهي تشبه اضطهاد الرومان للموحدين من أقباط مصر.. أما في العصر الحديث فليس لها سوي أب واحد ولدت منه سفاحا.. هذا الأب هو المخابرات المركزية الأمريكية.
***
نعم..
الشكل واحد.. والمواصفات واحدة..
ولقد فشلنا في كل شئ حاولنا نقله عن الغرب.. إلا الأمن.. وهذه الطرق الوحشية المسعورة في امتهان البشر وخداعهم والكذب عليهم..
فشلنا في كل شئ لكننا نقلنا عنهم القسوة الوحشية المجنونة والخسة التي لا حدود لها وافتقاد المنطق والعقل والضمير..
***
وقد علق د. الشيخ محمد بشار الفيضي، عضو شوري هيئة علماء المسلمين في العراق على مثل هذه الخسة والوحشية بقوله:
إن سلوك القوات الأمريكية في حصارها للفلوجة ربما لم يسجل مثيل له في تاريخ الحروب. فالقوات الأمريكية لم تقتل العراقيين من أهالي الفلوجة بالمئات بل أيضا احتلت مقبرة المدينة ومنعت أهلها من دفن شهدائها، ولم توقع اكثر من ألف جريح بين سكان المدينة فحسب بل أيضا احتلت المستشفي الرئيسي للمدينة ومنعت علاج الجرحى، ولم تفرض حصارا محكما علي مدينة الثلاثمائة ألف نسمة فقط، بل دمرت الإمدادات والمؤن التي أرسلتها مدن العراق الأخرى لإعانة وإغاثة أهلهم في الفلوجة.
وأضاف الضابط أن القوات الأمريكية تعتبر العراقيين غير آدميين, ولا تشعر بأدنى قدر من القلق للخسائر في الأرواح بين المدنيين. وأكد الضابط أن القوات الأمريكية تهاجم أي منطقة تنطلق منها قذائف تستهدف جنودها, حتى لو كانت تلك المنطقة مأهولة بكثافة سكانية عالية, وهو ما تحظره القواعد العسكرية البريطانية.
ووصف الضابط موقف الأمريكيين بأنه مأساوي, ومثير للرعب, ومخجل للغاية. وقال: إن القوات الأمريكية لا تقتل الإرهابيين فقط, ولكنها تقتل وتشوه المدنيين..
وليس هناك أي غريب أو جديد إلا لأن نخبنا العاهرة قد خدعتنا بالحضارة الأمريكية لزمن طويل..
أما الواقع فهو أن الشعب الأمريكي هو أكثر شعوب العالم عبر التاريخ إجراما وانحطاطا وخسة[13].
ولنقرأ أيضا ما يقوله باسل ديوب:
110 مليون إنسان قتلوا من الهنود الحمر ثمناً لصعود إمبراطوريتهم، التي عمدوها بدم السكان الأصليين الممزوج مع صفحات صفرٍ من التلمود والعهد القديم،استندوا إليه في تبرير جرائمهم الخسيسة، وقد تفننوا بقتلهم قبل اختراع أسلحة الدمار الشامل، فقد توصلوا إلى أول سلاح جرثومي في التاريخ، حيث كانوا يقذفون معسكرات الهنود الحمر ومدنهم (كان لديهم حضارة مدنية حقيقية ) بالجثث المصابة بالطاعون والأمراض السارية، حتى تفتك بهم، و كان الأمريكي الأبيض يفخر بجراب تبغه المصنوع من جلد العضو الذكري للهندي الأحمر الأسير، وهكذا بنوا إمبراطوريتهم.[14]"..
***
يا للوحشية والخسة..
حتى عندما لا يكون للوحشية مبرر ولا للخسة داع:
كان الأمريكي الأبيض يفخر بجراب تبغه المصنوع من جلد العضو الذكري للهندي الأحمر الأسير، وهكذا بنوا إمبراطوريتهم.
***
هل تشعر بالاشمئزاز والقرف أيها القارئ؟..
ألم تحس بصلة النسب بين الحيوان الأمريكي المتوحش الذي فعل هذا وبين الحيوان المصري المتوحش الذي ابتدع طريقة أبو غريب في التعذيب؟..
يحسب للأمن السعودي فضيلة عدم المجاهرة بالفحشاء والإثم رغم أن فعله لا يقل ضراوة ووحشية.
هذه السمات المشتركة كما قلت لكم يا قراء دليل لا يدحض على صلة نسب السفاح بين أجهزة الأمن الإسلامية وبين الجهاز الأمريكي الباطش السفاح.
عندما نتأمل عمليات التعذيب الوحشية المجنونة التي تمارسها سلطة تدعي الإسلام ضد المجاهدين سنتذكر على الفور ما مورس في مصر ضد الإخوان عام 1954..
نفس المنهج ونفس الخسة ونفس المخطط ونفس الأهداف..
أيامها كانت السلطة في مصر تكذب وتشهر للقضاء المعنوي على الإخوان بعد سحقهم الجسدي.. وكان ذلك كله بالاتفاق مع أمريكا.
نفس الشيء تفعله السلطات السعودية الآن..
وفي عام 1957 لم تكتف السلطة الباطشة الجبارة بما فعلته فدبرت مذبحة كبرى لإخوان في السجن..
و إنني أظن.. و أحسب أن ظني صحيح أن كثيرا من المذابح التي تحدث في السعودية الآن مفتعل من قبل السلطة بتدبير الأمريكيين لإبطال الجهاد واستئصال شأفة المجاهدين.
نفس ما حدث في المنشية..
ولقد نشرت في مقالتي الماضية شهادة يوسف معكرون عن مذبحة طرة.. والآن أستكمل هذه الشهادات لأختمها في مقالي القادم إن شاء الله..
و أذكرها لا لنبش الماضي ولا استعادة المحن ولا إثارة الإحن بل لأفضح ما يزال يمارس حذو النعل بالنعل في القاهرة والرياض ودمشق وبغداد ,..و..و..
أذكرها لتعلموا كم تكذب بيانات الشرطة وكم تدلس النيابة وكم يظلم القضاء..
أذكرها لا لكي تضموها إلى مقتنيات الذاكرة بل لتعلموا أن ما يحدث اليوم أمامكم يتضمن نفس الكذب والظلم والتدليس.. ولتعلموا أن ولي العهد يسير على خطى عبد الناصر و أخشي أن تنتهي المملكة إلى ذات الكارثة : شعب مضروب واقتصاد منهوب ووطن مسلوب.
و إلى مذبحة طرة:
شهادة الأستاذ مصطفى مشهور:
'في سنة 1957م كان عبد الناصر يخطط لخلع الملك حسين عن طريق الضباط الإخوان في الأردن، فكشفوا هذا المخطط، وأفشلوه فاغتاظ منهم، وأراد أن ينتقم منهم، ومن الإخوان المسجونين في طرة، ففي طرة كان السجناء يخرجون إلى الجبل، لتكسير الحجارة، ثم يعودون، والمريض منهم يأخذ تصريحاً طبياً، كيلا يخرج إلى الجبل.
وذات يوم صدر الأمر بخروج جميع السجناء إلى الجبل، السليم منهم والمريض، فاستغرب الإخوان هذا الأمر، وشكوا في أسبابه، فلم يخرجوا.
كان رد إدارة السجن أن مجموعة من الجنود يحملون الرشاشات، دخلوا على الإخوان في الزنازين والعنابر، وصوبوا الرشاشات نحوهم بعشوائية همجية، فاستشهد منهم واحد وعشرون شهيداً، وسميت 'مذبحة طرة"..
شهادة الأستاذ إبراهيم قاعود:
في أول شهر يونيو عام 1957 وقعت هذه الجريمة البشعة والتي شهدتها زنازين ليمان طره وجرت وقائع هذه الجريمة بعد تدهور العلاقات بين مصر وسوريا وقال عبد الناصر : إن الإخوان المسلمين في سوريا لهم دخل في هذا وكانت يده لا تصل إلي الإخوان في سوريا فصب جام غضبه على الإخوان في مصر وطلب من الضباط أن يضايقوا الإخوان أشد المضايقات (...) فاستدعوا فرق المتطوعين في الجيش بأسلحتهم ووقفوا على سطح العنبر وأخذوا يطلقون النار على من فيه ثم دخلوا إلي الزنازين فقتلوا 22 في تلك الجريمة البشعة وانتهى الأمر بحفظ التحقيق في هذه القضية وقالوا : إنها ثورة في سجن وانتهت المسألة[15] .
وكان (ليمان طرة) أحد تلك السجون التي دخلها الإخوان في سبيل دعوتهم وفكرتهم.. وكان به ما يقرب من (183) أخًا معظمهم من الشبان صغار السن، من طلاب المدارس الثانوية والجامعات الذين كان للشهيد محمد يوسف هواش فضلَ تجميعهم وتنظيمهم بعد أحداث 1954م أثناء فترة هربه.
كما كان يوجد بالسجن بعض الإخوان القدامى من الرعيل الأول كالحاج أحمد البسّ، والذي كان محكومًا عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة.
كما كان من نزلاء السجن أيضًا من الإخوان الشيخ حسن أيوب، والأستاذ حسن دوح، وفي مستشفى الليمان كان يوجد الشهيد سيد قطب، والشهيد محمد يوسف هواش.
وكان يتولى مسئولية الإخوان داخل الليمان الحاج أحمد البسّ، ويعاونه ستة من الإخوان هم (الشيخ حسن أيوب، الأخ حسن دوح، عبد الحميد خطاب، حامد قرقر، عبد الرازق أمان الدين، عبد الحليم حسين).
وكان من تكاليف الإخوان في الليمان الخروج يوميًا للجبل لتكسير الحجارة ونقلها.. حسب كمية معينة مطلوبة منهم تتراوح بين (40- 80) متر مكعب يوميًا.
وكان يقوم على إدارة الليمان مجموعة من أسوأ الضباط.. كانت تحمل للإخوان حقدًا وكراهية شديدة منهم (عبد العال سلومة، عبد الله ماهر، عبد اللطيف رشدي)، وكان مدير الليمان في ذلك الوقت اللواء سيد والي الذي قاد المذبحة بعد ذلك.
التمهيد للمذبحة
افتُعلت مجموعة من الأحداث كانت بمثابة استفزازات للإخوان حتى يوجد المبرر لتنفيذ المذبحة:
- أول هذه الاستفزازات كانت في يوم الأربعاء 22/5/1957م، مُنع الإخوان من صلاة الجماعة في فناء عنبرهم بصورة استفزازية، ثم مُنعت صلاة الجماعة في الأدوار الخاصة للإخوان، ثم مُنعت صلاة الجماعة داخل الزنازين بنفس الصورة.
- وفي يوم الخميس 23/5/1957م مُنع لعب الكرة الذي كان مرخصًا به بنفس الطريقة.
- وفي يوم الجمعة 24/5 ظلَّت الزنازين مغلقة على الإخوان حتى صلاة الجمعة.
- وفي يوم السبت 25/5 حدثت مشادة بين الضابط "عبد العال سلومة" وثلاثة من الإخوان دون داعٍ سوى الاستفزاز.
- وفي يوم الأحد 26/5 قال هذا الضابط نفسه مهددًا بتصريحات غريبة (فيه أوامر عالية بجر الإخوان لمعركة نخلص فيها على ثلاثين.. أربعين..)، وكرر هذه التصريحات بصورة مستفزة.
- وفي يوم الأربعاء 29/5: أثناء إحدى الزيارات لعدد من إخوان شبرا، أخرجت إحدى الأخوات "دجاجة" وأعطتها لأخيها الأخ: عبد الغفار السيد، فثارت ثائرة الضابط عبد الله ماهر وصرخ بصوت مستفز "ممنوع أخذ أي شيء من الزوار"، وأنهى الزيارة.. ووضع القيد الحديدي من الخلف في يد كل أخ من الذين كانوا في الزيارة، وأرسلهم إلى زنازين التأديب وأُرسل أهاليهم إلى قسم شرطة طرة، واتُهموا بإحداث شغب أثناء الزيارة.
- وفي يوم الخميس 30/5 مُنعت الزيارات الخاصة بالإخوان بدون مبرر.
- وفي يوم الجمعة 31/5 أغلقت الزنازين حتى الصلاة، وفي المساء أخرجوا الإخوان الموجودين في مستشفى الليمان، وأعادوهم إلى العنابر، ونبهوا على الجميع بضرورة الخروج للجبل في اليوم التالي: السبت.
أحداث المذبحة (1/6/1957)
في يوم السبت 1/6 والذي حدثت فيه المذبحة.. كان تفصيل الأحداث كالتالي:
"رأى الإخوان أن يتخلصوا من هذه الحالة التي لا تراعي فيها الإدارة أي قانون من قوانين السجون فكتبوا طلبًا للإدارة.. لطلب النيابة للتحقيق فيما يجري معهم، وحددوا ما يطلبون باعتبارهم مسجونين سياسيين على أكثر تقدير.. وسُلِّمت شكاوى بهذا المعنى لكاتب العنبر لتأخذ خط سيرها الروتيني.. وانتظر الإخوان داخل الزنازين حتى العاشرة صباحًا.
ثم طلبت الإدارة أربعة منهم (أحمد ألبس، عبد الرازق أمان الدين، حسن دوح، عبد الحميد خطاب)، وأدخلوهم حجرة وكيل العنبر، فوجدوا مدير الليمان وحوله الضباط، وبيد كل واحد منهم مسدسه، وبعد فترة من الحديث ذهب مدير الليمان إلى مكتبه ومعه الضباط وتركوا الإخوان الأربعة في حراسة بعض الجنود.
وبعد فترة ليست طويلة فوجئ الإخوان بإحضار عدد من السلاسل الحديدية، وبدءوا في سلسلة الإخوان فيها، ثم أخذوا يفتحون الزنازين فيخرج من كل زنزانة ثلاثة من الإخوان يُفتشون ثم يُسلسلون في السلسلة، وهكذا حتى تَمَّ سلسلة خمسة عشر أخًا، وعلى أثر إهانة أحد الضباط لأحد الإخوان، رفض هؤلاء عملية السلسلة هذه، وصعدوا إلى الدور الثالث من العنبر؛ حيث كان يقيد الإخوان وأبواب الزنازين مغلقة عليهم، فاختطف أحدهم- "الشهيد علي حمزة"- المفتاح من الجاويش، وفتح جميع الزنازين، وخرج الإخوان.
وهنا فشلت الخطة التي دبرتها إدارة السجن لإخراج الإخوان بالسلاسل إلى الجبل ثم ضربهم هناك بدعوى قيامهم بالتمرد ومحاولة الهروب، ففكرت الإدارة في خطة أخرى نُفذت بعد ساعتين من فشل الخطة الأولى، وعند صلاة الظهر أُغلقت جميع زنازين الليمان.. ما عدا زنازين الإخوان.. الذين بدءوا الاستعداد لصلاة الظهر.
وفجأة دخلت الكتيبة العنبر، وصعد عدد منهم إلى الدور الرابع الذي يعلو الدور الثالث الذي يسكن فيه الإخوان.. ومن الدور الأول أطلق أحد الضباط طلقة كانت بمثابة إشارة البدء في المذبحة فصاح أحد الإخوان: "فشنك"، ولكن توالى إطلاق النار وسقط بعض الإخوان مضرجين في دمائهم.. وعندئذ صاح أحدهم: "الضرب في المليان يا إخوان.. ادخلوا زنازينكم.. وأغلقوا الأبواب عليكم"، فأسرع الإخوان إلى داخل الزنازين وأغلقوا الأبواب عليهم، واستطاع بعضهم أن يسمكر الأبواب عليهم.
وعندما دخل الإخوان الزنازين صعد بعض الضباط ومعهم جاويش، فكان الجاويش يفتح باب الزنزانة فيدخل الضابط فيطلق النار على مَن فيها بمسدسه، أما الزنزانة المغلقة فيضع في فتحة الزنزانة فوهة مسدسه ويطلق النار على مَن بداخلها، واستمر إطلاق النار ساعة أو أقل قليلاً، بعدها خيم صمت رهيب على الليمان، والجميع في ذهول، واستمر هذا الصمت الرهيب والإخوان في ذهولهم.. بين قتيل مضرج في دمائه.. ومصاب جرحه ينزف.. وثالث ذهب عقله.. ورابع لا يدري هل هو ميت أو حي!!.
وبعد توقف الضرب فتح باب المخزن، وهجمت قوة من الضباط والعساكر على مَن فيه، وأطلقوا عليهم الرصاص، وأجهزوا على الجرحى والمرضى منهم بالشوم، ثم انطلقوا إلى المخزن الآخر، ولكن بابه قد أغلق بفعل رصاصة سمكرت الباب، فذهبوا إلى الزنزانة المجاورة للمخزن الثاني، وأجهزوا على كل مَن كان فيها، ثم صدرت إليهم الأوامر بالانسحاب.
وبقيت هذه الحالة حتى جاء الليل.. وبدأت حركة داخل العنبر بدخول الحراس وفي أيديهم الشموع؛ يبحثون عن حصاد المذبحة.. وكان الحصاد 16 قتيلاً.. و22 جريحًا.
ووقف الحراس والضباط في الطريق الموصل إلى المستشفى يجهزون على المصابين ضربًا بالعصي الغليظة؛ حتى انضم عدد من الجرحى إلى القتلى.. فأصبح عدد القتلى (21) قتيلاً، واتجه تفكير إدارة السجن إلى تفسير الحادث على أنه اشتباك بين الإخوان بعضهم البعض وأن بعضهم قتل البعض الآخر بالسكاكين.. وبناءً على ذلك أخذوا يوسعون مكان الطلقات حتى تكون كالطعن بالسكين، ثم أرادوا أن يصوروا الحادث على أنه اعتداء من الإخوان على الحراس.. ولكن لم يكن بين الحراس حارسًا واحدًا مصابًا.
ولذلك لم يستسغ وكلاء النيابة أيًّا من هذين التفسيرين.. مما اضطر المسئولون إلى استبدال وكلاء النيابة بضباط مباحث تنكروا في هيئة وكلاء نيابة، وحفظوا التحقيق في المذبحة.
وبعد ذلك دخل على المحققين "صلاح الدسوقي"، الذي كان يعمل وقتها أركان حرب وزارة الداخلية، وقال موجهًا حديثه لمدير الليمان سيد والي: "برافوا يا أبو السيد.. أنا كنت متأكد إن مفيش حد يقدر يقوم بهذا الأمر إلا أنت.. أنتم ماخلصتوش عليهم ليه؟!"، فاطمأن الضباط وعلت وجوههم الابتسامات.
وقد فسر الضابط "أحمد صالح داود" ضابط المباحث العامة والذي حضر المذبحة لأحد الإخوان (الأخ محمد الشيخ) أسباب المذبحة بقوله: "إن سبب المذبحة هو أن الإخوان المسلمين بالأردن وقفوا ضد جمال عبد الناصر؛ بأن أفسدوا انقلابًا دبره ضد الملك حسين، فانتقم جمال عبد الناصر من إخوان الأردن بضربكم هنا في مصر".
وكانت النتيجة النهائية للمذبحة كالتالي: 21 شهيدًا.. 23 جريحًا.. 6 فقدوا عقولهم
وأرسلوا لأسر الشهداء لاستلام جثثهم بشرط ألا يعلم عن موتهم أحد، وألا تقام لهم جنائز، ويتم دفنهم ليلاً بحضور أحد الأقارب، وبقيت مقابرهم تحت الحراسة مدة لا يقترب منها أحد[16]
شهادة الدكتور محمد مورو رئيس تحرير مجلة المختار الإسلامي
وهي شهادة ينقلها لنا الصحافي النابه أحمد عبد الهادى
قال مورو :
أبى كان عضوا في الإخوان وقد استشهد في السجن عام1957 في حادث طره .. حيث كان الإخوان معتقلين أيام عبد الناصر .. وعندما اندلعت حرب 1956 طلبوا المشاركة في الحرب حيث قدموا مذكرات لإدارة السجن بذلك .. وكان أبى من بينهم .. وكل الذين قدموا هذه الطلبات تم تصفيتهم إما بالتعذيب أو رميا بالرصاص من غير محاكمات ..
كانت تهمة أبى أن أحد أصدقائه اعتقل ضمن المعتقلين من الإخوان وكان أبى يعمل وقتها في هيئة قناة السويس وكنا نقيم في الدقى .. وحرص أبى على إرسال نصف مرتبه لعائلة صديقه المعتقل عن طريق حوالة بريدية متصورا أن المروءة غير مجرمة ..
وكان أبى وقتها قد شارك في معارك الإخوان عام 1951 في معارك القناة ضد الإنجليز ..
ونظرا لحرص أبى على إرسال نصف المرتب تم اعتقاله .. والتهمة تمويل الإخوان .. وكانت صدمة له لم يصدقها وهو ما دفعه إلى الصدام أكثر من مرة مع إدارة السجن والمحكمة .. ويهتف ضد النظام في قلب المحكمة فقد فاض الكيل به .. وحكى الكثيرون عنه .. وعن قوتة ومواجهته للظلم الذي حاق به ورفض كتابة ثمة التماس للخروج .
وعندما تقرر تصفية الإخوان داخل الزنازين هرول داخل إحدى الزنازين ولما لم يستطع إغلاقها بالترباس وقف خلف الباب بقوة لمنع الحرس من اقتحامها لتصفية من فيها فأطلقوا عليه الرصاص وتركوا زنزانته ومن فيها .. وكل من في الزنزانة نجا إلا هو فقد تلقى الرصاص في جسده نيابة عنهم . بينما تم تصفية الكثيرين منهم في الزنازين الأخرى.
شهادة الشهيد سيد قطب
أودع سيد قطب ليمان طره (السجن الذي يضم المئات من شباب الإخوان) ، ولقد شهد بأم عينيه مذبحة الإخوان في ليمان طره عندما فتحت الحكومة الرشاشات على الإخوان حيث قتل من عنبر واحد ، واحد وعشرون من شباب الإخوان والتصقت لحومهم بالحائط ، ومن شاء الاستزادة فليقرأ كتاب (أقسمت أن أروي لروكس معكرون)[17].
يذكر سيد قطب رحمه الله في مذكراته: (أنه أوحى إلي بعض الأفراد بفكرة انساق إليها ببله وصار يروّج لها وهي الخروج من السجون بالقوة، وعرض هذا على بعض القيادات الإخوانية فرفضته بشدة وعنف وشتم ونهر هذا الإنسان، ثم علم بهذا معروف الحضري - وكان قائداً في الجيش وأبلى في حرب فلسطين بلاءً حسناً وكان معتقلاً في السجن مع الإخوان - فقال لي بعصبية: هذه دسيسة لتدبير مذبحة كبرى للإخوان في السجون وفي الخارج.
ثم يقول سيد قطب: وحوكمت وذهبت إلى سجن ليمان طرة وذهبت إلى مصلحة السجن لمرضي، إذا بقائد كتيبة الليمان في سجن طرة وهو الصاغ يزورني على غير معرفة سابقة ويحدثني في ضرورة تخليص الإخوان الذين هم في السجون لأنهم هكذا يستهلكون تماماً وخصوصاً هؤلاء الذين يقطعون الأحجار في جبل طرة مع كبار المجرمين، ومع معرفتي أن هذا الضابط لم يكن في يوم من الأيام من الإخوان. ثم مع إلحاحه وقوله أنه كقائد للكتيبة يضع نفسه وأسلحة الكتيبة تحت تصرفنا لأنه لم يعد يطيق منظر طابور الإخوان في الجبل، تذكرت خطط الدسائس المتكررة وذكرت قول معروف الحضري: دي دسيسة لتدبير مذبحة كبرى للإخوان في السجون والذين في الخارج جميعاً، وقلت له: إحنا متشكرين على عواطفك ولكن نحن نرى إننا أدينا واجبنا وانتهت مهمتنا بدخول السجن ولم نعد نستطيع عمل شيء فمن أراد أن يعمل من غيرنا فليعمل، فانقطعت زيارته ثم وبعد ذلك بأيام اتهم الإخوان في السجن بأنهم يعصون الأوامر ودخلت كتيبة السجن بأسلحتها لتطلق النار على الإخوان في الزنازين بدون ذنب ويقتل منهم أكثر من عشرين فرداً من الإخوان في مجزرة رهيبة عدا الجرحى!!)[18].
***
ونواصل الشهادات في المقال القادم إن شاء الله
***
***
حاشية
الإخوان المسلمون
كبرى الحركات الإسلامية، والحركة الأم، وقد كنت دائما مع المناصحة الخافتة الهامسة، وكانت لي ملاحظات عديدة لكنني كنت أقول لنفسي أنها الحركة التي دفعت ضريبة الجهاد والاستشهاد والتضحية والصبر و أن من حقها أن تختار لنفسها طريقها الذي تشاؤه فقد أجهض بنيانها الضخم ثلاث مرات ومن حقها أن تحاول تجنب إجهاضه مرة أخرى ( دعنا الآن من اعتقادي أن أسباب إجهاضها لم يكن لأنها بادرت بالعنف .. بل على العكس.. أنها لم تبادر به) وكانت نصيحتي وتعليقي للإخوة الخارجين عليها ألا يهاجموها أبدا.. فليجاهدوا كما شاءوا وليسيروا في طرق موازية وليسبقوها إذا استطاعوا ولكن عليهم ألا يبخسوا الحركة الأم حقها و ألا يهاجموها، خاصة أن بعض المنشقين لم يكونوا سوى اختراقات من أجهزة الأمن عجزوا عن جرف الحركة عن مسارها فانشقوا عنها لإحداث انهيار فيها، بالإضافة إلى آخرين تحركوا بإيعاز من أجهزة الأمن وعلى وعد وغواية أن السلطة التي ترفض الإخوان رفضا استراتيجيا يمكن أن تعتبرهم كحل وسط تقبل التعامل معه، ستقبل التعامل معهم هم وتحلهم محل الإخوان. وهناك فصيل ثالث أجهده الجهاد فأصيب بما يشبه جنون العظمة الذي خيل له أن الإخوان حركة منافسة له أو لحزبه، وحزبه لا يتجاوز بضعة مئات أو آلاف على الأكثر.. وعلى ذلك بنى سياسته لمناوأتها ومنافستها فكان كالضفدعة التي راحت تعب الماء كي تصبح في حجم الفيل فانفجرت. وقد تناول مركز الدراسات الاستراتيجية في الأهرام ظاهرة الأحزاب الصغيرة ليقرر: وفي الفترة من 1990 حتى 2002 تم إنشاء أحد عشر حزبا جميعها من الأحزاب الصغيرة التي لا تتعدى عضويتها ما بين 100- 400 عضو..[19]..
ومن المحزن أن العلاقات بين أشباه الأحزاب المنشقة والحزب الحاكم أفضل بكثير من علاقتها بالحزب الأم، بالإخوان. بل إن أحد قيادات هذه الأحزاب أو الجماعات كتب عن: إلهام حسني مبارك، و أتبعه بالحديث عن إجرام الإخوان المسلمين!!..
كنت أرقب كل هذا بحزن.. وكنت أنظر في إعجاب مشفق إلى جهد الإخوان في تربية أفرادها تربية دينية يكون خلقهم فيها القرآن.. كنت أرى المثالب والعيوب، ونصاعة النظرية وعتامة التطبيق..
وبرغم حبي و إعجابي وتقديري للبطل المجاهد أيمن الظواهري إلا أنني كنت أظن أنه ظلم الإخوان في كتابه عنهم ( مع وضع كافة التحفظات لاحتمال تحريف صحيفة الشرق الأوسط لكتابات الظواهري) لأنه تجاهل في حكمه عليهم فقه الواقع، كما تجاهل الطريقة البشعة الهمجية الكافرة الفاجرة التي ووجهوا بها، و أن ذلك لا بد أن يكون قد ترك بصماته عليهم، و أن هذه البصمات ليست بالضرورة صوابا. لكنني كنت أخشى في نفس الوقت أن يتجاهل الإخوان كل أنواع الفقه إلا فقه الواقع.
***
كنت أرقب جهود الإخوان المسلمين التربوية فيملأني الإعجاب والأسى..وكان ذلك يذكرني بنابليون بونابرت في منفاه في سانت هيلانة.. لم تدخر بريطانيا وسعا في أن تكلف أمهر الأطباء بعلاجه.. لكنها من ناحية أخرى كانت تدس له السم بجرعات محسوبة بدقة ليموت في الوقت المناسب لها سياسيا ( و أظن أن هذا ما تفعله أمريكا الآن مع الرئيس العراقي الحالي والسابق صدام حسين).
في هذا الوضع.. هل تستطيع براعة الطبيب مهما كانت أن تعالج المريض؟!..
في مثل هذه الحالة فإن المجرم القاتل يعرف كل شئ ويحدد دائما الوقت الذي يهاجم فيه ويقتل..
و أظن أن المثل لا ينطبق على علاقة السلطة بالإخوان فقط.. بل على علاقة أمريكا بالعالم الإسلامي كله.. الدواء بيد والسم بيد وميل الميزان لهذا أ ذاك هو الذي يحدد ميعاد الوفاة. دون أي احتمال في أن يستعيد المريض عافيته، وكلما طالت المدة، ازداد استهلاك المريض لمدخراته واحتياطاته لتصبح التجربة غير قابلة للتكرار.
انظر مثلا إلى قيام إسرائيل بتدمير المفاعل النووي العرقي.. تركته أعواما حتى أنفقت العراق مئات الملايين ودربت العلماء وكانت قاب قوسين فإذا بالغارة تهدم كل شئ.
والآن حين ننظر إلى الواقع: إن الإخوان يقدمون لشباب الأمة الغذاء الصالح لتربيتهم.. أما السموم فثمة ألف يد تقدمها.. فصفوت الشريف جزء وفاروق حسني جزء ومكتبة الأسرة جزء والفضائيات جزء والإذاعة جزء والصحف جزء والمجلات جزء ومكتبة الأسرة جزء.. وخطباء المساجد – التابعين لأمن الدولة – جزء.. و أمن الدولة أجزاء و أجزاء.. و..و..و..
***
لكم أزعجني تحذير الكاتب الأمريكي المسلم جيفري لانج[20] حين كتب تحذيرا وثيق الصلة بما نحن فيه.. فقد كتب يقول أنه لنا أن نفرح بالأعداد المتزايدة لمن يعتنقون الإسلام كل عام في الولايات المتحدة الأمريكية.. لكن.. علينا أن ننزعج إلى أقصى حد من عدد الذين يتسربون من الإسلام من أبناء الجيل الأول من المسلمين.. وقدر جيفري لانج نسبتهم بـ90%.. فهؤلاء يكونون مسلمين بالاسم فقط دون شعائر ولا فروض.. بل ودون إيمان.
هذا بالضبط ما أخشاه.. أن يحاول الإخوان تربية الشباب.. والدولة بقوتها الأسطورية مدعومة بالمخابرات الأمريكية واتحاد الدول الأوروبية و إسرائيل تقدم للشباب السم..
هل ستجدي تربية الإخوان؟!.
لو أن الإخوان ظلوا يربون الشباب والشابات ألف عام فهل سيمنع ذلك جندي الأمن المركزي من منع الناخبين من الوصول إلى صندوق الانتخاب؟ وهل سيمنع العاهرات اللائى يجلبهن الأمن للاعتداء على المحصنات العفيفات اللائى يذهبن للإدلاء بأصواتهن ؟.
ولو أنهم ظلوا ألف عام يربون الناس وظل كمبيوتر الداخلية يزور الانتخابات فهل يمكن أن يشاركوا في السلطة في أي وقت؟.
نعم ..
تلك هي المعضلة.. ولست أملك لها حلا جاهزا لكن على الحركة أن تجد حلا..
***
وعندما أتى الأستاذ محمد مهدي عاكف كنت معجبا بحيويته وقدرته الواسعة على المناورة مما أربك السلطة الغشوم فردت بالاعتقال والتعذيب والقتل – إهمالا-.. لكنني كنت أخشى أن توقعه المناورة في أخطاء شرعية، و أخشى أن يكون قد وقع في بعضها.
وتمنيت أن يترك جزءا من هذه المناورات للصف الثاني والثالث كي لا تحسب على الحركة ككل.
وفي هذه الأثناء روعني تصرفات بعض رجال الصف الثاني والثالث حين بدا أنهم لا يعرفون قيمة الإخوان المسلمين في الشارع الإسلامي .. في الجغرافيا وفي التاريخ أيضا.. فبدا أنهم يتسولون اعتراف الآخرين بهم.. و أنهم يبحثون عن أي قناة تربط بينهم وبين الشرعية ( وهي شرعية لا شرعية لها على الإطلاق) وكان الأمر بالنسبة لي يشبه إنسانا توضأ ليذهب إلى المسجد ليصلي..و أتي من يصحبه إلى المسجد عبر قبو ممتلئ بالخبث.. حتى إذا وصل إلى المسجد وصل وقد انتقض وضوءه وفسدت صلاته إذا صلى.
وصل الأمر بهؤلاء البعض إلى مخالفات شرعية صارخة كجواز أن يكون حاكم مصر مسيحيا وجواز تكوين أحزاب تدعو إلى الإلحاد.
إنني أعتقد أن الأمر أمر استدراج للإخوان المسلمين بسد جميع المنافذ أمامها وترك منفذ واحد فقط لإرغامها على السير فيه. هذا الطريق هو طريق القوميين. وهذا الطريق هو طريق الهلاك.
***
ما أسمعه الآن مزعج..
المرشد العام أكبر من أن يذهب إلى أحد إلا في سبيل الله..
والأمر ليس كبرياء مرذولا و إنما استعلاء المؤمن..
ولو سبقت زيارة المرشد تصريح من الطرف الآخر بأنه يرتضى الإسلام لرحبت بأن يذهب المرشد إليه ولو كان أشعث أغبر..
مكانة المرشد يجب أن تكون كمكانة الإمام المجاهد العز بن عبد السلام حين أتاه من يعده أنه إذا ذهب إلى السلطان وقبل يده فسيعفو السلطان عنه.. فإذا بالعز يجيب: يا مسكين أنا لا أرضى أن يأتي السلطان إلى ليقبل يدي فأعفو أنا عنه فكيف أقبل أنا يده؟!..
السلطان وليس خدم السلطان – مهما ادعوا معارضته- ..
لقد أدركت أروى صالح فكيف لا ندركه نحن..
اليساريون والقوميون والنظم الحاكمة و أمريكا و إسرائيل مجتمعون على أمر واحد لا يختلفون فيه أبدا: هو العداء للإسلام.
أقول أن الأستاذ محمد مهدي عاكف يجب أن يتردد كثيرا لو دعاه الرئيس مبارك على سبيل المثال للاجتماع به.
فإذا كان هذا الذي يذهب إليه المرشد هزيلا لا وزن له ولا قيمة وكان غارقا في الأوحال والخطيئة كان الأمر أنكى و أمر.. وليكن لنا في موقف المرشد الأسبق المستشار حسن الهضيبي عظة و عبرة حين غضب من رئيس الوزراء الذي وعده بلقاء منفرد ثم فوجئ ببقية الأحزاب تحضر الاجتماع فغضب واحتج.. و أعتقد أن فهمه لدور الحركة كان صحيحا.. وإن الذي تفعله السلطة الباطشة الغاصبة طول الوقت بإيحاء من الصليبيين واليهود لحشر الإخوان المسلمين في حزب يمكن القضاء عليه فيه هو ما يستدرج الإخوان الآن إليه..
إن كاتبا من كتاب التيار الذي يخطب المرشد وده كتب في صحيفة القدس العربي يقول: " أطلقوا العنان لحرية الأفراد في إمتاع أجسادهم، فتفرغ خيالهم وتفرغت طاقاتهم لتستهلك في صنع التقدم بعد أن حرروا أجسادهم .. وكانت تلك الخطوة بحق .. أم الحريات!" ولم يقل لنا الكاتب الهمام ماذا نفعل فيمن لا يحسون بالمتعة إلا في التزوير أو التعذيب أو البقاء في السلطة إلى أبد الآبدين.. هل نترك لهم العنان ليتفرغوا للإبداع بعد ذلك.
هكذا يري هذا القومي العلماني الناصري اليساري المشكلة وحلها فهل ثمة مشترك بين الإخوان المسلمين وبينه.
إن الحركة القومية تحتضر .. أما الشيوعية واليسارية فقد ماتت وتعفنت و إن كانت لم تدفن بعد. فهل من الحنكة أن نتحالف معهم الآن؟؟
الحركة القومية تحتضر..و رغم ذلك فإنها الاختيار الأمريكي الوحيد.. لأنها البديل الوحيد عن الإسلاميين.. ولأن أمريكا قد جربتهم أكثر من نصف قرن وكانوا دائما عند حسن ظنها فقد كسبت بعدائهم أكثر مما كسبت بصداقة غيرهم – فضلا على أن العداء كان في العديد من المراحل مجرد تمثيل وذر للرماد في العيون..
للحركة القومية واليسارية جذور عميقة في العمالة وعداء الإسلام.. وحتى من الناحية البراجماتية فلن يسفر التحالف معهم إلا عما أسفر عنه منذ خمسين عاما.. حين تحالف الإخوان مع العسكر فسرق العسكر منهم الشرعية وسحقوهم..
بمصطلحات الدنيا فحركة الإخوان مثل الدستور يجب أن تكون فوق الأحزاب جميعا.. بل ولا يمكن أن ينشأ أي حزب إلا بعد إقراره باحترام الدستور..
الحركة أكبر كثيرا من أي حزب.. وتحالفها مع أي حزب علماني يعطيه شرعية لا يستحقها وينقض شرعيها كما ينقض الخبث الوضوء....
إنني أرحب بل و أتمنى التحالف مع أي حركة أو اتجاه بشرط وحيد: هو أن يعلنوا أن مرجعهم الإسلام.. فقط.
لا أطلب اعتذارا من هذا – لا تزر وازرة مثل أخرى- ولا توبة من ذاك – هلا شققت عن قلبه؟..
لكنني أضع شرطا واحدا.. هو المرجعية الإسلامية.. وليس مقبولا أن تتجاوز أي مناورة هذا الخط الأحمر..
والأمر ليس موقفا من هذا ولا ذاك – ولو كان ما شان- بل إنني أطالب بنفس المطلب لو كان هذا التحالف مع الوفد.. فالوفد هو الآخر حزب علماني.
ولا أملك إلا أن أقول للإخوان ولفضيلة المرشد ما قاله المرشد الإمام حسن البنا حين قال: "إنه لا يخاف على الإخوان من مكر أعدائهم، ولكن يخاف عليهم من أنفسهم واختراق صفوفهم".[21]
***
***
حاشية
هيكل
هستيريا البكاء والضحك..
تذكرني الحلقات التي تذيعها قناة الجزيرة بموقف لا أنساه رغم اعتراضي عليه، ذلك أنني أبغض الهذر عامة، أما في الجنائز فهو يكون بالنسبة لي في بشاعة الكبائر، وقد كانت هذه العلة القادحة الذميمة داء أصاب أحد زملائنا من الأطباء ولنرمز إليه بالرقم (1)، وذات يوم كان طبيب جراح ( لنرمز إليه بالرقم 2) قد أجرى عملية جراحية خطيرة لوالد زميل ثالث ( لنرمز إليه بالرقم 3). ونفذت مشيئة الله سبحانه وتعالى وتوفي المريض. وفي استقبال المعزين في سرادق العزاء وقف الزميل رقم (1) يستقبل العزاء مع أسرة المتوفى، وكلما صافح أحدا أشار إلى الطبيب الذي أجرى الجراحة (2) وهو يقول:
- هذا هو الدكتور العظيم (رقم 2) الذي مات المرحوم على يديه الكريمتين!!..
وما بين الدهشة والحرج والغضب وواجب إكرام المجامل مرت ساعة أو ساعتان، لكن، في النهاية ، انفجر الغضب الجامح، وكان على الزميل رقم ( 3 ) أن يحمي زملاءه من علقة ساخنة فدفعهم إلى حجرة معزولة حبسهم فيها ثم أصابته نوبة من هستيريا الضحك والبكاء.
***
تردد في مسامعي صدى هستيريا البكاء والضحك تلك و أنا أرقب الإخراج المهيب لحلقات الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل على شاشة قناة الجزيرة..
كانت عيناي تبحثان عن الزميل (1) – عليه رحمة الله - أو من يحل محله وهو يقدم الكاتب الكبير قائلا:
- هذا هو الصحافي الأشهر الذي ماتت القومية على يديه الكريمتين..
أو:
- هذا هو الصحافي الأعظم الذي حدثت النكسة أثناء اشتراك سيادته في الحكم..
أو
- هذا هو المفكر الأكبر الذي صاغ فلسفة الثورة والميثاق على أسس ماركسية..
أو
- هذا هو الفيلسوف العظيم الذي ساعد السادات.. فانقلب السادات عليه وعلى عبد الناصر أيضا..
أو
- هذا هو الرجل الذي عاصر مذابح السجن الحربي وليمان طرة وكرداسة فلم يحتج..
أو
- هذا هو الرجل الذي عاصر العصف بالوفد والإخوان والديموقراطية ولم يعترض..
- أو هذا الذي أعدم عبد القادر عودة وسيد قطب في زمنه فلم ينبس ببنت شفة اعتراض.
***
ولو أردنا المقارنة بين الطبيب (2) وهيكل لكان للطبيب عذره فالطبيب ليس ضامنا لشفاء المريض و أنه لا تثريب عليه ما دام قد راعى الأصول الطبية.. فإذا لم يراع الأصول الطبية ينزع منه القانون الحصانة الطبية بل ويضاعف له العقاب.. وهذا الوضع الثاني.. هو الذي ينطبق للأسف على محمد حسنين هيكل!..
***
هيكل.. اشترك في الفعل ككاتب رئيسي ( بل الكاتب الرئيسي) ومفكر الثورة الأشهر عشرين عاما حيث وصل فيها إلى أعلى درجة يمكن أن يطمح فيها مفكر.. درجة الفعل المباشر.. درجة الإبرام والنقض فوق سلطات الدولة.. بل إنني في كثير من الأحيان أنحو نحو هيرودوت عندما قال أن مصر هبة النيل لأقول أن عبد الناصر هبة هيكل.. بل إنني أفسر العلاقة بينهما ( بين عبد الناصر وهيكل) كالعلاقة بين مؤلف روائي وبطل روايته، كنجيب محفوظ وكمال عبد الجواد على سبيل المثال. فليس عبد الناصر سوى بطل رواية ألفها هيكل.
بعد هذين العقدين من الزمن تربع هيكل في صدارة الثقافة والفكر ثلاثة عقود أخرى من الزمان..
إن كانت خمسون – بل ستون - عاما من الصدارة في الحكم والسياسة والثقافة لا تكفي لتحقيق مشروعه فكم كان يريد؟..
كم كان يريد؟!!
عمر نوح عليه السلام؟!..
وحتى لو منحه الله عمر نوح فما هو الضمان لكي لا يأتينا بعد ألف عام إلا خمسين عاما بما يشبه قصيدة الرثاء في عالمه العربي ( عالمه.. ولا خطأ.. فعالمه العربي يختلف عن عالمنا العربي!)..يبكى فيها خرائبه وينعي أطلاله.
إن هيكل يبدو حكيما جدا بعد حدوث الكارثة.. ولست أنسى حزني منذ نيف وثلاثين عاما إذ قرأت له أن الأمر لم يكن أمر الضربة الجوية عام 67، ولو أن الطائرات المصرية كانت كلها في الجو لسقطت جميعا، كان الفارق الوحيد سيكون في طول مدة السقوط في الحالة الثانية..
هذه الحكمة بأثر رجعي لا تعيد اللبن المسكوب أبدا..
وكل افتراضات هيكل حتى لو كانت صحيحة – وهي بالقطع غير ذلك – ليست سوى دواء صحيح وصل بعد موت المريض.
***
سوف نعود إلى هيكل بعد ذلك، لكننا الآن نلمس نتوءات عارضة كي نفرغ منها..
من هذه النتوءات أن كاتب القومية الأشهر لا يتحدث إلى قومه بلغتهم الجامعة الفصحى بل يتحدث بالعامية المصرية.. وهو كما نعلم ويعلم مطلب أمريكي الآن.. وكان مطلبا انجليزيا منذ أكثر من قرن من الزمان.
لقد كنت – وما زلت – أحد المعجبين بمحمد حسنين هيكل.. لكن إعجابي لم يكن بوجهه السياسي على الإطلاق.. على العكس.. كنت دائما أحمل الانتقاد لهذا الوجه والحذر منه، أما إعجابي فقد كان ببلاغته وحرصه على سلامة لغته حتى أننى أطلقت عليه منذ الستينيات أنه: نجيب محفوظ يكتب في السياسة.
ولو أن الأمر متعلق بسواه لسامحته ولالتمست له العذر في أنه يخشى أن يلحن في القول لذلك يفضل العامية، أما هيكل، ببلاغته ، فإن حديثه بالعامية يشكل موقفا.
نتوء آخر.. لا ألومه كثيرا عليه لأسباب لابد أن يفهمها القارئ.. وهو أنه في تحليله الشامل الجامع المانع للأحداث جعل من أمريكا سقف الكون ، مما دفعني للتساؤل:
- أين الله في عالمه.. أين دين أمته في عالمه.. أين دين قومه بعد لغتهم؟!!.
لقد بدا أن المتحدث ليس الأستاذ محمد حسنين هيكل.. بل اللورد هيكل أو الخواجة موهامات.. وبدت فكرته عن الجهاد والاستشهاد مروعة في سطحيتها حتى لو كان القائل هو اللورد أو الخواجة.. وإلا ماذا تقولون في مفكر لا يعرف للعمليات الاستشهادية من دافع إلا اليأس.. لم يعرف أبدا قدر الشهيد عند ربه ولا حلاوة التضحية في سبيل الله ولا طعم الطاعة..
لقد أحسست طول الحلقات أن مهمة هيكل طول الوقت ليس إثبات أي شئ.. بل نفي الإسلام.. ولأن الإسلام شاء هو أم أبي.. وشئنا نحن أم أبينا فإن الإسلام هو محور الصراع كله.. وهو محور الصراع لأنه البديل الأفضل الذي يهدد فلسفات الغرب بمحوها.. فإذا شاء هيكل أن ينفي الإسلام فإن ملحمة الصراع والمبارزة تتحول إلى " مسخرة " معتوه يبارز الهواء.
نتوء أخير – لهذا المقال- : كان هيكل يتحدث عن مشروعات الإصلاح.. وقال أنه لا يحمل أي عقد تجاه الخارج لأنه مصري عربي ينتمي للعالم ( لم يذكر الإسلام) وأنه لا يعاني حساسية ضد مشروعات إصلاح من الخارج بل ويرد على من يستنكرها بقوله أن مشروعات الإصلاح الداخلي مطروحة منذ عشرات الأعوام فلماذا لم يأخذ بها أحد.. ولماذا نرفض مشروعات قد تكون في صالحنا.
ثم أضاف هيكل جملة خانته فيه قدرته الفذة على التحكم في مخارج الحروف وعلى ملامح وجهه المصاحبة لنطقه..
قال هيكل: " أنا قلت لإخوانا في أمريكا إنتو بتحرجو..." ثم توقف جزءا من الثانية مع اختلاجة مراجعة من جفنيه منعته من أن ينطق بما لا يجوز النطق به، بدا لي أن التكملة الطبيعية التي كاد ينطق بها: " أنا قلت لإخوانا في أمريكا إنتو بتحرجونا..." لكنه بعد توقفه لجزء من الثانية تراجع عن هذه الصياغة ليقول: " أنا قلت لإخوانا في أمريكا إنتو بتحرجو.. أصدقاءكم في مصر." وكان المعني أنه يعاتبهم على الجهر والإرغام .. وفضح الأصدقاء.
***
سوف نلجأ في مقالات تالية إلى المرحوم جلال كشك.. وإلى فؤاد زكريا عليه من الله ما يستحق و إلى إحسان عبد القدوس غفر الله له و إلى أروى صالح وصافيناز كاظم و إلى سيار الجميل و إلى مايلز كوبلاند عليه لعنة الله لنسمع شهاداتهم في هيكل.. لا لتجريحه بل لقاء الضوء على شهادته ومشروعه الفكري وبيان ما فيه من قوة أو عوار.
***
بعد موت السادات، أطلق هيكل تعبيرا عنه راح مثلا، حين قال:
- لقد مات حين مات..
والتعبير بالغ الإيجاز والإيحاء والقسوة، وكنت أحسب أنه لا يوجد في هذا الصدد تعبير أقسى من ذلك، لكنني رحت أتمتم لنفسي معلقا على حديث هيكل في الحلقات الأربع الماضية:
- سبحان الله.. قد مات قبل أن يموت..!!..
ثمة إحساس يرعبني دائما، عندما أرى - ولو بالتخيل – بصمات القدر وقد تخلت عن خفائها..
و أحسبني أراها مع هيكل في برنامجه في قناة الجزيرة..
لقد افتتن به الكثيرون.. وكانت فتنة..
أما الآن فإني أرى القدر يكشفه وينهي فتنته..
***
***
حاشية
صدام حسين
لم أقل كلمة مدح فيه قبل عام 1990..
ولم أقل كلمة قدح فيه بعد 1990..
لكننى أعتب على من يواصل إدانته كما لو كان يشك في أن تتسع رحمة الله لغفران ذنوبه..
أشهد أنه أفضل من أي حاكم عربي آخر.. و أن الفرق بينه وبينهم هو الفارق بين الطاغية والمرتد.. وهو فرق كما ترون عظيم.
منذ عقد ونيف من الزمان كنت أظن أن مقارنته بعبد الناصر إهانة لعبد الناصر..
الآن أحسب أن المقارنة إهانة لصدام حسين..
مشهد محاكمته كان مذلا ومهينا لكل مسلم وعربي وكان أيضا مسمارا أخيرا في نعش القانون الغربي وفضحا نهائيا لدعاوى حقوق الإنسان.
أما السلاسل التي ظهرت تحيط بجسده ويديه ( ولا تقارنوه بالسفاح الصربي الأبيض) فقد استدعت لذاكرتي على الفور المزمور 149 من مزامير داود:
"ليفرح إسرائيل بخالقه. وليبتهج بنو صهيون بملكهم. ليسبحوا اسمه برقص، وليرنموا له بدف وعود، لان الرب راض عن شعبه. وهو يجمل الودعاء بالخلاص ليبهج الأتقياء بالمجد، وليرنموا على مضاجعهم، تنويهات الله في أفواههم، وسيف ذو حدين في أيديهم، كي ينزلوا نقمتهم بالأمم، وتأديباتهم بالشعوب، ويأسروا ملوكهم بقيود، وأشرافهم بأغلال من حديد، وينفذوا فيهم الحكم المكتوب".
نعم..
الحكم المكتوب أيتها الأمة الراكعة لغير الله..
الحكم المكتوب أيتها الأمة الخانعة المستذلة..
ثم يأتي الخنازير لينكروا أنها حرب دينية.
***
***
حاشية
جمال البنا مرة أخرى
لا يستحق جمال البنا إلا التحذير منه، مع التنويه إلى نقاط قليلة:
- أنه ممن يسمون أنفسهم بالقرآنيين وهم ينكرون الحديث كله ( السنة كلها).
- أنه و إن كان شقيقا للإمام حسن البنا فهو ليس من أهله.
- تستغل المجلات والمؤسسات الملحدة انحراف فكره فتروج له وتستكتبه.
- أجهزة الأمن مغرمة بالضغط على أسر الزعماء الإسلاميين لتحطيمهم ولتقديم نقطة سواد تشوه الصورة، كالضغط على زوجات المعتقلين لطلب الطلاق، أو العكس كما حدث بمنتهى الدناءة والخسة من ضغط على زوج المجاهدة زينب الغزالي، حيث ضغطوا عليه وهددوه، ولم يحتمل الرجل الضغط فطلق، ولم يحتمل الطلاق فمات!!. وسوف نلاحظ اصطيادهم لشقيق أو ابن لتشويه صورة العائلة أو الشوشرة عليها.
- أصدر الأزهر بيانين يتهم جمال البنا بالخروج عما هو معلوم من الدين بالضرورة.
- أصدر الرجل أكثر من مائة كتاب.. وتوزيعه ضعيف جدا. ولعل القراء يذكرون في مقال سابق لي كيف نبهتهم إلى أن أجهزة الأمن تستقطب كتابا للكتابة لها .. وبمكافآت مجزية.
ولتحذير القراء من سموم فكر جمال البنا المنحرف فإنني أورد مقتطفات من حديث له أجراه معه أشرف عبد الفتاح عبد القادر يقول فيه:
يجب الفصل بين الدين والدولة وحذف "الإسلام دين الدولة" من الدستور
أنا ضد إرسال مجاهدين إلى العراق.
• بوش أفضل من صدام.
• لم يفرض الإسلام الحجاب على المرأة، بل فرض الفقهاء الحجاب على الإسلام.
• كل فتاوى الأئمة عوائق لتحديث الفكر الإسلامي.
• أراد الإسلام الإنسان وأراد الفقهاء الإسلام.
• فكر وفقه القدماء لا يصلح لعصرنا.
• أطلقوا علىّ في الصغر لقب "الفيلسوف".
• فشلت في حياتي العملية لأني رجل فكر.
• أخي عبد الباسط مؤلف أغاني لعبد الغني السيد.
• لو عاش حسن البنا لجدد الدعوة وأذهل التقليديين.
• ثورة يوليو هي انقلاب عسكري "للأحذية العسكرية" وليست ثورة.
• الإسلام أقر حرية الاعتقاد والتعددية.
• من يكفرون الكتاب والمبدعين مجانين.
• الخلافة انتهت بموت عمر وليس بموت علي.
• كلام سيد قطب عن الحاكمية الإلهية كلام فارغ وحلم مستحيل.
• ما يسميه المسلمون خلافة كان ملكاً عضوضا.
• آية الجزية شذت عن باقي الآيات ولم يطبقها الرسول ولا الخلفاء من بعده.
***
***
حاشية
أبو مصعب الزرقــــاوي
رعاك الله وحفظك و أيدك بنصره: أثخن فيهم..
عندما احتل النازي – وهو بالقطع أفضل من القرصان المجرم بوش – بولندا وظلت وارسو على عنادها في مقاومة الاحتلال حتى توجت ذلك بانتفاضتها الشهيرة في أول أغسطس عام 1944 حين نجح رجال المقاومة في السيطرة على العاصمة لمدة ثلاثة وستين يوما.، وفقدت خلالها وارسو مائة وخمسين ألف قتيل في ملحمة قتالية أشبه بالأساطير.. وما أن استعاد الألمان سيطرتهم على العاصمة حتى شرعوا في طرد كافة سكانها إلى خارج المدينة تمهيدا لتطبيق الخطة النهائية للتخلص من المدينة (المحروقة) وقد كان تعداد وارسو قبل الحرب يبلغ 000، 300. 1 نسمة قتل منهم أثناء سنوات الحرب والاحتلال الخمس 800 ألف نسمة..[22]..
فأثخن فيهم يا أبا مصعب فلا وارسو أعز ولا الإسلام أقل.. فليبلغ الشهداء ما يبلغون.. المهم ذبح الخنازير الأمريكية والبريطانية – وقبلها: العراقية-..
ألم يمت منا مليون في الحرب مع إيران.. ومليونان في الحصار.. لا تجزعوا من عدد الشهداء إذن.. واقتلوهم أينما ثقفوا..
***
***
حاشية
قناة الجزيرة
أقترح لمواكبة الحداثة والمودة وللمزيد من المودة مع الأمريكان أن نختصر اسمها إلى:
J N N
ولست أدرى موضوع الحلقة القادمة لأحمد منصور.. وربما تكون عن الرقص الشرقي. أقترح فصل فيصل القاسم و أحمد منصور وتعيين هالة سرحان ووائل الأبراشي مكانهما.. فهذا أكرم للقناة ..
كلما رأيتهم وبالذات فيصل القاسم وأحمد منصور على القناة راحت عيناي تبحثان عن سلاسل تقيدهما.. تماما كالسلاسل التي رأيتها تقيد صدام حسين.. ورغم أنني لم أر تلك السلاسل على ملابسهما إلا أنني واثق من وجودها.. ربما تحت الملابس.. وربما تحت الجلد..
وعار عليك يا إدارة الـــ.. الــ.. الــ.. J N N ..
***
***
بريد القراء
اعتذار إلى القراء
لأسباب عديدة اضطرب البريد في الفترة الماضية، منها طول المقالات بحيث لا يتسع المجال معها للبريد، ومنها فيروس أصاب جهاز الكمبيوتر عطلني و أفقدني بعض الرسائل، ومنها أن بعض الرسائل رغم روعتها لا يمكن نشرها لأسباب قانونية فهي تتحدث عن حكامنا بما يستحقون، ومنها أنني أقوم بالرد على البعض ردودا خاصة. واليوم أحاول الاعتذار جزئيا بنشر بعض الرسائل، و أبدؤها برسالة أظنها مرسلة من الـF B I :
***
الرد الى: peacefully@yahoo.com
بسم الله الرحمن ألرحيم
أخي وعزيزي وزميلي في ألأسلام والخندق والمهنه
ألسلام عليكم وجزاكم الله خيرا في كل ماتقوموا به للرجوع الي ربنا والخروج من هذه ألمذله
أرجوكم ألمساعده بخصوص ألمساهمه لأهلنا في رفح اتباعا لمنشور ألجمعيه ألخيريه " ألأحسان " وتجدوا منشورهم في صفحه هذا ألعدد من صحيفه ألشعب الوقوره
بالتحديد أريد ألعنوان ألألكتروني لهذه ألمنظمه حتي يكون بيننا تبادل المعلومات أي بما يفيد باني مثلا أرسلت تبرع ما الي حسابهم فيلزم أن أرسل لهم نسخه ألتحويل حتي يستطيعوا متا بعه الحواله وأن يتمكنوا باثبات الحواله وتفاصيلها من حيث تاريخ التحويل و كميه المبلغ وهكذا و كذلك ليفيدوني بوصول الحواله ليطمئن قلبي . لأنه من الصعب أرسال فلوس الي حساب ا بالبنك بدون امكانيه تتبع مصير وسلامه ألتحويل لذلك أقترح ألنظر في أقتراحي هذا وان تنصحهم بأن ينظموا عمليه جمع التبرعات بحيث انه المتبرع يستطيع ألأطمئنان بسلامه وصول التحويله الي حساب ألجمعيه وامكانيه التدخل في حاله ضياع أو تعسر دخول التحويله الي حساب المستفيد ولا أعرف طريقه أحسن من العنوان ألألكتروني
وشكرا وألسلام عليكم
د. عمر ألسراج
والرد:
إن بعض الظن إثم.. بعضه وليس كله.. أعتقد أن هذه الرسالة بفجاجتها وغبائها مرسلة من الــFBI .. لقد تركتها دون تصويب الأخطاء.. والأسلوب يشير إلى مبتدئ في اللغة.. هل سمع أحدكم مسلما قبل ذلك ينادي مسلما بـ:زميلي في الإسلام؟!.. كما أن المتن يشير إلى قدر لا يتصور من الغباء والاستهانة بذكائنا.. فهو يظن أننا سنمده بأختام و أرقام و أسماء بنوك..
لكنني أطمئنه و أطمئن الـFBI الحقيرة الفاجرة أن التبرعات لم تنقطع أبدا عن إخوتنا ولن تنقطع إلا إذا استطاع الصليبيون والصهاينة أن يقطعوا الاتصال بيننا وبين الله..
فهل يستطيعون؟!..
قل لهم أن التبرعات مستمرة.. والجهاد متواصل حتى نطرد آخر خنزير من بلاد المسلمين.
ملحوظة: المقصود بالخنازير: اليهود والأمريكيون.. وأيضا رجال الـFBI.
ولا سلام عليهم ولا رحمة من الله ولا بركة
د محمد عباس
***
أخى الدكتور محمد عباس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعز على ألا أشارك برأى تطلبه من قرائك، ولكنى لم أفهم جوهر الخلاف! أعلم أنك تعارض القومية والأحزاب القومية - وأنا معك فى هذا - ولكنى لا أعلم شيئا عن الأمور السياسية والتحالفات التى تذكرها، لذا لا أستطيع أن أدلى برأى.
كل ما أستطيع أن أقوله هو أننى أكره أن تترك الكتابة فى "الشعب". إن مقالك بجانب المقالات الأخرى يشكلوا ثروة، إذا انتثرت قلت قيمتها!
أدعوا الله أن يوفقك إلى ما فيه الخير.
محمد طاهر
يا أخي في الله:
ربما تجد في المقال جزءا من الرد، أنا لا أعرف الحلول الوسط، ولست لاعبا في سيرك الساسة إنما أكتب ما أحسب أنه الحق ولو على نفسي. ويبدو أن ذلك أصبح ثقيلا عند الجميع.
قل لي ماذا تفعل عندما يأتيك أخ في الله تحبه يرجوك ألا تكتب عن جمال البنا لأنه يحبه!!
أو أن يأتيك آخر يرجوك التخفيف من مقالاتك لأن القوميين في الخارج عاتبون على مقالاتي عن القومية والمنشية..
أو أن يأتيك ثالث يحدثك عن المواءمات والحنكة والفطنة للتحالف مع آخرين..
على العموم.. أستجيب لك وللقراء.. ولن أغمد قلما مكنني الله منه حتى يُكسر.. ولن أتوقف عن الكتابة في مكان حتى أُزاح و أُرغم.. ولك التحية والدعاء.
د محمد عباس
***
الدكتور محمد عباس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
حفظك الله اينما كنت فتعلم مدى محبتى اليك والتى لا يعلمها الا الله ويبدو انى اردت الان ان اخبرك انى لست وحدى من يشهد لك هذة الشهادة الم اخبرك من قبل ان تظل كما انت فى نهجك فسيادتك تعتبر كما سبق ان قلتها لك الوحيد من الكتاب الاسلاميون الذين لم يتعرض1وا لنقد فى ميزان اهل السنة والجماعة ككثير الاستاذ مجدى حسين نفسة تعرض لذلك النقد ولكن اشعر بسعادة بالغة عن تناولك من الاخوة السلفيون بالمديح والثناء عليك لانى اشعر انى لم اخطا فى تقيمى كما سبق ان اخطا مع الكثير فيما مضى امثال محمد عبدة للاسف ومحمد عمارة للاف الاسف واحمد عرابى وسعد زغلول واسماء براقة عندما ونت بميزان اهل السنة والجماعة تبين زيفها وزخوائها
ما اردت ان اخبرك بة هو كتاب جديد للدكتور سيد العفانى اتمنى ان تقراة ففية اشادة بدور سيادتك واسم الكتاب
زهرالبساتين من كلام العلماء والربانيين
عبارة عن 6 مجلدات ووذكر سيادتك تحت عنوان محمد عباس وصيحة هادرة لدينة
ويدعو لك فيها بالحفظ والسلامة
يطلب من دار العفانى للنشر خلف الجامع الازهر فوق دار العقيدة هاتف رقم 5108257
***
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انها فرصه رائعه كى ارسل لك مباشرة يا دكتور محمد
كل كلماتك فى الشعب قراتها وكنت اتمنى ان التقى بك وساقول لك على شيئ غريبا لا اعرف هل ستصدقنى ام لاع
موضوع كذا
مو صباح بعض مقالاتك كنت فى بعض الاحيان اتحدث مع زوجتى واقول لها لو ان الدكتور محمد كتب غدا عن
عن موضوع كذا وسبحان الله اجدك اليوم التالى تكتب فيهحدث هذا فى مقالك عن العلماء وفى موضوع السعوديه
وفى موضوع اريتريا وفى موضوع التعذيب وهذا ما زاد حبى فيك والحمد لله عرفت انك تفكر فى ما افكر فيه
ثم اكتملت الصوره عندى عندما اكرمنى الله برؤيه شيخنا الفاضل الشيخ محمد الغزالى بعد وفاته فى رؤيا جميله
وقلت له فيها يا سيدى ان كلامك يعجبنى فقال لى وانت ايضا كلامك يعجبنى فعرفت وقتها معنى حديث رسولنا الكريم
القلوب جنود مجنده ما اتفق منها ااتلف وما
وساقول لك شيئ اخر قبل اقفال الجريده وعندما كنت اقرا كلامك فيها كنت اضحك واقول لزوجتى ستغلق الشعب بسبب الدكتور محمد عباس
ثم كان مقالك الشهير من يبايعنى على الموت
سيدى الفاضل لاارييد ان اطيل عليك ولكن اعلم ان هناك قلوب مثل قلبك
تسير فى نفس المجال الايمان وتحب قلوب على نفس الدرب
تحيه خاصه الى الاخ محمد عباس ومقالاته النوريه انا كنت متابع لها فى جريده الشعب التى اقفلت وخاصة موضوع انى ارى الملك عاريا وفرحت كثيرا عندما رايته يكتب مره اخرى انا اعتبره حلاج هذا الزمان
وتحياتى للدكتور محمد عباس الذى اتمنى ان التقى به لانى احبه كثيرا واحب كلماته الت تقطر دما والم واقول له يا دكتور محمد اكاد ارى قلبك يكتب بدم طاهر نقى وانا من عشاق قلمك الذى كتب انى ارى الملك عاريا وكتب فى جريدة الشعب صباح كل جمعه كنت اشترى الجريده من اجلك فتقبل تحيات مسلم معك فى نفس الالم
يا سيدى هل تعرف نهاية الحلاج
لا اقول انى اخشى عليك مثلها
ولكن اقول لك انى ارى روح الحلاج ترفرف فوق راسك
ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم ان لاخوف عليهم ولا يحزنون
سيدى الفاضل
اطمان فهناك حلاجون ينتظرون دورهم
يا ضمير الامه
يا صاحب القلب النورانى
استمر
فهناك من سيكمل المسيره
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
***
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
الأستاذ المحترم /أ/محمد عباس
أشهد الله أنى أحبكم فى الله -أرجو من سيادتكم أن تبدأ حملة إعلامية لمقاطعة الصحف
العميلة وذلك لشدة خطورتها على عقيدة المسلمين و على روحهم المعنويه
لأنها تعمل على التهويل من قوة الكفار وأنه لاملجأ من أمريكا إلا إليها
وأبرز هذه الصحف(الأهرام -الأخبار-روز اليوسف)
وبعض الفضائيات الخطيرة جدا (قناة العربية)لأن هذه القناة صليبية 100%
وفقكم الله لخير المسلمين
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
***
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
شيخي و استاذي و أبي الجليل
اسمح لي أن أقتص من وقتك القليل و ذلك لأبلغك أمانة تحملتها في عنقي من فم أحد المجاهدين الذين قاموا بسحل الأسترالي في شوارع ينبع لمدة ساعة و نصف , فقد قال قبل موته (( بلغوا اخوتنا في العراق أنا قمنا بقتل الأمريكان و أعوانهم و سحلهم نصرة لهم و انتقاما لما أصابهم و ادعوا لنا بالشهادة )) و الله لقد قال ذلك ثم نطق الشهادتين و مات بعد أن حرقوه أل سعود هو و اثنين معه بأن فجروا سيارتهم ثم تركوه ينزف في الشارع حتى مات و هم يمنعون عنه المساعدة من الجمهور المشاهد أو من الأسعاف
كما أحب أن أكد أن المجاهدين لم يقتلوا مسلماً قط لا بالخطأ و لا بالتعمد بل قالوا لمن رأهم من الأجانب المسلمين اشهدوا علينا غدا أنا لم نقتل إلا الامريكان و أعوانهم و الرجل الذي مات من الشرطة السعودية قتله بالخطأ زملاؤه
أبنكم / ا م الينبعي
***
السيد الدكتور محمد عباس
السلام عليكم ورحمة الله
بالنسبة الي خيانة الحكام أود أن ألفت انتباهكم الي بعض
النقاط الهامه وهي:
1) ان عداء بعض الأنظمة العربية سابقاً( كنظام عبدالناصر) ما هي الا للتمويه فقط و لم يكن هناك عداءً
أصيلاًً. وكان العداء مع الاسلام و الاسلاميين . و من وجهة نظري فهذا يرجع الي أن الرأسمالية و الشيوعية كانا من غرس اليهود. بعبرة أخري أنه لا يوجد فرق اساساً بين النظامين فكلاهماهدفه السيطرة علي الشعوب واستنزاف ثرواتها و التمكين للصهاينه في الشرق و الغرب من حكم الدول و الشعوب. و من هنا نفهم كيف كان عبد الناصر علي علاقة وطيدة مع الولات المتحدة سراً و كان المطلوب منه عدائها علناً.
و للحديث بقية
والسلام عليكم ورحمة الله
***
Dear Sir.
I agree with you 100% about your rulers& kings ,but one like you and your
colleages deserve them . Bush was wrong in going to IraQ only because
Saddam was the best ruler for Iraq I do think that most of the arab world
including you & your colleges Deserve rulers like saddam & Assad Please do
not get offended from the truth.
***
الاستاذ الدكتور محمد عباس
السلا م عليكم و رحمة الله و بركاتة
أنا من ملايين قرائك علي الشبكة العنكبوتية، و لن اطيل حديثي عن اعجابي بكتابتك و استمتاعي بقرأتها فإن هذا لن يجدي في هذا الوقت و ما نحن في حاجة اليه هو العمل العمل أو الاستعداد ليوم المواجهه من قبيل الاعداد بما استطعنا من قوة ومن رباط الخيل…
سيدي يكثر الحديث عن الديمقراطية و محاسن الديمقراطية و الدعوة الي الديمقراطية وقرات لكم و لغيركم عن مخاطر هذه الدعوة …
منذ انا صغير في السبعينات و انا اسمع صوت الرئيس الراحل أنور السادات يتحدث عن الديمقراطية و لم اكن أفهم لهذا المصطلح معني و في يوم من الايام جاء الرئيس حسني مبارك ليقول في أحد خطاباته ( ان الديمقراطية هي حكم الشعب بالشعب و لصالح الشعب) و كان ذلك في بداية حكمة في اوائل الثمانينات ، و اظنه قد طبق ذلك بحذافيره طيلة قرابة الربع قرن الماضي – ما علينا _- و تعلمت بعد ذلك أن الديمقراطية هي عكس الديكتاتورية…. و تعلمت من القرآن الكريم قصة بلقيس و كيف انها قالت ( ما كنت قاطعة امراً حتي تشهدون)
وقلت في نفسي و انا صغير وقتئذ ليست هذه منتهي الديمقراطية ملكة لها مجلس شوري و لا تستبد بالحكم و لا تتخذ قراراً قط حتي تستشير …. و لكن رغم هذا لم تشفع لها ديمقرطيتها ( و صدها ما كانت تعبد من دون الله انها كانت من قوم كافرين. و لم يرض عنها المولي حتي اسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
فنقول اننا حتي لو طبقنا الديمقراطية بحذفيرها – مع فرضة انها ليست وهماً ليس له اصل و لا تعريف ولا تطبيق واقعي – فلن ينجينا ذلك من عذاب الله و إلا كان قد نفغ بلقيس من قبلنا.
و السلام ختام
صلاح– من مصر
***
Dear Dr. Abbas.
After reading your articles lately, especially the last one in al shaab
newspaper, i realize you are the man that can tell the truth with no fear,
and care about truth especially if it was related to a friend of mine, an
anknown hero.
i will summerize his story, and it's up to you to write about it or not, but
after all the damage our young arabs suffered, all the negative and fear
they have from one enemy Israel, here is a short story about a man that beat
israel in his youth and now .
met him 1984, he was one of the first to initiate what is become after the
MUKAWAMA in the south of lebanon, a young man that used a Mule ( animal ),
instead of human against the occuppier irael. plus what he has done that
took 2 years of his life, and never asked to be known or credited for it.
from a wealthy family, dropped out of medical school, left the luxury behind
and join the first group of Mokawama, more known to israel ( musad ) than to
arabs, he refused to be known. and he always said " I would rather die
standing than living on my knees ".
His first name is Zouheir, and last name initials is L. known within his
fighting friends by the Lion of the south, Israel never forgave his
operations, after his moving to europe for a while to continue study, they
tried to assassinate him 1 in paris, once in Madrid, they failed AND THAT'S
THE STORY they failed and our young arabs believe they always succeed, no
sir, they failed, after he decided to move to canada, live a low key life,
work and build a future for his kids, his heart was always in the south.
Last sunday June 20th, after spending a weekend in an area called Niagara
Falls, coming back to where he lives in canada, they tried again, followed
by 2 cars for a distance that us , his friends believe they were Musad, his
car roled over more than 6 times, the other 2 cars escape, he was OK, some
bruzes ( alhamdullellah ) and the report to the police was only a car
accident.
after sept.11, even the innocents have to keep quiet in north america,
therefore we knew what was happening , but the police did not.
dear Dr. Abbas, Zouheir has no idea i am writing to you, he is strong to
survive , but i felt that your readers should know that Israel failed and
they fail many times everyday, but our people do not believe it. I write to
you, as other newspapers will not have the courage of writing what you will.
Please write it and tell our young egyptian brothers, that one day as long
as we have commited heroes like Zouheir L, we will be free.
I hope you do the right thing
Thank you
***
الدكتور محمد عباس
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فى بريد مقالتك السابقة قدمت حاشية من عدة سطور تحوى بينها الكثير!
و كان من بينها ملحوظة مهمة عن عدم موافقتك فى الهجوم على العلماء و هذا ما اوافقك عليه تماما.
و لم يكن تقريبا فيما نشرته من رسائل غير واحدة تتضمن مثل هذا التطاول على علمائنا الأفاضل و هذا يعنى ضمنا ان تلك الملاحظة موجهة لكاتب تلك الرسالة.
وبالتأكيد على خطأ ذلك الشخص صاحب الرسالة و وجوب إلتزامه بما يفرضه علينا الدين- كما قلت له- عند الحديث عن أهل العلم.... كان يمكن إضافة أن نقد العلماء من شأن العلماء وليس من شأن العوام !
و منطلقا من هذا الحق يجب أن أقدم إعتذارى على مثل هذه العبارات- حيث أننى صاحب تلك الرسالة - و حتى مع وجود الدوافع كان يجب على الاقل عدم التخصيص وذكرالأسماء عند إستخدام مثل هذه الكلمات!
لكن.. إسمح لى فى البداية بعرض هذه الكلمة من كتاب تلبيس إبليس:
قال ابن الجوزي رحمه الله:
(وأعلم؛ ان عموم اصحاب المذاهب يعظم في قلوبهم الشخص فيتبعونه من غير تدبر بما قال، وهذا عين الضلال، لأن النظر ينبغي ان يكون إلى القول لا إلى القائل، كما قال علي رضي الله عنه للحارث بن حوط وقد قال له: "اتظن انا نظن ان طلحة والزبير كانا على باطل؟!" فقال له: "يا حارث انه ملبوس عليك، ان الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله".....إنتهى)
و إسمح لى بإستكمال موضوع تلك الرسالة الذى كان ملخصه مقارنة مواقف العلماء الثقات السابقين مثل احمد بن حنبل و إبن تيمية و إبن قيم و غيرهم و وقوفهم موقف الحق فى مواجهة الطغاة من الحكام فى عصرهم... الأمر الذى كان سبب إنتصار الحق و حفظ الإسلام من التحريف.... وهذا مع مواقف علماء الأمة الإسلامية الآن و هو ما تعرفة..!!!! والذى ادى إلى ما تعرفة ايضا..!!!
و كان ممن ذكرناهم الشيخ العلامة بن عثيمين رحمة الله و فتواه عن حكم عدم تطبيق الشريعة الإسلامية بالإعتذار بجهل الحكام و من حولهم و كان العالم الآخر هو الشيخ العلامة الألبانى رحمة الله وشبهته الخطيرة كما وصفها الدكتورالظواهرى و هى عدم جواز الخروج على الحكام لأنه واقع لا نستطيع تغييره رغم الإقرار بكفرهم!
و كان طبعا سبب هذا الإقرار هو عموم حكم الآية الكريمة { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } [المائدة: 44]
و كان المقابل سرد طويل عن فتاوى لعلماء فى حجم الحافظ بن كثير و شيخ الإسلام بن تيمية والإمام جلال الدين السيوطى و القاضى عياض المالكى والعلامة محمد بن المختارالشنقيطى والشيخ محمد بن إبراهيم والعلامة أحمد شاكر والشيخ محمد حامد الفقى و غيرهم بتكفير الحاكم الخارج عن شرع الله.
و إسمح لى ان اوضح لك بعض دوافع مثل هذه الإنفعالات الهوجاء مثل هذه المواقف-->
من فتاوى سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز رحمة الله :
كان يفتي قديما بكفر الحاكم بغير ما أنزل الله! فيقول: (لا إيمان لمن اعتقد أن أحكام الناس وآراءهم خير من حكم الله ورسوله، أو تماثلها وتشابهها، أو تركها وأحل محلها الأحكام الوضعية، والأنظمة البشرية، وإن كان معتقداً أن أحكام الله خير وأكمل وأعدل.....إنتهى).
وقال أيضا: (فمن خضع لله سبحانه وأطاعه وتحاكم إلى وحيه، فهو العابد له، ومن خضع لغيره وتحاكم إلى غير شرعه، فقد عبد الطاغوت وانقاد له.....إنتهى).
ثم لا نفهم ماذا حدث فعاد يقول :
يقول ابن باز للدعاة الذين جاءوا ليباحثوه في حكم الحاكم بغير ما أنزل الله: (الأصل عدم الكفر حتى يستحل، يكون عاصياً وأتى كبيرة ويستحق العقاب، كفر دون كفر، حتى يستحل.....إنتهى).
ونقل له احد الذين ناقشوه الاجماع الذي حكاه ابن كثير رحمه الله على كفر الحاكم بغير ما أنزل الله كفرا أكبر فقال ابن باز: (ولو، ولو، ابن كثير ما هو معصوم، يحتاج تأمل، قد يغلط هو وغيره).
والمشكلة هنا أنهم يتكلمون عن إجماع و ليس رأى إبن كثير وحده رغم أنه يكفى !
ثم إلتقط شبهة الشيخ الألبانى و وجد فيها مخرجا من الأزمة ويقول :
(اطلعت على الجواب المفيد القيم، الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وفقه الله، المنشور في صحيفة "المسلمون" الذي أجاب به فضيلته من سأله عن تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل، فألفيتها كلمة قيمة، قد أصاب فيها الحق، وسلك فيها سبيل المؤمنين وأوضح - وفقه الله - أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يكفر من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أنه استحل ذلك بقلبه.....إنتهى).
و يعلق الشيخ أبو بصير في مناقشته تناقضات ابن باز في هذا الباب: (والآن يحق لنا أن نسأل ونتساءل: أي القولين هو قول الشيخ؟! وأيهما ناسخ للآخر؟! وهل في الكفر والإيمان ناسخ ومنسوخ؟! أم أن ضغط طواغيت الساسة كان يحتم على الشيخ مثل هذا التقلب والتغير؟!.......إنتهى).
و فى معرض آخر عن تطبيق الشريعة:
(في أحد الجلسات أبدى الدكتور خالد الدويش، وهو أستاذ مشارك في الهندسة الكهربائية بجامعة الملك سعود آنذاك، ضجره من كثرة المخالفات الشرعية في بلاد العالم الإسلامي، وحوَّل الكلام بذكاء إلى الأوضاع في تونس بالذات، ثم دار الحوار التالي، الذي نقدمه بأسلوب المسرحيات:
د. خالد الدويش - يسأل الشيخ بن باز -: "توجد في تونس ملاهي تتعرى فيها الراقصات بحيث تكشف العورة المغلظة أمام رواد الملهى، وهذه الملاهي مرخصة رسمياً من قبل الدولة، أليس هذا من الكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان، لا أقصد التعري نفسه، فهذا منكر ظاهر ومعصية فقط، وإنما الترخيص لتلك الملاهي؟".
الشيخ بن باز: "طبعاً، مثل هذا الترخيص كفر بواح، لا شك فيه".
، أو إمكانية تأويل أو لف أو دوران؟".
الشيخ – مؤكداً -: "لا! أبداً! هذا من أوضح الأمثلة على الكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان!".
د. خالد الدويش - يوجه الضربة القاضية -: "فماذا عن الترخيص للبنوك الربوية في بلدنا هذا؟".
الشيخ بن باز - مصعوقاً من هول المفاجأة -: "حسبي الله عليك يا خالد الدويش! حسبي الله عليك يا خالد الدويش! حسبي الله عليك يا خالد الدويش!"......إنتهى).
( هذا من كتاب مفتى آل سعود)
أتتصور يا دكتور.. عند قراءة هذا الموقف وجدت نفسى أردد نفس الكلمة دون وعى و لكن ليس على خالد الدويش !!!!!
..........................................
لو تذكرت معى ذلك المشهد عندما هرع الشيخ الشعراوى رحمة الله رغم إعتلال صحته فى أيامه الأخيرة متساندا على الآخرين و ذلك ليستقبل ذلك الشخص بالقبلات والأحضان مهنئا له بالسلامة من محاولة إغتياله.
و أخذ يدعو له بالسلامة !!!! والتوفيق!!!! و طول العمر!!!!
و كان هذا الشخص هو رأس الكفر و منبع الفسق و بؤرة الظلم و بئرالخيانة فى بلادنا وفى الأمة الإسلامية كلها.......
هل كان الشيخ المفسر اللغوى العلامة لا يعرف حكم الآية الكريمة ؟
هل كان الشيخ المفسر اللغوى العلامة لا يدرى بما يحدث فى البلاد ؟
هل كان الشيخ المفسر اللغوى العلامة مجبرا على هذه الفعلة وقد كان مريضا مقعدا بالفعل ؟
لم يبقى غير الإحتمال الأخير و لن أذكره لأننى سألتزم الأدب مع العلماء هذه المرة كما نصحتنى!!!
و رغم أننى كنت ما زلت صغيرا فى ذلك الوقت إلا أن ذلك المشهد لم يبرح ذاكرتى ابدا! الامر الذى يؤكد فداحة و بعد تأثير هذه الأفعال !
الذى اريد تأكيدة لك ان هذا غيض من فيض و ما زال لدى الكثير ولو عرضته هنا لتحولت صفحة بريدك هذه إلى جريدة مستقلة تحمل إسم جريدة العار !!!!!
المشكلة فى كل هذا ان هذه الفتاوى ليست محاولات لتفسير القرآن يراد بها وجه الله ويحتسب اجر بخطئها ! و قبل أن تعلن عدم موافقتك مرة اخرى سأبادرك بأن هذا ليس رأيى!
إنه كلام فقيه المجاهدين الدكتورعبدالله عزام رحمة الله فى تلك الفتاوى فيقول :
( ....لا! لا! لا! هذا "مش" افضل الجهاد، لا افضل الجهاد ولا اقل الجهاد، هذا أكل رز؛ أكل طبيخ، هذا جهاد الطبيخ، هذا لعق الصحون والطناجر من فوق المآذن والمنابر........إنتهى).
طبيخ ؟ !!!!!!!!!!
القانون الفيزيائى البسيط عن مساواة رد الفعل بالفعل و تضاده فى الإتجاه كان يجب أن يفهمه علماؤنا ويطبقونه....
عندما وجدوا شراسة و عنف الهجوم من القوى الصليبية الصهيونية يتقدم صفوفهم الحكام المرتدون وهم يحكموننا بالإكراه والحديد و النار...
كان يجب عليهم الوقوف بقوة و حزم فى مواجة هذا الطوفان و يكونوا السد المنيع والدرع الواقى للأمة الإسلامية مثلما فعل أسلافهم من العلماء الثقات السابقين
لكن الذى حدث هو أنهم ذعروا من عنف الهجوم و إنخلعت قلوبهم على مرآى سياط الجلادين وأصابهم الهلع من سجن بقية السلف الصالح فى هذا الزمن مثل الشيخ ناصر الفهد و الشيخ ابو محمد المقدسى - نصرهم الله و فك أسرهم- هذا مع إعدام البعض مثل الشهيد سيد قطب.... فإنبطحوا و سجدوا أمام الهجوم فانكشفت الأمة من ورائهم و إنبطحت أرضا هى الأخرى و لم يرتفع لها رأس حتى الآن !!!!
و كانت النتيجة مثل أنك تجد فى البريد السابق رسالة الأخ من اوروبا يقول (....لا توجد فتوى، لا توجد فتوى، علماؤنا مختلفون... أو ربما كان عذراً فقط، الحق بين ولا يحتاج الى فتاوى، ولكننا أمة لا تتحرك إلا بالفتاوى...).
وهذا غير صحيح الفتاوى موجودة من قديم الزمن و يمكنه مراجعتها فى نفس البريد السابق وسيجدها تباعا ! ليس فقط بأن الحاكم الخارج عن شرع الله كافر مرتد.... لكن هناك حكم آخر قد لا يبدو واضحا لأول وهلة وسنعرفه الآن :
(...يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل أو كثير... ) تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
(....فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين، وملتزمين بعض شرائعه) شيخ الإسلام بن تيمية.
هل أصبح الحكم واضحا الآن ؟.... هل يحتاج أحد إلى بعض الشرح ؟
كلمة الوجوب هنا تضعنا نحن الشباب القادرين على الجهاد فى موقف عسير!
وهؤلاء العلماء الثقات معروفون بالدقة الفائقة فى إختيار الكلمات و لا سيما الأحكام ! وهذا يعنى ما فهمناه من ظاهر الكلام !
شباب الجامعات المتحمسون للخروج إلى العراق و فلسطين بعيدا عن المشكلة الأصلية التى هى السبب الفعلى لمصيبة العراق وفلسطين و يخرجون فى المظاهرات يصيحون بعض الوقت ثم يرجع كل شئ إلى حاله !....يعرفون جيدا عدم جدوى هذا العبث والأمر ليس إختيارا ولا تطوعا بل واجب سيحاسب كل منا أمام الله على تركة !
المصيبة الحقيقية فى إنسياق المسلمين للإنفعالات اللحظية مثلما حدث عند إغتيال ياسين والرنتيسى و إحتلال العراق.... ثم يعود كل شئ كما كان !
الأعداء الصليبيون يفهمون هذا جيدا و يجيدون إمتصاص مثل هذه الغضبات الساذجة ! و قد كان هذا واضحا من قصة موقف الملك حسين عند ضرب العراق التى شرحتها لنا فى المقالة السابقة (الصورة المقلوبة).
لا.. لا يجب أن نكون هكذا ! الأمة الإسلامية لن تنجوا بهذا الجهل و ردود الفعل التلقائية الحمقاء !
...................................................
الهدف يجب أن يكون ثابتا وشاملا ومحيطا... على مستوى خريطة العالم الإسلامى كلة و ليس فى العراق وحدها.
هدف تحدده معادلات كهذه :
العراق المسلمه = أى دولة إسلامية.
بول بريمر = أى حاكم خارج على شرع الله ويحكم دولة إسلامية.
مجلس الحكم الإنتقالى = أى مجلس وزراء لحاكم مرتد + أى مجلس تشريعى طاغوتى.
الجيش الأمريكى + الجيش البريطانى= قوات مثل الأمن المركزى + قوات مثل الحرس الجمهورى.
موساد + CIA = مباحث أمن الدولة + المخابرات العامة + المخابرات الحربية.
المقاومة العراقيه = ؟
...................................................................
هذه هى طريقة التغيير{ إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم } [الرعد : 11]
وهذه هى الوسيلة { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ } [الأنفال : 60]
وهذا هو قدرنا { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ } [البقرة : 216]
وهذا هو التعامل { فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ } [محمد : 4]
وهذا هو الشعار { ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} [الحج : 40]
وهذا هو الهدف { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ } [البقرة : 193]
........................................................
لكن علمائنا هم من لبسوا الأمرعلينا...
يعتذرالشيخ إبن عثيمين بجهل الحكام !
و يحرم الشيخ الألبانى الخروج عليهم !
و يحقرالشيخ المدخلى جهاد اسامة والظواهرى !
و يرفع الشيخ البوطى حاكمة المرتد لمرتبة اولياء الله !
و يخطئ الشيخ إبن بازالحافظ بن كثير فى تفسيرالآية !
و يحلل الشيخ القرضاوى قتل مسلمى الأعداء لنا !
و يدعو الشيخ الشعراوى لرأس الكفر بالسلامة و يقبله !
ويمنع عمرو خالد الحديث فى السياسة والجهاد !
و يصمتون جميعا عن تنحية الشريعة الإسلامية !!!!!!!!!!!
ثم يتركوننا فى العراء بدون أى فتوى بديله وأى خطوط سير تتحرك عليها الأمة ولا هدف واضح نتجه نحوه لإنقاذنا من الحكام الخائنين والصليبيين واليهود و قد دخلوا أرض الجزيرة بالفعل و ربما الحرمين عما قريب!!!
قال الشيخ أبو قتادة الفلسطيني :
(... فماذا كانت النتيجة لغياب الافكار الواضحة... والتوحيد الصحيح ؟
ماذا جر علينا ؟ ويلات وأي ويلات،
بل غياب الفهم الصحيح هو الذي يجعل أولئك العلماء يخرجوا لنا كل يوم قيحة، يتشكل أمام ناظريكم بأنها فتوى شرعية تستند إلى كتاب وسنة، وهي لا تعدو أن تكون قيح أفكار وعلالة رجل مريض..........إنتهى).
هل عرفت الآن يا دكتور بعض دوافع ذلك الهجوم الأرعن على العلماء ؟
لن استرسل اكثر فى هذا الأمر لأن الإنفعال عاودنى و قد أسحب الإعتذار الذى قدمته منذ قليل !!!
و السلام عليكم..
خالد
مصر
1- بروتوكولات حكماء صهيون- الطبعة الخامسة، ترجمة محمد خليفة التونسي.
2- الشرق الأوسط 22-5
2- نعم.. هذا هو الدستور الذي يحكمنا.. بروتوكولات حكماء صهيون.
3- في عهد كرومر ارتفع عدد الصحف من عدد أصابع اليدين إلى 300 صحيفة. وقد حدث نفس الشئ في عصر الرئيس مبارك.
4- مكتبة الأسرة وسلاسل وزارة الثقافة ومطبوعات الكويت.
5- تجديد الفكر الديني..!!.
6- جميع المواد السابقة بالنص من بروتوكولات حكماء صهيون – مرجع سابق.
7- راجع كتابي: إني أرى الملك عاريا.
8- ليس لذلك أي ميزة.. لأنه هو الذي بدأ الكارثة وعليه وزرها ووزر من قله فيها إلى يوم القيامة.
9- الأساتذة يفعلون ذلك أيضا . ففي مذكراته سيرة حياتي قال الفيلسوف الدكتور عبدالرحمن بدوي عن طه حسين كان يشي إلي السلطات بأسماء الطلاب الوطنيين الذين كانوا يخرجون في المظاهرات. كان ذلك استثناء قبل الثورة.. وتحول الآن إلى قاعدة.
12 - صحيفة الصحافة – العدد 4010.
11- أزمة الأحزاب السياسية في مصر- دراسة في إشكاليات الوجود والشرعية والوظيفة- د. نصر محمد عارف -( كراسات استراتيجية 132 )
12- راجع روجيه جارودي- أمريكا طليعة الانحطاط- مكتبة الشروق.13
13 - الديمقراطية الرأسمالية على حقيقتها التعذيب في سجون العدو الأمريكي في العراق نموذجا- باسل ديوب- حلب.
14 - الإخوان المسلمون فى دائرة الحقيقة الغائبة - إبراهيم قاعود – الناشر: موقع الشبكة الإخوانية.
15- موقع الإخوان المسلمون بالبحيرة
16- مقتطفات من كتاب عملاق الفكر الإسلامي الشهيد سيد قطب - بقلم: الدكتور عبد الله عزام
17 - الواعي، د.توفيق مجلة المجتمع الكويتية العدد 1190 في 5/3/1996
18- كراسات استراتيجية – مرجع سابق.
19- الطريق إلى الإيمان- مكتبة الشروق الدولية- مصر.
20 – لم أتشرف بالانضمام إلى الإخوان ولا أي حزب في حياتي.. بقرار مسبق أظنني سأظل عليه كي تكون لي حرية الفكرة وإخلاص المعاونة دون الالتزام التظيمي الذي لا أستطيعه.
21- مقفرجوني أم لاعبون فى الساحة الدولية- السفير: سيد قاسم المصري- كتاب الهلال- مايو2003
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق