الجمعة، 11 يونيو 2021

قراءة في كتاب خواطر في زمن المحنة

قراءة في  كتاب 
خواطر في زمن المحنة 

أسم الكتاب : خواطر في زمن المحنة 

 أسم الكاتب : نوال السباعي 

 دار النشر : دار الوراق - بيروت 

- في زمن المحنة تستقيم كل المنحنيات وتستوي المساحات في النفس الإنسانية فتبدو الطريق إلى المحنة واضحة جلية وتصبح الأفكار فاعلة… في نفوس الصادقين فتحملهم إلى ميادين العمل المثمر على دروب الإخلاص

نبذة عن الكتاب

يعتبر هذا الكتاب إضافة مهمة وقيِّمة لأدب الخواطر الإسلامية ركزت فيه الكاتبة على الأخلاق الإسلامية والعبادة، وكذلك سلطت الضوء على آفات الحركة الإسلامية والعمل الدعوي على وجه التحديد. نستطيع فهم الكتاب أكثر إذا عرفنا أنه تم تاليفه في الفترة التي هي بعد انتفاضة حماة. تحدثت الكاتبة من خلاله أيضًا عن الطغاة والظالمين والمستبدين، وكذلك عن المرأة المسلمة وما يواجهها من عقبات وتحديات وصعوبات في حياتها اليومية. 


المقدّمة


بسم الله الرحمن الرحيم
بين يدي هذه الخواطر

بسم الله ربي
في زمن المحنة ..

في زمن المحنة تستقيم كل المنحنيات , وتستوي المساحات في النفس الإنسانية , فتبدو الطريق إلى المنحة واضحة جليّة , وتصبح الأفكار فاعلة في نفوس الصادقين , فتحملهم إلى ميادين العمل المثمر على دروب الخلاص .

وليس للأديب المسلم الملتزم في زمن المحنة إلا أن يختار طريقه ويحمّل مشقّة السّفر , وهو الذي حباه الله شحنات مضاعفة من دقّة الإحساس , وعمق الشعور بالمسؤوليّة , والمبالغة في رؤية الجراح , وفي هذا الطريق ما لا يخفى من معاناة ومكابدة وألم , خاصّة وهو يعيش محنته المضاعفة في شعوب أنهكها العطش فأقالت تحت شجرة الصبر تنتظر السماء أن تمطر , دون أن تكلّف نفسها عناء حفر بئر في الأرض !!.

مهمّة الأديب المسلم اليوم : بعث الحياة في حياة الأموات , وحمل المشاعل لتنير الدروب المظلمة .

واجب الأديب المسلم يقتضيه أن يجاهد بسلاحه , ما دام سلاحه بيده , وما دام هذا القلم يحيى بأنّات الشعوب , فعليه أن يستشهد لتحيى هذه الشعوب .

كلمات الأديب المسلم في زمن المحنة , صرخات بالحقّ في زمن انسحب فيه النّاس من ساحات الجهاد , وهم يخافون الموت .

خواطره برقيّة إلى السّلطان تحذّره من ثورة الإنسان , وهو يعلم أنّ كل السلاطين في الأرض , لا يحبّون إلّا برقيّات التأييد والمديح .

خواطره .. حنين ينزرع في الصدر كالشوك , يتحرّك باستمرار , مضطرباً , قلقاً , حائراً , ثائراً , ثمّ يولد في حالات الحب , والألم , والثّورة , والنّدم , وهي حالات أربع تسبب كل الولادات في العالم .

خواطره .. منشور علنيّ يوزّع تارة بلسانه , وأخرى بقلمه , وهو يعلم أنّ حبل المشنقة ينتظره في بلاد لا تحترم الأقلام والآلام .

خواطره .. انفصال من رحم الحياة الرتيبة الهادئة المستكينة , وطلاقٌ من الراحة والهدوء النفسيّ , واستعلاء عن حاجات القطيع , وتفكير القطيع , ما دام هذا القطيع هائماً , ضائعاً , لا يستطيع تحديد هدف ولا الوصول إليه .

كلماته .. حالة من الحالات التي يصير فيها الإنسان مجاهداً وهو يعلم أنّ الجهاد فرض عين – في زمن المحنة – يستوجب منه ترك الأهل والمال والأحبّة والوطن , والصيت والذكر الحسن بين الناس , وكل شيء دنيويّ آخر , فينعدم في قلبه الخوف , ويصبح حبّ الشهادة في سبيل الله ترنيمة لا تغادر قلبه وروحه , غير عابئِ بأولئك الذين يحاربونه , أو أولئك الذين يزيّنون له أن يحجم عن أداء واجبه تجاه دينه , وإنسانيّة الناس في وطنه .

* * * *

وفي الصفحات المقبلة بعضاً من حياة , اختصرتها الكلمات في خواطر , خواطر إنسان دلّه الله على درب الحقّ , بكل ما في هذه الدرب من معاناة في جوّ يفتقد في الشباب الحريّة الفكريّة والأمن والسلام .. بالإضافة إلى محنة اجتماعيّة تتمثّل في عاداتِ وتقاليد تحكم الفرد والأسرة والمجتمع لا عمل لها إلّا تدمير الفرد والأسرة والمجتمع جميعاً!.

في مثل هذا الجوّ المشحون بالخوف والفوضى والتناقضات المرّة , نشأ جيل مسلم وجد الطريق , وتخبّط بشدّة وهو يخطو خطواته الأولى , وما زال يتعثّر , ولّما يتعلّم من كبواته كيف يقف ويصحّح المسيرة , ويعترف بالخطأ , ويجدّد العزم ويمضي من جديد .

وفي الصّفحات القادمة سجّلت بعضاً من خواطر كانت تجول في ذهني كواحدة من أبناء هذا الجيل – الذي بدأ الآن يأخذ مواقعه في العمل الإسلاميّ , وفي حمل العبء الثقيل في المجتمع المسلم – لتبيّن هذه الخواطر طريقة تفكير الشباب المسلم , وتحليله للأمور , ومحور اهتماماته , في زمنٍ أزكمت فيه أنوفنا خواطر وأفكار منحرفة ملأت رؤوس الذي ضلّوا عن الصّراط المستقيم , ونسوا الله فأنساهم الله أنفسهم .

* * * *

والخواطر أسلوب من أصدق الأساليب الأدبيّة للتعبير عن النفس والكتابة في السيرة الذاتيّة – التي لا يعطيها الإسلاميّون حقّها من الرعاية والاهتمام في يومنا هذا – فهي قادرة على توصيل أكبر عدد من الأفكار في أقصر عبارة ممكنة .

فالخواطر عرض مباشر وسريع لكل الأزهار والأشواك , والأعشاب والأشجار , في هذه الأرض المترامية الأطراف , المجهولة الحدود , والتي هي النفس الإنسانيّة !!.

وأمّا هذه الخواطر فلقد كانت عرضاً لا تكلّف فيه , ولا صياغة . إنّها آلامٌ خالصة , سجّلتها – على مدى سنواتٍ عشر – وأقدّمها الآن لعلّها تفتح أمام شبابنا آفاقاً جديدة للحثّ على التفكير , مجرّد التفكير , الذي بات من آخر الصفات الإنسانيّة التي نهتمّ بها في بلادنا .

* * * *

إنّ هذه الخواطر ولدت في زمن المحنة , واشتعلت كلماتها بالألم , وأضاءت بالإيمان , وتعلّمت الحبّ في الحياة , وسارت على درب الجهاد , بكلّ أساليبه ومعانيه , منذ نصبت المشانق , وصدر الحكم بالإعدام على الإنسان في بلادنا !!!

أصدر هذا الحكم الجائر قاضيان خائنان , أحدهما يدعى الظلم السياسيّ , والثاني اسمه الفساد الاجتماعيّ !.

* * * *

إنّ خواطري هذه صدى لبعض تجارب الحياة القصيرة بالسنين , أردت أن أحملها إلى شعبي المنكوب في نفسه وواقعه الاجتماعيّ , ثم واقعه السياسيّ , ولو كانت الأعمار تقاس بالسنين لما أقدمت على كتابة هذه الخواطر , لكنّ الأعمار تقاس بالآلام الخالصة , والأفراح الصافية , التي مرّت على قلب إنسان , فعلّمته كيف يكبر , وكيف يجاهد في سبيل الله , وكيف يطلب الموت ليحيى , وكيف يقدّم نفسه فداء الإسلام , لأنّ الكلمة إن لم يقلها صاحبها في زمن المحنة – وما من محنة أعظم اليوم من محنتنا في أنفسنا المريضة ترجو الشفاء , وتعرض عن الدواء وهو في متنازل اليد – فالأولى بها أن لا تقال , فإمّا أن تنير كلماتنا الدروب التي يرويها شهداؤنا بدمائهم في كلّ يوم , وإلّا فالمواقد أولى بها من أن تنتظر بزوغ الفجر لتزيّنه بعد النصّر بأقحوان الألم .

نريد لكلماتنا أن تجاهد مع الذين يجاهدون في سبيل الله بقلوبهم , وألسنتهم , وأقلامهم , ومع الذي يقاتلون في سبيل الله .. يقدّمون أنفسهم وأموالهم , فداءً للإسلام في أماكن عدية من أرض الإسلام , فهؤلاء القوم علّمونا أن القول هو العمل , فعلى طريقهم نسير , ونسأل الله أن نحشر معهم يوم العرض عليه , برحمته ومنّه وفضله , وأن يرينا الحقّ واضحاً ويرزقنا أسلم الطرق وأصوبها لإتباعه , فلا تلتبس علينا السبل , فيحبط أعمالنا في الدارين , إنّه أعظم من سئل , وأكرم من أجاب .

نوال السّباعي
مدريد , ذو القعدة , 1406 هـ
تمّوز , 1986 م
’’ إنّنا لا نكتب بالمــــداد ، ولكنْ يدم القلب ، فعذراً إن ظهرت آثار الجراح في سطورنا ’’
عصام العطّار


خواطر تستحق القراءة والتأمل
- 1 -

" يا صديقي ..
أين تمضي في الدروب المظلمات ..
ترائهاً في كل أرض.. جاهلاً سرّ الحياة
شعلة الإسلام نور
للحيارى التائهين
واهتداء وسرور ..
يا أخي للضائعين " .
- من أناشيد المحنة -



1- الأمل الذي لا يقترن بالعمل الموجّه الجاد , هو بناء في عالم حالم مخدّر , وسعادة آنية هي في حقيقتها شقاء مرير , ووسادة للأحلام ندرك بعد اليقظة أنّها كانت ملآى بالأشواك .

2- ما أشقى الحياة دون أمان , وما أقبحها إذا كانت ترقّباً وانتظاراً لمجهولٍ تعسٍ كئيب , وما أظلمها إذا كانت عجينة بيد الحاقدين على الإنسان , وأنت لا تحرّك ساكناً لاستنقاذ نفسك من هوانها .

3- أن يكرهك الناس وأنت تثق بنفسك وتحترمها , أهون في بعض الأحيان من أن يحبّك النّاس وأنت تكره نفسك ولا تثق بها .

4- قالت : خفّفوا من صلاتكم وطهوركم في الشارع بمظهر المسلم الملتزم بدينه , فالزمن مخيف والأعداء بالمرصاد .
قلت : ألستِ أنتِ التي علّمتنا في المدرسة الثبات على المبدأ , والتمسّك بالعقيدة ؟.
قالت : لكلّ حينٍ سلوكٌ يناسبه , ونحن الآن في محنة .
قلت : ألم تذكري لنا قصّة الذي قتلوا ولده برأيه , خوفاً أن يبوح الولد بالسرّ لو قتلوا الوالد .
فوجمت ثمّ قالت : قصّة قررناها عليكم.. أما زلتِ تذكرينها منذ سنواتٍ عشر!! ما أدرانا أنّ بين الطلّاب أمثالكم!.
نظرت إليها ورحمت سنواتها الخمسين , وقلت في نفسي : وما أدرانا أنّ بين المعلّمين أمثالكم , يقولون ما لا يفعلون , ويقررون على تلاميذهم ما لا يفكّرون به , ويسقطون في أوّل امتحان يواجههم , فيفشلون في أن يكونوا القدوة والمثل .

5- طالما أنّك تفكّر وتسأل , فأنت إنسان , إذا أحسست بلهو هذه الحياة , وشعرت بالخوف من موت لا تصدّق أنّه نهاية كل حيّ , وقلّبت نظرك في هذا الكون , لتبحث في نجومه عن أسراره , وإذا ما ثرت على قناعات النّاس الخاطئة , وعاداتهم الجاهليّة التي تثير الاشمئزاز , إنّك حينئذٍ إنسان وضع قدميه في بداية طريق النّور .

6- الأسرة الإنسانيّة في عصر الحضارات المادّيّة , وجهٌ بائسٌ مشوّه , الإنسان دمعة كبيرة على وجنتيه .

7- كلّما تأمّلتُ أحوال المسلمين و والعرب منهم بشكلٍ خاصّ , تساءلت: من الذي أكل الحصرم حتّى جاءت كلّ هذه الأجيال ضرسى ؟!!!.

8- كم من الآباء يسيئون وهم يظنّون أنّهم يحسنون صنعاً؟ وكم من الأواني كسرناها ونحن نريد أن نضع فيها الزهور ؟.

9- إذا كانت ذاكرتك قويّة , وذكرياتك مريرة فأنت أشقى أهل الأرض !.

10- دائماً تتغيّر مواقفنا في الحكم على الأشياء , عندما ننتقل من موقف الاتّهام إلى موقف المتّهم . ولا نعترف بالحقّ إلّا إذا كان في صفّنا . ونتخلّى عن الحقيقة عندما تبدأ بإثارة المشكلات . دائماً يحدث ذلك.. كلّما ارتكسنا في عجزنا عن الثبات على الحقّ ولو كان كلمة !.
11- لا تقف كثيراً عند أخطاء ماضيك لأنّها ستحيل حاضرك جحيماً , ومستقبلك حطاماً , يكفيك منها وقفة اعتبار تعطيك دفعة جديدة في طريق الحقّ والصّواب .

12- ليست مشكلة أن تخطئ , حتّى لو كان خطؤك جسيماً , وليست ميّزة أن تعترف بالخطأ وتقبل النّصيحة , إنّما العمل الجبّار الذي ينتظرك حقّاً , هو أن لا تعود لمثلها أبداً .

13- كم هم كثرة أولئك الذين يشوّهون إيمان المرء بربّه ويقينه بدينه , كم هم كثرة , لحاهم طويلة , ويحفظون آياتٍ من القرآن !!.

14- لم يؤذني أحدٌ كما آذاني ذلك الذي أمضى شطراً من عمره داعياً إلى نصرة فكرة , ولمّا وضعه الله على محكّ التجربة , فشل في تمثّل شيء ممّا كان يدعو إليه .

15- كلّ دمعة لها نهاية , ونهاية الدمعة بسمة , وكلّ بسمة لها نهاية , ونهاية البسمة دمعة. والحياة بدايةٌ ونهاية , وبسمةٌ ودمعة , فلا تفرح كثيراً , ولا تحزن كثيراً, إذا أصابتك إحداهما , فنصيبك من الأخرى مخبوءٌ في صفحة القدر .

16- عندما يكدّك الألم , وتشعر بالعذاب والحرمان , وعندما تتبع من يأسك وآلامك وآمالك , وعندما يملؤك الشعور بالوحدة على الرغم من التصاق الكثيرين بك يسدّون عليك منافذ الهواء!! وعندما ينكشف لك الصديق عن منافق , ويرحل الأحباب , عند كلّ ظلمٍ وجوْر , وكرب , وخوف , وأمام كلّ طريقٍ شائك..
وعندما تغلبك نفسك والشيطان , فتجد نفسك أسير الخطأ والآثام..
تذكَر الله فتنسى كلّ أحزانك , وتسلو كلّ همومك , ويشرق من نوره العظيم أملٌ يحيل ليل يأسك فجراً يضيء درب عمرك من جديد .

17- القلم صديق يبقى معك ما دمت تهتمّ به , القلم أداةٌ تعكس صفحة نفسك على مرآة الورق , فهو رفيقٌ وهبه الله لبعض الناس ليحملوه سلاحاً ومناراً يصنع من بؤس قلوبهم وجراحاتهم قناديل تضيء دروب السعادة للآخرين .

18- تحيّرتُ في المظلومين والظلمة في بلادنا , فما ينجو أحدٌ من الوصفين معاً , فالرجل مظلومٌ وظالم .. والمرأة مظلومةٌ وظالمة , ولا يدفع ثمن ذلك كلّه إلّا الأطفال الذين يشبّون على الطريق ذاتها .

19- في بلادنا يظلم الرجال النساء , فتصبر الكريمة الشريفة – وجل نسائنا كريماتٌ شريفاتٌ بالإسلام – وتدفع حريّتها وشبابها ثمناً لإنقاذ أولادها من التشرّد والضّياع .
أمّا في بلاد الغرب فتقابل المرأة ظلم الرجل بظلمٍ مماثل , ويدفع هنالك الأطفال ثمناً باهظاً جداً من طفولتهم وسعادتهم وسلامة عقولهم وإنسانيّتهم .

20- تصوّرت الأرض بضخامتها وهي تدور كذرّة في هذا الكون الفسيح , ونحن ملتصقون بقشرتها , أصغر من فيروس موجود على سطح تفّاحة , ثمّ رأيتُ ضياع الإنسان عن درب الله.. سبحان ربّي هل بعد النظر في كتاب السماع المفتوح من برهان على وجود الله ؟!! .
21- قد نكره بعض الناس لخوفنا منهم , وقد نكره البعض الآخر , لنخفي وراء الكراهية حبّاً نعجز عن الاعتراف به! وبين الحبّ والكراهيّة اختلفت الأسباب , وبقي الإنسان هو الإنسان !.

22- يصعب على المرء أن يعرف ماذا يجب أن يفعل إذا لم يكن مدركاً للأرض التي يضع عليها قدميه .

23- كثيراً ما يتلفّظ المرء تحت ضغوطٍ نفسيّة بكلمات , وينطق بأقوال , ما كان عقله ليرضى بها لو أنّه فكّر قليلاً .

24- تحيق الآمال سهلٌ ميسور لمن امتلك نفساً عظيمة , وإرادةً قويّة , وتجاوز الأحزان إلى السعادة الدائمة الكاملة في رضى الله , وهو مستحيلٌ على من قيّدت حريّته , وذلّت نفسه , وقهر رغم أنفه على الحياة وفق أسلوبٍ لا يتّفق مع صفاء روحة وسموّ مشاعره .

25- لا تتخيّل كلّ النّاس ملائكة , فتنهار أحلامك , ولا تجعل ثقتك بالناس عمياء لأنّك ستبكي ذات يومٍ على سذاجتك .

26- لا تدع اليأس يستولي عليك , انظر إلى حيث تشرق الشمس كلّ فجرٍ جديد , لتتعلّم الدرس الذي أراد الله للنّاس أن يتعلّموه.. إنّ الغروب لا يحول دون الشّروق مرّة أخرى في كلّ صبحٍ جديد .

27- كنت أعلم أنّ الله ربّي..
وذات يومٍ فاجأني سؤالٌ كريه , هل الله موجود؟ امتلأت أيّامي بالرعب , واضطربتُ قلقةً حائرة , وبتُّ ليالي لا أستطيع النّوم فيها , هل الله موجود؟!! فإن لم يكن موجوداً؟ فمن أنا؟ وأين أنا في خارطة هذا الكون بنجومه وكواكبه ومجرّاته , ودروبه الكونيّة , من أين أتينا نحن البشر بتركيبنا المعجز , ولماذا وُلِدْنا؟ ولماذا نحيى؟ إلى أين سنمضي؟ ولماذا نموت؟ وكيف نموت؟ وهل تكون نهايتي بكلّ آمالي وآلامي ونهاية البشر بآمالهم وآمالهم.. تراباً!! لماذا يكدّون وتعبون؟.
لماذا يحبّون ويكرهون؟
لماذا يبنون ويعمّرون ؟
لماذا يبدعون ويسكبون آلامهم في قوالب جميلة , ولماذا يحزنهم الإخفاق والفشل ؟
الخوف يسيطر على العقل كلّما تعلّق بالقراءات الفلكيّة , وأتساءل من هو الإنسان في هذا التّيه الكونيّ ؟ بل إنّ كلمة ( تيه ) تعتبر فاشلةً تماماً في وصف حقيقة هذا الكون!!.
ما الأرض إلّا ذرّة , بل إلكترون في ذرّة من هذا الكون , ما الشمس؟ وما المجرّة ؟
أين هي حدود هذا الكون؟ آلاف الأسئلة , ولا إجابةََ!! الصدفة ؟ أم الطبيعة؟!! أيّ قصورٍ مضحك في عقول أولئك الذين ينادون بالصدفة والطبيعة أرباباً حمقى لهذا الكون , ولأوّل مرّة عشت حالةً من الخوف الهائل من البدايات والنّهايات , من الفضاء والبحر , ومن نفسي , ومن الناس , وقد كان أصدقاء قبل أن أسمع هذا السؤال الكريه , وأدركت قيمة الاطمئنان في ظلّ الإيمان بالله .
نعم إنّ الله موجود.. مهيمن جبّار مقتدر.. إنّ الله موجود .

28- ليس العار في أن نسقط , ولكنّ العار أن لا نستطيع النهوض .

29- السعادة الحقيقيّة هي أن يفهمك الآخرون , والحبّ الحقيقيّ هو أن تؤثّر نفسك على الآخرين .
والفرح الصافي يولد في أعماقك عندما يصلك الله , فتصغر الأشياء في عينيك حتّى لا ترى في غير دربه ملاذاً .

30- الألم يفجّر الطاقات للإبداع , والإبداع يثير الدهشة والتساؤل , والتساؤل يهدي إلى الإيمان , ومن الإيمان تنبثق الأخلاق ونعرف الحبّ , وبالحبّ نبني الحياة , وفي الحياة نتعلّم الألم !.
31- لو آمنوا حقّاً لرأيت ذلك في أخلاقهم , ولكنّهم لم يفهموا حقيقة الإيمان , فاضطرب سلوكهم مع النّاس , وأساءوا إلى أقرب النّاس إليهم .

32- الإنسان دون أمل كنباتٍ بلا ماء
ودون ابتسامة كوردة دون رائحة
إنّه دون حبٍ كغابة احترق شجرها
الإنسان دون إيمانٍ , وحشٌ في قطيعٍ لا يرحم .


33- من نحن سوى ريشٍ تطاير في مهبّ الرّيح؟ وقلوبٍ تنبض بالحبّ لتسكت بالموت , وذكرى تفتّحت ساعة ولادة ثمّ طواها النّسيان عند الرّحيل .


34- الحزن هو ردّ الفعل المباشر , وغير المسؤول تجاه الأفعال السّيئة.
والألم هو الذي يبقى في القلب , ينير المشاعل في درب الحياة , ويدفع الإنسان إلى البناء , بدلاً من اليأس والتدمير .


35- الألم.. انطباعةٌ صادقةٌ عن الحزن في النفس الإنسانيّة , أمّا الحزن فهو ألم سرطانيّ ظاهر , دأبت شعوبنا على التظاهر به عندما عجزت عن استخدام آلامها في بناء حاضرها وتغيير المحن التي نزلت بها .


36- الكلمة سهمٌ يسدّده العقل إلى قلوب وعقول الآخرين , فتبني أو تجرح , أو ترشد أو تقتل .


37- كيف أستطيع أن أكرهكِ وأنتِ التي زرعتِني زهرةً في بستان الإيمان , وسقيتني ماء المعرفة , ورعيتني نبتة – على الرّغم من أنّك لم تعطِ هذه النبتة حقّها من الرّعاية , شغلتكِ نباتاتٌ أخرى متطاولة , زاهية الألوان , عنها وعن سواها – كيف أكرهكِ وأنتِ التي عرّفتِني على ربّي ؟ فتعلّمت الحبّ , وفهمت معنى الحياة , ووجدتُ مبرّراً لوجودي!! كيف أكرهك؟ لا تتهميني بكراهيّتك.. لأنّ هذا شأن من لا يعرف الزراعة أبداً!.


38- يا رب..
يا من إذا أظلم ليل اليأس في قلوبنا , أنار بجلاله ظلام الحزن , وأزاله من نفوسنا .
يا من إذا اشتدّ الكرب فرّج الكرب عن المكروبين .
يا من إذا ما سدّت طرق النجاة , أرسل سفنه لإنقاذ الغرقى .
يا رب.. يا من به الأمان , وفي رحابه الاستقرار والطّمأنينة وفي ظلّه السلام .
اللهمّ إذا ابتلينا فأعنّا على الصبر , وإذا أردت فاجعل إرادتنا رهن مشيئتك , وإذا قضيت فهيّئ قلوبنا لتقبّل قضائك .
اللهمّ أعنّا على الحمد والشكر في السرّاء والضّرّاء , ففي الصبر تربة نفوسنا , وفي الشكر اعتراف بنعمك علينا , وانسلاخٌ من الأنانيّة والكبر.. وفي كلٍّ خير.
فجد علينا بطيب الأخلاق , وسلامة الصّدور , إنّك على كلّ شيء قدير .


39- سألتُ الليل عن أجمل ساعاته , فقال: ساعة يهرب فيها المحبّون من العلائق والخلائق , ويتسلّلون عند السّحر لملاقاة الحبيب الأعظم الذي غفا عنه المحرومون .


40- قال القلم : سأكتب عن حبّي لك حتّى أفنى فيه !
وقالت الأوراق : أحببتُ الأيدي التي زيّنتني بسطور النور من ذكرك .
وقالت الأيدي : سأصنع من أجلك ما يزرع السلام في النفوق .
وأمّا النفوس فلم تقل شيئاً لأنّ احتراقها بلهيب الحبّ , جعلها تعزف عن الأقوال إلى الأفعال الزكيّة الطيّبة .
41- إبداع المرأة في بلادنا , سيفٌ ذو حدّين , يدمّر حياتها , ويجرح مشاعر الآخرين .


42- الفرح الصافي , مثل الألم الصافي , صدق , حقيقيّ , لا تمحو الأيّام ذكراه أبداً .


43- السعادة هي الاستقرار النفسيّ والطمأنينة , وأن لا تهمّنا هذه الدنيا بما فيها ومن فيها , وأن لا نجري وراء أشياء هي في حقيقتها تافهة , لأنّها لا تساعدنا في بناء عقولنا , ولا تسهم في تزكية نفوسنا , وليس لها أي دور في تطهير قلوبنا .
السعادة هي البحث عن الحقيقة , لا لمجرّد معرفتها , بل لمعرفتها والحياة والموت في سبيلها .


44- ما أرى السعادة إلّا في الحريّة التي نستمدّها من خلال التزامنا بدين الله الذي يهبنا الأمن , ويسمح لنا بالحركة والإبداع والاجتهاد ضمن حدود الإيمان الذي اخترناه بمحض إرادتنا بعد أن هدانا الله إليه بمنّه وفضله وكرمه .


45- للحريّة وجوهٌ عدّة , أكثرها التصاقاً بالإنسان أن لا يقيّد نفسه بإعجاب الآخرين به , أو ازدرائهم له , وأن لا يخنق ذاته في الترهات .


46- إنّ كل ما في الدنيا من آلامٍ وضياع , لا يعادل ألم الابتعاد عن طريق الله بعد أن كان طريقك .
وكلّ ما في الدنيا من ملذّات وأفراح , لا يعادل فرح المؤمن وسعادته وهو يستشعر كامل حريّته في عبوديّته لله وحده .


47- مهما حاول الآباء العدل , فإنّ معظمهم لا يستطيع إخفاء تفضيل الذكر على الأنثى ,وإنّ الدلال والميوعة التي ينشأ عليها بعض شبّاننا بسبب هذا التفضيل غير السويّ , يجعلان منهم قوّة هدّامة في مجتمع لا يعرف أبسط قواعد بناء الإنسان المتّزن , وإنّ الله عزّ وجلّ ما أراد بتفضيل الرجال على النّساء هذه الفوضى , وهذا العبث , إنّما فضّل الرجال بالعمل والجدّ والمكابدة , والتخلّق بالخلق الحسن , والتّوسّع على من حولهم لبناء الحياة الحرّة الكريمة .


48- الطغاة.. مجموعة كبيرة من الناس , ربّما لا يعرف الناس أوصافهم بالدقة المتناهية , ولا يستطيعون تمييزهم بسهولة , فالطاغية قد يكون مَلِكاً , وقد يكون عبداً , وقد يكون امرأةً , وقد يكون رجلاً , وقد يكون مدركاً لطغيانه أو غير مدركٍ لذلك!.
ولكنّه في جميع الحالات , ذلك الذي يعطي لنفسه من الحقوق ما لا يسمح لغيره بنوالها .


49- الطغيان لحنٌ جنائزيٌّ بغيض , أبى أعداء الإنسان إلاّ جعله لحناً وطنيّاً لدول بنوها على جماجم الشعوب


50- الإيمان , ذلك البلسم الذي تشفى به جراح القلوب , والقدرة العظيمة لتحويل الناس عن شرورهم , إنّه ذلك الذي يجعلنا ننتقل من أنانيّة آلامنا الذاتيّة , إلى الشعور بآلام الإنسانيّة كلّها , ويحوّلنا من الطّواف حول كعبة الأنا , إلى الطواف حول كعبة الخالق مع مجموع لا يسجد لسواه جلّ وعلا .
51- إلهي...
اللهمّ تولّني في السرّاء والضرّاء.
وخذ بيدي كيلا أسقط في متاهات الحياة الدنيا.
اللهمّ لقد علمتُ أنّني إذا غرقت في بحر ذنوبي , فأنت وحدك الذي تشرق على ليل القلوب بالرحمة والمغفرة .
اللهمّ ما من مجيبٍ يردّ كسر القلوب التائهة سواك , فأسألك برحمتك لخلقك , أن ترحم المسلمين من أنفسهم , وتقيل عثرتهم وتفرّج عنهم ما أهمّهم .


52- اللذّات العليا عشرة.. التفكير , والاطّلاع , والإبداع , والجهاد , والحريّة , والعطاء , والصدق , والإيثار , وطلب الشهادة في سبيل الله , ثمّ الفوز بها.


53- إلهي..
كنّا قبل أن نعرفك ضائعين , فصرنا بعد أن هديتنا إليك مطمئنّين , والطمأنينة أساس الحياة الكريمة. وكنّا قبل أن نجد طريقنا إليك يملأ الحزن قلوبنا , فعرفنا في رحابك معنى الفرح الصافي والسكينة.
وكنّا غافلين عن مشكلات الإنسان , ومعاناة الخلق , ففتح الإيمان عقولنا , وجعلنا نستشعر المسئوليّة لنعمل حسب طاقتنا لإنقاذ أنفسنا وأمّتنا ممّا نحن فيه , ولا نحقر غرسةً نغرسها حتّى في يوم القيامة!.
وكنّا قبل أن نعرفك – يا الله – عبيداً لشهواتنا , وتفاهات دنيانا , فصرنا أعزّةً بك , متفتّحةً عقولنا لتروي ظمأها من رحاب كتابك.
وكنّا قبل أن نعرفك جبناء , فأصبحنا بعدما أنرت بضيائك حلك ليل حياتنا , نطلب الموت لتوهب لنا الحياة في ظلال عرشك .



54- إنّ في كلّ إنسانٍ خيراً مهما كان شريراً , كيف لا وهو من صنع الله .


55- الأسرة المتآلفة المتحابّة , معجزة حقيقيّة , لا يدرك هذا المعنى إلّا أولئك الذين افتقدوا معاني الأمن والسلام في بيوتهم.
وإنّ استهتار الناس بقوانين الإسلام , سيفقدهم أعظم نعمةٍ عرفها البشر وهي الأسرة المسلمة الملتزمة روح الإسلام حقّاً , يظلّلها الحبّ , ويحكمها الحزم , ويقوم بنيانها على التسامح , يظلّل الجميع فيها الرضى وتحيى بينهم الطّمأنينة .
56- اللهمّ ربّنا يا رحمن.. أنت النور , ومنك العطاء , وبك الرجاء .
اللهمّ أنت العظيم في أسرارك الكونيّة , وأنت القهّار في القوانين الطبيعيّة التي خلقتها .
اللهمّ أنت الحكيم رحمتنا بالنسيان , وأقمت علينا الحجّة بالموت .
اللهمّ اجبر عثراتنا , وثبّت قلوبنا , وارحم أنفسنا من أنفسنا , فإنّك أرحم بها منّا .


57- أكثر الأشياء بشاعةً في هذه الحياة الظلم , وأبشع منه , أن تُظلم بعملٍ جناه غيرك...


58- أنا في نظر الآخرين – من أبناء جلدتي – مجنونٌ ومتهوّر , ولا أعرف الحياء!! ما دمتُ صادقاً في القول والعمل , لا أرائي أحداً قطّ ابتغاء مطلبٍ أو منصبٍ دينيٍّ أو دنيويّ , أنا في نظر الآخرين – من أبناء وطني – مجنونٌ وقليل الحياء , لأنّني لم أستمع إلى موعظةٍ هزّت أوتار روحي إلّا وحوّلتها إلى واقعٍ أعيشه .

أنا – في نظر بعض المنتسبين إلى الدعوة إلى الله – لا أعرف الحياء , لأنّني استحييت من نفسي فتوقّفتُ عن النفاق , واستحييت من أمّتي فاجتهدتُ على ضعفي لأضع بصمةً في طريق الخلاص , تعذرني يوم القيامة من القعود مع القاعدين عن عمل أيّ شيءٍ يحرّرهم من قيود الذلّ والهوان والارتكاس في الفتن السوداء التي تلفّ الأمّة من أقصاها إلى أقصاها , واستحييتُ من ربّي فطلبتُ منه أن أحيى في سبيله وأن أموت في سبيله..

أنا.. وكلّ الغرباء هكذا.. فمن أنت؟.
" قد سئمتُ العمر سعياً..
خلف قومٍ حائرينا..
في دروب الجهل ساروا يا أساهم ضائعينا..
فمتى الداعون يوماً.. يبعثون النور فينا..
كي تعود الأرض روضاً..
في ظلال المسلمينا..
ربّ أدركنا بعونٍ.. أنتَ عون الصالحينا ".

- من أناشيد المحنة -



59- الأخوّة في الله , هي تلك العلاقة السامية التي تبنى على دعائم العقيدة , وتطوي في رحابها كلّ علاقةٍ أخرى , فتكون كلمات الله هي المؤثّر الوحيد في سلوك ووجدان المسلم تجاه أخيه.. وقلّ من يفهم هذا , وقلّ من هؤلاء من يستطيع العمل بما فهم!.


60- لعلّ انتصار عقولنا فيه هدأة قلوبنا , ولعلّ انتصار قلوبنا فيه هزيمة لقناعاتنا , فالحمد لله الذي جعل لنا في هذا الدين سعة التوازن بين العقل والقلب , حتّى لا يتمزّق الإنسان وهو يمضي في درب الحياة .


61- لا عيد بلا فرح , ولا فرح بلا نصر , ولا نصر بلا تعاون , ولا تعاون بلا صدق , ولا صدق بلا إخلاص , ولا إخلاص دون إيمانٍ بالله وثباتٍ تحت راية الإسلام حتّى يظهره الله أو نهلك دونه .


62- الرجل قائد , والمرأة جمهور.
الرجل قلبٌ كبير , والمرأة عواطف ثائرة .
الرجل شمسٌ ساطعة , والمرأة قمرٌ هادئ يظهر ويغيب .
الرجل صديقٌ متفهّم , والمرأة صديقٌ مخلص.
الرجل جنديٌّ محارب , وامرأة فدائيٌّ مندفع.


63- " دعوى "
كيف يحكمون شعباً يكرههم , ويدّعون محبّته ؟
وكيف يسحقون الرؤوس , ويدّعون الحريّة ؟
وكيف يحاصرون المرء في كلّ مكانٍ ثمّ يدّعون أنّهم ينون حياةً كريمةً للإنسان!.


64- لا يمكن للدعوة إلى الله أن تنمو في جوٍّ من التعصّب والكراهية , ولا أن تثمر في أجواء الأثرة والأنانية وسدّ الطرق في وجوه الآخرين , دون تعاون وتعاضد ومحبّة خالصة في الله .


65- إن لم يسلك الدعاة إلى الله مع الشباب سبل الحبّ والصدق , ولم يجعلوهم يثقون بأنفسهم كما يثقون في قياداتهم , ويتناسون أخطاءهم ويتجاوزون كبواتهم , فإنّ العجز السقيم الذي نره في الأجيال المتتابعة من الملتزمين بالإسلام سيستمرّ دون حركة إيجابيّة بنّاءة!!.
70- على المرء أن يغتنم كلّ ساعة من ساعات عمره , فكلّ ساعة آتية تخبّئ له ما لا يخطر على ذهنه من الأعباء والمسؤوليّات . عليه أن يتعلّم كيف يأخذ من لحظة الحاضر ما ينجيه من الندم عليها وهي راحلة إلى عوالم الماضي , وكيف ينقذ ما يملكه من عقل ومواهب قبل أن لا ينفع الندم .


71- حمل البنادق والقنابل سهل ميسور لمن امتلك نفساً جبّارة عظيمة بالله , قد استصغرتْ كلّ ما عدا الله , وما عادت ترى في غير الموت في سبيل الله غاية وأملاً.
لكنّ حمل الشهادات , وبذل الجهود العظيمة في بحث علميّ أو استقصاء أدبيّ , هو المهمّة الجسيمة التي تواجه أولئك الذين حبسوا في الأرض , لم يكتب الله لهم الشهادة في سبيله , ولعلّه سبحانه ادّخرهم ليكونوا من أهل الحياة في سبيله الذين يرفعون راية الإسلام , وتتوقف على جهودهم حياة المسلمين كراماً أعزّة .


72- الامتحان.. مهما كان جسيماً , سهل ميسور ما دام يواف هواك , لكنّه صعب مرير ما دام لا يتفق مع ما تهوى , ولو رأته كلّ الدنيا هيّناً يسيراً .



73- إلهي... هذا ليلك قد أتى , ونجومه قد بدت , وشرار خلك قد هجعوا , ونسائم جنّاتك تدعو زهر الياسمين , لينشر عطره فوق هامات القائمين بين يديك في هذا السحر , وأنت يا الله قد نزلت إلى السماء الدنيا , تستقبل أهل محبّتك , وتسمع الدعاء ..
اللهمّ أجب نداءنا ..
اللهمّ على لهيب جمر الجفاء والذنوب نحترق , وإنّك بنا راحم , فلا تحرمنا عفوك.. يا الله .


74- العلائق.. والوشائج , آخذة من هذا القلب السقيم كل مأخذ , فهل من منقذٍ له سوى الخلوة إلى الله , وتوبةً نصوح , وانعتاق من هؤلاء الذين تبعد رؤيتهم المرء عن ربّه أشواطاً وأشواطاً , أهل القيل والقال , أهل الأنا والمراءاة , أهل التكبّر وغمط الناس أشياءهم !!.



75- كم رأيت من المنتسبين إلى الإسلام , يدّعون الجهاد في سبيل الله , وهم يجاهدون في سبيل الحركة التي إليها ينتمون , ويجدّون ويجتهدون من أجل نصرة شيخهم , وهم يتوهّمون أنّما يفعلون ذلك لوجه الله تعالى.
كم سمعت من أمثال هؤلاء نصحهم للناس بالابتعاد عن التعصّب , والتعصّب متلبّسٌ بهم تلبّس الروح بالجسد ما دام حيّاً .


76- كلمةٌ واحدةٌ مهرها النفوس.. ( لا ) !.


77- ما أتعس الذين لا يعرفون الله , وما أتعس الذين أشركوا بالله , وما أتعس ذوي العقائد المشوّهة , يعملون عمل المؤمنين , وجوههم عاملة ناصبة تتوجّه إلى إله أو آلهة , اخترعوها من عند أنفسهم!.
وما أتعس الإنسان , وهو يكابد الحياة وتكابده , منصرفٌ عن درب الله , قد صعّر خدّه , وصمّ أذنيه عن الحقّ الظاهر .
وأتعس من هؤلاء جميعاً , مؤمن يشعر أنّ الله يمقته بعدما قصّر في العمل بما علم .



78- كيف يمكن لهذه الأمّة أن تنهض من عثراتها , إن لم يشعر كلّ مسلمٍ فيها بثقل المسؤوليّة تجاه هذه المهمّة , فلا يعرف الشيخوخة أبداً .. يكون جديداً حتّى في قدمه , متطوّرا على الرغم من ثباته , رسالة مفتوحة إلى مجتمعات أَغلقت أبوابها في وجه الحق والهدى .
أنّى لنا بمثل هؤلاء يشرقون كالشموس على حياتنا الرتيبة , ويملؤون حياة الناس حياة حقيقية سامية , بالأمل والرغبة في العمل من أجل الخلاص ؟.



79- خذوا منّي كلّ شيء وأعطوني صلةً بالله , فلا يُعرف عز الطاعة , إلّا بذلّ المعصية , ولا يعرف نعيم الصلة بالله إلّا من ذاق ألم البعد عنه.

80- ربّما سرت ذات يومٍ تبحث عن الحق , لكنّك وقعت في الشبهات , وربّما أردت الإصلاح لكنّك أفسدت نفسك , وربّما أحببت أن تجاهد لكنّ كلّ سهامك عادت إلى قلبك .
ولكنّك مسلم ولا يجب أن تعرف اليأس إلى روحك سبيلاً , ارفع رأسك , وقل: أستغفر الله , ثمّ امضِ في طريقك ولا تبالِ.


81- أعظم ما في الأمر أن تكون غريقاً.
وأعظم من ذلك أن لا تستطيع النجاة.
وأعظم من ذلك كلّه أن لا يستطيع إنقاذك كلّ الذين يجيدون السباحة , يقفون عند الشاطئ , بعضهم ينظر , وبعضهم يخاف إبداء أيّة حركة إيجابية , والبعض الآخر قد أداروا ظهورهم ومضوا إلى حيث أولئك الذين لا يغرقون!.. لكن .. تذكّر الله , تذكّر أنّ الله لا ينسى من فضله أحداً , تنقذ نفسك من الغرق وتنجو!...


82- كثيرون أولئك الذين لا يفهمون عنك إلّا ما يريدون! وينقلون من ذلك ما يشتهون , ويشهرون بك وسط الناس.. ولا علم لك بما أحدثوه , ولا بشيء مما فعلوه!.


83- ما أروع أن نعترف بأخطائنا , ونصحّح زلّاتنا , ونستغفر الله , وأن نتّبع قادتنا على ثقة , ونؤمن بطريقنا الذي نسير فيه عن حبٍّ وثبات , وما أقبح أن يأسر النّاس بعضهم بعضاً في أخطائهم ولا يتجاوزون عن الإساءة ولا يدفعون بالتي هي أحسن .
وأقبح من ذلك أن يصدر مثل هذا الفعل عن داعية إلى الله في حقّ تلاميذه وأتباعه .


84- عرفت الآلام فما أشدّ تألّم الذين جفاهم الله بعد صلة به وقربى.
وعرفت الجراح فما علمتُ جرحاً أشدّ على المرء من سوء فهم الآخرين له .
ورأيتُ السيوف فما وجدتُ سيفاً أمضى من خيانة المسلم لأخيه ولو بنظرة.. ولو أن يفشي له سرّاً.
وتعلّمتُ الصبر .. فما أحسستُ بأمرّ منه , خاصّةً إذا كنت مظلوماً.


85- أهون بكثير أن أترك أمراً قد اختلف فيه الفقهاء وأنا مطمئن إلى تطبيق ما عرف من الدين بالضرورة , راضٍ بحكم الله فيّ , مستسلمٍ لأوامره ونواهيه , يرفرف السلام على روحي , من أن أشتدّ على نفسي فألزمها جزئية مختلف عليها تدمّر الرضا في يقيني , وتقضّ مضجعي , وتشعرني بثقل أوامر الشريعة في نفسي.
86- قد يحجم المرء عن طاعة يريدها له ربّه , عندما تسوّل له نفسه أنّه بصدد معصية لا ينبغي له أن يتجاوزها إلى طاعة تقرّبه من الله , تلك هي أبواب الرحمن التي ندخل من خلالها إلى بساتين الشوك الشيطانية .


87- ليس سوى أن تخطو إلى الأمام خطوة واحدة , حتى تجد الله عز وجلّ قد أنفد إليك عفوه ومغفرته ورحمته , ويسّر لك سبل السلامة من كلّ همٍّ وغمٍّ وشرٍّ يحدق بك .


88- إيّاك أن تُطلع اللئيم على سرّك فيفضحك .
وإيّاك أن تودّ من يخادعك فتهين نفسك .
وإيّاك أن تقابل من يحبّك بالجفاء , فتضيع فرصتك وتخسر قلباً نادر الجود .



89- لو لم تكن الأشجار مثمرةً لما ضربت بالأحجار , بعض تلك الإصابات ليستفيد الناس من ثمرها , والبعض الآخر حقداً وحسداً وبغضاً ورياءً .


90- تعلّم كيف تستنبت آلامك طاقة مخلصة تدفعك في طريق الصواب لتعمل وتعمل دون أن تدع اليأس يستعبدك ويثنيك عن المضيّ إلى الأمام 

91- قبّح الله أولئك الذين يستخدمون سلاح السلطة ليدمّروا براءة الأطفال , وحريّة الشعوب , والحق التي تقوم عليه الأمم .


92- ما أظنّ السلام إلا أربعة أشياء: عمل خالص صواب في الدنيا , وشهادة في سبيل الله عند الموت , وظلّ الله يوم البعث , والجنّة بعد الحساب .


93- الحقّ مخيفٌ لكنّه عادل , ومرٌّ لكنّه تستقيم به الحياة , ومخيّبٌ لبعض الآمال المنحرفة لكنّه يكفل السعادة للإنسان في الدنيا والآخرة .


94- ما دمنا نحبّ طريقنا ونجاهد في سبيل الله , ونأمل في غدٍ مشرق بوعد ربنا لنا , فلن تخبو نارنا , تلك التي نوقدها بحبّ الله , ونذكّيها بنور كتابه العظيم , ونسمو بها بجناحي الأمل به .


95- أعطني أرضاً لا يحارب في الإسلام , ولا يسيء المسلمون إلى أنفسهم وإسلامهم , وخذ شباباً طاهراً صافياً , وإنساناً متوازناً كريماً , وفتحاً مبيناً قريباً .


96- اللهمّ ثبّتنا على حبّك وحبّ من يحبّك , وحبّ عملٍ صالحٍ يقرّبنا إليك , وألّف اللهمّ بين قلوبنا على البرّ والتقوى والجهاد , وارحمنا من الإثم والعدوان والتخاذل وحبّ القعود والركون إلى الدنيا , والاطمئنان إلى أعدائك.. إنّك خير من سئل , وأعظم من أجاب . 

97- استصغار الجاهل , وتعييره بجهله يثير فيه حبّ الأنا والانتصار لنفسه , فيعمد إلى الدفاع عنها دون أن يحاول فهم شيء مما تقول .


98- التسامح مع أهله برّ , والتسامح مع من لا يفيد التسامح معهم حمق , وأيّ حمق! .


99- سبحانك..
أعوذ بك من كلّ ما لا تحبّ ولا ترضى .
أعوذ بك من كلّ حاسد وحاقد وظالم .
أعوذ بك ممّا أنزلته بي ممّا لا أستطيع دفعه من قدرك .
أعوذ بك منك , لا أخصي ثناءً عليه لوفرة نعملك , وقلّة حيلتي في أداء شكرها , أنت ربّي لا إله إلّا أنت سبحانك.. تباركت وتعاليت إنّك أنت العزيز الرحيم .



100- قد تسقي الورود مياهً كثيرة , وأبداً لا ينسى الورد طعم الماء الذي أحياه بعد موت .


101- اللهمّ..
إنّك تسمع الدعاء , ففرّج كربنا , وارفع الظلم عنّا , وأوّل ذلك ظلمنا لأنفسنا بالارتكاس في حمأة الدنيا , وقيل وقال , وآفات ألسنتنا .
اللهمّ انزع بفضلك حبّ الدنيا من قلوبنا , وحبّب إلينا الإيمان والجهاد في سبيلك , واشرح صدورنا , واجعل رضاك منتهى آمالنا .
اللهمّ أعذنا من الوهن واليأس والحقد , وباعد بيننا وبين الكراهية.
وارزقنا عزماً صادقاً , وتسامحاً , وحبّاً صافياً لله .
اللهمّ اجعلنا من الذين يرضون بقضاء الله فيهم ولا يجدون حرجاً ممّا قضى ويسلّموا تسليماً .


102- كيف يكره المسلم أخاه بسبب اختلاف جماعتيهما , بينما لا تهزّه جرائم القتل والتعذيب التي ترتكب ضدّ المسلمين , دون أن يسأل عدوّهم عن جماعتهم ولا عن شيخهم؟!!.

103- يا حيّ.. يا قيّوم .
كم استغثتُ برحمتك ولم أيأس من الإجابة , ولن أيأس مهما طال الزمن .


104- كنتُ أبكي كلّما ودّعتُ صديقاً , فعلّمتني الأيّام أن أفرح كلّما ودّعتُ أخاً في الله لم أختلف معه بعد , لأنّني أوقن أنّي تركتُ ذكرى طيّبة لن تمحى حتّى يكون لقاؤنا في ظلّ عرش الله .



105- من الاختلاف والنّقاش تتولّد دائماً فرصة جديدة , وليست مشكلة أن يختلف أخوان في الله , لكنّها مصيبة أن يُخْضِع الأخوة في الله نقاشاتهم الفكريّة , واختلافاتهم الحركيّة لأهواء جامحة زرعها الشيطان فيما بينهم وأغراهم بالعداوة والبغضاء ومعصية الرسول ليصدّهم عن سبيل الله .



106- هل يمكن لعاقل أن يصدّق أنّ الذين يعذّبون الناس في السجون ليالي طويلة , يحرمونهم فيها النوم والطعام , وهم يتلوّون بين أيديهم وتحت أقدامهم!! هل يمكن لعاقلٍ أنْ يقول إنّ هؤلاء بشر؟!.



107- إنّ الذنب عظيم التي ترتكبه الشعوب بخنوعها , يدفع ضريبته الأحرار من راحتهم وحريّتهم ودمائهم .

108- عندما تتمزّق الخلايا السطحية إثر جرحٍ أصاب الجسم , فإنّ ما بلي منها يتساقط , وقسم كبير يبدأ بصراعٍ عنيف مع ما دخل الجسم من جراثيم , وينتهي الصراع بموت الدخيل , أو موت الخليّة! إلّا تلك الخلايا القويّة السليمة , تبقى وتثبت لأنّ مثلها لا يتهاوى رغم الجراح.. ذلك مثل الفرد في الجماعة.. يستمدّ قوّته عند المحن من الصدق والإخلاص والتمسّك بحبل الله المتين.



109- سألتُ نفسي لماذا لا نصل إلى أهدافنا غم كثرة الدعاة إلى الله , والحركات الإسلامية العاملة؟ ولمّا عشتُ وعانيتُ من الأخلاق التي ما زالت في صفوف المسلمين دون أ نخضعها لدين الله ليشذّبها ويهذّبها .
ولمّا رأيتُ التمزّق والتناحر فيما بين الدعاة , وصغائر الذنوب التي لا نأبه لها وهي تدكّ البنيان من القواعد.
وكثرة التشدّق واللافتات, وقلّة العمل والثبات , وتحقير بعضهم بعضاً , وقصّ أجنحة الذين يحاولون الطيران منهم , وكراهيّة الموت , وعشق الدنيا والأموال والشهوات.
وسوء الفهم , وقبح التطبيق , وعدم الالتزام إلّا بما يتوافق مع الهوى.
عندما رأيتُ ذلك كلّه.. أنْسَيْتُ نفسي سؤالها؟!!.


110- قال تعالى : " ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه, فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون. فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلّا بشرٌ مثلكم يريد أن يتفضّل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين. إنْ هو إلّا رجلٌ به جِنّة فتربّصوا به حتّى حين " [ المؤمنون : 22- 25 ]

تفكّرتُ في هذه الآية التي نزلت في أشدّ الكفّار وأعتاهم مع واحد من أولي العزم من الأنبياء , وقرأتها وأعدتها مراراً , فوجدتُ في نفسي العزاء من بعض المحسوبين على الإسلام من بني جلدتنا , كلّما جاءهم داعية إلى الله قالوا : هذا مثلنا , ولعلّه إنْ أتانا من هو أكبر سنّاً وأعظم قدراً لسمحنا له بالعمل الإسلاميّ.

وكلّما رأوا أخاً ينشط في تجميع الناس على كتاب الله قالوا : إنّما هو طالب رئاسة وزعامة , وليس لّا قليلاً حتّى يقولوا عنه مجنون أو عصبي أو سيء الأخلاق.

لقد رأيتُ في بعض المنتسبين إلى الإسلام من بني جلدتنا من حاربنا ونحن نبغي وجه الله , وأحكم الحصار علينا بكلّ وسيلةٍ ممكنة , فما وجدتهم أقلّ حالاً ممّن قال فيهم ربّ العالمين : " الذين يصدّون عن سبيل ربّهم ويبغونها عوجاً " بعد أن حكّموا في أنفسهم الهوى فزيّن لهم الشيطان أن يحاربوا الذين قالوا ربّنا الله , كما يحاربهم أعداء الله الكفرة المجرمين .

111- لن توقف الصعاب جند الله , وإن زلزلتهم الخطوب , لأنّ الهامات التي لا تسجد لغير الله , لا تهين نفسها بالذلّ بين يديّ الطاغوت .



112- يا ربّ...
يا ربّ أعطنا فرحاً وهناءً وقدرةً على تجاوز الآلام
يا رب أعطنا سلاماً وأمناً ينسياننا ما نحن فيه من كبد.
يا ربّ أعطنا دفعاً إلى العمل الصواب الخالص لوجهك , يضفي على أعمارنا ووجودنا في هذه الأرض معنى .
يا رب أعطنا راحةً لعقولنا ورحمةً لقلوبنا.
يا ربّ أعطنا أخوّة في الله , حقيقتهم الصدق , وقلوبهم ملآى بالإخلاص , ولا يحبّون النفاق ولا التدابر ولا المراءاة ولا التكبّر ولا غمط الناس حقوقهم.. لنحيى بهم ومعم جنّة الدنيا ثمّ جنّة الآخرة.
يا ربّ أعطنا مواقع الجهاد لعلّنا نفوز بمراتب الشهداء.. ثمّ لا نبالي ..



113- اللهمّ اجعلني راضياً بما قسمت لي , قانعاً بنصيبي من دون الخلق.
اللهمّ اجعلني متواضعاً بين خلقك لا متكبّراً عليهم , مثنياً على عطائك , لا حاقداً بسبب امتناعه عنّي , اللهمّ طهّرني من الحسد , وطهّرني من البهتان , وطهّرني من غمط الناس حقوقهم .
اللهمّ ارزقني القدرة على الاعتراف بالخطأ ورأسي مرفوع , لأنّ المسلم لا يخاف إلّا الله , ولا يكبّله إلّا ذنبه , فإن تاب تحرّر من كلّ قيدٍ دنيويّ آخر .



114- ليت الدعاة إلى الله ينزلون إلى أوساط الشعب , ويلمسون بأنفسهم وتجاربهم الخاصة عمق مأساتنا في أنفسنا , وإلى أيّ مدى وصل ارتكاس الناس في حمأة الدنيا , والتدهور الأخلاقيّ , والفسق والعصيان! ليتهم ينزلون من أبراجهم النفسيّة واستعلائهم الفكريّ! ولو أنّهم نزلوا إلى أوساط الشعب لحصلت ثورة حقيقيّة في عالم الدعوة إلى الله , غيّرت كلّ أساليب الدعاة الحاليّة التي ما فتئوا قائمين عليها منذ نصف قرنٍ من الزمان! وسيبقون كذلك ما دامت هذه الأبراج حاجزاً حقيقيّاً بينهم وبين الجماهير وآلامها وآمالها .

115- الداعية الذي يخالط الناس , يناله من الأذى ما لا يحصر , يستوي في إيذائه الجاهل والعاقل , والأخ في الله والعدوّ اللدود , صدق رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خيرٌ وأحبّ إلى الله من الذي يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم .


116- يا ربّ..
إنّك لم تعطنا إلّا فوق ما نستحقّ من كرمك.
ولم تحرمنا إلّا أقلّ ما نستحقّ من عقوبتك.
ولقد خلقتنا وأنت العليم بنا , وأنت الحكيم الذي يختار لكلّ مخلوق ما ينفعه , فيعطيه أو يرحمه .
يا رحمن.. ارحمنا في أحوالنا كلّها , وأنر ظلمات دنيانا بفيض رحمتك.



117- الأخ جدارٌ نستند إليه , وقد نسند إليه كلّ أخطائنا!!.


118- لن تجد في الحياة شيئين , أماناً واستقراراً , ولن تجد عند الموت فرصةً لاختبار آخر , ولا عودة إلى الوراء. ولن تجد في مجاهدٍ صفتين : طب الراحة , والرضى عن الظالم.



119- يحبّ المجاهدون من الدنيا ستّة أشياء: قيام الليل , وحضور مجالس العلم , والصيام , والجهاد في سبيل الله بكلّ وسيلة , والإخلاص في الأعمال , وطلب الشهادة في سبيل الله

120- أحياناً تكون المحنة منحة , وقد تكون المنحة والعطاء محنة!
121- لماذا يضيع مسلم ملتزم عرف ربّه والتزم دينه؟ ما كان الإسلام ليضيّع الإنسان! لكنّ إنساناً ضيّع آخر..
الأوّل قائدٌ متعصّب والثاني جنديٌّ أحمق!.



122- سألتهم : لماذا أنتم متعصّبون؟
قالوا : لأنّنا على حقّ!.
وسألت الحقّ : لماذا أنت بريءٌ منهم ؟؟.
قال : لأنّهم متعصّبون !.



123- كلّما خابت آمالنا عمدنا إلى فلسفات خاصة , تبرز فشلنا في بناء حياتنا الخاصّة , دون أن نذكر ولو لمرّة واحدة , إنّ فشلنا سببه الكسل والإهمال والحمق , وعدم الاستماع إلى نصائح الذين يحسنون النصيحة , والذين هم أهل لها .

124- كيف يريدون للحريّة أن تحيى في السجن , وللقلم أن يحيى دون حريّة , وللروح أن تحلّق في المستنقعات , وللفكر أن ينطلق في أجواء مشحونة بالبغضاء والشحناء!؟.


125- أرى في علاقات الناس من حولي عجباً , فهناك الأخ الصديق الذي يضطر المرء لمداراته في السرّاء والضرّاء ليُبقي عليه.
وهناك الصديق الذي لا يمكنه أن يكون أخاً , والأخ الذي يعجزه أن يكون صديقاً , ورأيتُ من الأخوة في الدم , وفي الله من ينقلب عدوّاً.
وقد يكون الزوجان صديقين وفيّين , وقد يعيشان العمر كلّه عدوّين لا يعرف أيٌّ منهما طعماً للأمن والطمأنينة في جوار ربّه.
ولعلّ الولد يكون شوكةً في حلق أبيه , وربّما كان الأب جداراً يسدّ كلّ المنافذ أمام ولده .
ورأيتُ من النساء من ظلمها زوجها حتّى صارت كالأمة المسحوقة المكرهة في بيته , ومنهنّ من ظلمت زوجها وسيطرت عليه حتّى ما ينطق إلّا بما تنطق به ولا يصدر إلّا عنها بكلّ رأيٍ وفعل , فجعلته سخريّاً!.
لو فهم هؤلاء دينهم شرعاً وقرآناً وحديثاً , وتعلّموا سنّة نبيهم , وأدركوا معاني النصوص كما أدركوا معاني أفعاله عليه الصلاة والسلام , ما وصلوا إلى كلّ هذه الآلام .

- 3 -
" يا أخي..
حطّم القيد وهيّا..
نملأ الكون دويّاً..
سوف نمضي نزحم الدرب السويّا..
نحو ساحات الجهاد..
وننادي كلّنا.. الله أكبر " .

- من أناشيد المحنة –

126- إنّ العقيدة الإسلاميّة تقوم على إعمال الفكر , وتعتمد الإيمان بالله ربّاً مهيمناً.
والشريعة الإسلاميّة تقوم على الرضى , وتعتمد الإيمان بوجوب نظام الإسلام.
فإذا ما سلك المسلم سبيلاً يوازن فيه بين قناعاته العقليّة , وعواطفه النفسيّة , وقرن ذلك بالتحلّي بأخلاق الرسول العظيم , استطاع هدم كلّ الأسوار التي تحول بينه وبين قلوب الناس أجمعين.. إلّا ما ابتلاه الله به من حاسد حاقد , وعدوٍّ يكيد له في إسلامه , ليصقل الله بها عزيمته , ويطهّر نفسه من أدرانها .



127- إنّ هؤلاء الإخوة الذين امتحنهم الله بالسجن , ليسوا إلّا طلائع فجر الحريّة , يربيهم الله في سجن يوسف عليه السلام , الذي اختار الهدى على الهوى , والحقّ على الباطل , والسجن الصغير على سجن الذنب الذي يأسر الروح , وهل أعظم ذنباً عند الله من إعطاء الدنيّة في الدين , وفسح المجال للمفسدين أن يعيثوا فساداً في الأعراض والكرامة .


128- إنّ العدوّ الحقيقيّ للمسلم الذي يريد أن يعمل في سبيل الله , ذلك الذي يثبّط عزيمته في كلّ مرّة يريد بها أن يخطو خطوةً إلى الأمام , فيلوّن له المستقبل بلونٍ أسود , ويتحفه بالفتاوى التي تجعله في صف القاعدين , فإن رآه متحرّقاً متوفّزاً لنصرة الإسلام حقّر حرقته هذه , وإن رآه داعياً إلى الله حسب طاقته , اتّهم فيه دعوته وسخر منها.. إنّ مثل هؤلاء أعظم جرماً من أولئك الذين يحاربون الإسلام جهاراً نهاراً بكلّ ما أوتوه من قوّة!.


129- علّمتني الأيّام ألّا أذمّ داعياً إلى الله – والنقد غير الذمّ – ولو لم أنقده لغششته!! وقلّ في هؤلاء من يفهم هذه المسألة على وجهها السليم!!.
وعلّمتني الأيّام ألّا أضع أملي إلّا في الله وحده.
وعلّمتني أن أعمل وأتخلّق بخلق الإسلام ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
وعلّمتني أن أجاهد في سبيل الله مهما كانت العقبات التي تواجه الدعوة إلى الله .

130- كانت ذات يومٍ أمّاً...
ولمّا دخل ابنها في قافلة محمّد – صلّى الله عليه وسلّم - , وامتحن في الله , وباع الله دمه ونفسه وماله , صارت أمّه نجماً!.

131- بلدي ..
بلدي بلدٌ يسحق فيه الإنسان , ويعتدى فيه على أبسط حقوقه المادّيّة والمعنويّة!.
ويسقط فيه , في كلّ يومٍ شهيد..
بلدٌ يحمل الشباب فيه آمالهم في محافظ السفر , ويهاجرون بحثاً عن الكرامة والإنسانيّة .
بلدي.. بلدٌ تعتقل فيه الأمّهات لأنّ الأبناء اختاروا الموت الشريف على العيش في ظل السياط والإرهاب , وتغتصب فيه أخوات وأزواج الأحرار , ويعتدى فيه على الشرف والحريّة والمال!.
لا تسألوني عن بلدي , إنّه ذلك الذي اختار الناس فيه أن يعيشوا راكعين , ويموتوا راكعين!! ولكن لشهواتهم وجاهليّتهم وأنانيّتهم والكراهية التي تملأ صدورهم .


132- أودّ لو كانت أوراق الشجر كلّها سطوراً لأكتب عليها ( لا إله إلّا الله )
ولو كان البحر مداداً لأكتب به ( لا إله إلّا الله )
ولو أنّ حقيقة الإسلام دخلت كلّ قلبٍ ليسعد بقول ( لا إله إلّا الله ) 


133- ماذا تعني الدعوة إلى الله إن لم تكن عملاً جادّاً فعّالاً لإعداد جند الله الذين يعملون بدأبٍ وصبر وإخلاص لإصلاح ما فسد , وبعث الحياة في قلوب قتلها حبّ الدنيا والتشبّث بالشهوات؟


134- اللهمّ اجعل القرآن العظيم نور قلوبنا , وضياءً في سبل حياتنا لتستقيم .
واجعل مع الجهد الصواب , ومع السعي الصبر , ومع البذل الإخلاص.. يا الله .


135- أيّها الدافنون في التراب رؤوسكم , ارفعوها فقد آن لحبّات القمح أن تنتش , والحبّة لا تنتش إلّا إذا دفنت في التراب , ولكن إلى حين , فإذا طال سباتها فهي ميتة لا محالة!.


136- الحياة امتحانٌ صعبٌ للغاية , والإيمان شيءٌ عظيم , ولا يمكن تذليل هذا الصعب إلّا بذلك العظيم .


137- عجباً لتلك الشعوب التي أحنت مأساتها ظهورها وحفرت تجاعيد الألم في وجوه رجالها , كيف لم تستطع تلك المأساة اقتلاع الوهن من نفوس هؤلاء الرجال؟!.

138- من خاف الموت اشتدّت لهفته للعمل , ومن أيقن بالحياة الأخرى عمل بجدٍّ في هذه الحياة , وصرف طاقته للبناء قبل أن تفوته الفرصة.



139- إنّه لا يستطيع أن يبرهن على إخلاصه الكامل إلّا ذلك الذي يكون في مكان القيادة والرياسة , كما يكون في موضع الجنديّة والحراسة!.



140- إنّ كتاب الله لن يقوم بدوره الأكمل في قيادة الإنسانيّة , وقد تفرّق عليه الناس من بعد ما جاءتهم البيّنات , دون أن يعتبروا بما أصاب اليهود من قبل.
وإنّ هذه الأمّة لن يعاد بناؤها إلّا بوحدة الصفّ والكلمة , وبناء المسلم المتوازن الذي لا يعرف التعصّب ولا التشتّت ولا التهوّر ولا التقوقع .


141- الإيمان الحقيقيّ يدعوك أن تفرح كلّما رأيت مسلماً يضع لبنة في البناء , مسلماً أيّاً كان انتماؤه .


142- كلّما ازداد الناس كذباً , ازددتُ تشبّثاً بصدقي , وكلّما ازداد الناس إساءةً ازددت عملاً للخير .
وكلّما ازدادوا حسداً وحقداً وبغضاً , ازددتُ تسامحاً وحبّاً.
وكلّما صمّموا على وضع السدود في وجهي , ازددتُ تشبّثاً بطريقي وعناداً في الثبات عليه .


143- لماذا نهدم آمال الناس؟ لماذا دائماً يسعى الناس إلى زراعة الدموع في عيون الآخرين , ويصرّون على تخريب سعادتهم؟.
ليتنا نستطيع أن نتعلّم الحبّ , لنطرد الكراهية من كل القلوب .


144- علينا أن نتعلّم أنّ الحبّ يعني التضحية , والعرفان بالجميل والتسامح والإيثار , وأن نتعلّم كيف نكافئ الذين أحبّونا في الله , فهؤلاء الذين تثمر أخوّتنا لهم منابر من نور في ظلّ عرش الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّه .


145- ارفعوا السدود , وأحكموا بناءها , وأوقفوا حركة النور والحقّ , قد يزعجنا دبيبكم على الأرض , لكنّنا سنبقى ثابتين على ديننا الذي ارتضاه الله لنا , ولو كره الحاقدون والكافرون .



146- المهمّ هو أنْ تثير كلماتي تفكيرك , وأنْ تثير كلماتك تفكيري , حتّى لو اختلفنا في الرأي , فما دمنا نلتزم أدب الخلاف , فلن تكون نتيجة خلافنا إلّا ثورةً فكريّة , وعملاً فاعلاً صواباً , ورضىً من الله يغمر أرواح الذين يخشون الله في أخوّتهم في كلّ حين .


147- طريق الإسلام هذه.. طريقٌ دلّنا الله عليها بفضلٍ منه لا باجتهادنا , وبرحمته لا بعملٍ عملناه , وبمنّه وكرمه لا بمزايانا.. وسنسلكها رغم أنف الحاقدين , وصغار الآدميين من الجهلة والموبوئين فكريّاً , الذين يحاولون إثناءنا عن المضيّ فيها , بكلّ ما تتفتّق عنه أذهانهم القاصرة من أفكار غير سويّه , وما ينتج عنها من سلوكيّات مضطربة يشاقّون فيها الله ورسوله وكلّ من أراد إتباعهما , لا أفرّق في ذلك بين عدوٍّ حاقد , وبين مسلمٍ حاسد محسوبٍ على الإسلام وأهله , يسيء بجهله وتكبّره أضعاف إساءة الحاقدين!.
148- أن تقف كلّ السدود في وجوهنا , لا نتزلزل لأنّ ذلك جهادٌ في سبيل الله , أمّا أن يقف مسلمٌ – محسوبٌ على الإسلام وأهله – وراء ظهورنا ليطعننا من الخلف , فتلك خيانةٌ لإسلام تنقض بنياناً وتثبط عزائم!.


149- " عيد "
العيد للفرح.. ولا فرح في أعيادنا , فأولادنا وراء القضبان , وفي كلّ بيتٍ رنّة وعويل.
أين عيدنا الذي ضاع , وخلّف الحزن في عيون أطفالنا؟ وكيف تعود أعيادنا , وقد ركنّا إلى الدنيا , نجترّ الذنوب , ورضينا بعاداتٍ كريهة تحكم مجتمعاتنا , ونسينا الكرامة والشرف والغيرة , ونصرة أنفسنا وإخواننا؟!.

استوت عندنا الأفراح والأحزان , وتبلّدت أحاسيسنا ففقدنا الشعور بالمسؤوليّة واستسلمنا إلى نومٍ عميق.. فارتفع شخيرنا حتّى ضجّت منه شعوب الأرض!.


150- ربّما جاهدتُ كثيراً , وزرعتُ البذور في أرضٍ مجدبة , فلم تنبت ولم تطرح سنابلها قمحاً , ثمّ رأيتُ الورد يزهر في أرضٍ قاصية , ما كنت لأظنّها تطرح ثمراً! ذلك نصرٌ من الله , ولو أنّ أرضي كانت عقيمة .


151- عندما أقرأ كتاباً مرّتين , ازدادُ ثقافة , وقدرةً على التركيز , وعمقاً في الفكر .
وتساءلتُ , كم من المرّات قرأتُ القرآن؟!.
إنّ قراءتنا لكتاب الله قراءةً سطحيّة , ولو قرأناه كما هو: كلمات الله التامّات , ودستوراً للحياة , وطريقاً آمناً للآخرة , لما وصلت أمّتنا إلى حالة الغثاء هذه!.




152- قرأ الصحابة رضوان الله عليهم كتاب الله , وتلقّوه بعقولٍ واعية وقلوبٍ مؤمنة.. وأنفسٍ متشوّقةٍ إلى التغيير والإصلاح .. فكانوا رادّة.. وصرنا إلى ما نحن فيه من غثاء.
وبنى الصحابة صرح حضارة , وشعوبنا لا عمل لها اليوم إلّا التدمير على كلّ مستوى .
وتسامى أولئك , وما زلنا ننحدر نحو الحضيض , واستشهدوا لتوهب لهم الحياة الخالدة في جنان الله , وبعضنا يموت كلّ بومٍ ألف مرّة من أجل شيءٍ فانٍ من متاع هذه الدنيا .


153- شعوبٌ يتمزّق بناؤها الاجتماعيّ , ويشوّه تاريخها المضيء , ويتهدّد مستقبلها بالإعدام .. دون أن تحرّك ساكناً .ز وإن تحرّكت لم تكن أعمالها صواباً , ولا نيّتها خالصة لوجه الله .. شعوبٌ هذه حالها كيف يمكنها أن تنتصر؟
154- الحبّ.. عاطفة إن تجرّدت عن العقل صارت جنوناً , وكم من الناس بحاجة إلى ذك الجنون!!, يثير فيهم روح الحياة , وثورة الوجدان , وإرادة العمل , لجدبٍ في قلوبهم , وقحطٍ في أرواحهم!.



155- تحسّس أحدنا تجاه مواقف الآخرين , يعني أنّه موجود .
وشدّة الحساسيّة ينبوعٌ للإبداع في النفس الإنسانيّة , ولكن انقلاب الحساسية إلى مقياسٍ لأخطاء إخواننا والذين من حولنا , بلاءٌ مرير يزرع الشحناء والبغضاء , ويعمينا عن فضيلة التسامح.




156- عجبت لصداقة سنين تمحوها جهالة ساعة!.
وعجبت لأخوّة في الله تنهار بسبب سوء تفاهم.
وعجبت للحب يموت في دقائق وقد استمرّت ولادته أعواماُ!.



157- لماذا يبخل الأخ الصديق بقليلٍ من التسامح , وقد عاش مع أخيه ساعاتٍ مليئة بالحبّ والإخلاص , والعطاء الأخويّ الذي يتجاوز عطاءات المادّة إلى عطاءات الروح؟!.




158- إذا كنتَ تبحثُ عن أخطائي لبرّر بها غضبك , فأين حبّك لي الذي كنت تتشدّق به في كل حين؟!.



159- الحبّ لا يسقط عند الامتحان الأوّل , ولا الثاني , ولا المائة , لأنّ الحبّ يدعو إلى التسامح ثمّ التعقّل لإعادة الحساب مرّة أخرى قبل أن يهدم المرء في لحظاتٍ ما قد بناه في سنوات.






قراءة كتاب خواطر في زمن المحنة أونلاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق