رسالة أخيرة من سكان الأرض
كلمة بعد النقطة
صديقتي...
لقد تم خداعنا... نعم تم خداعنا وبكل ذكاء لا تتصوره عقولنا الضيقة، ولا تستوعبه نفوسنا المسالمة.
خدعنا... بصمتنا المطبق وتسليمنا للواقع المزيف!
خدعنا... بخوفنا السلبي وقناعتنا في الحياة التي تسلب منا أعوامنا ببطء، من دون أن نشعر بفداحة هروبنا من ذواتنا.
خدعنا... بالأمل والوهم والأحلام الهلامية. ياه... ما أقسى هذا الشعور الذي أحسه الآن، حتى إنني لا أستطيع لوم من عاشوا قبلنا بقرن على الأقل على هذه الأرض، على استسلامهم التام لكل ما يحاك حولهم تحت مسميات ذات معانٍ جميلة، ومبادئ وقيم إنسانية عالية !
لماذا... لم نجد منهم مثلاً رسائل تنبهنا بأن الطريق من رحم الأم إلى رحم الأرض صعب جداً جداً... وأن هناك من يتخطفنا وينتزع منا على مهل أشياء لطيفة وهبها الله لنا، لتكون لنا متاعاً وأنساً في الحياة ؟ فهل تم طمسها أم حرقها؟ أم أنه تم التلاعب بها، ليكون كل ما دون بها حجة علينا وليست حجة لنا ؟ أليس من حقوقنا أن نطلق العنان لعقولنا لتقوم بمهمة البحث والتحليل والتمييز، لما يجري حولنا ليعيش الإنسان عيشاً حقيقياً لا خداع فيه أو وهم أو تضليل !
وإذا كان هذا الحق غير مشروع، فإن النتيجة المتوقعة، هي التسليم للدمار الشامل المخفي عن أعيننا... في تشويه الحقوق وسلب الكرامة بكل مكر ومكيدة.
أتخيّل واقع معظم الأوطان كمدرسة يحيّي فيها الطلبة كل صباح العلم الوطني، ويبتهلون بالدعاء للوطن، أملاً في مستقبل مزهر، بينما أصحاب المسؤولية يسعون إلى سحقهم بالفقر والجهل والتعزير، شتّان ما بين ما تضمره تلك القلوب الصافية الندية، وقلوب تنانين ذات النار واللهب !
فات الفوت... يا صديقتي... ما من بوصلة تصحح اتجاه الفكر والعلم لهذا العالم المغلوب على أمره... المسيّر تسييراً أعمى نحو حتفه.
إني أتألم يا صديقتي...
وهذا الألم الذي يموج بي... صارخاً... في تجويف حنجرتي.
مأسوراً في أحرف رسالتي... يردّد: لقد خُدعنا... خُدعنا يا سادتي !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق