الاثنين، 1 مايو 2023

مَن الذي حرّك البرطمان؟

 

مَن الذي حرّك البرطمان؟

خواطر صعلوك

                                                                محمد ناصر العطوان

قصة المتجنسين والمؤسسين وقانون 1994م.

لو وضعت 100 نملة حمراء و100 نملة سوداء معاً في برطمان؛ فلن يحدث شيء.

ولكن إذا قمت برجّ البرطمان؛ فسوف يبدأ النمل في مقاتلة بعضه بعضاً.

النمل الأحمر سيعتقد أن النمل الأسود عدو له.

وعلى الجانب الآخر، سيعتقد النمل الأسود أن النمل الأحمر عدو له، بينما العدو الحقيقي هو من قام برجّ البرطمان.

ولا ندري لماذا لا نسأل أنفسنا: من الذي رجّ البرطمان؟ والبَرْطَمان في (معجم الوسيط) هو إناء من زجاج أو خزف، تُحفظ فيه المُرَبَّيَاتُ ونحوها؟

وهو لفظ فارسي الأصَل، ولفظه عندهم: (مرتبان)... والتفريق بين الكويتيين على مرتبتين، مرتبة محشوة بالقطن وأخرى محشوة بالريش هو تفريق لا يعول عليه، يكون فيه الرأي نائماً والهوى يقظان... لأنه في النهاية هي نومة واحدة للجميع، فما فائدة المراتب طالما الجميع يعيش في أحلام اليقظة؟

إنها فقط «التفرقة» ولا شيء غير ذلك... ورجّ البرطمان لمصلحة مَن يرج وليست لمصلحة المرجوجين.

ويُروى أنه في معركة «الجمل» خرج شاب وقد علق المصحف على رقبته، وسار بين الجيشين، يسير وحده، يذكرهم بصوت عالٍ بحرمة الدماء وأن ما يحدث فتنة يجب عليهم جميعاً عدم المشاركة فيها... فأطلق الجيشان عليه السهام حتى خرموه من رأسه حتى أخمص قدميه... هذا الشاب لا أحد يعرف اسمه في كتب التاريخ ولا أحد يعرف أين دُفن... 

وهذا درس مستفاد من التاريخ، حيث إن الناس لا تلعن فقط من أيقظ الفتنة ولكنها أيضا تلعن من يحاول أن يطفئها، لذلك فأنا لا أحاول أن أطفئ الفتنة، فقط حاولت أن أفعل ذلك من قبل، فنالتني السهام... 

أنا أحاول فقط أن أضع التشخيص بين يديك عزيزي القارئ وأنت لك حرية أخذ الدواء، ففي النهاية قد تعلمت من الكتابة وتفاعل القراء معي طوال السنوات الماضية أن كل ضمير من ضمائر الناس يرقص على النغمة التي تُشابِهَهُ، ويجد له المبررات الكافية.

إن التعميم والتجريد «مؤسسين ومتجنسين» لحل مشاكلنا، لا يعكسان قوة في التفكير والتحليل، بل ضعفاً في التعبير والتشخيص، لذلك فإن أصحاب هذه النغمة العنصرية تحديداً يقدمون شيئاً مزعجاً مثل نهيق الحمير في أذن «ياني» أو نعيق الغراب في أذن «عمر خيرت».

تسعى الدول التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها إلى تفعيل العلاقات الاجتماعية إلى أقصى ما تسمح به سياقاتها، والعمل على الاندماج وتكوين هوية وطنية فيها من المشتركات أكثر بكثير من التمايز، ولا تسمح بالنهيق أو النعيق لأنها من أنكر الأصوات.

وفي معاجم اللغة أيضاً برطمَ يبرطم، بَرْطَمَةً، فهو مُبرطِم.

برطمَ الشَّخصُ: كشَّر وعبَس وقلَب شَفَتَيْه غيظاً أو غضباً، ورطن وتكلّم بما لا يُفهم.

فالذين يرجّون البرطمان وهم المبرطمون منهم الطيبون الذين برطم الشيطان في آذانهم واتبعوا أهواء قومٍ قد ضلّوا من قبل وأضلّوا، ومنهم «سلامٌ قولاً من ربٍّ رحيم» أرباب الأذى والفتنة.

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

moh1altwan@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق