التجديد والدعاة والقدر
في آخر الزمان وعصرنا الآني عمت بلوى عظيمة وخطيرة في الدعاة إلى الله وأصاب بعضهم آفة الكذب وفساد الذمم والتربح من الدعوة ووجهاتها وشجعهم على ذلك فطرة الناس المحبة للدين والتدين ورفع الدعاة إلى مناط العصمة والتنزه عن الزلل وأختلط الحابل بالنابل وعمت أو طمت بلوى مخالفة الفعل للقول وأنتكس الكثير إلا من رحم ربى فصدوا عن السبيل وهم لا يشعرون.
فكان الإيمان بالقدر وإظهار الرضا به وعلانيته من أعظم سبل الدعوة لغير المسلمين للدين ولا تقل عظمته عن الدعوة بالسان والإحسان والصدق وأداء الأمانات ومن أركان الإيمان التي لا يصح إيمان عبد بغيره والذي ورد في حديث عمر رضى الله عنه ودل عليه الكثير من آيات الوحي الرضا بالقدر خيره ووشره.
ومقتضاه ولازمه الرباط والمرابطة والصبر والاصطبار على الشر والمكروه سواء كان في مواجهة عدوا أو آفة من الآفات وسواء كانت لعبد واحد أو جماعة من الجماعات أو آفة عامة كوباء الطاعون أو غيره أو شدة وفاقة أو جائحة من الجوائح التي تصيب الأنفس أو الأموال أو الثمرات.
ولهذا ما أظهره أهل غزة وعلى نهج السلف الصالح من رباط ومرابطة وصبر واصطبار والرضا بالقدر والقضاء خيره وشره مما فتح الله به قلوب كثير من الناس في العالم وهكذا كانت قلوب الأغلبية من الخلائق عقب كل فتح تتأمل رباط ومرابطة السلف في دعوتهم والصبر والاصطبار في جهادهم والرضاء بالقدر فيهم وإظهاره وعلانيته وحمد الله على المكروه والشر كحمدهم وشكرهم لله على الخير سواء بسواء فكانت كمطارق للقلوب المقفلة ودعوة للتأمل وتغيير التصورات عن الحياة الدنيا ومآلها فدخل الناس في الدين أفواجا تصديقا لقوله سبحانه وتعالى إذا جاء نصر الله فكان الإيمان بالقدر ومقتضياته وللوازمه من رباط ومرابطة وصبر واصطبار وهو النصر على النفس والرضا بالقدر خيره وشره وإظهار الرضا وعلانيته على المكاره كما إظهاره على النعم.
وبالطبع الصبر والاصطبار متضمن رفض القبول بالدنية وموافقة أهل الأهواء والباطل على مرادهم بما يخالف التوحيد والشرع من تفريط في المقدسات والأرض والعرض والمال.
وجاءت حرب غزة لتسد الثغر الأول الذى غلب عليه الفساد وهم الدعاة وبقدر الله الذى سخر ثلة من شباب الأمة ليرمموا ما تهدم من صورة الاسلام في النفوس ويقوموا ويصوبوا للأمة التصورات ويبرزوا معانى الإيمان كما كان يوم نزل ويعيدوا تفسير المصطلحات التي تم تزيفها أو تطاول علينا الزمن فبهتت ودخل عليها ما ليس منها وتخلص الناس عبر الزمن من لبها وقلبها ونواتها الحقيقية التي لا يصح إيمان إلا بها وكسوا العظام للحما فتبارك الله أحسن الخالقين الذى أنزل علينا النعمة التامة وأكمل لنا الدين الذى إذا حاول الأعداء وأولياء الشيطان إتيانه من ثغر أو باب وسبيل نهض سبيل آخر بسده والقيام بوظائف السبيل الذى فسد حاملوه بأفضل مما يكون وأتم مما كانت يقوم به دعاة السان والمنابر ولله الحمد أولا وأخير وقبل كل شيء وبعده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق