لليائسين والقانطين والمحبطين فقط !
أحمد عبد العزيز
تعالوا أناقش معكم ما يشغل بالكم في هذه اللحظة..
إن ما يشغل بالكم (في هذه اللحظة) هو ذلك السيناريو الأشد سوداوية، ألا وهو:
- الكل متواطئون على تهجير سكان غزة.. إلى أين؟ مش مهم..
- إذا حدث ذلك، فستبقى المقاومة وحدها..
- الكل أقسموا بشنبات آباءهم الذين لا يعرفونهم، على مسح المقاومة من الوجود..
- الأسلحة الخارقة الحارقة شديدة التدمير متوفرة، وكفيلة بهدم أنفاق غزة على رؤوس المقاومة في 24 ساعة..
- بعد إنجاز المهمة ستكون غزة خالية تماما، من أهلها ومقاومتها..
- ستدخل قوات الاحتلال غزة دخول "الفاتحين"، وستعيد احتلالها من جديد..
- سيعلن العدو الصهيوني انتصاره التاريخي..
- سيبدأ في تعمير غزة، ليس لأهلها الذين هُجِّروا منها، تحت القصف الجنوني العشوائي، ولكن لمغتصبين صهاينة جُدد..
وتوتة توتة خلصت الحدوتة!
أليس هذا هو السيناريو السوداوي (المنطقي) الذي يدور برؤوسكم، في ظل هذا التفوق الصهيوني التقني، والحربي، والتواطؤ العربي العالمي المشترك؟
حسنا!
ما رأيكم لو عدنا إلى التاريخ القريب؟
كم عمر الصراع الصهيوني الفلسطيني؟
75 عاما.. واجهت خلالها ما يسمى "إسرائيل" ثلاث دول عربية وانتصرت عليها جميعا، واحتلت أراضيها حتى الساعة، بما في ذلك سيناء التي قالوا إنها تحررت! ثم تمددت بطرق مختلفة (كلها دنيئة) إلى عواصم عربية أخرى، وسيطرت على السلطة فيها، وبات قرارها قرارا صهيونيا بامتياز..
صح؟
صح..
على الجانب الفلسطيني، تحولت "منظمة التحرير الفلسطينية" (منذ أمد بعيد) إلى دكاكين "ثورية" خالية من أي بضاعة إلا من الكلام الفارغ من أي مضمون!
هذا الكلام الفارغ من أي مضمون (في نظرك) هو أغلى كلام في نظر العدو الصهيوني..
ولا يزال القائمون على أمر هذه المنظمة يرددون: منظمة التحرير الفلسطينية هي (عدم المؤاخذة) الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني!
ولست أدري "التحرير" ممن، وقد اعترفوا (جميعا) بسيادة المحتل على فلسطين؟!
لذا، فإن المليارات تتدفق على أصحاب هذه الدكاكين، ليظلوا "يخرطون"، ويرددون هذا الكلام الفارغ من أي مضمون..
فليس مطلوبا من هؤلاء سوى "الجعجعة" ولا طحين!
وكانت النتيجة الاعتراف بالكيان المحتل، دولة ذات سيادة، وبات حلم أصحاب هذه الدكاكين هو سلطة حكم ذاتي منزوعة السلاح، تضمن لهم تدفق الأموال، وما يترتب عليه من امتيازات، ورفاهية، ونفوذ..
صح؟
صح..
ثم وُلدِت حماس..
في ظل هذا الموات والتشرذم.. انبعث من تحت الرماد كيان مقاوم اسمه "حماس"، أسسه سبعة فلسطينيون، يحملون فكر الإخوان المسلمين، كان على رأسهم الشيخ أحمد ياسين، رحمه الله..
كان ذلك في عام 1987.. أي بعد 40 سنة من "النكبة" أو إعلان قيام ما يسمونه "دولة إسرائيل"..
بعد نحو 35 عاما من هذا التاريخ، كان "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الجاري (2023) الذي قادته "حماس"، وقلب موازيين كل شيء، في الحرب والسياسة والإعلام!
هذا النصر التاريخي الذي أفقد العدو الصهيوني توازنه، ونسف أساطيره وخرافاته حول قوته وتفوقه، لم تحققه الجيوش العربية مجتمعة، في أي مواجهة مع العدو، حتى في نصر 6 أكتوبر 1973..
هذا النصر التاريخي احتاج إلى 35 سنة فقط، بدأت المقاومة الإسلامية فيها من الصفر حرفيا (ماديا وتقنيا وعددا).. أي منذ كانت العبوات الناسفة تنفجر في وجوه صانعيها، وكانت الصواريخ "الكرتونية" كما سماها عباس ميرزا تسقط فوق رؤوس مطلقيها..
فأين نحن اليوم من هذه البدايات التي لم يمر عليها سوى 35 سنة فقط؟
هل سيحتاج من سيبقون من المقاومة (حسب هذا السيناريو الأسود الذي يفترض إفناء شعب غزة ومقاومتها) إلى 35 عاما أخرى، حتى يثخنوا في العدو الصهيوني، ويمرغون أنفه في التراب، بل يسطرون نهايته المحتومة، بحول الله؟
أجيب جازما.. كلا..
فالعقيدة قد ترسخت، والخبرات قد تراكمت، والكوادر قد تأهلت، وما تحقق من نصر نوعي في "طوفان الأقصى" سيكون حافزا على الانبعاث من جديد، وسحق العدو بعد ثلاث سنوات على الأكثر.. وهي المدة التقريبية التي تفصل بين كل حرب وأخرى على غزة..
القلق أيها الأعزاء يكون من المجهول!
وما يجري اليوم على أرض غزة، نتيجته ليست مجهولة، بل معلومة لنا علم اليقين..
وعلمها لم نأخذه من مشعوذين، أو دجالين، أو منجمين، أو عرَّافين، وإنما أخذناه وحيا منزلا من رب العالمين الذي يعلم ما كان، وما هو كائن، وما سوف يكون!
فالبداية لن تكون من الصفر أبدا..
وإثخان العدو والتنكيل به (مجددا) لن يكون بعد 35 سنة أخرى..
وهذه المرة سيكون من قلب فلسطين، وليس على أطرافها..
إذا قال ربكم فصدقوه.. وقولوا كذب هذا العالم الهمجي الكافر وصدق الله..
صدق الله..
فأبشروا، واستبشروا، وتفاءلوا، وأروا الله من أنفسكم خيرا..
والخير الذي يحب أن يراه الله منكم هو بذل الوسع وحسب.. سواء كان مالا، أو قتا، أو جهدا، أو عِلما، أو دعاءً، أو كلمة، فكل ذلك تحتاجه المقاومة، وكل ذلك نصر لها، ودعم لها، ومجلبة لرضوان الله عليكم..
والله أكبر، والعزة لله، ولرسوله، وللمؤمنين..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق