بعض من كلمتي الأخيرة
أضع نقاطا رئيسية بدلا من أن تضيع ولا أكتبها أبدا.
إن مهمة الإنقاذ العاجلة، مهمة تدليك قلب الأمة وإجراء التنفس الصناعي لها، وإلا استبدلنا، تتلخص في اجتهادي في النقاط التالية:
* توحيد العالم الإسلامي فريضة ولو بالقوة:رحم الله صلاح الدين الأيوبي. لكن يجب أن تكون قوة ذكية آخر أدواتها السلاح، وأمامنا الفرصة لنبرهن كيف أن الإسلام ينتصر بقوته المعنوية أساسا. وبأنه الدين الحق الذي فرضه علينا الحق.
* لقد تمنيت لأسبوع واحد أن تنجح عاصفة الحزم ووضعت شرطا أن تنتهي خلال أسبوع أو أسبوعين على الأكثر، كما أوهمَنا السعوديون وخدعونا، فلما طالت أدركت أنها مجزرة وجاهرت بموقفي ضدها وهاجمتها وما زلت أستغفر الله عن هذه الكبيرة التي ارتكبتها بتأييدها في البداية. ولم يكن لدي وهم أنها في سبيل الإسلام فقد كنت أدرك جيدا أن الخليج مجرد قفاز يغطي المخالب الأمريكية والإسرائيلية ، ولكنني أملت أن نقتنص خطوة ولو بنية فاسدة منهم عسى أن يأتي حاكم صالح يطورها
لصالح الإسلام. ولكي أكون واضحا وصريحا فإنني كنت أتمنى أن تنتصر السعودية على إيران (ليس بالحرب وحدها) وتنجح في ضمها إلى السنة. رغم أنني أدرك مؤخرا أن السعودية أخطر على الإسلام من إيران، أخطر كثيرا كثيرا. على الأقل إيران تستتر وتتقي والسعودية تجاهر. لكن انضمام إيران للسنة -برغم أننا في السنة لسنا بخير- هوالأصح و الأصلح للإسلام.
* جل الشيعة ليسوا كفارا وهذا قول ابن تيمية وجمهرة كبيرة من العلماء وينصب التكفير على علمائهم، وليس كل علمائهم. ثم أن التكفير لا يجوز على أمة أو طائفة أو قبيلة، وإنما هو حكم معين على فرد معين بتوافر شروط وانتفاء موانع، وأن الشيعي لا يحمل أوزار أجداده لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى ، هذه كلها بديهيات في الإسلام ويقول بها ابن تيمكية وابن باز وابن عثيمين لكن الفقه الأمريكي السعودي لا يرى كل ذلك بل يرى أن الشيعي يحمل كل أوزار أجداده من ابن سبأ حتى الآن، ويرى أيضا أن التوبة مفتوحة أمام اليهود والنصارى، بل خاصة أمام اليهود والنصارى، لكنه مغلق أمام الشيعة، ومغلق أيضا أمام الإسلاميين الذين يقولون كلمة حق أمام طاغوت جائر.
* إن كل بلاد العرب والمسلمين تقريبا محتلة باحتلال أخطر بكثير من الاحتلال المباشر: الاحتلال الوطني، فهو احتلال كالفيروس أو كالسرطان الذي يخدع أجهزة المناعة، ثم إنه لا يمكن التحرر من الاحتلال الغربي وخصيانه المحليين إلا بمواجهة مع الغرب، مواجهة ذكية وليس مواجهة الأعراب الذي يجمعهم صوت ويفرقهم سوط، مواجهة يكون السلاح موجودا فيها تحت الطلب، نرهب به عدو الله وعدونا لكنه لا يستخدم إلا في الظروف القصوى لفارق القوى الهائل، تماما كما فعلت الصين مع أمريكا وإلى حد ما إيران وليس كما فعل عبد الناصر وصدام والقذافي. واضعين في الاعتبار أن أمتنا مستعدة لتقديم ملايين الشهداء تحت قيادة ولي أمر حقيقي وليس "خيال مآته" وعالم حقيقي وليس إماا كافرا من عبد الشيطان والسلطان! لكن الحكومات الغربية ستسقط إذا سقط منهم بضعة آلاف قتيل. وبهذا يمكننا أن نحقق النصر. إن الحضارة الغربية المادية تتجنب كل ما يمكن أن يفقدها الحياة، لأن حياة الشخص أهم من الدين والوطن والقيم العليا.
* لابد من المواجهة إذن، لكن هذه المواجهة لا يمكن لها أن تتم دون خلع الخازوق الذي زرعته السعودية ( السعودية ظاهرا وأمريكا باطنا) بتحريض الأمة ضد بعضها وإفشال ثوراتها والولاء للغرب وإسرائيل والبراء من الإسلام والمسلمين والتحريض الذي لا ينقطع: فإن كان التحريض على الشيعة فلماذا تركت الشيعة السعوديين داخل أرضها وإن كان التحريض على إيران كوطن منافس لها فما علاقة ذلك بالإسلام. الأمر كله تطبيق للإسلام الأمريكي.
اسخر كثيرا ممن يتكلمون عن الاختلافات بين السنة والشيعة.
يا مسكين: لقد تم تجريف الدين كله فالسنة والشيعة الآن جاهلون بالإسلام جهلا مطبقا يكاد أن يكون شاملا. لم نوجه إلى الشيعة الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة كما نحن مأمورون، بل تعرضوا لحرب دعائية أساسها أمريكي ترتب عليها انتشار الإلحاد بينعهم بصورة كبيرة (هل هو قصاص إلهي أنه ينتشر الآن في الخليج كله بصورة أكبر؟).
أي اختلافات بين السنة والشيعة يامسكين؟ وهل تقصد اختلافات العامة أم اختلافات العلماء.
إنها خلافات يصفها الشيخ محمد الغزالي بأنها لا تستحق إهراق دم قطيع من الخراف لا دماء بشر.
خلافات؟
خلافات في ماذا وعن ماذا
أي اختلافات بين السنة والشيعة يامسكين؟ وهل تقصد اختلافات العامة أم اختلافات العلماء.
إنها خلافات يصفها الشيخ محمد الغزالي بأنها لا تستحق إهراق دم قطيع من الخراف لا دماء بشر.
خلافات؟
خلافات في ماذا وعن ماذا
اسأل زوجتك الآن في أي شهر عربي نحن. إسأل أبناءك عن موعد أذان الفجر وموعد شروق الشمس.
اسأل الناس في الشارع أن يذكروا لك المبشرين بالجنة أو حتى أسماء عشرة من الصحابة. اسأل زملاءك عن الأشهر الحرم، عن شروط الإسلام وأركانه، عن أمهات المؤمنين، عن تاريخ الصراع مع الغرب.
اسأل أيا ممن تقابله عن معلوماته عن الأئمة، عن البخاري وأبي حنيفة رضي الله عنهما. هل تشك للحظة أنك ستجد الغالبية العظمي والساحقة لا تعلم عنهما شيئا فما بالك بمن دونهم .
وكذلك اسأل الشيعة عن الطوسي والكليني والعمري والراوندي. هل يمكن أن تحاسب عامة الشيعة الآن بما قال به هؤلاء وهم أصلا لا يعرفونهم أو يكادون.
يامسكين: أنت لا تعرف جدول الضرب ثم تناقش في جداول اللوغاريتمات .
جل الناس حولك لا يعرفون الوضوء الصحيح ثم تقول أن عقيدة البداء تفرقنا.
يامسكين: أنت لا تعرف جدول الضرب ثم تناقش في جداول اللوغاريتمات .
جل الناس حولك لا يعرفون الوضوء الصحيح ثم تقول أن عقيدة البداء تفرقنا.
سل من حولك ما هي عقيدة البداء؟ كم واحدا يعرفها من كل ألف؟ ومع ذلك نسوغ سفك الدم عليها.
نحن نحن الآن لا نتكلم عن علي ومعاوية رضي الله عنهما بل نتكلم عن من أبى وهو قادر وأنت تعرفه حق المعرفة أن يحكم بشرع الله ففضل العرش على الدين فكان من الكافرين الفاسقين الظالمين.
السؤال يصرخ: هل الكافرون الفاسقون الظالمون أفضل أو أقرب للإسلام من أئمة إيران؟
وهل يمكن أن تحاسب عامة السنة الآن عن خلاف بين الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي؟ خلاف لا يعلمون عنه شيئا ولو علموه ما فهموه فهل تحاسبهم عليه.
ليس معنى ذلك أنني ألتمس الأعذار للشيعة، بل أندد بها وبهم بأعلى صوت، ولقد قلت قبل ذلك أنني مذهول لأن الشعب الإيراني الذكي لم يستطع تنقية تاريخه من أساطير وتخاريف وأكاذيب وتفاهات وسفاهات وسفالات لا يمكن أن يصدقها عقل، لكن هل هناك فرق كبير بينهم وبين الصوفية أو الجاميين؟ . بل: كفر الغلاة من كل طائفة، وظل الأغلبية الساحقة على جهلهم. وفي نفس الوقت، فإن الدول الإسلامية لا تحكم بالإسلام الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بالإسلام الأمريكي الذي يستهدف أساسا هدم الإسلام الحقيقي.
ألم يخبرنا المصطفى : لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة. رواه أحمد وغيره وصححه الحاكم .
في أي مرحلة من مراحل الإسلام أنتم؟ سنة أم شيعة؟ هل في مرحلة أكملت لكم دينكم؟؟ أم في مرحلة العروة الأخيرة؟ وفي أي جزء منها أنتم: في أول نقض العروة أم في نهاياتها؟ كم من أبنائكم سنة أو شيعة يصلي؟ ثم كم منهم يصلي ولا يصلي؟ كم يصلى الصلاة على أصولها ؟ ثم تكلمني عن البداء يا أحمق؟ تذكرني بمشهد في مسرحية هزلية، حيث يقف البطل بملابس رثة وحذاء مهترئ تبرز أصابع قدمه منه وهو يخبر صاحبه أنه طلب العشاء من مطعم مكسيم في باريس . البداء والعصمة والكليني الذي لا يكاد يعرفهم أو يهتم بهم أحد سوى مئات أو حتى آلاف. تضيعون الأمة من أجل هؤلاء؟ أم أنكم تجعلونهم كالمحلل الديوث الذي يبيح لكم طاعة أمريكا وأنتم تزعمون كذبا وزورا أنكم تطيعون الله ورسوله.
إنها كارثة كبرى تسبب فيها العلماء والحكام. لقد لعب العلماء دور المحلل الديوث هذه المرة فمكنوا ملوكهم من أطهر من فيهم وأنقى من فيهم والقادرين حقا على قيادة التغيير وإنقاذ الأمة، ولو أن فقهاء السلاطين لم يحلوا للحكام ذلك أو لو أنهم وقفوا في وجههم معترضين فهذا لايرضى الله ورسوله، لو اعترضوا ما أمكن اعتقال أعلام كسفر الحوالي وسلمان العودة ومئات وألوف أسرى الطاغوت بفتاوي المفتين الملعونين والعلماء الديوثين، الأحبار الذين دخلوا جحر الضب.
أعترف أنه يوجد علماء أفذاذ لكنهم التجئوا للصمت.. ومنهم كثير جدا من أحبابي وأصدقائي، لم يقروا الباطل لكنهم لم ينصروا الحق. لم يقروا المنكر لكنهم لم يأمروا بالمعروف وما قالول كلمة حق عند سلطان جائر.
نحن محتلون احتلالا أسوأ من أي احتلال آخر، والدين في خطر والأمة في خطر وعندما يكون الدين في خطر فلا رخصة لأحد.
أين دماؤكم؟ ولماذا لم ترو شحرة الحق؟
نحن محتلون..
أبشع احتلال في التاريخ..
ولن يتم التخلص من الاحتلال إلا بالمواجهة ووحدة الصف.
ولكي نستطيع التخلص من الاحتلال الشيطاني والهيمنة الغربية فلابد من توحد الأمة فلا يجد الغرب ثغرة يفرق بها بيننا كي نواجه بعضنا بدلا من أن نواجهه. لايمكن أن نصل إلى التوافق الكامل إلا برأب الصدع بين السنة والشيعة -سياسيا لا عقديا- وأن تنضم إيران للصف العربي الإسلامي. لقد قلت لكم قبل ذلك ما نشرته مجلة كيفونيم الإسرائيلية عن ضرورة تأجيج الحرب بين السنة والشيعة، وهو الأمر الذي نفذه الخليج بكل إخلاص.
لماذا لا نرى حدة الصراع بين السنة والشيعة إلا في دول الخليج الأمريكي؟ عفوا: سبقني الكلم فعجل بها! أقصد "العربي".. لماذا لا نرى مواقف عقلانية مثل التي نراها بين تركيا وماليزيا والباكستان وإندونيسيا مع إيران. لماذا لا يبزغ قرن الشيطان إلا من نجد؟ ولماذا لا يتأجج أوار الفتنة إلا من هناك.
دعنا الآن من أخطاء إيران الهائلة وهي أخطاء نلعنهم عليها فليس لها أي مبرر. لكن كي لا نطفف الميزان .
تتكلمون عن جرائم إيران؟
أنا معكم.. وألعنها..
لكن:
ما رأيكم في جرائم مصر في اليمن في الستينيات حيث استشهد مائة ألف يمني وخسرنا 24 ألف جندي ثم خسرنا الحرب كلها مع إسرائيل. كانوا يتعمدون قصف القرى من البوارج وقت الإفطار في رمضان عندما يعود الجميع من أعمالهم فتباد القرية عن بكرة أبيها.
من الذي أتي بأمريكا إلى العراق؟ أليست الدول السنية وعلى رأسها مصر والسعودية؟ ألم يتعهد الشهيد أسامة بن لادن رضي الله عنه بدحر صدام وتحرير الكويت بدلا من استدعاء أمريكا لتدمير العرب والمسلمين لكنهم رفضوا. ألم يعترف الحاكم الأمريكي للعراق أنهم هاجموا العراق أساسا لإنهاء ألف عام من سيطرة السنة؟ من الذي هزم أهل السنة والجماعة في سوريا؟ أليس من خذلهم وكف بأوامر أمريكية وتهديدات روسية عن دعم المجاهين فتركوهم نهبا للنار والموت؟ من الذي هدم الخلافة؟ ألم يكن أول عمل بطولي قام به الشريف حسين هو تدمير القطار الذي يربط بلدان العالم الإسلامي والذي تكفل بتكاليفه مسلمو العالم كله .ألم يساهم الجيش السعودي والجيش المصري في نصرة الإنجليز على العثمانيين واحتلال القدس كي تسلمها بريطانيا بعد ذلك لإسرائيل. لا تفتحوا هذا الباب إذن ولا داعي إذن لأن نعير بعضنا فكل طرف أجرم من أخيه.
وضعنا بئيس
وعلينا أن نغير هذا الوضع.
لابد أن نواجه ولابد أن يقف الشيعة معنا في المعركة، و رغم أن العقيدة مهمة جدا بل هي الأهم، إلا أنني أقسم الأمر إلى سياسي وعقدي. سياسي يتحدث فيه الخبراء وليتهم يكونون من بلاد كإندونيسيا وتركيا والباكستان وليس من السعودية ليتحدثوا ويخططوا للخروج من قاع المستنقع. ثم علما حقيقيون في مستوى على عزت بيجوفيتش وعبد الوهاب المسيري يحررون الخلاف بين السنة والشيعة لعلاجه أو على الأقل لحصاره في أضيق نطاق ممكن. يتحدث فيه العلماء الثقات، وليس أمثال السديس والفوزان وجمعة والجفري، واضعين في الاعتبار أن هناك داخل المجتمع الواحد والصف الواحد يكفرون بعضهم البعض، ولننظر موقف الشهيد أسامة بن لادن رضي الله عنه من عقيدة أمرائه وحكامة وإلى اتهامهم له-خضوعا لأمريكا- بالكفر.
ليس من حق أكابر مجرميها الذين فسقوا فيها أن يحددوا لنا معالم الطريق.
وليس من حق العلماء كذلك، هل كان القرآن حاش لله من أساطير الأولين حين قال أننا اتخذنا هؤلاء العلماء أربابا من دون الله. أليسوا هم من حذرنا منهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم من أنهم دخلوا جحور اليهود والنصارى. إن الوضع الكارثي الذي وصلت إليه الأمة نتيجة طبيعية لكوارث مزيج الحكام والحكماء (العلماء) وهو مزيج كارثي سام نزل بالأمة إلى قاع المستنقع. كلاهما أساء للإسلام ولا نثق فيه ولا نقبل منه حلولا.
لابد أن نعترف أن الأمة تعيش أزمة كارثية السبب الرئيسي فيها علماؤها أولا ثم حكامها.
لشدما أحببت الفيلسوف الأمريكي الرائع جيفرى لانج الذي لابد أن يصاب أي مسلم مهما بلغ علمه بالخجل من درجة فهمه للإسلام وموسوعيته وهو يقرأ كتاباته ومدى تعمقه . لكنني في كتابه الأخير (ضياع ديني) إذ يصرخ بأعلى صوت -وكل ما قاله صحيح- لكنني تمنيت ألا يقوله. تمنيت أن يحتفظ به ليناقش بين أعلى مستويات الخاصة. إنه يحذر أن المسلمين يتجهون إلى كارثة بسبب بعض علمائهم وبسبب الموروث الثقافي وسيطرة الفقه الخليجي المتخلف المغموس في خمر الفكر الأمريكي السام.وأن 90% من الجيل الثالث من المسلمين هناك يرتدون ، وأن المساجد تحولت إلى ساحات كريهة سيئة السمعة بسبب سيطرة الخليجيين عليها وأن مستقبل الإسلام في أمريكا وفي الغرب عموما مظلم.
إننا نحتاج إلى ثورة ثقافية كبرى، ثورة تغربل ما اختلط بالإسلام من تخاريف المخرفين أو من اجتهادات خاطئة بجهل أو بتعمد من فقهاء السلاطين. ثورة تجمع بين رحمة أبي بكر وحزم عمر ونور عثمان وعدل علي رضي الله عنهم. ثورة تواجه مسيلمكة الذي أفرخ وتكاثر وسد علينا الأفق. ثورة تعزل الدين عن الموروث الثقافي وتخلصة من جهالات الغباء والخرافة. ربما تكون الكوارث عندنا أقل منها عند الشيعة، والفضل لعلماء الحديث، هذه الكوارث التي عبر عنها شيخنا الكبير محمد الغزالي عندما قال أن كثيرا جدا مما بين أيدينا اليوم، نقله علماؤنا لنا تحريا للدقة والموضوعية فنقلوه كما هو دون جرح ولا تعديل ولا تمحيص عسى أن نقوم نحن بهذه المهمة فلم نقم بها، فكانت كما قال جديرة بسلال القمامة لا بأمخاخنا.
طال المقال ، وهو في الأصل خطة لكتاب أخشى ألا يتسع العمر والجهد له، فلا أقل من الإشارة.
المصدر
وهل يمكن أن تحاسب عامة السنة الآن عن خلاف بين الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي؟ خلاف لا يعلمون عنه شيئا ولو علموه ما فهموه فهل تحاسبهم عليه.
ليس معنى ذلك أنني ألتمس الأعذار للشيعة، بل أندد بها وبهم بأعلى صوت، ولقد قلت قبل ذلك أنني مذهول لأن الشعب الإيراني الذكي لم يستطع تنقية تاريخه من أساطير وتخاريف وأكاذيب وتفاهات وسفاهات وسفالات لا يمكن أن يصدقها عقل، لكن هل هناك فرق كبير بينهم وبين الصوفية أو الجاميين؟ . بل: كفر الغلاة من كل طائفة، وظل الأغلبية الساحقة على جهلهم. وفي نفس الوقت، فإن الدول الإسلامية لا تحكم بالإسلام الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بالإسلام الأمريكي الذي يستهدف أساسا هدم الإسلام الحقيقي.
ألم يخبرنا المصطفى : لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة. رواه أحمد وغيره وصححه الحاكم .
في أي مرحلة من مراحل الإسلام أنتم؟ سنة أم شيعة؟ هل في مرحلة أكملت لكم دينكم؟؟ أم في مرحلة العروة الأخيرة؟ وفي أي جزء منها أنتم: في أول نقض العروة أم في نهاياتها؟ كم من أبنائكم سنة أو شيعة يصلي؟ ثم كم منهم يصلي ولا يصلي؟ كم يصلى الصلاة على أصولها ؟ ثم تكلمني عن البداء يا أحمق؟ تذكرني بمشهد في مسرحية هزلية، حيث يقف البطل بملابس رثة وحذاء مهترئ تبرز أصابع قدمه منه وهو يخبر صاحبه أنه طلب العشاء من مطعم مكسيم في باريس . البداء والعصمة والكليني الذي لا يكاد يعرفهم أو يهتم بهم أحد سوى مئات أو حتى آلاف. تضيعون الأمة من أجل هؤلاء؟ أم أنكم تجعلونهم كالمحلل الديوث الذي يبيح لكم طاعة أمريكا وأنتم تزعمون كذبا وزورا أنكم تطيعون الله ورسوله.
إنها كارثة كبرى تسبب فيها العلماء والحكام. لقد لعب العلماء دور المحلل الديوث هذه المرة فمكنوا ملوكهم من أطهر من فيهم وأنقى من فيهم والقادرين حقا على قيادة التغيير وإنقاذ الأمة، ولو أن فقهاء السلاطين لم يحلوا للحكام ذلك أو لو أنهم وقفوا في وجههم معترضين فهذا لايرضى الله ورسوله، لو اعترضوا ما أمكن اعتقال أعلام كسفر الحوالي وسلمان العودة ومئات وألوف أسرى الطاغوت بفتاوي المفتين الملعونين والعلماء الديوثين، الأحبار الذين دخلوا جحر الضب.
أعترف أنه يوجد علماء أفذاذ لكنهم التجئوا للصمت.. ومنهم كثير جدا من أحبابي وأصدقائي، لم يقروا الباطل لكنهم لم ينصروا الحق. لم يقروا المنكر لكنهم لم يأمروا بالمعروف وما قالول كلمة حق عند سلطان جائر.
نحن محتلون احتلالا أسوأ من أي احتلال آخر، والدين في خطر والأمة في خطر وعندما يكون الدين في خطر فلا رخصة لأحد.
أين دماؤكم؟ ولماذا لم ترو شحرة الحق؟
نحن محتلون..
أبشع احتلال في التاريخ..
ولن يتم التخلص من الاحتلال إلا بالمواجهة ووحدة الصف.
ولكي نستطيع التخلص من الاحتلال الشيطاني والهيمنة الغربية فلابد من توحد الأمة فلا يجد الغرب ثغرة يفرق بها بيننا كي نواجه بعضنا بدلا من أن نواجهه. لايمكن أن نصل إلى التوافق الكامل إلا برأب الصدع بين السنة والشيعة -سياسيا لا عقديا- وأن تنضم إيران للصف العربي الإسلامي. لقد قلت لكم قبل ذلك ما نشرته مجلة كيفونيم الإسرائيلية عن ضرورة تأجيج الحرب بين السنة والشيعة، وهو الأمر الذي نفذه الخليج بكل إخلاص.
لماذا لا نرى حدة الصراع بين السنة والشيعة إلا في دول الخليج الأمريكي؟ عفوا: سبقني الكلم فعجل بها! أقصد "العربي".. لماذا لا نرى مواقف عقلانية مثل التي نراها بين تركيا وماليزيا والباكستان وإندونيسيا مع إيران. لماذا لا يبزغ قرن الشيطان إلا من نجد؟ ولماذا لا يتأجج أوار الفتنة إلا من هناك.
دعنا الآن من أخطاء إيران الهائلة وهي أخطاء نلعنهم عليها فليس لها أي مبرر. لكن كي لا نطفف الميزان .
تتكلمون عن جرائم إيران؟
أنا معكم.. وألعنها..
لكن:
ما رأيكم في جرائم مصر في اليمن في الستينيات حيث استشهد مائة ألف يمني وخسرنا 24 ألف جندي ثم خسرنا الحرب كلها مع إسرائيل. كانوا يتعمدون قصف القرى من البوارج وقت الإفطار في رمضان عندما يعود الجميع من أعمالهم فتباد القرية عن بكرة أبيها.
من الذي أتي بأمريكا إلى العراق؟ أليست الدول السنية وعلى رأسها مصر والسعودية؟ ألم يتعهد الشهيد أسامة بن لادن رضي الله عنه بدحر صدام وتحرير الكويت بدلا من استدعاء أمريكا لتدمير العرب والمسلمين لكنهم رفضوا. ألم يعترف الحاكم الأمريكي للعراق أنهم هاجموا العراق أساسا لإنهاء ألف عام من سيطرة السنة؟ من الذي هزم أهل السنة والجماعة في سوريا؟ أليس من خذلهم وكف بأوامر أمريكية وتهديدات روسية عن دعم المجاهين فتركوهم نهبا للنار والموت؟ من الذي هدم الخلافة؟ ألم يكن أول عمل بطولي قام به الشريف حسين هو تدمير القطار الذي يربط بلدان العالم الإسلامي والذي تكفل بتكاليفه مسلمو العالم كله .ألم يساهم الجيش السعودي والجيش المصري في نصرة الإنجليز على العثمانيين واحتلال القدس كي تسلمها بريطانيا بعد ذلك لإسرائيل. لا تفتحوا هذا الباب إذن ولا داعي إذن لأن نعير بعضنا فكل طرف أجرم من أخيه.
وضعنا بئيس
وعلينا أن نغير هذا الوضع.
لابد أن نواجه ولابد أن يقف الشيعة معنا في المعركة، و رغم أن العقيدة مهمة جدا بل هي الأهم، إلا أنني أقسم الأمر إلى سياسي وعقدي. سياسي يتحدث فيه الخبراء وليتهم يكونون من بلاد كإندونيسيا وتركيا والباكستان وليس من السعودية ليتحدثوا ويخططوا للخروج من قاع المستنقع. ثم علما حقيقيون في مستوى على عزت بيجوفيتش وعبد الوهاب المسيري يحررون الخلاف بين السنة والشيعة لعلاجه أو على الأقل لحصاره في أضيق نطاق ممكن. يتحدث فيه العلماء الثقات، وليس أمثال السديس والفوزان وجمعة والجفري، واضعين في الاعتبار أن هناك داخل المجتمع الواحد والصف الواحد يكفرون بعضهم البعض، ولننظر موقف الشهيد أسامة بن لادن رضي الله عنه من عقيدة أمرائه وحكامة وإلى اتهامهم له-خضوعا لأمريكا- بالكفر.
ليس من حق أكابر مجرميها الذين فسقوا فيها أن يحددوا لنا معالم الطريق.
وليس من حق العلماء كذلك، هل كان القرآن حاش لله من أساطير الأولين حين قال أننا اتخذنا هؤلاء العلماء أربابا من دون الله. أليسوا هم من حذرنا منهم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم من أنهم دخلوا جحور اليهود والنصارى. إن الوضع الكارثي الذي وصلت إليه الأمة نتيجة طبيعية لكوارث مزيج الحكام والحكماء (العلماء) وهو مزيج كارثي سام نزل بالأمة إلى قاع المستنقع. كلاهما أساء للإسلام ولا نثق فيه ولا نقبل منه حلولا.
لابد أن نعترف أن الأمة تعيش أزمة كارثية السبب الرئيسي فيها علماؤها أولا ثم حكامها.
لشدما أحببت الفيلسوف الأمريكي الرائع جيفرى لانج الذي لابد أن يصاب أي مسلم مهما بلغ علمه بالخجل من درجة فهمه للإسلام وموسوعيته وهو يقرأ كتاباته ومدى تعمقه . لكنني في كتابه الأخير (ضياع ديني) إذ يصرخ بأعلى صوت -وكل ما قاله صحيح- لكنني تمنيت ألا يقوله. تمنيت أن يحتفظ به ليناقش بين أعلى مستويات الخاصة. إنه يحذر أن المسلمين يتجهون إلى كارثة بسبب بعض علمائهم وبسبب الموروث الثقافي وسيطرة الفقه الخليجي المتخلف المغموس في خمر الفكر الأمريكي السام.وأن 90% من الجيل الثالث من المسلمين هناك يرتدون ، وأن المساجد تحولت إلى ساحات كريهة سيئة السمعة بسبب سيطرة الخليجيين عليها وأن مستقبل الإسلام في أمريكا وفي الغرب عموما مظلم.
إننا نحتاج إلى ثورة ثقافية كبرى، ثورة تغربل ما اختلط بالإسلام من تخاريف المخرفين أو من اجتهادات خاطئة بجهل أو بتعمد من فقهاء السلاطين. ثورة تجمع بين رحمة أبي بكر وحزم عمر ونور عثمان وعدل علي رضي الله عنهم. ثورة تواجه مسيلمكة الذي أفرخ وتكاثر وسد علينا الأفق. ثورة تعزل الدين عن الموروث الثقافي وتخلصة من جهالات الغباء والخرافة. ربما تكون الكوارث عندنا أقل منها عند الشيعة، والفضل لعلماء الحديث، هذه الكوارث التي عبر عنها شيخنا الكبير محمد الغزالي عندما قال أن كثيرا جدا مما بين أيدينا اليوم، نقله علماؤنا لنا تحريا للدقة والموضوعية فنقلوه كما هو دون جرح ولا تعديل ولا تمحيص عسى أن نقوم نحن بهذه المهمة فلم نقم بها، فكانت كما قال جديرة بسلال القمامة لا بأمخاخنا.
طال المقال ، وهو في الأصل خطة لكتاب أخشى ألا يتسع العمر والجهد له، فلا أقل من الإشارة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق