الأحد، 19 نوفمبر 2023

الآفات المنبثقة عن العقلية والنفسية الصهيونية.. العنف والعدوانية (2)

 الآفات المنبثقة عن العقلية والنفسية الصهيونية.. العنف والعدوانية (2) 

وعبر عن ذلك القرآن فخاطبهم بقوله: (ثم قست ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة: 74).

وفي موضع آخر بيَّن القرآن أن هذه القسوة كانت عقوبة من الله لهم على نقضهم لما عهد به إليهم من مواثيق، فقال تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً) (المائدة: 13)، والمصادر الدينية لـ«إسرائيل» من شأنها أن تصنع هذه الطبيعة العدوانية، التي لا تبالي في سبيل تحقيق أهدافها بما تسفك من دماء، وما تنتهك من حرمات، وما تخرب من ديار، وما تهدر من أموال، واعتبار الناس كأنما هم أدوات لخدمة «إسرائيل».

وهذا التوجه واضح في أسفار التوراة الخمسة، وفي أسفار الأنبياء الملحقة بهذا الأسفار، وبخاصة سفر أشعيا، الذي أعجب به «الإسرائيليون»، وسموه «النبي المحارب».

وهو أشد وضوحًا في التلمود الذي يرجع إليه اليهود أكثر مما يرجعون إلى التوراة ذاتها، وربما يقدسونه أكثر من تقديس التوراة.

يعبر عن ذلك مناحم بيجين الذي كان أحد أركان العصابات الصهيونية الإجرامية قبل قيام «إسرائيل»، ورئيسًا لائتلاف الليكود بعد قيام «إسرائيل»، بكلمته المعبرة في كتابه «التمرد»: أنا أحارب إذن أنا موجود!

ومن استقرأ تاريخ «إسرائيل» حديثًا، مع شعب فلسطين خاصة، ومع العرب عامة، يجد هذه الطبيعة ظاهرة غير خافية، ترجمت عنها: المجازر البشرية التي أجبرت بها الشعب الفلسطيني على الخروج من دياره، وتشريده في آفاق الأرض، وما تقوم به إلى اليوم من أعمال عدوانية تقوم بها الحكومة، ويقوم بها المستوطنون، وما تضمه من أراض فلسطينية –بغياً وعدْواً- إلى دولتها، وما تضمه من مستوطنات في القدس وفي الضفة وفي غزة، وما أشعلوه من مذابح في صبرا وشاتيلا، وفي مسجد الخليل في فجر رمضان للصائمين الركع السجود، وفي قانا بلبنان، وفي قتلى النفق في القدس، وما كشفت عنه الوقائع قبل ذلك من القتل الجماعي للأسرى المصريين وقتل تلامذة بحر البقر في مصر.

وفيما يحدث كل يوم من اعتقال وتعذيب، وعقاب جماعي، وعقاب أسرة الفدائي وهدم بيت أهله، ثم في محاولة الدولة –بأمر رئيس وزرائها السابق والحالي- قتل الأفراد واغتيالهم وتصفيتهم، كما فعل رابين في قتل فتحي الشقاقي، ويحيى عياش، وكما فعل نتنياهو في محاولة قتل خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، وفضيحته هو وجهازه «الموساد» على رؤوس الأشهاد، كل ذلك بمنطق القوة لا بقوة المنطق، فالمنطق الفذ الذي تفهمه «إسرائيل» هو منطق العنف والإرهاب.

وإنا لنعجب من الشعب الذي طالما شكا من الاضطهاد والعدوان من النازية وغيرها، كيف يضطهد شعبًا بأكمله، ويعتدي على أرضه وسيادته وحرماته، ولا ذنب له إلا تمسكه بوطنه، ودفاعه عن ملكه؟!


من كتاب «القدس قضية كل مسلم».


الآفات المنبثقة عن العقلية والنفسية الصهيونية.. العنصرية (1)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق