تعال نتصور…!!!!
د. وثاب آل جعفر
– أمريكا هذه.. وبكل قوتها!
– روسيا هذه.. وبكل قوتها!
ثم يأتيها بدوي من قلب الصحراء، كل فنه رعى غنيمات أهله.. وقد انتظم وتعلم لتوه عند مربٍ أمي كان يرعى الغنم مثله.. دون المرور بأي مدرسة عسكرية أو أكاديمية علمية أو مركز للأبحاث الإستراتيجية.. إلا من خلال هذا المربي العجيب.. فيزيح هاتين الدولتين العظميين في ليلة وضحاها!
لا في الخيال العلمي.. ولا حتى في الأساطير!
لكنها: العبقرية الاستثنائية ((عمر بن الخطاب رض)).. حين أسقط أعظم إمبراطوريتين كانتا تقتسمان شرق العالم وغربه طرا دون منافس (فارس وبيزنطة) في بضعة أشهر، هكذا دون تكلف وهو جالس عند دارة حكمه.. ببضعة رجال مثله ومثل مربيه، حملوها فكرة عظيمة مقدسة تهاوت عندها كل الأفكار وإمبراطورياتها.
فضلا عن عبقريته العقلية الفذة الفريدة النادرة في بناء أعظم دولة مدنية.. فكان بحق أعظم بناة المجد الإنساني على مر التاريخ.. خارج منظومة الأنبياء صلوات ربي عليهم وعلى نبينا أفضلها.. ولا تحاججني بالقائد التاريخي الفلاني والفاتح العّلاني.. وقد عرفناهم جميعا: إما عسكريا خطيرا ومدنيا فاشلا.. أو بارعا في الغزوات غبيا في البناء.. صلبا في المواجهة ظالما في التعامل.. وهكذا.
فقط ابن الخطاب: من تفرد بجمعها متساويات ((العقل_والسيف_والحكمة)) تتناوب على الظهور واشغال الزمان والمكان كلما حان دور واحدة منها.. فكان: الفاتح والمحرر والباني والعادل والمنصف والمشرع والإداري والمخطط.. فإذا سألت عن القضاء وتشريعاته قالوا: عمر.. وإذا سألت عن تأسيس الدولة قالوا: عمر.. وإذا سألت عن الدواوين والسجلات والحفظ قالوا: عمر.. وإذا سألت عن فن التعامل مع الآخر قالوا: عمر.. وإذا سألت عن بناء الجيوش واختيار القادة قالوا: عمر.. وإذا سألت عن الأسواق والمال قالوا: عمر.. وإذا سألت عن السياسة قالوا: عمر.. وإذا سألت عن الزهد قالوا: عمر.. وإذا سألت عن العفة قالوا: عمر.. وإذا سألت عن الديمقراطية بفهم الأمس قالوا: عمر.. وإذا سألت عن المركزية بفهم اليوم قالوا: عمر.. وإذا سألت عن تأديب الولاة قالوا: عمر.. وإذا سألت عن أدب الرجوع عن الخطأ قالوا: عمر.. وإذا سألت عن إكرام المرأة قالوا: عمر.. وإذا سألت عن إبعاد الأبناء عن الأب الحاكم قالوا: عمر.. وإذا سألت عن التخطيط المستقبلي للأمم قالوا: عمر.. وأكثر.
وختاما: لا تقل لي: بالغت.. وتطرفت.. وعظمّت.. وارتقيت به إلى مقام النبوة التي تنكرها على غيرك.. فلو راجعت بهدوء كل المناقب التي ذكرناها ستجدها إبداعات عقلية إدارية بحت.. ولم نأت بواحدة تحاكي وحيًا أو غيبًا أو قدسية نزاحم بها مقام من لا يجوز مزاحمتهم.. وهم مصدرية عبقريته التي لا ننكرها.. فكانوا هم الأنبياء والوحي والنص.. وكان هو العقل والاجتهاد والحكمة.. وهي الفلسفة بعينها.. ووحده من يستحق شرف الفيلسوف الحكيم إذا ما عرفنا أن الفلسفة هي الحكمة.
في يوم استشهاده (رضي الله عنه).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق