السبت، 18 نوفمبر 2023

فلسطين والأمة؛ بين معركتي غزة الصغرى والأقصى الكبرى

 فلسطين والأمة؛ بين معركتي غزة الصغرى والأقصى الكبرى

مضر أبو الهيجاء 

المدخل

قامت معركة طوفان الأقصى المشرفة بأيدي وسواعد المجاهدين الأبرار الذين رفعوا عنوان الدين والجهاد والأقصى عاليا وجلّيا في عنان السماء، بعد فتور كبير خيّم على الشعوب العربية والإسلامية بالذات بعد حالة الجزر التي أصابت ثورات الربيع العربي المباركة نتيجة للثورات المضادة التي خطط لها الغرب ونفّذتها بإخلاص النظم العربية الوكيلة وأذرع المشروع الإيراني اللعين.

ونتيجة لإخلاص المجاهدين الأبرار في القدس وعموم مدن الضفة كجنين ونابلس وطولكرم ورام الله والخليل التي بقيت ثائرة تقاتل بصمت آناء الليل وأطراف النهار، وبعد أن رفع المجاهدون في غزة هاشم سقف الجهاد والمواجهة وسالت دماؤهم الزكية في معركة طوفان الأقصى المشرفة تحققت النتائج الأولى والمبشرة وهي:

1- سقوط وانتهاء مشروع التطبيع، وعودة الصراع إلى نقطته الصفرية بين الأمة المسلمة والمشروع الصهيوني.

2- انتهاء اتفاق أوسلو وانتفاء مميزاته وإعدامه، وتحوّل القائمين عليه إلى خدم للاحتلال في وضح النّهار.

3- سقوط وتعرّي قوة وهيبة الكيان الصهيوني الذي أقامه الغرب مستهدفا عزل وفصل الأمة العربية والإسلامية في آسيا وأفريقيا، وعزل وفصل عمقها الفاعل في صناعة التاريخ وقيادة الحضارة بين إقليمي مصر والشام حيث تتوسطهما الأرض المباركة فلسطين.

4- زلزلة وخلخلة المنظومة الدولية ودخولها في اضطراب سياسي وعسكري مريع رسم إيقاعها المضطرب، والذي أخرج قياداتها الحاكمة عن رشدها ومكرها وخبثها الخفي في أكبر دول تحكم العالم أمريكا وأوروبا.

5- سقوط مدوّ لمشروع إيران وانتهاء اعتلائه على عرش المقاومة الفلسطينية ومصادرته للمسألة الفلسطينية بعدما كشفه الله ولم يصمد أمام استحقاقات وحجم تضحيات ودماء المجاهدين الصادقين، وهذا منحة وفضل من الله عظيم.

 

فلسطين والمعركة الصغرى

لم يكن المشروع الصهيوني -الذي أقامه وأبدعه الغرب- في يوم من أيامه مشروعا معاديا يخص فلسطين وشعبها، بل أسسه الغرب المتصهين ليكون مشروعا معاديا للأمة العربية والإسلامية ويمنع نهضتها، وقد نجح بالفعل في تنصيب أنظمة طاغوتية مستبدة في المنطقة العربية والاسلامية بعد أن مزقها وقطعها وأرسى قواعد العلمانية المعادية لثقافة الأمة فيها، وأقام فيها جيوشا وطنية لا تمتّ للوطن والإنسان بصلة بل قوامها وهدفها ورسالتها قهر الشعوب وتكسير ظهورها ومفاصلها لمنع أي نهضة تستهدف استرداد أمجاد الأمة وعزتها وريادتها، وقد حققت الجيوش العربية في الدول الوطنية ما يحققه العدو الإسرائيلي من قهر واستعباد وإفقار وتجهيل للشعوب، الأمر الذي دعا الغرب لزيادة تسليحها وقوّتها وإسنادها في كل مراحل وحقب الثورات الشعبية التي كان آخرها ثورات الربيع العربي المباركة.

 

قامت ونهضت غزّة وباغتت العالم أجمع بمعركة طوفان الأقصى المشرفة في يوم 7-10-2023 وحقّقت الأهداف الخمسة الأولى على طريق تحرير الأقصى وانعتاق شعوب الأمة من معادلة الغرب القائمة في تناغم بين النظم العربية الرسمية والكيان الإسرائيلي منذ مائة عام.

 

واليوم تدفع غزة وعموم مدن الضفة والقدس وأراضي وبلدات الـ48 سيلا من الدماء في مواجهة غير متكافئة بالمطلق، بين شعب محاصر محدود القدرات وبين كيان صهيوني أقامه وسلّحه الغرب بأبشع وأعنف وأحدث أسلحته، وهرع في ساعة المعركة الأولى وتحشّد خلفه ليحميه من السقوط الذي إن حصل فانه ينذر بأفول متوسط وقريب للمنظومة الغربية سياسيا وعسكريا، وسيفضي لعودة الأمة لأمجادها وحريتها وكرامتها واستقلاليتها في إدارة شؤونها ودورها في إنقاذ البشرية، بديلا عن واقع ومستقبل عنيف فظيع ينقلها من سيء لأسوأ وينحر فطرتها وأجيالها القادمة.

 

الأمة والمعركة الكبرى

من نافلة القول أن فلسطين لم ولن تتحرر من داخلها، كما هو تاريخها في كل حقب الاحتلال، حيث كان ولا يزال الواجب على شعبها ومن سكنها تحقيق أمرين، أولهما الصمود في وجه المحتلّين والغزاة، وثانيهما تحريض المؤمنين على القتال، وهذا ما كان.

من نافلة القول أن المسجد الأقصى المبارك هو مقدس من مقدسات المسلمين تقع المسؤولية الكاملة في وجوب تحريره على كل من يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

من نافلة القول أن الكيان الصهيوني الغاصب لم يحتلّ فلسطين طمعا في قطف ثمارها وجدّ زيتونها، ولكنّه جاء مستهدفا شعوب المنطقة ومنع نهضتها وإذلال أجيالها وإفقارها وتفتيتها وتشريدها وسرقة ثرواتها وقتل علمائها، وهو ما حصل وجسّدته إسرائيل في دول المنطقة خلال قرن من احتلالها الذي أعقب احتلال الانجليز البغيض.

من نافلة القول أن أمريكا والغرب لم يهرع في الساعة الأولى من الحرب -ويجلب جحافله ومقاتلاته ويطلق تصريحاته المتطابقة المساندة لإسرائيل ويصدر قوانين في لحظة واحدة تجرّم وتسجن من يؤيد ويتعاطف مع فلسطين خوفا من شعب الجبارين، بل خوفا ورعبا وتحسّبا من قيام المارد العربي الإسلامي -لاسيّما بعد ثورات الربيع العربي- الذي يمكن أن ينهي خلال أيام وأسابيع مشروعها المحتل لفلسطين، ويفرط عقد المنطقة التي يديرها ويحمي وكلاءه الأوفياء المحليين الحاكمين فيها منذ قرن.

انّ معركة طوفان الأقصى ليست معركة فلسطينية بالمطلق، بل هي معركة ناب فيها كوكبة من المجاهدين الأشراف الأبرار عن أمة الموحدين في مواجهة غير متكافئة بالمطلق مع أساطيل الغرب وجيوشه وحكوماته ومشاريعه المعادية.

فهل ستدرك شعوب الأمة وحركاتها الثورية وقياداتها النخبوية الصادقة الواجب عليها في تلك المرحلة بعدما قامت ثورة الأمة من جديد وأعلنت عن نفسها في معركة طوفان الأقصى التي جسدتها بدماء شبابها وتضحيات نسائها ورجالها وأطفالها.

ان المعركة الكبرى اليوم معلقة على شعوب الأمة، التي يجب أن تهبّ من جديد كما هبّت في الأمس القريب في ثورات الربيع العربي حين تصامدت مع الوكيل، وبات عليها اليوم أن تتصادم مع الأصيل الذي حلّ بحاملاته وجحافله وطائراته وعسكره في المنطقة، بعد أن شعر باقتراب أجله واهتزاز كيانه بفعل دماء جهادية أخلصت لله ومضت في الطريق.

 

الجهود المبعثرة لا تبني نتائج تراكمية مؤثرة

أن الهبّات الشعبية العفويّة والصادقة في مصر الكبرى والشام الأبي والأردن والعراق الوفيّ وليبيا والمغرب والجزائر والصومال وتركيا والكويت وقطر والصومال وداغستان ودول عربية وإسلامية كثيرة، لن تثمر نتائج ولن تجسّد وقائع دون أن تنظّم جهودها، حتى لا تذهب هباء منثورا في ظل حكومات عربية وإسلامية متواطئة وعميلة أو هزيلة وضعيفة.

لابدّ إذن من صناعة إطار عربي إسلامي (المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي لنصرة فلسطين وتحرير أقصى المسلمين) يجمع كلمة المسلمين ويوحّد جهودهم ويضبط إيقاعهم بشكل تراكمي يضرب بيد من حديد ويهدد المصالح الأمريكية والغربية باعتبارها الراعي الحقيقي للكيان الإسرائيلي الذي يقتل ويذبح وينحر شعب فلسطين دون حدود وبلا توقّف بأوامر أمريكية صرّح بها بايدن العجوز، وتأييد غربي مطلق وفاعل في إسناد إسرائيل.

 

وجاء دور العلماء المسلمين

معركة طوفان الأقصى المشرفة أثمرت ارباكا فظيعا في المنظومة الغربية المتقاتلة، وعرّت بشكل مخز حكام العرب والمسلمين وحكوماتهم المتواطئة، وأسقطت ملالي ايران وأسطورة محور المقاومة، وهذا لعمري فضل من الله كبير ونتيجة وثمرة لتضحيات ودماء المجاهدين، فهل يلتقط اللحظة علماء وقيادات المسلمين؟

 

أن واجب إنقاذ المكوّن الجهادي والبشري في غزة والقدس وعموم الضفة وبلدات الـ48 إن لم يفق ضرورة إنقاذ المسجد الأقصى المبارك فانه لا يقلّ عنه بل هو الأولوية، وان حرمة دماء الموحدين عند الله أعلى من حرمة مساجد المسلمين، وان هلاك الجسد الفلسطيني وتفتيت وتهجير شعبه وانتهاء رصيده –لا سمح الله- خطر لا يوجد أعلى منه ولا أسوأ من آثاره على عموم القضية وخصوص الأقصى، وهو سيتعدى ويمسّ كل المقدسات في فلسطين وينتقل فورا بعدها ليحاسب شعوب المنطقة على مواقفها، لاسيما بعد أن حلّت حكومات الغرب وجيوشها في محيط فلسطين برّا وبحرا وجوّا.

 

ان واجب العلماء والقيادات السياسية والنخب الثورية أن تبذل -الآن وليس غدا- جهدها وتبدع مبادرة ومقاربة تبلور خطوات عملية تجسّد واجب الوقت نحو فلسطين وانقاذ شعبها.

 

ولعلّ إطلاق إطار عربي إسلامي -يوجهه العلماء الربانيون وتقوده القيادات السياسية المشهود لها بالإخلاص والصدق والفهم، والبعد الكامل عن محور إيران، وعن الأنظمة العربية الرسمية وأجهزتها الأمنية، وعن محور داعش وأخواتها – يمكن أن يشكّل بنيته وهيكليّته ولبنته الأولى كوكبة من العلماء والقيادات، ويكون إعلانه الأول من لبنان على أيدي وألسنة أسود السنّة في طرابلس وبيروت وصيدا،فيحقّق المطلوب بسرعة ودون عوائق سياسية تحول دونه وتعوّقه في دول أخرى، كما ستشكّل خصوصية اختيار المكان خطوة وردّا على محور إيران ليعلن تصحيح وتقويم الاعوجاج السابق في المسيرة الفلسطينية، فهل سيبادر علماء المسلمون وقياداتهم السياسية في التقاط لحظة تاريخية ستصحح المسار وتعيد لهم دورهم التاريخي والحقيقي الذي اغتالته النّظم القومية العربية،وصادره الشيعة وإيران.

 

أن المعركة الصغرى قد انطلقت على أيدي الفلسطينيين المجاهدين في يوم السبت 7-10-2023، وان المعركة الكبرى يجب أن تنطلق على أيدي شعوب الأمة وعلماؤها وقياداتها بعد السقوط الإيراني الشيعي المعلن في يوم الجمعة 3-11- 2023.

 

ان فلسطين قد قدّمت -ولا تزال- تضحيات جليلة تعبّر عن إيمانها وخضوعها وثقتها بالله، وعبّرت عمّا تستحقّه من عزة وكرامة، وأدّت واجبها في الصمود أمام المحتل عدوّ الأمة، وقامت بواجبها في تحريض المؤمنين على القتال، وان الأمة وشعوبها اليوم مدعوّة لتقديم ما يجب عليها تجاه جزء طليعي من أمتها يذبح على أعين العالم أجمع، كما أنها مدعوة لأداء واجبها العيني في تحرير أقصى المسلمين، والذي سيكون بداية استرداد كرامتها وعزتها وهويتها وانعتاقها من الغرب،والذي يذلّها منذ قرن ويحول دون دورها الفاعل في البناء الحضاري وعمارة الأرض.

 

وإذا كان المجاهدون الشهداء قد ارتقوا عند الله في الجنان وحصلوا على سعادة أبدية كما وعدهم الله، فان الأمة اليوم ترسم بيدها وقولها وفعلها وأدائها مستقبلها ومستقبل أجيالها الذي تستحقّه ولا غير.

 

طوفان الأقصى معركة مباركة فهل ستطلق الموجة الثانية من ثورات الربيع العربي المباركة؟

 

من الطبيعي أن حراك الشعوب وزحفها الواجب باتجاه فلسطين سيواجه بجيوش عربية تسمى وطنية ولكنها تخضع للإدارة الغربية والصهاينة.

 

وأن كل دعوة جادّة للجيوش العربية للتحرك نحو فلسطين ومواجهة المحتلّين هي نتيجة خبل في الفهم وتيه في التوصيف.

 

أن حراك الشعوب المسلمة هو المعوّل عليه والقادر -بإذن الله- على تغيير المعادلات القائمة، لاسيّما بعد ثورات الربيع العربي المباركة والتضحيات الكبيرة التي قدّمها العراقيون، والبطولات المبهرة التي ولدت في الشام العظيم، والتحدّي الأسطوري الذي نبت في مصر الكنانة، والجهاد الدءوب الذي ظهر في اليمن وتجسّد في ليبيا، أن كل ما سبق وظهر وتحقق في ثورات الربيع العربي يبرز حقيقة إمكانيات شعوب المنطقة التي ترعب الغرب، وهو ما دعاه لجلب أساطيله وحاملات طائراته وعساكره ونخبه خشية من قيام الموجهة الثانية لثورات الربيع العربي، لاسيّما وهو من يقرأ ويتابع ويدرك القوى الكامنة في شعوب المنطقة.

 

أن الزحف الشعبي الجماهيري إلى فلسطين مناسبة عظيمة وفرصة نادرة لإطلاق الربيع العربي الثاني في وجه الحكومات العربية وقياداتها الديوثة وجيوشها الوظيفية الوضيعة، وهي معركة وتصادم لازم ولا يمكن تجاوزه لإيقاف المجازر اليهودية الأمريكية الغربية في فلسطين، كما أنه تصادم لا يمكن تجاوزه لإحداث وقائع جديدة في مسار القضية الفلسطينية وعموم المنطقة العربية، وهي فرصة تاريخية أمام القيادات والحركات الثورية الصادقة والتي لم تتبع بعد أذناب البقر.

 

أن حراك الشعوب بشكل منظّم ضمن إطار يوجّه الحراك الشعبي لمحاصرة السفارات الغربية في جميع الدول العربية والإسلامية، وحرق السفارات الصهيونية، والتهديد بتفجير أنابيب النفط العربية في عموم المنطقة التي تزوّد الغرب بدفء وشريان الحياة الصناعية، عمل يمكن انجازه إذا تشكّل إطار شعبي عربي إسلامي يوجهه العلماء الربانيون المجاهدون، وتقوده قيادات سياسية صادقة مجاهدة، وهو عمل سيصنع تاريخا جديدا لا يتعلق بالكرامة الفلسطينية بل يتعلق بكرامة وإحياء الشعوب العربية، وسيجنّبها ويلات مفتعلة داخلية قادمة بعد المعركة في كلّ دول الطوق وما جاورها.

 

أن حراك الشعوب المنظّم سيفضي لهزّ أركان الدول الوطنية وحكوماتها الوكيلة، وهو ما لا يطيقه الغرب، بل سيسرع لتقديم تنازلات كبيرة لن تنحصر في فلسطين بإنقاذ شعبها وإيقاف إراقة دماء أهلها وتوقف الاستيطان والتغول في الأقصى، بل سيتعدّاه إلى تنازلات سياسية واعية في أهم دول عربية كمصر والشام والعراق.

 

أن حراك الشعوب العربية والإسلامية باتجاه فلسطين -وفي ظلّ منحة السقوط المبارك لمحور المقاومة والمشروع الإيراني- سينهي توسع المشروع الإيراني الطائفي الذي فتت وقسم وأفقر وأوجع شعوب المنطقة، بل سيطفئ نوره للأبد ويبدأ أفوله السريع ويدخل في اصطراع داخلي في إيران تتوفر عناصره العميقة والمخيفة.

 

الخلاصة

لقد انطلقت معركة طوفان الأقصى المشرفة على أرض فلسطين المباركة، ولأن مجاهديها صادقين مضحّين بربّهم مرتبطين وبوعده واثقين، فقد صرف عنهم المنافقين وكشف المتواطئين وأسقط محور إيران وفروعه في المنطقة ونزّه الأقصى المبارك عن أيدي الكفرة والمنافقين والفجرة المجرمين قتلة الموحدين.

ان معركة طوفان الأقصى الصغرى تأتي نيابة عن الأمة وشعوبها في مواجهة مشروع غربي أقامه الغرب على أرض فلسطين ليمنع نهضة شعوب المنطقة ويحول دون استرداد كرامتها وعيشها ودورها في عمارة الأرض واعتلائها سلّم الحضارة.

ان الأمة اليوم مطالبة بممارسة دورها وإعلان معركة طوفان الأقصى الكبرى، وذلك من خلال طوفان شعوبها وحركاتها الثورية ونخبها الصادقة وعلمائها المجاهدين وزحفهم نحو فلسطين لإنقاذ شعبها والمجاهدين، والذي لا يقلّ مطلقا عن قيمة وواجب تحرير أقصى المسلمين، لاسيّما وهم الخامة الأصيلة والحربة الأولى ورصيد الأمة الصامد في وجه المعتدين منذ قرن.

إن انعتاق دول المنطقة من القهر والفقر والإذلال والاحتراب السياسي وانتهاء المشروع الطائفي واسترداد الهوية والعزة والكرامة، لن يتحقّق دون الدخول المباشر للشعوب العربية في المسألة الفلسطينية، والتي يدفع شعبها ومجاهدوها منذ قرن فاتورة تصدّيهم للمحتلين ومقارعة الكيان الذي أسسه ودعمه الغرب ليحول دون نهضة شعوب المنطقة.

وكما وجد المجاهدون والشهداء ما وعدهم ربهم حقّا، فان الأمة وشعوبها لن تجد ريح الكرامة ولن تنعتق من ذلّ الطواغيت والفراعنة وستبقى أجيالها تعيش ألوانا من العذاب وصنوفا من المهالك اذا لم تدخل في معركة غزة وفلسطين والأقصى وتعلنها ثورة على الحكّام الذين يحولون دون تحرير أقصى المسلمين وانقاذ دماء المجاهدين وشعب فلسطين.

إن العلماء الربانيين والقادة السياسيين الثوريين الصادقين مدعوون اليوم وبشكل عاجل لتشكيل إطار شعبي عربي إسلامي يجمع الجهود وينظم الطاقات ويوجه الأفعال والأعمال ليصنع وقائع جديدة ستفلح بإحراز ثمرات كبيرة –بإذن الله- لاسيّما وقد نشأ جيل جديد بعد ثورات الربيع العربي المباركة والتي نزفت أنهارا من الدماء الزكية والصادقة على أرض مصر الكنانة والعراق المجيد والشام الأبي والمغرب العنيد.

ما قلته من حق فمن الله وما أخطىت فمن نفسي ومن الشيطان واستغفر الله

مضر أبو الهيجاء فلسطين – جنين 4-11-2023

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق