مصر بين برنامج الشريعة و"الحواة".. وبرنامج مح "كما"
أحمد عمر
إنَّ إلحاح النظام المصري على محاولة قتل الشهيدين حسن البنا وسيد قطب مرة ثانية، يشي بأنهما حيّان يرزقان عند ربهما، وحيّان في مصر أيضاً، فمصر حيّةٌ عند ربها وكذلك سوريا واليمن والعراق، ولكن لا تشعرون.
قُتل الرئيس المنتخب محمد مرسي قتلاً ذكياً من غير سفك لدمه أو إحالة أوراقه إلى المفتي، الذي صار جلاداً عشماوياً، فالأعمار أوراق في مصر، وقد يعدمُ الجلاد اثني عشر نقيباً من نقباء الشعب المصري بإحالة آجالهم إلى المفتي الجلاد، وسيزيدهم القتل حياةً، والقتلة لا يشعرون، وقد صرفت الدولة المصرية عشرات الساعات الإعلامية والإعدامية، ومئات الحوارات الفضائية لمحاولة قتل حسن البنا وإعدامه من الذاكرة المصرية.
تقول شهادة لسيد قطب إنه فوجئ بالاحتفالات بمقتل البنا عندما كان موفداً إلى أمريكا، ومريضاً في المشفى، فعجب من ذيوع شهرته في أمريكا، فتبعه في دينه، ثم لحق به في المصير مقتولاً بعد سنوات من عودته إلى مصر.
بل إنَّ فرنسا، وهي من الدول الخمس الكبار في العالم، حاولت قتل الشهيد الحي مع حفيده، أو في صورة حفيده طارق رمضان الذي فعل بهم الأفاعيل وأذاقهم الهوان في المناظرات، وأبطل منطقهم وكسر أقلامهم، فبحثوا في ماضيه، وكادوا له كيداً، فظهرت خمس نساء من تحت طوب الأرض؛ ادّعين عليه بالاغتصاب والتحرش بعد سنوات من الصمت، ويبدو أنّ طريقة دفع الصائل في فرنسا تتأخر بضع سنوات.
هناك طريقة واحدة لقتل حسن البنا وسيد قطب غير طريقة حرق كتبهم واتهامهم بالإرهاب والكباب، وبغير الطريقة التي اتُّبعت مع محب النبي محمد حسين يعقوب، الذي أحُضر على كرسي بعجل، وبثت شهادته بثاً مباشراً
هناك طريقة واحدة لقتل حسن البنا وسيد قطب غير طريقة حرق كتبهم واتهامهم بالإرهاب والكباب، وبغير الطريقة التي اتُّبعت مع محب النبي محمد حسين يعقوب، الذي أحضر على كرسي بعجل، وبثت شهادته بثاً مباشراً. وسنذكرها في ختام المقال ناصحين بها النظام ولا نريد جزاء ولا شكورا، وإن أجرنا إلا على الله.
كان برنامج الشريعة والحياة على الجزيرة من البرامج الشهيرة، وكان متابعاً من الملايين من المسلمين، بل إنَّ بعضاً من غير المسلمين كان يستأنس به. وكان برنامج الشعراوي رحمه الله، نور على نور مشهوراً، وقد حاول النظام المصري بعد إسقاط الرئيس المنتخب محمد مرسي واستتباب الأمر له أن يستعيض عن البرامج الدينية التي حُظرت، والفضائيات الدينية التي أُغلقت ببرامج "الشريعة والحواة"، وهي برامج شبه يومية، تدور فيها صراعات حرة بين بعض المشايخ الشامخين ليس بالكلمات والفتاوى، وإنما باللكمات، وقد يضطر أحدهما حسب النص المكتوب و"السكربت" أن يلوذ بالمذيع أو مخرج الحلقة طالباً جواره. الغرض الظاهر هو قتل الأزهر، الباطن هو قتل الإسلام.
وكان من محاولات قتل حسن البنا وسيد قطب ورابعة ومرسي؛ إخراج فيلم رعب كوميدي مصري ببعث مومياوات اثنين وعشرين ملكاً من ملوك الفراعنة، وإذا أضيف إليهم الفرعون عبد الفتاح السيسي يصير الحاصل ثلاثاً وعشرين "موم حاء".
أُنشئ موكب الملوك الفراعنة الموتى للتعويض عن الشريعة والحياة، فالنظام يدرك أنّ الدولة لا بد لها من دين. كل الدول تقوم على الأديان، لكنَّ بهجة العرض الفرعوني الفاخر والمكلف انتهت بعد العرض كالفقاعة، فقصص الفراعنة وصراعاتهم مع بعضهم خالية من الإثارة. ذهبُ الأقنعة الفرعونية الثمينة لا تُغني المصري من جوع في الدنيا، ولا تعد بشيء في العالم السفلي الذي رحل إليه الفراعنة، وتحنيط الجثث غير تحنيط الأحياء، حتى إن بعض الشيوخ الفراعنة، بذلوا جهوداً شرعية في جعل الفراعنة موحّدين وشهداء، بل وأنبياء. ولم تعد الخدعة تنطلي على الشعب المصري، معجزة الإعجاب بتحنيط الموتى انتهت، والمصري يدرك أنهم يريدون تحنيط الأحياء ويحاول النجاة من "خوفو"، هذه المعجزة المنيّلة بستين نيلة.
لم تكفّ الفضائيات المصرية الكثيرة عن العروض الدينية، إما بتسميم الأزهر، وإما باستضافة الشيوخ الموالين أمثال أحمد كريمة، وميزو، وسعد الدين الهلالي، وإما بتكريم المجددين في الدين أمثال إسلام البحيري، وسيد القمني، وشهيدة الحبِّ الإلهي نوال السعداوي، فتتابعت الغارات على ثوابت الإسلام لتقويضه
لم تكفّ الفضائيات المصرية الكثيرة عن العروض الدينية، إما بتسميم الأزهر، وإما باستضافة الشيوخ الموالين أمثال أحمد كريمة، وميزو، وسعد الدين الهلالي، وإما بتكريم المجددين في الدين أمثال إسلام البحيري، وسيد القمني، وشهيدة الحبِّ الإلهي نوال السعداوي، فتتابعت الغارات على ثوابت الإسلام لتقويضه
لم تكفّ الفضائيات المصرية الكثيرة عن العروض الدينية، إما بتسميم الأزهر، وإما باستضافة الشيوخ الموالين أمثال أحمد كريمة، وميزو، وسعد الدين الهلالي، وإما بتكريم المجددين في الدين أمثال إسلام البحيري، وسيد القمني، وشهيدة الحبِّ الإلهي نوال السعداوي، فتتابعت الغارات على ثوابت الإسلام لتقويضه
لم تكفّ الفضائيات المصرية الكثيرة عن العروض الدينية، إما بتسميم الأزهر، وإما باستضافة الشيوخ الموالين أمثال أحمد كريمة، وميزو، وسعد الدين الهلالي، وإما بتكريم المجددين في الدين أمثال إسلام البحيري، وسيد القمني، وشهيدة الحبِّ الإلهي نوال السعداوي، فتتابعت الغارات على ثوابت الإسلام لتقويضه، واستمرت عروض الشيخ الظريف مبروك عطية، الذي فاق بظرفه نجوم الكوميديا والميديا في مصر.
فعطية الذي لا يفتي إلا وهو يحمل باقة ورد، شيخ فصيح اللسان حاضر البيان، عارف بالقرآن والسنّة، ويجيد خلط السكر بالحنّة، ويعرف أخبار التاريخ وكثير الشماريخ.
شعر النظام المصري بالغرور بعد نجاح الانقلاب، فأوعز بشنِّ الغارات الفضائية من سلاحف النينجا على الإمام البخاري، مصنّف صحيح البخاري، الذي يُعدّ أوثق الكتب الستة الصحاح، والذي أجمع علماء أهل السنة والجماعة أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم.
ثم كان أن فوجئنا بذلك العرض الروماني بقرار إطعام الشيخ حسين يعقوب حيّا للوحوش. جمع العرض بين برامج المسابقات وتحقيقات الفيش والتشويه، ودار ذلك الحوار الذي أُشبع نقداً وعرضاً وتحليلاً على الفضائيات والمنشورات.
فوجئنا بذلك العرض الروماني بقرار إطعام الشيخ حسين يعقوب حيّا للوحوش. جمع العرض بين برامج المسابقات وتحقيقات الفيش والتشويه، ودار ذلك الحوار الذي أُشبع نقداً وعرضاً وتحليلاً على الفضائيات والمنشورات
لقد كان المأذون فقرة كوميدية شبه دائمة في الأفلام المصرية، يحضر بزيه الأزهري ويحكي بضع جمل محفوظة بالعربية الفصحى، ويزوّج العروسين على مذهب أبي حنيفة النعمان مقابل مهر مقدمه كذا ومؤجله كذا، وقد يقول نكتة يمزج فيها بين العربية والفرنجية ويمضي، لكن المخرج قفز قفزة كبيرة، وتجاوز البخاري أيضاً، وسعى إلى إعادة محاولة قريش قتل النبي عليه الصلاة والسلام.
وكان النظام السوري أخبث من النظام المصري، أو أنَّ الدماء التي سفكها أجرأته على الحق، فمنع الكتابة على السيارات السورية، بعد أن صارت آلاتٍ لنشر الرقائق والأذكار في الشوارع السورية، والتي ذعر منها المجتمع الأهلي، أي المجتمع غير الأهلي، أو أهل العسكر الغزاة في العاصمة، الذين اشمأزّوا من ذكر الله، فصدر قرار بمنع الكتابة على السيارات.. صلّوا على النبي في بيوتكم، الشارع ملك الدولة.
مدح محبّو الشيخ جوابَه عن سبب كثرة صلاته على النبي، كان يمكن أن يكون أحسن طبعاً، ليس إلى درجة أن يطلب أربعة أجوبة عن كل سؤال كي يختار الجواب الصحيح:
الجواب الأول: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً.
الجواب الثاني: لم أكن أعرف أنَّ الدولة تحرّم الصلاة على النبي.
الجواب الثالث: طيب صلِّ على النبي يا سيادة القاضي بالأول وأنا أقول لك الجواب.
الجواب الرابع: بحبه.. "الحب بين الناس الله محلله".
قال أحد الظرفاء إن العرض اسمه "شيخ ما شفش حاجة"، لكنه قريب إلى برنامج شاهد على العصر (ويمكن تغيير ترتيب أحرف الكلمة). لكننا نرى أنَّ الغرض من دغدغة الشيخ المعصور عصراً بالاستجواب، هو التسلسل على جسر المحاكمة لقتل حسن البنا، ثم قتل خاتم الأنبياء والمرسلين، فحسين يعقوب شيخ فانٍ، لا يخيف، والنظام بارع في صناعة الجسور والطرق.
الأغرب من سؤال القاضي المصري الشامخ، هو تعليل إعلامي مصري لسؤال القاضي المنكر يعقوباً عن "تهمة" الصلاة على النبي، قوله بأنَّ الصلاة على النبي مشبوهة بدعوة الشعب للتظاهر ضد الدولة المعبودة من دون الله، والرئيس مشغول بخرم سدِّ النيل.
أما الطريقة الوحيدة لقتل حسن البنا وسيد قطب قتلاً نهائياً فليس فيها أربعة أجوبة، وهي طريقة؛ رب الغلام وأصحاب الأخدود. أن يقول القاضي وهو يقتل: باسم الله رب حسن البنا وسيد قطب، وليس باسم الشعب أو باسم الوطن.
وسيموتان.
twitter.com/OmarImaromar
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق