أحدثت رسالة ابن لادن -بعد عشرين سنة من كتابتها- في الشعب الأمريكي من الأثر والتفاعل معها ما لم يحدثه فيه كل ما نشره الإعلام العربي والإسلامي في تغطية أحداث #غزة!
وهي ظاهرة تستحق الوقوف عندها وتدبرها ومعرفة سرها بعيدا عن هوى النفوس وحزازاتها الحزبية والفكرية!
فقد ينبت المرعى على دمن الثرى
وتبقى حزازات النفوس كما هي
وهي الحزازات التي أعمت وأصمت حتى صار المنكر معروفا والمعروف منكرا وكُذب الصادق وصُدق الكاذب حتى انجلى الأمر عن خطب جلل!
وبعيدا عن أهداف من روجوا اليوم للرسالة واحتفوا بها في عالمنا العربي والإسلامي ممن وصموا الرجل بالإرهاب بالأمس وانحازوا إلى الحملة الصليبية وخندق مكافحة الإرهاب المزعوم حتى إذا قلبت لهم أمريكا ظهر المجن وتخلت عنهم وعن خدماتهم عادوا يسمعونها من تهديد الرجل ووعيده وهو ميت ما لا يستطيعون قوله لها وهم أحياء بالملايين وهي تحتل بلدانهم وتقتل شعوبهم ليس أولها العراق ولا آخرها سوريا واليمن وغزة!
كيف لرسالة رجل موصوم بالإرهاب مقتول في الحرب بيد الجيش الأمريكي أن تحييه من جديد ليقف مرة أخرى في وجه الإرهاب الأمريكي الأوربي العالمي لتصبح رسالته الأكثر قراءة لدى الشعب الذي قتله؟
ولا تفسير لذلك إلا الشجاعة والصدق في أسلوب الخطاب -الذي كتب ابن لادن به الرسالة ونفخ فيها من روحه فظلت كلماتها حية تشع صدقا وتنضح شجاعة- وهو المفقود منذ عقود في الإعلام العربي والإسلامي حين يوجه رسائله للغرب المستعمر فهو خطاب بكائي استخذائي استجدائي يراهن على الضمير الإنساني والمشترك الحضاري الذي لا وجود له إلا في سوق الأوهام وهداريسها وهوسها في ظل سطوة الجيوش الغربية والأساطيل البحرية والمصانع الحربية التي لا وظيفة لها إلا إشعال الحروب وقتل الشعوب ! حتى قال الرئيس الأمريكي نيكسون في كتابه “الفرصة السانحة”: حضارتنا تنتعش في زمن الحرب أكثر منها في زمن السلام!
الصدق في القول والشجاعة في الفعل هو كل ما يحتاجه العرب والمسلمون اليوم لتفهم الشعوب الغربية ودولها وحكوماتها حقيقة الصراع وأبعاده ولتضع الحرب أوزارها على خطة عدل سواء لا ظلم ولا عدوان وما عدا ذلك ستظل مشاهد غزة تتكرر في كل بلد عربي وإسلامي يفكر أهله بالتحرر من سطوة هذه الحملة الصليبية الصهيونية!
ولله در أبي القاسم الشابي حين قال وصدق:
إن السلام حقيقة مكذوبة
والعدل فلسفة اللهيب الخابي
لا عدل إلا إن تعادلت القوى
وتصادم الإرهاب بالإرهاب
أ.د. حاكم المطيري
الأمين العام لمؤتمر الأمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق