في ذكري تنحي المخلوع مبارك ووراءه المخلوع القادم عبد الفتاح خليل السيسى قريبا
الإعلامى والمحلل السياسي
د. محمد السيد
منذ عشرة اعوام سقط المخلوع مبارك بعد صدمات واحتجاجات استمرت علي مدار سنوات ،توجت بثورة الخامس والعشرين من يناير بعدما طفح الكيل من النهب والتهميش وسطوة شرطة مبارك المجرمة وقمعها للشعب وتدبير حوادث لالهاء المغيبين وتزوير الانتخابات بصورة فجة تمهيدا للتوريث ،
ثمانية عشر يوما اتت علي نظام مستبد استمر ثلاث عقود جرفت فيها الحياة وهجر البلاد الالاف من خبرة ابناءها بحثا عن فرصة للحياة ، ترك مبارك البلاد للمحاسيب وانتشرت الرشوة وعم الفساد وتزاوجت السياسة بالمال فنتج عنها اضمحلال الدولة وانهيار بنيتها واستيلاء اصحاب النفوذ علي الاراضي والشركات التي بيعت بملاليم بدعوي الخصخصة .
كان يوما مشهودا انتظرته جماهير مصر في الداخل والخارج ومع استمرار الاعتصامات بالميادين مطالبين المخلوع للتنازل عن السلطة للمجلس العسكري وفوضه في ادارة شئون البلاد …
كانت الفخ الذي وقع فيه الجميع ومن احسن الظن في عصابة شاركت مبارك علي مدار العقود الماضية ومن قبلة مع السادات ، لكن فرحة تنحي المخلوع انست الجميع ان الامور آلت الي الثعالب والذئاب التي تتربص بالجميع .
عشات مصر لحظات امل ، تمني فيها الشعب ان تصبح البلاد وخيراتها لابنائها دون تمييز وان ينعم الجميع بالحرية ، لكن الخلاف والمناكفات السياسية التي صنعها الثعالب اتت علي الثورة واخمدت نيرانها قبل ان تقضي علي جزور الفساد المنتشرة في كل شبر من ارضها ، فكانت النتيجة ان تصارع الساعون للسلطة وقدموا الي العسكر السكين الذي ذبحت به الثورة فيما عرف “بجبهة خراب مصر “
في الإعلام المصرى المخبارتى تتراجع اللغة السليمة، وتتناقص المفردات المكتنزة من التاريخ الثقافي والفكري والمعلوماتي لأباطرة الإعلام الجدد، وفي كثير من الأحيان تحدد توجهات المحرر صيغة الخبر، فينقلب الأبيض أسود أو العكس، ويكبر الصغير، ويصغر الكبير، ويتعملق القزم، ويتقزم المارد، ويضع صاحب الخبر تحبيــشات من الارتياب بين ثنايا الخبر أو يقسم أنه تنزيل من الذكر الحكيم أو رسالة غير سماوية نزلت عليه في تجليات عبقريته.
وقبل ان يجف دم الشهداء الذي سفك في الشوارع والميادين فاذا بالثعالب والذئاب قد اتحدوا للانقضاض علي ما تبقي من الثورة في مؤامرة سجلها التاريخ عرفت بنكسة 30 يونيو .
القاريء المصرى الغلبان لا يحتاج إلى بانجو أو قات أو جراما واحداً من الهيرويين ليغيب فـًـيـُـصـَـدِّق الخبر، لأننا نذهب تلقائيا إلى موقع المصائد أو المصائب ( وهل هناك فارق؟)، فالمسلم المعتدل والمتطرف والمتسامح والأرثوذوكسي والكاثوليكي والبهائي والملحد والماركسي كل يجري لأجل مسمى، ولقوم يحتضنونه فيظن أن العالم يبدأ عندهم و.. ينتهي بهم.
إذا أردت النجاة بعقلك فلا تـصدق تسعة من كل عشرة أخبار تصلك أو.. تصل أنت إليها، وإذا كنت راغبا في صحة نفسية سليمة فضع شكوكاً في كل تسعة أخبار، وإذا أردت العيش بسلام نفسي ووجداني وعقلي فتخلص من تسعة أخبار إثـر استقبال عينيك أو أذنيك إياها.
وكالات الأنباء الحيتانية تحدد لك مأكلك بالكامل كما يفعل معك السوبر ماركت، فتدخل لتشتري، وتخرج منه وقد اشتراك.
هكذا بمنتهى السهولة، وبعد ثورة بمراحلها الثلاث، وآلآف الشهداء، ومثلهم من المفقوئة عيونهم، وآلاف الهاربين أو المهـرَّبين من السجون، نقول لمبارك وعلاء وجمال وسوزان والمستشار أحمد رفعت والمشير الخائن الأكبر طنطاوى وأحمد عز وبرهامي وحبيب العادلي وأحمد نظيف وصفوت الشريف وأحمد فتحي سرور والسيسى منتهك حرمات بناتنا، ومغتصبي شبابنا ..شكرا لكم عودوا الى مقاعدكم ، فأنتم الطلقاء.
سؤال بسيط الى عبد الفتاح السيسى أين كنت تخفى البنزين والسولار وانابيب البوتجاز ؟واين اخفيت رغيف العيش والدقيق ؟وكيف ظهر بلطجية مصر وأولاد الشوارع ؟فجأة أثناء حكم الرئيس المرحوم محمد مرسى وكيف إختفى كل هؤلاء هجأة بقدرة قادر عند ظهورك بجانب بابا الروم الأرثوذكس وبابا مشيخة الأزهر الشريف وباقى عصابة اللصوص
من جديد أبدأ رحلة البحث عمن لم تتغير مواقفهم من النقيض إلى النقيض كلما أطـل علينا لص جديد من جنرالات العسكر فى قصر الحكم.
كل شعب مصر، من عهد عبد الناصر إلى الآن، وكل من حمل في داخله ضمير الوطن من قضاة ومستشارين وعسكر وأكاديميين ومثقفين وإعلاميين وسياسيين وحزبيين ومتمردين وثوريين ورجال دين أغمضوا عيونهم عن سرقة القرن، وكلما قرأوا عنها أو أشار أحد إليها صكوا وجوههم، وصموا آذانهم كأن في الحديث عن جريمة الجرائم ثعبانا يلدغ اللسان والوجه والرقبة في نفس الوقت.
كل المصريين، مع استثناءات لا تراها العين المجردة، يخشون أو يترددون أو يحجمون عن الاقتراب من المنطقة الخطر ، وهي أموال شعب تم نهبها خلال ثلاثين عاماً فأفقرته، وضيعته، وأوقفت التنمية، وأبطأت عجلة الحياة، وضاعفت فقراءه.
كأن شيطانا من الجن الأزرق يلتصق بكل ورقة خضراء نهبها لصوص في عهود سوداء، فإذا لمستها أو أشرت إليها أو حرضك ضمير يقظ، لسعـتك فلا تدري أهي نار جهنم قبل موعدها أم نار اللص الحاكم تحرق القلوب ولا تحرق أوراق النقد.
إجماع عجيب من شعبنا المصرى على عدم الخوض في هذا الأمر، حتى القضاة وهم يجلسون تحت شعار يحثهم على العدالة، ويستمعون لاتهامات النيابة وهي تعرض جرائم الرجل وعائلته وحكمه الكئيب لثلاثة عقود، تغض الطرف بعدها عن أموال الشعب المنهوبة.
في الشهور الأولى بعد ثورة 25 يناير سمح المشير اللص الأكبر طنطاوي لعائلة المخلوع بالاستجمام في شرم الشيخ، وتحريك وتهريب وتحويل والتلاعب في الأموال المنهوبة قبل أن يأتي يوم المحاكمة.
في المحكمة كان إبليس جالسا كأنه يوم عيد له، فالشعب الثائر وافق على محاكمة الطاغية عن ثمانية عشر يوماً، وصمت، وسكت، وخرس، عن لعنة حكمه ثلاثين عاماً.
ان ما حدث بعد هذا اليوم هو اكبر انتكاسة للشعب المصري يدفع ثمنها الي اليوم ، فكل من تنازل عن كرامته وباع ضميره اصبح اليوم اسيرا ذليلا لعصابة الثعالب والذئاب .
هذه العصابة التي توهم البعض انها حفنه من الملائكة اصبحت تذيق الشعب اشد ألوان العذاب والذل ، فساد ورشوة وفقر ومرض وانهيار اخلاقي وانهيار في كافة الخدمات صحة وتعليم ومواصلات ، بإلاضافة الي انتشار البطالة وغلق الاف المصانع وتسريح العمال وبيع الشركات بابخث الاثمان لمستثمرين عرب واجانب والنتيجة مزيد من الديون الخارجية بلغت اكثر 120 مليار دولار وديون داخلية تجاوزت 5 ترليون جنية مصري …
هاهم العسكر الذين عادوا من جديد علي جثث المصريين بعدما مكروا بالجميع ، واليوم بعد مرور عشرة سنوات هل تعلمنا الدرس ؟وهل استوعبنا الاحداث جيدا ؟
اري من وجهة نظري اننا لازلنا مصدومين مما حدث ولم نستعيد الوعي ،والا لما استمر هؤلاء الخونه في حكمهم البغيض !
ان المقاومة الان اصبحت حق مشروع للخلاص من هاته الطغمة الحاكمة فمن يتخيل ان العصابة سترحل من تلقاء نفسها او بضغوط خارجية فهو واهم ، لانهم مخلب للغرب وعملاء للصهاينة فرحيلهم غير وارد ، ولابد من تغيير الاستراتيجية في التعامل معهم وبذل المزيد من الجهد والدماء في تحرير مصر من اخطر احتلال اصابها وجثم علي انفاسنا جميعا ، فلتكن المقاومة هي الحل وبكافة الوسائل دود شروط فاستعادة مصر ليست مهمة افراد او جماعة بل مهمة كل مصري حر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق