الخميس، 11 يناير 2024

جنوب إفريقيا التي تشبهنا أكثر..

 جنوب إفريقيا التي تشبهنا أكثر..


يوسف الدموكي

صحفي، وطالب بقسم التلفزيون والسينما 
في كلية الإعلام بجامعة مرمرة



شكرًا ولكن.. ليس فقط لرفع دعوى ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق شعب غزة منذ 95 يومًا دون تحرك عربي أو إسلامي واحد، بعيدًا عن الجعجعة باسم العروبة والإسلام والجيرة بينما يباد 2.5 إنسان على بُعد أميال.. ليس لذلك فقط.
..
وإنما لأنك تقاضين العالم الأول، والإنسانَ الأبيض، باسم جميع أحرار العالم، الذين عانوا من الاحتلال "المتحضر" على مدار عقود طويلة، وقد عانيتِ ما عانيتِ من الفصل العنصري، والنهب الأسطوري، والسرقة العلنية التي يشاهدها الجميع كعمل درامي.
..
تقفين بوجه ذلك الوهم المنتفخ، وتخبرينه بأنه أسوأ ما أصاب الإنسانية من لعنة وسقم، وأقذر ما أنتجته البشرية من لحم ودم، وأكذب ما عرفه التاريخ من زيف ووهم.
تترافعين عنك أولًا، مرة أخرى، كأن فلسطين استحضرت "التروما" التي عانيتِ منها منذ قرون وعقود، محتلةً لا تملكين قرارك، مبادةً لا تملكين نجاتك، صارخةً لا يُسمع صوتك، مستصرخةً يتجاهلك المارّة، واليوم، فلسطين هي الموضوع الجديد.
..
إن كانت العروبة فليست العربية لغتك، وإن كان الدين فليس الإسلام دينك، وإن كان الجوار فليست غزة على حدودك، وإن كانت المصلحة فليس لك بفلسطين منفعة؛ وإنما هي الفطرة، التي فطر الله الناس عليها -لا تبديل لخلق الله- وحب الإنسان للإنسان.
..
أثبتِّ اليوم أن داء العنصرية الغربيّ، والشيزوفرينيا الأوروبية، ليس محصورةً بنطاق جغرافي، وإنما هي فكرة تجمع شذَّاذ الآفاق معًا، بين ملوك من حرام، وملكيين أكثر من الملك، ولو كانوا من بني جلدتنا.

فشكرًا أخي الجنوب إفريقيّ، وشكرًا لحُمرة الدم، وبياض القلب، وسُمرة الأرض التي تجمعنا أكثر من الجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق