ذكرى الإنقلاب العسكرى الدموى المشؤوم فى مصر فى 30 يونيو 2013
التاريخ يسجل خيانة العسكر
د.صلاح الدوبى
جنيف – سويسرا
“بلادي وإن جارت علي عزيزة، وأهلي وإن ضنوا علي كرام“.. كانت تلك آخر كلمات الرئيس الراحل محمد مرسي ، قبل وفاته داخل قفص زجاجي بقاعة محكمة جنايات القاهرة، الذي كان شاهدا على آخر لحظات حياة أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا في 17 حزيران/ يونيو 2019 ..
كانت تلك الكلمات تقطر حباُ لهذا الوطن فكان جزاؤه القتل العمد لطي صفحة ثورة يناير المجيدة ومكتسباتها .
وبعد رحيل الرئيس الشهيد الذي أخلص لوطنه وأراد له أن ينتج دواءه وغذاءه وسلاحه .. فدفع حياته ثمن .. نجد مصر ” للخلف در” على يد النظام العسكري .. شعب مقهور بعد أن ظفر بكامل حريته على يد رئيسه المدني المنتخب .. والفقر والجبايات باتت سياسة ممنهجة قتلت أي أمل في تحسين مستوى المعيشة .. والتردي طال كل مناحي الحياة ..بل حتى حقوق مصر المائية التاريخية تعرضت للضياع .
وأغلقت السلطات المصرية الملف، وقالت إن وفاة مرسي طبيعية، إثر تعرضه لنوبة قلبية ثناء جلسة محاكمته بإحدى القضايا الستة التي اتهمه بها النظام العسكري الحاكم.
التواطؤ الدولي حال دون محاكمة قتلة الرئيس الشرعي لمصر .. ورفعت دعوى قضائية أمام المحاكم الفرنسية العليا لطلب تشريح جثمان الرئيس دون جدوى“
وعلى صعيد متصل .. النظام العسكري يواصل التنكيل بأسرة الرئيس الشهيد بعد قتله .. وتوفي نجله عبدالله في ظروف غامضة عقب وفاة أبيه .. وتحوم شكوك كبرى حول دور أجهزة السيسي في اغتيال الأب والابن .. بينما صدر حكما نهائيا بحق الابن الثاني المحامي “أسامة” والذي جرى اعتقاله قبل سنوات.. بسجنه “10”سنوات في قضية “فض اعتصام رابعة .
الانقلاب استبق الانتقام من أبناء الرئيس بالانتقام من أبناء إخوته.. ففي نوفمبر 2014 تم اعتقال ابن شقيقه محمد سعيد مرسي الطالب وقتئذ بجامعة الزقازيق ثم الحكم عليه بالمؤبد.
جريمة قتل لا شك فيها, ارتكبها الانقلاب العسكري ضد الرئيس المدني المنتخب الأول في تاريخ مصر, ولأنها كانت جريمة قتل بالفعل سارع الانقلابيون الدمويون في إخفاء معالمها بالإسراع في الدفن, في الظلام, وبعيدا عن مسقط رأسه بقريته بمحافظة الشرقية, فضلا عن منع صلاة الجنازة عليه والاكتفاء بأفراد من أسرته لتشييعه, ومخالفة رغبة الأسرة في ذلك, ومنع وسائل الإعلام من التغطية.
المجرمون من هم ؟
1ـ عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الذي يعاني من غياب الشرعية ويمثل له صورة الرئيس مرسي كابوسا بالرغم من وفاته فهو الرئيس الشرعي المنتخب, وأول رئيس مدني, وكان انتخابه حقيقيا نزيها بشهادة الجميع.
2ـ أدوات الانقلاب وأولها القاضي الظالم المستشار محمد شيرين فهمي الذي ترك الرئيس الشهيد مغمى عليه لمدة 20 دقيقة، ما يتجاوز سوء المعاملة إلى قرار فعليّ بالقتل أمام الشهود, وثانيها النائب العام الذي قرر سريعا التحفظ على كاميرات القاعة وإصداره «أمراً» بدفن الجثمان بسرعة، وثالثها الأجهزة الأمنية, ورابعها الأذرع الإعلامية للانقلاب التي فتحت سيلا من الأكاذيب والادعاءات الباطلة في محاولة بائسة لتغييب وعي الجماهير.
3ـ الرعاة الدوليون لقائد الانقلاب، حيث تتعامل هذه الدول مع قاتل سفاح في مصر, وتستقبله في زيارات رسمية, وتأتي لزيارته كذلك, كما لو كان حاكما منتخبا من شعبه, وليس منقلبا قاتلا لمواطنيه, لا يحترم القانون ولا يعترف بحقوق الإنسان, وهذه الدول سقطت في امتحان الإنسانية والأخلاق تماما عندما اكتفت بتحقيق مصالحها مع سفاح يقتل أفراد شعبه.
4ـ الرعاة الإقليميون لحكم العسكر, وهم محور الثورة المضادة, السعودية والإمارات والكيان الصهيوني, وهم يد واحدة على الشعوب العربية, وهم صانعو الانقلاب الحقيقيون, ويرون في مطالبة الشعوب بحريتها جريمة لا تغتفر, وقد بيتوا أمرهم على الحيلولة دون تحقيق حلم الربيع العربي.
5ـ المنظمات الدولية التي تجاهلت التقارير المؤكدة عن مؤامرة يدبرها الانقلاب في مصر ضد الرئيس الشرعي بقتله بالإهمال الطبي في السجن, وهذه المنظمات مصر عضو فيها, وكان يمكنها التدخل لمنع الجريمة, لكنها لم تفعل.
هل إنتهت مصر بعد إنقلاب 3 تموز/ 30 يونيو 2013 واحتل كرسى الرئاسة لصا ومهرّبا لأموال الشعب وفاتحا حسابا في مصارف أجنبية،ومنذ ذلك التاريخ أصبح أكثر الناس فاسدين، وأضحى الفاسدون مهربين، وتحول المهربون إلى عملاء يطعنون وطنهم من الخلف ..
في مصر إذا كان الطاغية ديكتاتورا أنجب الوطن طغاة صغارا، فالضابط طاغية، والعسكري طاغية، والمخبر طاغية، والفاكهاني طاغية، والحلاق طاغية، وتحولت كل الوظائف إلى مهَن للصوص فقط، ثم انتقلتْ إلى مرحلة التلصص، والتجسس، والتعاون، والبلاغ الأمني، ولم تسلم أي عائلة فى ام الدنيا من متعاونين مع أجهزة الطاغية بالابلاغ أو بالصمت أو بالخوف.
وإذا كان الطاغية جاهلا، وربع أمي، يصبح الجهل أفيون الشعب، ويتساوى الإعلامي بمدمن المخدرات، وتسقط مفردات اللغة من اللسان إلى البالوعة، فيتلقاها الشعب كأنها مغارة علي بابا، ويتجسد الصحفي في الصرف الصحي، وتختار أجهزة الدولة الساقطة أعداء الثقافة من مؤخرة الكتاب.
وإذا كان الطاغية سجانا في صورة سيد الشعب، وتمساحا في ملابس حيوان أليف، وذئبا يرعى الغنم، وسيفا يمتشق الزهرة ليقطع رقبة من يشمها، وتبني سيدة مصر المحروسة في مقابل كل سجن جديد قصرا جديدا فرفاهيةُ السجان من عذابات الموجوع على البرش في زنزانة ضيقة.
فى مصر المحروسة إذا احتفل الطاغية بقطع رقبة، يقوم الجبناء بتجسيد رغبته، ويعرف المنافقون ولعه بالمشنقة، ويحضر له الأفاقون أمثال مفتى الجمهورية شوقي إبراهيم عبد الكريم علّام ، ومحمد مختار جمعة وزير الأوقاف متهمين قبل الصلاة وبعدها ويضيفوا على التهمة الكاذبة آيات بينات؛ فتحيد أدعية الناس من مناهضة الظلم إلى مظالمة النهضة، ولا يحتاج الحاكم مصاص الدماء لرقبة حسناء يشفط دماءها، إنما يأتوه بأنهار من الدماء كما كان الاستعمار يفعل في دول العالم الفقير.
وفى ام الدنيا منذ حكم العسكر تنتقل الوشاية من لسان أو من قلم الجبان إلى مكتب الأمن الوطني بأسرع من الصوت، ويلتحق المواطنون بوظيفة متعاونين أو صامتين أو وشاة أو غدارين فلا يبقى في الوطن من الأشراف غير الحيوانات المفترسة في الغابة؛ فقد تكون أرحم بقوانينها من المصرى بكتبه المقدسة.
الإعلاميين المصريين فضيحة لأرض الكنانة أكثر الإعلاميين المصريين يحتاجون لعلاجات نفسية وفكرية ومستشفى العباسية، ونزع حالة الخوف من السلطة وقد يكون السبب التقرب من سلطات الأمن والاستخبارات التي يتبرع الإعلامي بفتح خط ساخن بينه وبينها، بثمن أو مجانا، أو بضمان حماية في المطار أو في الصحيفة أو في الاستديو.
قد يكون السببُ أنها المهنة الوحيدة واليتيمة التي اقتحمها أنصافُ أميين، وكارهو الكتاب، ومبغضو المعلومات، وكُسالىَ المعرفة، فإذا تناقشوا أو تحاوروا أو تجادلوا فستسقط قلوبهم في صدورهم، وورقة التوت عن أدمغتهم!.
وقد يعود الأمر إلى الغيرة أو التنافس على الجلوس على حجر السلطة أو المقابل المالي أو يرجع الأمر إلى أن الإعلامي يستطيع أن يكتشف زيف وغش وفبركة التاريخ الصحفي والثقافي والفكري والحزبي والقصري لدى زميله فيكشفه، ويكشف سوءاته، أو يتكاشفا فتسقط مهابة القلم أو اللسان أمام زميل من نفس الكار.
يضحك السيسى بدون أي سبب في كل اجتماع يحضره ويلقى فيه بخطاب، ثم يقهقه كالبلهاء، فإذا ضحك المحيطون به من وزراء ومحافظين ومستشارين وكبار الضباط، فقد ضمن لنفسه خطّ الدفاع الأول، وإذا ضحكت جماهير الشعب، وصفقت، وهللت؛ فهذا يعني أن العبودية تمتد في طول مصر وعرضها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق