الميزان في علاقة حماس مع إيران
حديث الكندري.. بين الاستماع والنقد الأخوي الناصح والواجب.
استمعت لحديث الأخ الكريم والشيخ الفاضل فايز الكندري حول الحكم الشرعي المتعلق بمديح حماس لمجرمي إيران.. وأقول:
1/ أصاب وأفلح الشيخ بإبراز مرجعية وقيمة الأحكام الشرعية في النظر لواقعة حركة حماس السياسية، لاسيما في ظل ميوعة وتمييع بات طاغيا لدى بعض الحركات الإسلامية في كثير من قضايا السياسة الشرعية.
2/ أصاب الشيخ بالإشارة إلى بعض الأنظمة العربية وذبابها الإلكتروني في النيل من كياننا الإسلامي الجهادي، ومنه حركة حماس التي تعتبر جزءا مهما من كياننا الإسلامي والعمل الجهادي الفرض والواجب في أرضنا المباركة فلسطين.
3/ لم يوفق الشيخ في تسطيح النظر لمسألة حكم مديح قاسم سليماني، دون الانتباه ووعي كنه المشروع السياسي الإيراني، حيث غرق في الإشارة للبعد العقدي المذهبي، وأشار باقتضاب لجرائم إيران، وغفل عن طبيعة وماهية المشروع الإيراني المعادي في المنطقة، وعلى وجه الخصوص كنهه السياسي وتخادمه مع المشروعين الصهيوني والصليبي الذي تقوده أمريكا الحالية!
4/ والسؤال الذي يجب أن يطرح عليه -هو وكثير من الدعاة الغيورين على الأمة والدين-، ما دام الحديث بذلك المستوى من التسطيح! فهل يجوز اليوم لأي حركة إسلامية مجاهدة في أرض الشام أو العراق أو اليمن في حال مدت إليها اسرائيل يد المساعدة المالية والعسكرية أن تمتدح قادتها الذي قتلوا جزءا من المسلمين في فلسطين ويحتلون الأرض المباركة؟
5/ بناء على جواب الشيخ أدعوه لإعادة التفكير ووعي طبيعة المشروع الإيراني فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، كما أنه لم يعد يخفى على أحد حجم ودوام القتل الإيراني لكثير من الموحدين واحتلالهم الحالي لعواصم أربع بلاد عربية.
6/ أعتقد أن مصيبة كثير من العلماء الصادقين والغيورين تكمن في ضحالة وعيهم السياسي، وقصور الجانب الشرعي نتيجة انفصاله عن الواقع بوصفه العميق والدقيق، وليس السطحي والعاطفي.
7/ غفل الشيخ الكندري وهو يناقش مشهدا جزئيا – مديح حماس لقاسم سليماني – عن المشهد الكلي لواقع الأمة العربية والإسلامية والتي تحتل إيران أربعا من عواصمها وتمارس القتل والاعدام والتهجير في كثير من أرجائها، مستفيدة ومشرعة لدورها تحت عنوان المقاومة.
8/ إن كثيرا من العلماء والدعاة يسقطون في نقاط جزئية وإن كانت صحيحة إلا أنها تصرفهم عن وعي ونقاش الجوانب الكلية والمؤثرة والخطيرة، ومن ذلك:
أولا: غرقهم في المسألة المذهبية والجوانب العقدية للشيعة الاثنا عشرية، وغفلتهم عن الجوانب السياسية التي تميز المشروع الإيراني!
ثانيا: توقفهم أمام مشاهد جزئية كالمصافحة والتقبيل والمديح، وغفلتهم عن خطورة وحقيقة وعمق الارتباط بين حركاتنا والمشاريع المعادية، لاسيما أن إيران عاقلة وفاعلة ودؤوبة في تحقيق ما تريده، وهو ما يفسر الدافع خلف عودة البعض لحضن سفاح الشام!
ثالثا: نقاشهم للمسألة الفلسطينية بمعزل عن واقع الأمة، وانعكاس تلك التحالفات والمواقف السياسية على مفاسد ومصالح عموم الأمة!
9/ إن الطرح الفلسطيني عموما والمشائخي خصوصا يضعنا أمام اشكال شرعي وفتنة أخلاقية، حيث نطالب عموم الشعوب العربية والإسلامية بالتجاوز عن آلامهم التي تسببها لهم إيران المعتدية والمحتلة لبلادهم لأجل تحرير أرض فلسطين، في مقابل تجويز شرعي وأخلاقي للفلسطينيين بالتحالف والتعامل مع مشروع احتلالي يحتل جزءا كبيرا ويتعاظم كل يوم في محيط فلسطين!
10/ إن تسطيح النظر في المسألة الإيرانية بسبب العاطفة والتفاعل مع المظلومية الفلسطينية وخفوت النظر للتعامل والتواصل والحلف بين الحركات الفلسطينية المقاومة وبين إيران سيطرح إشكالا شرعيا وأخلاقيا واجتماعيا وسياسيا في دولنا العربية التي تحتل عواصمها إيران.
تصور يا رعاك الله أن إيران التي تحتل بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء ستمد يد العون مستقبلا لبعض الحركات الإسلامية التي ستتعاون معها -تحت عناوين المقاومة وغيرها- في قتالها المشروع لأطراف أخرى متناحرة معها في نفس البلد، وهو مشهد لن يكون بعيدا وسيبدأ مع بلورة التقسيم العرقي والطائفي والسياسي في العراق واليمن والشام ولبنان.
إن العاقل والواعي يجب أن يدرك ثم يعترف بواقع الحال ولا يتوقف عند المقال، بأن إيران مشروع سياسي متكامل الأركان يستهدف مسح الدين واقتلاع أمة العرب والمسلمين، وهو بهذا مشروع مكافئ ومواز للمشروع الصهيوني والمشروع الصليبي، وهذا سر اللقاء بينهما وبين إيران، وسر دوام التخادم والتعاون رغم كل حروب المنطقة، وهو سر جلبهم الخميني من باريس لطهران، وسر تسليم الإدارة الأمريكية لحكم العراق ووضعه في يد ملالي ايران، وسر مد نفوذهم وتموضعهم في أرض الشام، وسر تمكينهم من صنعاء والمحافظة على ميناء الحديدة بين أيديهم ورفع الحوثي من قائمة الإرهاب، وغيره كثير مما لا يخفى على أي كفيف .
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 15/1/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق