تلك رحلة استوقفتنا بالنظر، فهلّا استوقفتنا بالعمل؟!
سنموت، وتغدو سيرتنا مربوطة في سياق الفعل الماضي، ويصبح الحديث عنا مسبوقا دائما بـ كان، وكان، وكان..
سنموت، وتهيمن أمنية الرجوع المستحيل على كل الأمنيات التي تبددت مع انكشاف الغطاء والبصر الحديد..
سنموت، ويبقى نصيبنا من أكثر الناس قربًا دمعة تجففها بضعة أيام فإذا بها مع الوقت عقيم، سيتذكروننا أحيانًا، أحيانًا، بدعوة في ظهر الغيب أو ابتسامة ترسمها ذكرى تم استحضارها في مجلس القوم..
سنموت، ونكتشف كم كنا حمقى عندما أهدرنا أعمارنا في معارك وهمية والصراع مع طواحين الهواء، وندرك جليًا أننا عظّمنا من همومنا حتى أغرقتنا وأنستنا حقيقة اللحظة التي تتصاغر أمامها كل الهموم..
سنموت، وتُطوى صحائفنا على ما كنا نُرجئ السعي في محوه تحت تأثير مخدر “سوف”، ونُمنّي أنفسنا بتلك الأوقات السعيدة التي نتقاعد فيها عن حلبات النزال مع الحياة ونتجهز لِلّقاء، غير آبهين بأخذة الغفلة وزيارة الغائب على غير موعد سوى المضروب أزلًا..
سنموت، ونحمل على ظهورنا مظالم لم تكن بالنسبة لنا أكثر من ذبابة وقعت على الأنف وطارت بحركة يد، ثم غفلنا عنها ولم يغفل الله عنها..
سنموت، ونرقد تحت الأرض التي طالما وطأناها في زهو واختيال، يدخلها المرء حفرته وحيدًا كالبدايات في الأرحام، ويحسده الدود على كفنه، وينال من حُسنه الذي أقامه أمدًا أمام المرآة..
سنموت، ونحاسب بعدها عن كل شيء، تلك رحلة استوقفتنا بالنظر، فهلّا استوقفتنا بالعمل؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق