بينما كان وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان يزرع شجرة زيتون على الحدود اللبنانية- الصهيونية، كانت مليشياته في لبنان تلاحق اللاجئين السوريين، وتُرغمهم على العودة إلى مسالخ الأسد، فيفضل المرغمون الانتحارَ على العودة لحضن الجزار الذي فتك بمليون سوري، وشرد أكثر من 14 مليون سوري.
أما في الداخل السوري فتستعد سوريا العائدة لحضن الاستبداد العربي لبيع خمسة آلاف هكتار من أخصب أراضيها للإيراني ثمناً لديونه المتراكمة على السوريين قتلاً وتهجيراً، والتي تقدر بـ40 مليار دولار بحسب الحسبة الإيرانية، يتزامن ذلك مع زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الأسبوع المقبل، وسط استعداد لربط شبه كامل للاقتصاد السوري بالاقتصاد الإيراني، بعد أن رهن بشار الأسد الأصول السورية، والأماكن الأثرية، والمعادن والنفط والغاز والفوسفات والموانئ للمحتلين الروسي والإيراني، وقد وصل به الأمر إلى أن يبيع بعض الأصول مرتين؛ مرة للروسي وأخرى للإيراني.
ومع التطبيع العربي مع جزار الشام، سيجد بعض العرب أن عليهم اليوم التعامل والتعاطي مع الأصيل الإيراني في أي علاقات واتفاقيات وليس مع السوري، فكان من الأفضل عليهم ضم إيران لحظيرة الجامعة العربية، فهي الأصيل وما بشار الأسد إلّا الوكيل.
الكل يذكر كيف شحنت روسيا قبل سنوات ستين شخصية من كل وزارة من الوزارات السورية، لتكبلها وترغمها على توقيع اتفاقيات تضمن لها كل ما اشترته من أصول وعقارات من الحكومة السورية، مما يعني تكبيل الأجيال السورية لعشرة أجيال بدفع ضريبة ما وقعته العصابة المجرمة مع المحتلين الروسي والإيراني.
لم تعد القضية في سوريا قضية تغيير ديموغرافي أو تغيير جغرافي بقدر ما غدت حرب وجودية للسوريين في ظل تشريد 14 مليونا من أهل السنّة، وقتل كل من يعارض العصابة، وإرغام من يعارضها في الخارج على العودة لتصفيته وقتله. وفي الوقت الذي تزرع طهران كل هذا القتل والحقد على أهل الشام وغيرهم، نراها تزرع الزيتون على الحدود مع الصهاينة.
وبيع سوريا وأراضيها وأصولها للغير، ليس بجديد على عائلة بيّاعة، فقد كان جدّ حافظ الأسد من الذين تقدموا بعريضة للاحتلال الفرنسي ليبقى كابوساً على السوريين، وبعده واصل الحفيد حافظ بيع الجولان ثمناً لبقائه في السلطة، والكل شهد كيف سلّم القنيطرة للصهاينة عام 1967، وباعتراف مسؤولين عسكريين وسياسيين شهدوا تلك اللحظات.
وحين استدان حافظ الأسد مبلغاً يقدر بـ200 مليون دولار من معمر القذافي ليدفعها لشقيقه رفعت الأسد، ثمناً لخروجه من سوريا عام 1984 إبان المواجهة بين الطرفين على خلفية مرض حافظ يومها، كان قد باع مقابلها أراضي ضخمة في رأس العين السورية للزعيم الليبي، وهي ما سميت لاحقاً بأراضي الليبيين حتى اليوم.
واليوم يواصل بشار الكيماوي تجارة الأجداد في بيع ما تبقى من سوريا، ثمناً لقنابل ومدافع ومليشيات طائفية إيرانية تقتل السوريين على مدى 12 عاماً، ولا تزال تواصل هوايتها التي أتقنتها طوال تاريخها.
ليس هناك من حل أمام السوريين إلاّ إعلان الاحتلالين الروسي والإيراني بأنهم محتلون علناً، ومصاحبته بالإعلان عن مقاومة شعبية عارمة ضد المحتلين من أجل تكنيسهم عن أرض الشام أولاً، وثانياً من أجل تخليص الأجيال من الاتفاقيات التي كبّلت السوريين لأجيال.
ولعل الفرصة سانحة اليوم للائتلاف الوطني المخدوع على مدى سنوات بأنه جزء من عملية سياسية خداعة كاذبة، ليستيقظ اليوم على حقيقة أن الكل يطبّع مع عصابة طائفية مجرمة، بينما هو خارج اللعبة، وربما سيكون رأسه مطلوباً، كما رأس كل معارض سوري في لعبة المفاوضات الأخيرة، ونؤكد أن الحل هو بقلب الطاولة على رؤوس الجميع، من خلال إعلان مقاومة شعبية للمحتلين، ترفض وجود الاحتلال، وترفض شرعنة وجوده، وشرعنه الاتفاقيات معه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق