نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريراً لمراسلها في منطقة الشرق الأوسط روبرت فيسك، أجرى خلاله لقاءً نادراً هو الأول من نوعه مع جنرال أعلنت وفاته قبل سنوات وهو جميل حسن، مدير جهاز المخابرات الجوية السورية، الجهاز الأكثر قوة بين الأجهزة المخابراتية الأخرى: جهاز مخابرات أمن الدولة وجهاز مخابرات الأمن العسكري.
فيسك، المقرَّب من النظام السوري، والذي لا يخفي عداءه للسياسات البريطانية الأميركية في المنطقة، كثيراً ما كتب من داخل الأراضي التي يسيطر عليها النظام في سوريا منذ اندلاع الأزمة قبل أكثر 5 سنوات، حتى أنه خرج مع القوات الموالية لبشار الأسد، في حربها الشرسة ضد المعارضة المسلحة.
وفي هذا اللقاء النادر، وأمام الرجل "الوحش" الذي اعتاد السوريون أن ترتعد فرائصهم لذكر اسمه، حيث الداخل إلى معتقلاته في حكم الميت سلفاً، حاول فيسك أن يبحث عن اللمسة "الإنسانية" لدى جنرال مُتهم من المعارضة السورية ومن قوى عالمية وإقليمية بقتل آلاف السوريين.
وفيما يلي نقدم ترجمة التقرير كاملاً كما ورد في "الإندبندنت":
أن تجلس وجهاً لوجه مع مدير جهاز المخابرات الجوية السورية، وهو جهاز الاستخبارات الأقوى والأكثر وحشية وإثارة للرعب في سوريا، ليس بالأمر الذي قد يحدث كل يوم. فعبارة "المخابرات الجوية السورية" كفيلة بجعلك تلتزم الصمت. ومع أن الجيش السوري الحر "المعتدل" كان قد أعلن منذ 4 سنوات اغتيال أكثر حُماة الرئيس ولاءً وشراسةً، وما زال موقع "ويكيبيديا" يتحدث عنه بصيغة الماضي، إلا أنه يمكنني أن أؤكد لكم أن الجنرال جميل حسن، البالغ من العمر 63 سنة، حيٌّ.
بدت قبضته كالمِلزَمة أثناء مصافحتي، وعيناه، اللتان تُحَدِّقان إليك أثناء حديثه كما يحدق أحد ضباط الاستجواب الغاضبين بالمتهم، كانتا تُحَدِّقان فيَّ كضوءٍ قادم من منارة حينما سألته إن كان رجلاً قاسياً. وكان صوته يجمع بين زئير الأسود والنبرة الاستقصائية التي تميز مديري المخابرات قليلي الصبر.
سمعة سيئة
هذا ليس بالرجل الذي ينبغي عليك مواجهته. صاح فيّ بصوتٍ هادر قائلاً: "بالنسبة للإعلام الغربي، أنا مجرم حرب. لذلك لا أعلم إن كان سيُسمَح بنشر مقالك في صحيفة الإندبندنت. أنا على استعداد لمواصلة عملي، حتى وإن قادني ذلك إلى محكمة جرائم الحرب، لأن سوريا تستحق التضحية".
بالغ الجنرال حسن قليلاً في تقدير السمعة السيئة التي يتمتع بها. ففي الحقيقة، لم تسع أية محكمة لجرائم الحرب إلى اعتقاله. لكن الاتحاد الأوروبي كان قد أدانه "لتورطه في عمليات القمع ضد الانتفاضة السلمية" في سوريا عام 2011، مما تسبب في حظره من السفر وتجميد أمواله بالخارج.
أما وزارة الخزانة الأميركية فقد فرضت عقوبات ضد الجنرال بسبب "مشاركته في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان"، وذلك بعد تهديدات الرئيس الأميركي باراك أوباما للنظام السوري. وقالت الحكومة الأميركية إنَّ المخابرات الجوية السورية - التي سُمِّيَت بهذا الاسم لأن حافظ والد بشار الأسد كان ضابطاً بالقوات الجوية الروسية - قتلت 43 متظاهراً على الأقل في أبريل/نيسان عام 2011. وهو الأمر الذي سنتحدث عنه أكثر لاحقاً.
خلال هذه المقابلة المذهلة التي دامت 3 ساعات، لم يحاول الجنرال حسن تجنب الإجابة عن أية أسئلة، حتى تلك المتعلقة بالسجون التابعة له. ومع أنه أشار مراراً وتكراراً في حديثه إلى ولائه للرئيس بشار الأسد، إلا أنه أصر على توضيح أن اتخاذ النظام إجراءات أكثر قسوة وصرامة في بدايات الثورة السورية عام 2011 ربما كان سيقضي على المعارضة المسلحة للنظام تماماً وبشكلٍ كليّ منذ البداية.
ثورة حماة
وتحدث حسن أيضاً عن سحق ثورة الإخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982، عندما تم قتل الآلاف من المدنيين والمقاتلين بعد ثورة الإخوان العنيفة ضد أعضاء حزب البعث في المدينة.
في تلك الفترة، كان الجنرال حسن أحد ضباط الأمن المُستَجَدِّين الذين يخدمون حكومة حافظ الأسد. وقال متحدثاً عن تلك الفترة: "كنت حينها شاباً صغيراً جداً، وكانت هناك تقارير إعلامية مبالغ فيها عن ضحايا المذبحة. ولكن إن كنا كررنا ما فعلناه حينها في حماة في بداية الأزمة الحالية، كنا سنتمكن من إنقاذ عدد كبير من السوريين". كنت متواجداً أيضاً لفترةٍ قصيرة في حماة خلال ثورة عام 1982، وأتذكر أنني سجلت حينها أن عدد الضحايا ربما يكون قد وصل إلى 20 ألف شخص.
كان لقاءً غريباً وغير متوقع وغير مرغوب فيه مع إحدى الشخصيات الأقوى في سوريا. خارج مكتب الجنرال، كان هناك علمٌ سوري و3 أعلام روسية. كان الجنرال يعلم كتب التاريخ خاصته. وبينما أشعل سيجاراً من النوع الذي كان يدخنه "تشرشل"، كان يحدثني عن هتلر ورومل ومونتغمري وتشرشل. وفي عقله، لم يشك للحظة في هوية المسؤول عن الأزمة السورية.
خلال مقابلتنا الطويلة، بدا الجنرال وكأنه يقسم حياته إلى جزأين: العشرين سنة الأولى من عمله كضابط أمن شاب، التي يقول نقاده إنَّه كان يتصف فيها بالوحشية الشديدة، والفترة الباقية التي أصبح فيها يشبه شخصية المعلم والأب، يشجع تلميذه الشاب العقيد سهيل حسن - لا قرابة بينهما - في معركته ضد المتطرفين الإسلاميين، ويشيد ببشار الأسد، مع أنه يرى أن والده حافظ الأسد كان أشد صرامةً وقسوةً في التعامل مع أعدائه.
كان العقيد سهيل حسن، والمعروف باسم "النمر"، يقاتل لتأمين الطريق الصحراوي العسكري بهدف تخفيف حصار غرب حلب العام الماضي. لكن الجنرال كشف أن سهيل كان يكافح لوقف هجمات الانتحاريين المنتسبين للتنظيمات الإسلامية في محافظة إدلب السورية عام 2005، أي قبل 6 سنوات من إدراك العالم حجم حرب الحكومة السورية ضد خصومها المسلحين.
كان الجنرال مهتماً بالحديث عن هذه الوقائع التاريخية الماضية. وكانت هناك بالفعل بعض اللحظات أثناء اللقاء التي ظننت فيها أن الجنرال، كغيره من كبار السن، لا يكترث برأي منتقديه ومسانديه عنه في الوقت الحالي، لكنه يهتم أكثر بما ستقوله عنه الأجيال القادمة.
الحوار الأول
هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الجنرال إلى مراسل غربي، بل المرة الأولى التي يقبل فيها إجراء مقابلة مع أي صحفي على الإطلاق. ولذلك أثناء الحوار الذي دار بيننا تحدث عن إخفاقاته الخاصة والأخطاء التي ارتكبتها وكالة المخابرات التي يديرها، وكذلك عن وجهة نظره القاسية بخصوص العالم العربي.
وأضاف الجنرال قائلاً إنَّ "المتشددين الإسلاميين والمتطرفين الصهاينة اجتمعوا على هدفٍ واحد وقرروا العمل على تقسيم سوريا. وكدليل على ذلك، أود التساؤل عن سبب تنسيق جبهة النصرة مع الإسرائيليين في الجولان، ولماذا توفر إسرائيل الرعاية الصحية والعلاج للميليشيات؟ حتى عندما استولى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على بضعة كيلومترات من الأرض قرب الحدود الإسرائيلية، لم تُقدِم إسرائيل على مهاجمتهم".
وأكمل الجنرال حديثه قائلاً: "إذاً، ماذا يعني ذلك؟ إنَّ هذه المسألة غاية في الأهمية. فبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل قرروا تقسيم سوريا، وذلك مع تضارب مصالحهم. يبدو أن سوريا بلدٌ كبيرٌ جداً حتى يتحد عليها كل هؤلاء. إن كانت هذه الدول بمثابة أصدقاء حقيقيين لسوريا، لساعدوا على التخفيف من حدة الخلافات الطائفية. أعتقد أن الشعوب الأوروبية ستكون الأكثر تضرراً إذا انهارت سوريا. إن الأميركيين والأوروبيين مثلهم مثل الراعي الذي يسمح للذئب بدخول منزله، هذا الذئب سيأكل في نهاية المطاف كل الخراف والدجاج".
وعاد مجدداً للحديث عن مذبحة حماة عام 1982 قائلاً إنَّه "لو كانت التكتيكات التي تم استخدامها في حماة عام 1982 تم استخدامها هذه المرة، لكنا ربما قد أنهينا هذه الحرب. كنت في حماة عام 1982، وكنت أقاتل المتطرفين داخل الأنفاق الموجودة تحت الأرض، إذ كنت ضابط أمن برتبة ملازم خلال فترة حكم حافظ الأسد. تلقّى المتطرفون في هذه الفترة بالثمانينات ضربة موجعة كادت أن تقضي عليهم. وكنت أرى هذا القرار ذكياً جداً حينها. كانت البيئة مختلفة في تلك الفترة".
وأكمل حديثه عن الفارق بين تعامل حافظ الأسد مع الاحتجاجات بحماة في الماضي وبين تعامل بشار مع الثورة السورية في بدايتها قائلاً: "كان هذا القرار صعباً جداً على الرئيس حافظ الأسد. لكن في الثورة الحالية، لو كنا قد فعلنا ذلك، لكنا قد أنهينا الحرب. الاستراتيجية التي نتبعها الآن هي قرار القيادة السورية الحالية، ولكني لديّ رأي مختلف. فالطلاب الصينيون قاموا بمظاهرةٍ في ساحة تيانانمن عام 1989، وكانوا عازمين على تغيير الصين. لو كانت الحكومة الصينية حينها لم تضع حداً لهذه المظاهرات، أين كانت ستكون الصين اليوم؟".
ثمانينات القرن الماضي
وعادت الذاكرة بالجنرال جميل حسن إلى ثمانينات القرن الماضي، وقال واصفاً الوضع حينها في العالم العربي والإسلامي، "في تلك الفترة كان الرئيس العراقي صدام حسين والعاهل الأردني الملك حسين هم رعاة الإرهاب. وكان صدام حسين يدعم الإرهاب في سوريا ليس لأنه يحب الإسلام، ولكن لأنه أراد إغضاب حافظ الأسد. دعم صدام حسين حينها الإسلاميين مع أنه لم يكن يؤيد الفكر الإسلامي المتطرف. حتى الملك حسين لم يكن من مساندي الإسلاميين، لكنه استخدمهم لتحدي حافظ الأسد، واستخدم جماعة الإخوان المسلمين".
يجب أن أقول إنَّه في بعض الأوقات كان صوت الجنرال يشبه قليلاً صوت حافظ الأسد.
تحدث الجنرال أيضاً عن غسيل المخ والضغط الأيديولوجي على فقراء الريف السوري في السنوات الأولى من الحرب الحالية. وقال إنَّ "أعمال تنظيم القاعدة - الذي يدعو نفسه الآن بجبهة النصرة - ترسخ الفكر المتشدد والقسوة داخل قلوب الناس. هذا نتيجة 10 سنوات من غسيل الدماغ الأيديولوجي، فأنا أتابعهم عن قرب". وقال إنَّ الدول الغربية هي التي تمول الإسلاميين المتطرفين بالأسلحة.
وعن المواطنين السوريين قال إنَّه "في إحدى القرى، تم إجبار المواطنين على القتال ضدنا. واضطر الناس إلى تبني تقاليد مختلفة، حتى في ملابسهم. حوالي 80% من الناس في شرق حلب يريدون مغادرة منطقتهم والقدوم إلى منطقة حلب الغربية التي تسيطر عليها الحكومة. الحل الوحيد هو توقف الدول الغربية عن دعم الإرهابيين".
وصرح الجنرال بكلماتٍ ستغضب بالتأكيد إدارة أوباما، وأيضاً خليفته ترامب، حيث قال إنَّ "تصريح الأميركيين بوجود معارضة معتدلة أمر مثير للسخرية. ومثير للاشمئزاز أيضاً. أشعر بالاندهاش من حجم المجهود الذي تبذله الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة لأجل هذه المنطقة الصغيرة جداً في شرق حلب".
وأضاف أن "اللعبة القذرة الوحيدة في حلب هي اللعبة التي يمارسها الأميركيون، إذا توقفوا عن إمداد المتشددين بالأسلحة سينتهي كل شيء. لماذا لا تولي الحكومات الغربية اهتماماً بقصف المعارضة لحلب الغربية ومقتل العديد من المواطنين هناك؟ سأقاتل للدفاع عن سوريا حتى الرمق الأخير".
قصة أطفال درعا
وتطرق الحديث للقضية الحساسة الخاصة بمدينة درعا، المكان الذي بدأت فيه الحرب السورية عام 2011، والتي كان مقتل المواطنين بها هو سبب فرض أميركا للعقوبات عليه. قال الجنرال عن ذلك إنَّه "في بداية الأزمة قالوا إنَّ أحد رجال الأمن قام باقتلاع أظافر أحد الأطفال. هذا الأمر كان مجرد إشاعة، لكن حتى المواطنين المؤيدين للرئيس صدقوها بسبب الإعلام. ولكن في الحقيقة، كان الأمر دعاية مُخَطَّطٌ لها بدقة".
أصبحت قصة أطفال مدينة درعا معروفة حالياً. إذ تم القبض على 15 طفلاً على الأقل لاتهامهم بكتابة عبارات "الشعب يريد إسقاط النظام" على أحد الجدران في مدينة درعا بجنوب سوريا في بداية عام 2011، وتم تعذيب هؤلاء الأطفال من قبل قوات أمن الدولة، وهو الأمر الذي أدى إلى خروج مظاهرات واسعة النطاق في أبريل/نيسان، أسفرت عن مقتل العشرات من المتظاهرين والجنود السوريين، وإقالة محافظ المدينة من قبل الرئيس بشار الأسد.
أكمل الجنرال حديثه عن بداية الأزمة، وهي كلماتٌ يجب أن تُقرَأ بتحفظٍ واهتمام شديدين، إذ قال إنَّ "في البداية، وعندما كان المتظاهرون بالشوارع، كانت أجهزة الأمن ممنوعة من حمل الأسلحة الثقيلة.. الأشخاص الذين حاكوا هذه المؤامرات ضدنا هم من بادروا باستخدام الأسلحة منذ البداية، لكنهم بعد ذلك اتهموا الحكومة باستخدامها ضدهم".
وأضاف الجنرال قائلاً إنَّ "معارضي الحكومة المسلحين استهدفوا المجتمع السوري المتحد. والأجهزة الأمنية هي المسؤولة عن الحفاظ على هذه الوحدة، وبالتالي صارت هذه الأجهزة هي أهدافهم الجديدة".
لكنه أضاف بعد ذلك: "هذا لا يعني أن هذه الأجهزة لم ترتكب أية أخطاء. خلال مسيرتي الطويلة لا أتذكر أنني قد أهنت أي شخص لغرض إهانته. لكن ربما أكون قد أسأت فهم بعض أفعالي التي قمت بها... فقد قضيت 40 سنة في مجال الأمن".
بعد ذلك توقفنا فترة طويلة عن الحديث، ثم طرحت السؤال البديهي على هذا الضابط المرعب: "هل أنت رجل قاسٍ؟"، فأجابني قائلاً بحدةٍ وقليلٍ من الغموض: "أنا رجلٌ قاسٍ في تعاملي مع القضايا التي تتعلق بأمور بلدي. لكن في علاقاتي بالناس لست قاسياً، والناس يحبونني". طبقاً له، هو رجل صريح. وسبب هذا هو ما حدث عام 2009 حين دخل أحد الحكماء مكتبه عندما أصبح مديراً للمخابرات الجوية السورية، وقال له أن يحرص على عدم حبس أي رجل بريء.
نصيحة حكيم
بدأ حينها في رواية قصة من تاريخه تتعلق بنصيحة هذا الرجل الحكيم، وقال إنَّه "في ذلك الوقت لم أُولِ اهتماماً كبيراً لنصيحة هذا الرجل، حتى اكتشفت بعض جرائم الفساد في أحد السجون التي كنت مسؤولًا عنها... فأجريت تحقيقاً موسعاً، وقمت بفصل العديد من حراس السجن، وطلبت من القيادة القبض على العديد من الضباط. لكني طلبت أن أكون أنا أيضاً على رأس قائمة الضباط الذين يجب معاقبتهم".
وأكمل قصته قائلاً: "أخبروني بعد ذلك بأن القائد بشار الأسد قد تعجَّب من هذا الطلب، لكنه تجاوز عن الأمر وقرَّر منحي فرصةً أخرى، لأنه كان يعرف أنني رجل مستقيم ونزيه. وقال الأسد حينها إنَّ كل البشر يخطئون، وقال للحاضرين إنَّه سيعطيني فرصةً أخرى، وسيعاقب الضباط الذين قاموا بهذه الأفعال، وذلك لأنني لم أشارك في هذا الفساد. وبعد هذا اليوم، كنت أتقصَّى يومياً ما يحدث في السجون".
كانت هذه الحادثة مهمة جداً في حياة الجنرال، لكنه لم يفسِّرها بشكلٍ كامل. وتابع الجنرال حديثه قائلاً إنه كان يأمر رجاله "بعدم قتل الإرهابيين والقبض عليهم أحياء؛ لأننا نحتاج إلى المعلومات التي لديهم، ونحتاج إلى معرفة ما يدور في عقولهم". كما أنه كان يأمر رجاله بجلب جثث المقاتلين الأجانب إلى دمشق لفحصها" من أجل التعرف على جنسياتهم ومعرفة المزيد من التفاصيل عنهم.
وروى حسن قصة أحد سجنائه "الطاجيكيين"، الذي وُجد طفله، ذو الستة أعوام، وهو يحمل سلاحاً. يقول: "طلبت من أحد موظفيَّ أن يأخذ الصبي إلى بيته ويقوم بتربيته، وصرفت راتباً شهرياً للموظف ولزوجته التي أصبحت بمثابة زوجة أب لهذا الطفل. بعد 6 أشهر أصبح هذا الطفل إنساناً آخر".
وصلنا عند هذه النقطة إلى لحظة لا يجب أن تُفوَّت في هذه المقابلة. كنت قد أجريت مقابلات مع سجناء الجنرال الأجانب في سجن المزة العسكري بدمشق مرتين.. فسألته: "هل باستطاعتك أن تعطيني وعداً بأن لا أحد من هؤلاء السجناء سيتم إعدامه؟".
فأجاب: "لن نقوم بإعدامهم". ثم أضاف: "سنبذل قصارى جهدنا؛ سأطالب بألَّا يتم إعدامهم. لكن القول الفصل يعود للمحاكم العسكرية والمدنية التي ستبتُّ في قضاياهم".
بعد حديث الجنرال، أشك الآن إذا كان القضاء السوري، مهما ادَّعي بأنه مستقل في عمله، سيرفض رسالة تزكية يرسلها رجل مثل جميل حسن. ولكن يجب أن أقرَّ بأن الجنرال هو رجل قادر على أن يفي بوعوده. وكما يقولون، سنوافيكم بالتفاصيل.
مترجم عن صحيفة The Independent البريطانية
للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.