الاثنين، 8 يوليو 2019

مصر المُحتلة

مصر المُحتلة
عباس قباري

مرت ذكرى 30 حزيران/ يونيو و3 تموز/ يوليو، وما زال المصريون في كل عام يختلفون حول مصطلحات الثورة والانقلاب.. أي الموعدين ثورة وأيهما انقلاب؟.. أصبحت إحدى أغنيات منصة رابعة معبرة في كل مرة عن ذلك السجال: "ثورة دي ولا انقلاب؟".

وضعت هذه الأغنية عدة تساؤلات لم ينجح الجميع في الإجابة عنها حتى اللحظة، لكنك لن تجد عناء في استدعاء أسئلة تلك الأغنية عند كل مفترق تاريخي يصنعه الانقلاب بمصر. وبشكل شخصي، كلما تقزمت آمال المصريين وطموحاتهم تذكرتها.

من ضمن أبيات تلك الأغنية التي وصفت حال مصر في ميدانين صنعهما العسكر بشكل أو بآخر، انقسمت فيهما مصر في أول أيام الانقلاب عبرت فيهما الأغنية عن خريطة طريق وضعها الانقلاب: "ترمي في التحرير جوايز.. ترمي لينا تهديدات.. ليه تفرق في المعاملة ليه تقسمنا لحارات".

مصر كانت مقسومة على حد الحزن والفرح (احنا شعب.. وانتوا شعب). شعب الانقلاب الذي رضي به ويدافع عنه ويعوّل عليه، وينزل لتفويضه في قتل شعب الثورة الذي يحاول إعادتها ويحافظ على خطها العام.

اليوم نستطيع القول إن هذين الشعبين غابا تماما لمصلحة نموذج ثالث: شعب يرزح تحت وطأة احتلال كامل.. عسكري- اقتصادي- مجتمعي. هذا الاحتلال الذي لن يزول إلا باجتماع هذين الشعبين على فهم طبيعته، وضرورة مقاومته وإزالة أسبابه.

بدون هذا قد يستمر ذلك الاحتلال سنوات عديدة عاشها أي احتلال عسكري في دولة نامية تتلمس خطوات التحرر.. احتلال يطور منظومته كلما مر بتحد كبير لوجوده، لكن ستظل مهمته الرئيسية التي لا يراوحها بحسب وظيفته هي بيع الأرض وإهانة أهل البلد، وإشاعة روح قلة القيمة في مواجهته، وازدراء الدين والأخلاق والعادات، وتقليل سقف الطموح.. رهن الوطن حاضرا ومستقبلا لرغبات الممول والداعم.

سهل أن تتغير كلمات تلك الأغنية إلى: "ثورة دي ولا احتلال"، لكن الذي يجب تغييره بالفعل نظرة الشعبين اللذين صنعهما الانقلاب لمساحة الاحتلال تلك.

هل سيستمر المصريون شعبا ينتظر طائرات الجيش ترمي له الجوائز، وشعبا ما زال يتلقى التهديدات من ذات الطائرات؟
من الواجب أن يدرك الشعب الآن قبل غدٍ أن طائرات التحرير التي تُسقط الجوائز هي هي طائرات رابعة التي أمطرت عليها التهديدات.. هي هي طائرات قصف بيوت الناس في سيناء. 
عند إدراك هذه الحقيقة، قد يتحقق بعض التقدم في الثورة المصرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق