الأربعاء، 10 مايو 2023

«في أروقة المحن».. محمد علي والبلاط الأجنبي «1»

 «في أروقة المحن».. محمد علي والبلاط الأجنبي «1»

محمد إلهامي


طبقاً لرواية قسطنطين بازيلي السفير الروسي في يافا -وهو من أصل يوناني ومعجب بإبراهيم ومحمد علي-

فقد أعلن إبراهيم باشا فيما بعد أن اليد التي تأخذ نقوداً من الحجاج في جبال اليهودية سوف تُقطع وبالفعل قطع يد اثنين أو ثلاثة، فلم يعد أحد يجرؤ على انتهاك قانونه».

 وإلى هذا فقد وجّه محمد علي إلي أصلاح أديرة رهبان الروم في يافا وقيسارية وبنى محجرًا صحياًّ في يافا للحجاج الروم القادمين إلى بيت المقدس،

ثم وجه إلى شريف باشا بوجوب تقديم المساعدات الإدارية اللازمة لمدير الحجر الصحي

وجعل ما يدفعه أولئك الحجاج تحت تصرف رهبان الروم والأرمن، وهو إجراء يدل علي حرصه أن يكون لهم استقلال مالي!

وهو أمر غريب على سياسة رجل يؤسس دولة حديثة ونظامه الاقتصادي احتكاري!

ولم يكن أمر إبراهيم باشا خاصًّا ببيت المقدس وحده،

بل كان برنامجاً لسياسة إبراهيم إزاء المسحيين السوريين، وكانت كلماته.

«تشكل عصراً جديداً بالنسبة إلي المسيحيين في الشرق»

انتعش وضع اليهود والنصارى الأجانب وغير الأجانب، وقد أعيد ترميم وبناء كنُسٍ جديدة،

بلغ عددها تسعة معابد لليهود وصفتها وثيقة بأنها «أنْشِأت من جديد بالقدس»

وهذا أمر «لم يُعهد له نظير في الإمبراطورية العثمانية أن يُمنح المسيحيون الحرية لتجديد معابدهم وأديرتهم في كل مكان،

وحتى لبناء جديد منها دون أن يشتروا شهادات من المحكمة الإسلامية إعلامًا بضرورة أعمال التصليح والبناء ولا إذنًا من السلطات المحلية»،

وقد وقع الخلاف أحيانًا بين اليهود أنفسهم حول بناء معابد جديدة أم استثمار الأماكن في بناء مساكن لاستيعاب اليهود المهاجرين المتدفيقن الذين لا يجدون مأوى لهم.

بمعنى أن بيت المقدس عانى يومذاك من فائض في المعابد اليهودية وفائض في الهجرة اليهودية.

ومع كل هذا الاهتمام بمعابد وكنائس اليهود والنصارى فإن المساجد تعرضت لاستفزازات قاهرة،

فقد انتزعت بعض المساجد وحولتها إلى منازل للعساكر «حتى المسلمين كادت تفقع مرايرهم» وهم عاجزون لا يستطيعون فعل شيء،

وهذا غيض من فيض إذ إن سياسة إبراهيم باشا تجاه المسلمين وأهالي البلاد حافلة بالغرائب والفظائع غير أنه أمر لا يدخل في نطاق بحثنا هذا.

كذلك فقد سمِح لليهود والنصارى بما لم يكن لهم قبل ذلك مثل زيارة قبر النبي يعقوب،

وهذا كله كان انقلابًا في خرائط القوى الاقتصادية الاجتماعية والدينية في البلاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق