السبت، 20 فبراير 2021

أحرارنا السجناء.. وواجب الاجتهاد في الدعاء


أحرارنا السجناء.. وواجب الاجتهاد في الدعاء


السجن فتنة...وإن كان قد يكون منجاة من فتن أشد في بعض الأحيان، ولولا الضعف البشري لكان خيار الكثيرين أن يسجنوا بدل أن يفتنوا.. فإنه لما سجن يوسف عليه السلام بسجون مصر التي لم يذكر في القرآن غيرها .. دعا ربه أن يصرف عنه الفتنة في الدين، ولو بمحنة السجن مع المظلومين : ( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ) (يوسف/ 33)
★.. ومع ذلك ؛ فعندما طال عليه السجن ؛ تاقت نفسه للحرية،فالتمسها ممن ملكه الله أسبابها : ( وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) [يوسف/42] ومع طول لبثه في السجن سنوات عديدة أخرى؛ أبت نفسه عليه ان يقايض حريته بكرامته..فاختار الكرامة على الحرية فقال لمن دعاه للخروج قبل رد الاعتبار من تهمة العار التي أرادوا إلصاقها به: ( ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ )(يوسف/50)
★.. كان بوسع يوسف أن يسعى لرد الاعتبار بعد الفرار من فتنة حبس النفس والأنفاس التي طالت عليه ..ولعل هذا كان الأوفق والأرفق، وهو ما أشار اليه رسولنا صلى الله عليه وسلم حين قال: ( رَحِمَ اللهُ أخي يُوسُفَ؛ لو أنَا أتانِي الرسولُ بعدَ طُولِ الحَبْسِ لَأسرعتُ الإِجابةَ حِينَ قال : ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ)أخرجه أحمدوصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: (3491)
★.. الأسماء أكثر من أن تحيط بها الذاكرة.. فيمن طال حبسهم ظلما في سجون مصر أو السعودية أو غيرهما في ظروف غير إنسانية..ووراءهم عشرات الآلاف في بلدان أخرى، لايعرف أحد عنهم شيئا غير خالقهم..وقد كان من الواجب تجاه هؤلاء الأحرار وراء الأسوار أن يبذل الوسع لفكهم ..التزاما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وعُودُوا المَرِيضَ، وفُكُّوا العَانِيَ) أي الأسير (رواه البخاري برقم ( 5649 )
★.. فك العاني فريضة إسلامية.. يجب السعي إليها بكل وسيلة شرعية، أما التعويل على عويل أمريكا المصطنع على الحريات في العالم.. ورفعها للشعار المستعار بيد (صنم الحرية) ؛ فإن هذه الأمريكا ؛ لا تحب الحرية إلا لمن يحملون جنسيتها أو أجندتها..،ومع ذلك نرجو الله أن يسلطها على المتسلطين ، ويسخرها سببا، كما سخر من يسره ليوسف فنقله من الاستضعاف الى التمكين ..
★.. ظلم الناس عظيم عند الله، ولأن الجزاء عند الله من جنس العمل، فقد جعل جهنم سجنا لمن يستحلون أذى المؤمنين..ولايرحمون ضعف المستضعفين، فقال سبحانه: ( وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا)..أي سجنا يحصرون فيه ويحاصرون به.. فماذا ربح من ظلم الناس ورجع بسخط رب الناس..( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [ الشورى/42]
فاللهم إنا نعلم أن وراء الأسوار عشرات الآلاف من الأبرار الأحرار،الذبن لانملك تجاههم الا الدعاء في أوقات الرجاء وسوانح الأسحار..
فاللهم فك أسرهم..وعجل فرجهم..
اللهم من عادهم فعاده..ومن كاد لهم فكده..ومن مكر بهم فامكر به.. وأبدله مكانهم بعد أن تأخذ بحقهم..
ياسميع الدعاء..يارب الأرض والسماء..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق