من نحن ومن الآخر؟! (2-2)
يبدل المنهزمون المصطلحات الشرعية تحرجا منها..! ويغيرون مدلولاتها ويحرفون أحكامه، ويضعون أنفسهم موضع الدفاع بينما ليس في دين الله ما يُعتذر عنه..!
مقدمةاستعمال المنهزمينمؤاخذات عقدية
تلبيس معنى “البراء” و”الجهاد”
تعريف محرفٌ للجهاد
خاتمةهوامش:
لتحميل البحث كاملا على الرابط التالي:
مقدمة
في الجزء الأول أوضح الكاتب الاستعمال المخالف عقديا لتعريف “من نحن” و”من الآخر” وهو الاستعمال الوطني الضيق بما يحمله من محاذير عقدية؛ كولاء الكفار في الوطن والبراءة من المؤمنين خارجه، والتسوية مع المذاهب الشركية..
وفي هذا المقال يوضح استعمال المنهزمين بالبعد عن المصطلحات الشرعية الى مصطلح “الآخَر”، مع التهوين من شأن الخلاف ثم إظهار الكافرين بظلمهم ودمويتهم بمظهر المظلوم المعتدى عليه..!
الاستعمال الثاني:
استعمال المنهزمين
وهذا الاستعمال في تعريف مصطلح “نحن” و”الآخر” هو المشهور عالمياً عند كل من يطرحه من المهزومين من المسلمين في حواراتهم وأعمدتهم الصحفية، وملتقياتهم، ويفيد هذا المصطلح عندهم بأن “نحن” تعني المسلمين، و”الآخر” مَن سواهم من غير المسلمين من الكفار والمنافقين.
مؤاخذات عقدية
وفي هذا الطرح المنهزم من المؤاخذات العقدية ما يلي:
أولاً: العدول عن الأسماء والمصطلحات الشرعية
والتي جاءت في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم إلى أسماء ومصطلحات بشريه غامضة، ونحاتات أفكار واهية؛ أفرزتها عقول مهزومة فاستبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير..
وتركت ما أسماه الله عز وجل من الأسماء المنطبقة على مسمياتها في كتابه سبحانه وتعالى، حيث قسّم الناس إلى حزبين: حزب الله المؤمنين وحزب الشيطان الكافرين.
قال الله عز وجل: ﴿اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ (البقرة: 257).
فليس هناك “نحن والآخر” وإنما هناك “المسلمون والكافرون”.
قال تعالى ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ﴾ (الحـج: 78). وقال تعالى ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ﴾ (التغابن: 2) وقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ (المائدة: 72).
والآيات في ذكر الكفر والكافرين كثيرة جداً، جاء ذكرها في ما يزيد على (352) موضعاً؛ فلماذا التحرج من كلام الله عز وجل الذي هو أحسن الحديث وأصدقه وأفصحه ﴿ومن أصدق من الله قيلا﴾ ﴿ومن أصدق من الله حديثاً﴾ .
إن من يتحرج من كلام الله عز وجل وتسمياته، ويرتاح لكلام البشر ومصطلحاتهم ومسمياتهم يُخشى عليه أن يكون تحت طائلة قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ (الزمر: 45).
لقد نهى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وأتْباعه من بعده من أن يكون في الصدور حرج من الصدْع بكل ما جاء في القرآن من أسماء وأحكام، وعقائد وقصص وأخبار، بل الواجب اتباعه فقال تعالى: ﴿المص * كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ *اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ (الأعراف: 2).
وعند هذه الآية يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
والله تعالى رفع الحرج عن الصدور بكتابه، وكانت قبل إنزال الكتاب في أعظم الحرج والضيق، فلما أنزل كتابه؛ ارتفع به عنها ذلك الحرج، وبقي الحرج والضيق على من لم يؤمنوا به، كما قال تعالى: ﴿فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ (الأنعام: 125) (1).
ويقول أيضاً في موطن أخر:
ولا تجد مبتدعاً في دينه قط إلا وفي قلبه حرج من الآيات التي تخالف بدعته، كما أنك لا تجد ظالماَ فاجراَ إلا وفي صدره حرج من الآيات التي تحول بينه وبين إرادته.
فتدبر هذا المعنى ثم أرض لنفسك بما تشاء. (2)
فهل بعد هذه الآية وقول هذا الإمام الجليل فيها من عذر لمعتذر يجد في نفسه حرجاً أو ضيقاً أو حياءً من الصدع بالحق الذي في كتاب الله عز وجل، أو أن يستبدل به نحاتات الأفكار وزبالات الأذهان من كلام البشر؟
[للمزيد اقرأ: الإسـلام هويـة تجمـع الأمـة]
دوافع ترك المصطلحات الشرعية، وجدواه
وأسوق في هذا المقام رداً نفيساً لفضيلة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى على الذين استبدلوا مصطلح “نحن والأخر” بما في كتاب الله عز وجل “المسلم والكافر”:
يقول وفقه الله تعالى:
وقد وضع الله فوارق بين المؤمنين والكفار في الدنيا والآخرة، ونهى عن التسوية بين الفريقين، وجعل لكل فريق جزاء وأحكاماً في الدنيا والآخرة، ووضع لكل فريق اسماً مميزاً كالمؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمشرك والموحد، والفاسق والمنافق، والمطيع والعاصي.
ونهى عن التسوية بين المختلفين في هذه الأسماء والسلوكيات؛ فقال سبحانه: ﴿أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ (الجاثية:21).
وقال تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ (ص:28).
يعني لا نجعلهم سواء، لأن ذلك لا يليق بعدل الله، وأمَر المؤمنين بالبراءة من الكفار والمشركين، ولو كانوا من أقاربهم، قال تعالى ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ (الممتحنة:4) ـ وهذا أصل من أصول الإيمان والدين، متقررٌ في الكتاب والسنة وكتب العقيدة الصحيحة لا يماري فيه مسلم.
ولكننا في هذه الأيام صرنا نقرأ في بعض الصحف نقلاً عما دار في مؤتمر الحوار الوطني محاولة واقتراحاً من بعض المشاركين ـ نرجو أن تكون تلك المحاولة والاقتراح صادرين عن جهل.
وذلك كما نشر في بعض الصحف أن يترك لفظ الكافر ويستبدل بلفظ مسلم وغير مسلم، أو يقال المسلم والآخر.
وهل معنى ذلك أن نترك ما ورد في القرآن والسنة وكتب العقيدة الإسلامية من لفظ الكفر والشرك، والكفار والمشركين، فيكون هذا استدراكاً على الكتاب والسنة، فيكون هذا من المحادة لله ولرسوله؟ ومن تغييرالحقائق الشرعية؛ فنكون من الذين حرفوا كتاب ربهم وسنة نبيهم.
ثم ما هو الدافع لذلك؟
هل هو إرضاء الكفار؟ فالكفار لن يرضوا عنا حتى نترك ديننا.
قال تعالى ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ (البقرة: 120)، وقال تعالى: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾ (البقرة:217)، ﴿وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء﴾ (النساء: 89).
ثم إنه لا يجوز لنا إرضاء الكفار والتماس مودتهم لنا وهم أعداء لله ولرسوله؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ﴾ (الممتحنة:1).
وإن كان مراد هؤلاء المنادين بتغيير هذه المسميات الشرعية التلطف مع الكفار، وحسن التعامل معهم، فهذا لا يكون على حساب تغيير المسميات الشرعية، بل يكون ذلك بما شرعه الله نحوهم. انتهى مختصَراَ
ثانياً: صورة مزيفة
لو أن الأمر في استبدال “الآخر” بالكافر توقف عند الاستبدال اللفظي لكان الأمر أهون ـ مع مخالفته لكلام الله عز وجل كما تبين ـ ولكن الخطورة في هذا الاستبدال يتجاوز اللفظ إلى الهزيمة النفسية أمام الآخر الكافر، وذلك بالدعوة إلى عدم الكراهية له، وإخفاء ظلمه، وعدوانه، وإرهابه، وكأنه مظلوم قد سُلبت حقوقه!! ويشعر السامع من الذين يطرحون مصطلح “الآخر” بأنهم يعيشون تحت ظرف سياسي داخلي أو خارجي صور لهم الآخر، وكأنه مظلوم يريد من ينصره ممن ظلمه!!
واعتمدوا في ذلك على نصوص في الكتاب والسنة تدعوا إلى التسامح والبر والقسط مع الكفار، وحرّفوها عن معانيها، وفصلوها عن مناسباتها التي نزلت فيها، ونسوا أو تناسوا الآيات التي فيها وجوب عداوة الكافر والبراءة منه، وجهاده حتى يكون الدين كله لله.
تلبيس معنى “البراء” و”الجهاد”
فمما ورد في البيان الختامي في اللقاء الوطني الخامس للحوار الفكري، قولهم في تفسيرهم لمعنى “البراء” بأنه
الابتعاد عما يتناقض مع الإسلام وعدم التعاون مع أهله عليه، ولا يعني ذلك التعدي على حقوقهم أو عدم التعاون معهم في القضايا العادلة.
اللهم إنا نعوذ بك من الخذلان، أهذا هوا ما يريده الله عز وجل من معنى البراءة في القرآن؟ أهذا هو الموقف الذي وقفه إمام الحنفاء إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- مع أبيه وقومه حينما قال: ﴿إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾ (الزخرف:27،26).
وقوله سبحانه عن خليله: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ (الممتحنة: 4).
ما هذا التحريف في ثوابت الدين وأصوله، إن البراءة من الكافر في الإسلام تعني بغضه وبغض ما هو عليه من الكفر، وعداوته كما جاء ذلك في الآية السابقة؛ هذا إذا كان مسالماَ.
أما إذا كان حربياً فإنه يضاف إلي المعاني السابقة جهاده وقتاله، ورد عدوانه وإزاحته من طريق الحق والتوحيد ليصل الحق إلي قلوب الناس، ويفرض سلطان الإسلام ودولته عليهم.
إن المسلم حينما يسمع مثل هذه التعاريف والمواقف المتخاذلة ليخرج بنتيجة واحدة مفادها المطالبة بعدم كراهية الكافر، وأن نحترمه ونحافظ على حقوقه، ونشفق عليه، وكأنه هو المظلوم المسلوب الحقوق!! فهلا يعلم قومنا ما فعله الكافر “الآخر” وبخاصة أهل الكتاب في المسلمين في القديم والحديث ليعلموا من هو المعتدِي ومن هو المعتدَى عليه؟
محل التسامح .. ومحل الجهاد
إن رفع شعار التسامح والصفح مع الكفار اليوم ليوضع في غير موضعه، لأن في ذلك خلطا وتلبيسا وتضليلا، حيث تسمى الموالاة والمداهنة للكفار تسامحاً ومداراة، وفرق كبير بين المداراة، والمداهنة التي فيها تصحيح مذاهب الكفار أو السكوت عليها، وإظهار المحبة لهم ونسيان عداوتهم وحربهم للمسلمين في القديم والحديث..
إن الذين كفروا من أهل الكتاب هم الذين ألّبوا المشركين على الجماعة المسلمة في المدينة، وكانوا لهم درعاً وردءاً، وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين شنوا الحروب الصليبية خلال مائتي عام، وهم الذين ارتكبوا فظائع الأندلس، وهم الذين شردوا المسلمين في فلسطين، وأحلوا اليهود محلهم متعاونين في هذا مع الإلحاد والمادية.
وأهل الكتاب هؤلاء هم الذين يشردون المسلمين في كل مكان، في الحبشة والصومال وأرتيريه، ويتعاونون في هذا التشريد مع الإلحاد والمادية والوثنية في يوغسلافيه والصين والتركستان والهند، وفي كل مكان، وهم الذين قتلوا أهلنا ونساءنا وأطفالنا في أفغانستان والعراق، ثم يظهر بيننا من يظن أنه يمكن أن يقوم بيننا وبين أهل الكتاب هؤلاء ولاء وتناصر ندفع به الإلحاد والإرهاب، إن هؤلاء لا يتدبرون القرآن الكريم، وإلا لما اختلطت عليهم دعوة السماحة التي هي طابع الإسلام بدعوة الولاء الذي يحذر منه القرآن.
إن الذين يحاولون تمييع هذه المفاصلة الحاسمة باسم التسامح والتقريب بين أهل الأديان السماوية يخطئون في فهم معنى الأديان، كما يخطئون في فهم معنى التسامح، فالدين هو الدين الأخير وحده عند الله، والتسامح يكون في المعاملات الشخصية، لا في التصور الاعتقادي، ولا في النظام الاجتماعي.
إنهم يحاولون تمييع اليقين الجازم في نفس المسلم، بأن الله لا يقبل دينا إلا الإسلام ، وبأن عليه أن يحقق منهج الله الممثل في الإسلام، ولا يقبل دونه بديلاَ، ولا يقبل فيه تعديلاً ـ ولو طفيفاً ـ هذا اليقين الذي يُنشئه القرآن الكريم، وهو يقرر ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾ (آل عمران:19).
﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ (آل عمران:85) ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ﴾ (المائدة:49) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ (المائدة: 51).
وفي القرآن كلمة الفصل، ولا على المسلم من تميّع المتميعين، وتميعيهم لهذا اليقين. (3)
[اقرأ: معنى «لا إله إلا الله»]
تعريف محرفٌ للجهاد
ومما ورد في بيانهم الختامي أيضاً قولهم في تعريف الجهاد:
هو بذل الجهد في تحقيق الخير ودفع الشر، علماً أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي السلم، والحرب حالة طارئة شرعها الإسلام لدفع ورفع الظلم والعدوان
أهذا هو تعريف الجهاد وبواعثه في الإسلام؟
إن المتدبر لكتاب الله عز وجل وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ليتبين له ـ وبوضوح ـ أن الجهاد شعيرة عظيمة من شعائر هذا الدين، وهو إنما شُرع رحمة بالبشرية الضالة بعامة، وبالمسلمين بخاصة، فالجهاد غايته كما قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه﴾ (الأنفال: 39).
إن المتأمل لهذه الآية ليدرك أن الجهاد لم يُشرع لدفع ورفع الظلم والعدوان فحسب، نعم هذا هو جهاد الدفع، وإنما شُرع أيضا لإيصال الحق والتوحيد والهداية للناس في بقاع الأرض ليكون الدين كله لله؛ لأن سنن الله عز وجل اقتضت أن يكون الصراع بين الحق والباطل، وأن المسلمين وهم يبلغون دين الله تعالى للبشرية سيواجهون من يقف أمامهم للحيلولة بين الناس من ورائهم، وبين أن يصل إليهم هذا الدين.
وحينئذ شرع الجهاد بالسيف لإزالة هذه الحواجز من طواغيت الأرض من طريق الحق، حتى يصل الحق الواضح البين إلي قلوب الناس، ويخضع الجميع لدولة الإسلام، وحينئذ لا إكراه في الدين لأنه قد تبين الرشد من الغي.
وحين يكون الدين في البلاد المفتوحة من قِبل المسلمين لله عز وجل، يختار أهل هذه البلاد إما الإسلام أو دفع الجزية والعيش بأمان في ظل الدولة المسلمة، وهذا هو جهاد الطلب الذي لولاه لما وصل إلينا الإسلام في بلادنا، ولما انتشر الإسلام في بقاع الأرض، وهذا ما أغفله المجتمعون في حوارهم الوطني وهم يعرّفون الجهاد.
دوافع الصحابة للفتوح
فهلّا سألوا أنفسهم ما الذي جعل المجاهدين الأوائل من الصحابة والتابعين يفتحون البلدان النائية كفارس والروم وخراسان وسمرقند والهند والسند؛ هل تعرض المسلمون لعدوان من أهل هذه البلاد؟
أم أن المسلمين كانوا يرون أن من واجبهم إيصال هذا الدين إلي العالمين رحمة بهم، فإذا اعترض أحد يعيقهم عن نشر هذا الدين أزاحوه بالسيف إن لم يزح بغيره، حتى يكون الدين كله لله، ويخضع الجميع للدولة المسلمة..؟
خاتمة
أدعوا الذين أقرّوا هذا البيان الختامي للحوار الوطني، أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وأمتهم، وأن يراجعوا ما دوّنوه من هذا الكلام الخطير في بيانهم، لأن فيه قدحا لأصول هذا الدين وثوابته، أو على الأقل فيه تلبيس وتدليس.
وأخُص من شارك في هذا الحوار من المنتسبين للدعوة والعلم والسنة، فإما أن يقولوا كلمة الحق ويواجهوا الباطل وأهله بها فتبرأ ذمتهم بذلك، وإما أن يفارقوا هذه المجالس ويعتزلوا أهلها وما يخوضون فيه، فهذا أعذر لهم عند الله عز وجل وعند الناس، لأن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ (الأنعام:68).
اسأل الله عز وجل أن يهدينا لما اختُلف فيه من الحق بإذنه، وأن يرزقنا الإخلاص له، والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم
………………………………………………….
هوامش:
- الصواعق المرسلة : 4 /1518.
- الفوائد صـ 90.
- طريق الدعوة : أحمد فايز ، بتصرف يسير.
لتحميل البحث كاملا على الرابط التالي:
اقرأ أيضا:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق