الأحد، 7 يناير 2024

هذا الوطن ينتصر بالشهداء

 هذا الوطن ينتصر بالشهداء

نهر ممتد عبر تاريخ فلسطين من دماء الشهداء يشق تلال الأرض وسهولها، الصحاري والأودية ليكتب ميلادا لأحلى أوطان الأرض. فكلما روت دماء الأوفياء والمخلصين الأرض، زاد الوطن قوة، عزة، كرامة، صار المستقبل طريقا إلى الخلود والجنة.

ستثمر دماء صالح العاروري ورفاقه المتدفقة إلى نهر الأوطان المختمرة بدماء أبنائها حرية واستقلالا قريبا. لم يكن العاروري وقادة المقاومة الذين استشهدوا في بيروت سوى دفقة دماء جديدة في قلب فلسطين وغزة، فهم أبناء سيل من الشهداء منذ برزغ شمس الثورة الفلسطينية في ثلاثينيات القرن العشرين، وحتى كتابة هذه السطور.

ولم يكن استشهاد القادة من أبناء حماس وفصائل المقاومة سوى وقود جديد لفلسطين، فقد استشهد آباء المقاومة من قادة منظمة التحرير مثل: أبو جهاد وأبو عمار، وغيرهما.
كما استشهد المجاهد الشيخ أحمد ياسين الأب الروحي لحماس، ثم استشهد نائبه الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وغيره الكثير من القادة على مدار سنوات منذ الانتفاضة الأولي عام 1987، ولم تتراجع المقاومة بل زادت حدتها، ووصلت إلى طوفان الأقصى الذي كان النصر الأكبر على الكيان الصهيوني، وجسد ثمار دماء الشهداء في تشكيل اللحظة التاريخية لنهاية دولة الكيان الصهيوني.


أوهام قادة الكيان

يغتال الكيان الصهيوني بسلوكه العصابي القادة في كل من تونس وجنوب لبنان ولندن وبيروت وغزة والضفة و القدس، ولكن كلما زادت دماء الشهداء من أبناء فلسطين، كلما قصر عمر الكيان المحتل الغاصب. سيقتلون الأطفال اعتقادا منهم أنهم يقتلون المستقبل، فيستشهد نحو 12 ألفا فيولد 100 ألف من الأطفال الأبطال الذين يمرحون في غزة، الضفة، نابلس، الخليل والقدس.

يولدون ومعهم الإيمان والعقيدة أن هذا الوطن لهم وبهم سيحيى. يقتلون الشباب المقاومين في كل لحظة ظنّا منهم أنهم سينهون المقاومة، فتنبت أرض فلسطين أبطالا جددًا في عمر الزهور يُبدعون في المقاومة وأساليب جديدة لمواجهة الدبابات، والآليات المدرعة، فيبعثون الحياة في شريان الوطن الفلسطيني، والأمة العربية والإسلامية. هؤلاء الذين يفاجئون العالم كل صباح  بالقدرة على مواجهة أحدث ما تنتجه مصانع العالم من الأسلحة بقلوب وعقول قلما توجد في العالم.

يقتلون الأمهات ويدكون البيوت على ساكنيها في كل الأرض المحتلة، فتخرج أمهات فلسطين يصنعون الخبز والأمل والصمود في أفران الصبر والقوة على أنقاض منازلهم المهدمة، فيطعمون شباب وفتيات فلسطين الإيمان بالبقاء والنصر والحرية.

لا يفت في عضد الأمهات الشهداء بل يزفونهم إلى الجنة، وإلى الوطن الذي لا يزدهر سوى بالدماء، فهل صادفت يوما وطنًا استسلم وسلم أوراق تاريخه إلى العدو ووجدته منتصرا أو متقدما، لن تجد في أوطان الاستسلام والسلام الزائف مع الأعداء سوى الانكسار والهزيمة والاستبداد، فإن لم تصدق فانظر حولك في بقاع أصحاب نظرية السلام الاستراتيجي.

يستشهد قادة المقاومة فيولد بعدهم مئات آخرين يخططون، ويرسمون طريق الحرية والنصر. فلم تُستسهد قيادة في تاريخ حماس والقسام، وكتائب المقاومة في فلسطين إلا وُلد بعدهم المئات من الملثمين والأبطال، الذين يرفعون علامات النصر وأعلام فلسطين، ويصبحون نموذجا لأطفال فلسطين والأمة بل والعالم.

 

أثمر الزرع يا شيخنا

انتشرت صورة للشيخ أحمد ياسين، الذي استشهد بغزة في 22 مارس/أذار 2004 بقصف طائرة أباتشي أمريكية، وحوله مجموعة من أطفال فلسطين، ويظهر فيها الشيخ باسما وأطفاله سعداء.. هؤلاء الأطفال صاروا اليوم قيادات للمقاومة وفصائلها، وكُتب على الصورة “أثمر الزرع يا شيخ”.

هكذا رسائل صالح العاروري نائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي بعثها الفترة الماضية إلى شباب فلسطين وخاصة في الضفة الغربية ستثمر أبطالا وقادة على طريقه، وسنجد عشرات من الأبطال الذين يستكملون الطريق إلى فلسطين محررة كاملة من النهر إلى البحر.

قد يظن الكيان الصهيوني أنه قد أصاب هدفا له حين خرجت طائرته لكي تغتال قادة للمقاومة في بيروت، ولكنه وهم النصر، وتخبطات الهزيمة المريرة التي لم يتلقاها فقط الجيش الصهيوني بل كل أركان مجتمعه القائم على الكذب والأوهام. هذا الشتات الذي صار مفككا بفعل المقاومين والأبطال في أرض فلسطين، بينما يظل ما حدث في بيروت سلوكا عصابيًا لكيان يبحث عن صورة صغيرة لنصر يواجه به تفكك شتاته المسمى كذبا مجتمعا، أو دولة.

من نهر الدماء المتدفق على أرضنا المحررة في فلسطين ستنبت أشجار الزيتون، والزعتر، سيلتقي الشهداء وهم يرفرفون بأجنحة ملائكية بينما أطفال فلسطين يتغنون بأناشيد النصر والحرية، سيزرعون في كل مكان شجرة يكتب عليها اسما من أسماء الشهداء الذين قضوا من أجل جنة فلسطين، وجنة الله على أرضه. وفي القدس، الخليل، يافا، الضفة وغزة، سيكون لكل شهيد طريق ممتد عبر الوطن يصل به أبناء فلسطين إلى النصر، وما النصر إلا صبر ساعة، وإنه لجهاد نصر أو استشهاد، هذا الذي يناله في كل لحظة فلسطيني ويزفه الأهل إلى الجنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق