مَن صدق سبق
سالم النخيلان
خرج فارس قريش وقائد خيلها خالد بن الوليد، يبحث عن رفيق يرافقه في رحلته التي لان قلبه لها، فالتقى بعثمان بن طلحة، وقال له: أما ترى أن محمداً ظهر على العرب والعجم، ولو قدمنا عليه واتبعناه فإن شرفه شرفٌ لنا، فقبل عثمان ذلك وواعده عند الفجر، وعند انطلاقهما التقيا بعمرو بن العاص، فقال لهما: أين مسيركما؟ قالا الدخول في الاسلام، فقال: وذلك الذي أخرجني.
خالد بن الوليد، الذي شهد المعارك ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قائد خيل قريش وفارسها يقدم على المدينة وقد لاطفت بواعث الهداية قلبه فأطلق العنان لها تاركاً قلبه يسوق إرادته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمناً.
ولما أقبل الثلاثة على المدينة وعلم النبي صلى الله عليه وسلم، بقدومهم فرح وقال: (قد رمتكم مكة بأفلاذ أكبادها).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسروراً بإسلامهم وقابلهم وقَبِلَ إسلامهم، فقال خالد بن الوليد: أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أنك رسول الله، فكان أول ما خطر ببال خالد، أن يغفر له الله ما أسلف من قتال المسلمين وحربه للإسلام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يجبُّ ما قبله).
هذه الطاقات التي أراد لها الله تعالى أن تسري لقلوبها الهداية بين ليلة وضحاها فيقوى بهم الإسلام، فأحدهم مدعو، وآخر دعاه فكره، وذاك دعاه قلبه، فقدموا على رسول الله واستقبلهم وفرح بقدومهم، وكم من طاقاتٍ بشريةٍ نراها ونتمناها تحتاج منا أن نفرح لقدومها ونوليها الاهتمام وبشاشة الفرح لمن تقدم بها، لا عبوس الناظر إلى ماضيه وما فاته، ولا النظر إلى أخطائه ومساوئه، فهي كالوقود المحرك أو كالسهم الذي عندما عاد للوراء انطلق بعدها إلى الأمام بقوة.
أعتقد أن الشباب اليوم يحتاج منا إلى بشاشة اللقاء والشعور بالأهمية والنظر في ما يمكن أن يفيد به مجتمعه ووطنه ويقويه مما أعطاه الله تعالى من مواهب يستعملها في خدمة الوطن، فلعل الفائدة على يد من تأخر عن العطاء للأمة تكون أعظم مما نظن أننا قدّمنا أو نستطيع أن نقدّم، فالعبرة بمن صدق لا بمن سبق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق