بلا حدود مع السيناتور الأمريكى بول فندلى
دور اللوبي الصهيوني في التأثير على القرار الأميركي
مقدم الحلقة:
| أحمد منصور |
ضيف الحلقة:
| بول فيندلي: سيناتور أمريكي |
تاريخ الحلقة:
| 06/03/2002 |
- حجم تأثير اللوبي الصهيوني في القرار الأميركي
- المسؤولية التاريخية لأميركا تجاه المجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
- أبعاد عسكرة الإدارة الأميركية وتأثيرها على مستقبل البلاد
- صورة الإسلام في أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر
- تصاعد حجم الكراهية ضد الأميركان
- المصالح الأميركية بين خطر الانحياز لإسرائيل وعدم الاتجاه نحو العدالة
- المسؤولية التاريخية لأميركا تجاه المجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين
- أبعاد عسكرة الإدارة الأميركية وتأثيرها على مستقبل البلاد
- صورة الإسلام في أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر
- تصاعد حجم الكراهية ضد الأميركان
- المصالح الأميركية بين خطر الانحياز لإسرائيل وعدم الاتجاه نحو العدالة
| ||
|
رغم النفوذ الصهيوني البارز في مواقع صناعة القرار في الإدارة الأميركية إلا أن هذا النفوذ بدا تأثيره أكثر وضوحاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الماضي، وقد تجلى ذلك بوضوح من خلال حجم التأييد الأميركي شبه المطلق لكل ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين، وحملات التضييق الأميركية ضد المسلمين داخل الولايات المتحدة وخارجها، وكذلك حملة التضليل والأكاذيب التي تقوم بها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) والتي ساهمت -كما يقول كثير من المراقبين- مع وسائل الإعلام الأميركية الأخرى في تشويه صورة كل ما هو مسلم، ولمحاولة فهم جانب هام مما يدور حولنا يدور حوارنا، اليوم مع السيناتور الأميركي البارز بول فيندلي، صاحب الكتابين الشهيرين "من يجرؤ على الكلام" و"لا سكوت بعد اليوم".
وُلد بول فيندلي في إلينوي في شيكاغو في الثالث والعشرين من يونيو عام 1921م، شارك في الحرب العالمية الثانية ضمن القوات الأميركية وحصل على العديد من الجوائز لدوره في مجالات حقوق الإنسان والوقوف في وجه التفرقة العنصرية، أصبح عضواً في الكونجرس الأميركي عام 1961م وبقي إلى العام 1983م حيث تحالف اللوبي الصهيوني ضده بسبب مواقفه المضادة للحركة الصهيونية والمؤيدة للحقوق العربية، وتمكنوا من إبعاده إلا أنه أصدر كتابه البارز عن نفوذهم داخل الإدارة الأميركية تحت عنوان "من يجرؤ على الكلام"، بعد إبعاده من الكونجرس أصدر هذا الكتاب، ثم أتبعه بكتاب آخر عام 95 على نفس المنوال كان عنوانه "عن طريق الخداع"، وقبيل أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصدر كتابه الهام "لا سكوت بعد اليوم"، الذي تحدث فيه عن تشويه صورة المسلمين في المجتمع الأميركي، كما صدرت له كتب أخرى من أهمها "أسطورة المزرعة الفيدرالية"، و"إبراهام لنكولن"، "الكونجرس على المحك"، شارك في عشرات المؤتمرات العالمية وأسس ورأس مجلس المصالح القومية في واشنطن كما يرأس مجلس إدارة جمعية توحيد الأنظمة الديمقراطية ومجلس إدارة التنمية الغذائية والزراعية الدولية بين عامي 1983م وحتى العام 94، عضو مجلس الأمناء في جامعة (إلينوي) في شيكاغو ورئيس سابق للجنة (جاكسون لحقوق الإنسان)، ورغم أنه في عامه الثاني والثمانين إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يجوب العالم محاولاً تقديم الحقيقة في عصر مركز التضليل وبث الأكاذيب الأميركي.
ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا بعد موجز الأنباء على الأرقام التالية: 09744888873، أو على رقم الفاكس: 009744885999، أو عبر موقعنا على شبكة الإنترنت:www.aljazeera.net
سيناتور فيندلي مرحباً بك، أشكرك على المشاركة معنا وعلى المجيء إلى الدوحة، في كتابك "من يجرؤ على الكلام" الذي أثار ضجة كبرى بعد صدوره بداية الثمانينيات، فضحت بالوثائق والأرقام والمعلومات حجم التأثير الصهيوني على القرار الأميركي، وحجم الاختراق الصهيوني للإدارة الأميركية، وقبل سنوات أصدرت كتابك الآخر "عن طريق الخداع"، أضفت إليه المزيد من الوثائق، كيف تنظر لحجم وتأثير النفوذ الصهيوني في القرار الأميركي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟
بول فيندلي: إن تأثير اللوبي المؤيد لدولة إسرائيل والذي يسميه اللوبي المؤيد لإسرائيل، ولا أحاول تسميته باللوبي اليهودي، لأن هذا سوف يثير الغالبية من اليهود الأميركيين الذين ربما لا يؤيدون أهداف اللوبي المؤيد لدولة إسرائيل، ولكن تأثير هذا اللوبي هو مؤثر وهائل اليوم كما كان سابقاً و.. وكان مهماً قبل الحادي عشر من سبتمبر وبعده، وإنما يثير دهشتي واستغرابي إن الكثيرين بدؤوا يصدقون أو صدقوا دعاوى اللوبي المؤيد لدولة إسرائيل رغم إنه لا.. إنه تمثيل قوى من قبل المواطنين اليهود ولكن قراراته تتخذ من حيث تصب في مصلحة اللوبي المؤيد لدولة إسرائيل.
أحمد منصور: الكاتب البريطاني (روبرت هنتر) كتب مقالاً في منتصف شهر فبراير الماضي قال فيه إن إسرائيل تجر أميركا إلى لعبة خطيرة، فيما يرى آخرون أن إسرائيل تنفذ سياسات أميركا في المنطقة، مَنْ يجر مَنْ؟ هل إسرائيل هي التي تجر الولايات المتحدة أم أن إسرائيل تنفذ أهداف الولايات المتحدة في المنطقة؟
بول فيندلي: إن هناك في الإدارة الأميركية من يقول إن إسرائيل حليف استراتيجي للولايات المتحدة وذات قيمة كبيرة للولايات المتحدة من حيث سياساتها الاستراتيجية وسياستها العسكرية وفرض نفوذها في أجزاء أخرى من العالم، إنني أختلف مع هذا الطرح وأقول إنها بمثابة عبء على الإدارة الأميركية وكانت على هذه الشاكلة على مدى 40 عاماً وهناك الكثير من الأسباب وأهمها هو وجود ونفوذ قلة قليلة اللي الآن هو الشخص اللي هو نائب وزير الدفاع (وولف وودز) والذي هو صديق قريب جداً وحليف قريب (لدونالد رامسفيلد) وزير الدفاع وكان له دور كبير في إدارة الرئيس بوش الأب والد الرئيس الحالي (وولف وودز) هذا ملتزم التزاماً كاملاً بدعمه لدولة إسرائيل وأن قراراته تنحاز بشكل كبير لصالحها، ويعتبر أحد أكثر اليهود نفوذاً داخل الإدارة الأميركية الحالية، وعندما نتحدث عن اللوبي الصهيوني علينا أن نتذكر أن هناك تأثيرات من لوبيات أخرى منها المجموعات الأصولية المسيحية وأحد أعضائها هو وزير العدل الأميركي الحالي (جون أشكروفت) والذي هو مسيحي أصولي ملتزم جداً بهذا النوع من العقيدة، وعقيدة المسيحيين الأصوليين هي تقول إن إسرائيل قوية ضرورة لخطة الرب في فلسطين وبمقتضى هذه العقيدة فهم يعتقدون إن على حكومة الولايات المتحدة أن تجعل من إسرائيل قوية جداً عسكرياً لحين يأتي يوم الحساب وأي شيء يقل عن ذلك هو مخالفة لأمر الرب، وعندما كنت في الكونجرس كنت أتعرض للنقد كثيراً من أبناء دائرتي الانتخابية، لأنني لم أكن أتحدى تأييد الإدارة الأميركية لإسرائيل بما فيه الكفاية.
أحمد منصور: أنت الآن أشرت إلى اللوبي المسيحي المتطرف في الولايات المتحدة الأميركية وهذا اللوبي ربما ليس (أشكروفت) وحده الذي ينتمي إليه، بل يقال أن عائلة (بوش) أيضاً تنتمي إليه، كتبت الكاتبة الأميركية بعض الكتب الأميركية التي تحدثت عن الأصولية أن أيضاً كان ينتمي له نائب الرئيس السابق (آل جور)، كان ينتمي له الرئيس (ريجان) هذا التيار يمثل حوالي 70 مليون أميركي هم الذين يقدمون الدعم الحقيقي لإسرائيل، إذن الشعب الأميركي أو اللوبي اليميني الأميركي هو الذي يدعم إسرائيل بهذا الشكل؟
بول فيندلي: ليس هناك شك في أن أعداد المسيحيين الذين يؤيدون إسرائيل هو رقم هائل جداً، وربما أكثر من 40 مليون وربما 50 مليون، ولو قابلت ذلك قارنته بمجموع سكان اليهود الذي لا يتجاوز 4 أو 5 ملايين، فإن الداعمين لليهود أو اللوبيات المؤيدة لإسرائيل وتقارن ذلك بعدد المسيحيين الأصوليين فأن العدد قليل بالمقارنة لكن تأثير اللوبيات المؤيدة لإسرائيل أكبر بكثير، فلديهم طواقم عمل من ناس أكفاء ومؤهلين تأهيلاً عالياً، أما ما يخص الجماعات الأصولية المسيحية فإنهم ينظمون أنفسهم ويذهبون إلى الانتخابات ويدلون بأصواتهم ويُتبعون ما يطلب منهم من كبرائهم وقادتهم أيضاً.
أحمد منصور: الآن هناك حرب شعواء تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين العزَّل مع تأييد أميركي مطلق، تأييد للجاني وإدانة للضحية، ما هي في تصورك المسؤولية التاريخية التي تتحملها الولايات المتحدة الأميركية تجاه ما يحدث للفلسطينيين العزَّل في فلسطين.
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: كان سؤالي لك عن المسؤولية التاريخية التي تتحملها الولايات المتحدة الأميركية تجاه ما يحدث للفلسطينيين على يد الإسرائيليين؟
بول فيندلي: للأسف الرئيس (بوش) يبدو إنه لا يدرك تماماً مركزية المأساة التي يعانيها والمحنة التي يعانيها الشعب الفلسطيني، إنه هذا ليس عرضاً جانبياً يصاحب عرضاً رئيسياً يسمى حربه ضد الإرهاب، وللأسف لم يقتنع لحد الآن أن جزء من المشكلة هو القلق تجاه الفلسطينيين، ربما مليار أو حتى مليارين شخص في العالم معنيون بمعاناة الفلسطينيين، ربما أكثر الإسرائيليين ربما أكثر من الفلسطينيين، وأنه يستقبل رئيس الوزراء (شارون) أربع مرات ويفرش له السجاد الأحمر في حين يرفض استقبال الرئيس عرفات وإن موقفه هذا حتى غريب لا يمكن فهمه أو تصوره.
أحمد منصور: طيب، يعني الآن الشعب الأميركي أما يفهم ما يحدث أما يدرك الأميركيون أن هؤلاء الأطفال، والنساء، والعزَّل الذين يُقتلون في فلسطين يُقتلون بأسلحة أميركية وبأموال أميركية يدفعها دافعوا الضرائب؟
بول فيندلي: يسمعون تقارير تصلهم، ولكن تمر عبر الناس في وسائل الإعلام المؤيدين لإسرائيل ولكن باستثناء (الجزيرة) التي –للأسف- تُبث بالعربية ومعظم الأميركيين لا يفهمون برامجها، ولكن بشكل عام الأميركان ينظرون إليها كمنافسة أو كصراع بين أناس يحاولون حرمان الشعب الإسرائيلي من حقه الذي وهبه له الرب، ومعظم التقارير هذه تُظهر الإسرائيليين الذين وهم.. بدلاً من يُظهروا كمغتصبين للأرض الفلسطينية وللحقوق الفلسطينية تُظهرهم هذه التقارير وكأن أناس شجعان يتصدون لهؤلاء العرب الذين يحاولون حرمانهم حقهم الطبيعي ولا يدركون أن الفلسطينيين هم الذين يتعرضون.. تتعرض حقوقهم للانتهاك وللقمع والاضطهاد والذين كانوا هم الجيل الذي تعرض للاضطهاد على يد النازيين في ألمانيا أصبح يضطهد الفلسطينيين اليوم في فلسطين وينكرون حقوقهم الأساسية ويحرمون من حق العمل والحياة الكريمة وحتى مصادر المياه إنها جريمة بشعة، الشعب الأميركي –للأسف- لا يفهم أبعادها وبسبب وسائل الإعلام المنحازة لإسرائيل في الولايات المتحدة.
أحمد منصور: كيف يمكن يعني للعرب أن ينقلوا الصورة إلى الشعب الأميركي بشكل واضح؟
بول فيندلي: إن العرب بإمكانهم أن يفعلوا أكثر بكثير مما يفعلوه الآن، وهناك العرب الكثيرين هم مواطنين أميركيين الآن من أصل عربي عليهم أن ينظموا صفوفهم، ودعوني أضرب لكم مثلاً الآن فقبل بضعة.. بعد بضعة.. قبل بضعة أيام من أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصبح (جورج بوش) أول رئيس للولايات المتحدة يتحدث لأول مرة في التاريخ داعماً لإقامة دولة فلسطينية، وربما كان هو الأول أيضاً أن.. أن يحدد لإسرائيل.. الإسرائيليين باعتبارهم قوة احتلال، وكانت هذه أول مرة يصدر فيها تصريح مثل هذا عن الرئيس الأميركي، ماذا كان رد فعل الجالية العربية والمسلمة في أميركا؟ لقد بعثوا له فوراً ببرقيات التأييد ولكن.. لكن مقارنة بالبرقيات التي تهنئه كانت قليلة جداً مقارنة بالبرقيات المعادية.. من الطرف الآخر التي استهجنت موقفه هذا، وللأسف الحالية العربية والإسلامية لا تنتهز الفرص التي يتيحها النظام في أميركا، في بلدهم الآن الذي أصبح هو مقر سكناهم.
أحمد منصور: يعني الآن يعني هذا يدفعنا إلى يعني الثمن الباهظ الذي دفعته أنت حينما واجهت اللوبي الصهيوني أو اللوبي المؤيد لإسرائيل –كما تطلق عليه- وحدك قمت بلقاء الرئيس الأسد في نهاية السبعينيات ولقاء ياسر عرفات مما استدعى عليك الصهاينة، إذا كنت أنت تقول الآن أن الشعب الأميركي يُضلل من خلال وسائل الإعلام، فماذا عن أعضاء الكونجرس؟
بول فيندلي: إن أعضاء الكونجرس يعانون من محنة أسوأ من الشعب الأميركي، فاليوم لا يوجد هناك شخص في مجلس الكونجرس أو في مجلس الشيوخ الذي يرفع صوته منتقداً لإسرائيل، لما تقوم به من هجوم شديد على الفلسطينيين العزَّل ولا حتى واحداً منهم، في زماننا كان هناك كثيرين مستعدون للكلام، ولا.. الآن لا يوجد ولا واحد، (شاوس بيرسي) فقد مقعده في البرلمان، لأنه دعم تزويد الدول العربية بالسلاح، و(ديك كروسكي) أيضاً كان منتقداً لإسرائيل، كان من ولاية كاليفورنيا ورشح نفسه لعضوية مجلس الشيوخ، ولكن لا يوجد شك بأن المعارضة التي تصدت له والتي نظمها اللوبي المؤيد لإسرائيل كلفه خسارة مقعده، ويبدو أنه لم يعد هناك أحد مستعد لأن.. ويجرؤ على الكلام في هذا الموضوع، ولكن الموجودين في العاصمة الأميركية ليسوا ممثلين للشعب لأنهم متحدين على تأييد إسرائيل على طول الخط، ودعوني أعطيكم مثلاً: عندما بدأ شارون حملته العسكرية العنيفة ضد الفلسطينيين قبل بضعة أشهر، اللوبي المؤيد لإسرائيل استطاع الحصول على أصوات 93 من أعضاء مجلس الشيوخ المئة وشيء بأن وقعوا على عريضة تأييد التي تدعوه ألا يتراجع عن حملته العسكرية هذه، ويعني هذا إنه 93% من مجلس الشيوخ الأميركي، وهذا لا يمثل الرأي العام الأميركي، ولكنه يمثل مدى نفوذ اللوبي المؤيد لإسرائيل في عاصمة صنع القرار الأميركي، إن البعض يسمي العاصمة الأميركية ومجلس الشيوخ الأميركي أرضاً محتلة من قبل إسرائيل، وما نحن بحاجة ماسة إليه الآن هو عمل يقوم به أبناء الجالية العربية من أصل أميركي بأن ينظموا نشاطهم السياسي منتهزين الفرص المتاحة للجميع بأن ينتخبوا أناساً أقوياء وقادرين على أن يمثلوا من السياسات ما هو لصالح أميركا وما يكون في صالح الفلسطينيين أيضاً ويعترفوا بحقوقهم الإنسانية.
أحمد منصور: يعني كأنه يُفهم منك الآن أن كأن أميركا للبيع، الذي يملك المال، الذي يملك القوة، الذي يملك التأثير، الذي يملك أن ينظم نفسه يستطيع أن يشتري أميركا لصالح مصالحه، هل أفهم منك ذلك يعني هذه.. هذه القضية الآن تقنعنا أمام محور خطير للغاية وهو يعني أن أميركا لم تعد للأميركيين وإنما هي أصبحت للإسرائيليين.
[موجز الأخبار]
أحمد منصور: كان سؤالي لك حول تأثير اللوبيات في صناعة القرار والسيطرة على الكونجرس، وقلت لي أن لديك معلومة لم تنشر من قبل حول موقف (ريجان) من القضية الفلسطينية، تفضل بها أولاً ثم نكمل.
بولي فيندلي: لقد شاءت الفرصة لأن أكون مع الرئيس (ريجان) وكان هناك الكثير من الناس، لكن انفردنا جانباً وسألته ماذا كان يعتقد أن علينا نعمله تجاه القضية الفلسطينية وفيما يخص امتلاك الشعب الفلسطيني دولة خاصة به، وماذا كان رده؟ لو تتصورون وكان رداً خطيراً فقال له إلى أين سوف يذهبون لامتلاك مثل هذه الدولة، وكأن الأمر يعني عليهم أن يرحلوا من مكانهم، وهذا يعني أن ريجان كان يؤمن حقيقة بأن إسرائيل تملك الحق لكل فلسطين بحكم مقتضى إرادة الرب وعلى الفلسطينيين أن يغادروا وفي تلك الفترة، لا أشعر بأن الرئيس (بوش) بالمناسبة وهو الرئيس الآن يقبل تلك العقيدة، ولكنه كانت.. وهو أيضاً مسيحي ولد من جديد –كما يقولون- ومؤمن بالمسيحية، وكذلك كما قال قبله (ويلسون) إن وجود الإسرائيليين هو حق منحه لهم الرب وأن.. هو نفسه حق الإسرائيليين منذ آلاف السنين.
أحمد منصور: لكن عفوا هنا.. تأثير الصوت اليهودي.. معروف أن الرئيس بوش نجح.. لم يحصل على أصوات كثيرة من اليهود.. اليهود ركزوا أصواتهم على (آل جور) المرشح المنافس وهو الآن يراهن على ترشيح ثان –بوش- هل يمكن أن يدعمه اليهود.. أو يقفوا معه في فترة الترشيح الثانية إذا دعم إسرائيل –كما يحدث الآن- بكل ما يملك؟
بول فيندلي: إنه مثير للاستغراب حقيقة ليه: لأنه أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية، تحدثت أنا معبراً عن تأييدي لجورج بوش وكنت أحث المسلمين على أن يصوتوا لصالح جورج بوش وقد فعلوا ذلك أكثر من 70% من المسلمين الأميركيين صوتوا لصالح بوش ربما وفروا له الهامش الذي فاز به في النهاية.. الانتخابات، وعليه فإنه ليس لديه أي التزام تجاه اللوبي المؤيد لإسرائيل في حملته الانتخابية، وقد دخل البيت الأبيض متحرراً من تلك القيود وعليه.. ويملك الحرية لأن يتبع ما يراه مناسباً لسياساته ولكنه اتجه بالاتجاه آخر.. ولا أدري لماذا حدث هذا، ويجب أن يكون هناك تأثير من اللوبيات المعروفة، والتي مارست ضغط عليه والذين استغلوا الفرصة ليصلوا إلى الرئيس كما يفعلون دائماً، إن اللوبيات قوة مرهبة تمارس.. تمارس الاحتيال ضد الرؤساء، وقد قيل لي مرة قال لي أحد الرؤساء إن كثيرا من الوفود من اليهود كلهم من اليهود من مختلفي أنحاء البلاد يأتون إليه الوفد تلو الآخر حاملين نفس الطلب، والوفد تلو الآخر يعربوا عن مطالبهم.. بنفس الكلمات حتى.. فيبدو أنهم أنهم كلهم متحدون تماماً ومتفقون على تنسيق كاملٍ حول ما يريدون من الرئيس،، ولكن للأسف منتقدي السياسة الأميركية في الشرق الأوسط ليسوا على نفس الدرجة من التنسيق والتعاون والتنظيم ولا يملكون التنظيمات وراءهم التي يجب أن يمتلكوها..
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن هل يمكن لهم.. هل يمكن للعرب أن يؤثروا.. هل المصالح العربية الأميركية.. إذا العرب لديهم إرادة فعلاً للتأثير.. سواء كانوا حكومات أو من المسلمين المقيمين داخل الولايات المتحدة -كما تقول- هل يمكن لهم أن يكون لهم تأثير على القرار الأميركي لو أرادوا؟
لو أرادوا
بول فيندلي: أنهم يملكون الأعداد ويملكون الدوافع، وعليهم أن يمتلكوا الانضباط الكافي والرغبة الكافية لرفع أصواتهم عالياً، ويمارسون ضغوطهم كما ينبغي لكن هذا ليس هذا ليس حاصلاً الآن، ولكنهم لا ينتهزون الفرصة المتاحة، وعلى سبيل المثال الرئيس (بوش) ووزير خارجيته (كولن باول) يقولان دائماً إن ياسر عرفات عليه أن يوقف الإرهاب ويضع نهاية لهذه المجازر والعنف من جهة الفلسطينيين، ولكنهم لا يقولان إن على الإسرائيليين أن يوقفوا العنف، وإذن يجب أن يرتفع صوت –نيابة عن الشعب الأميركي- ويقول.. قائلاً إن إنهاء العنف يعني إنهاء الإرهاب وموضوعة إنهاء الإرهاب وإنهاء الاحتلال يجب أن تكون هي الأساس والتي.. لأنها تخدم المصالح الأميركية وبالتأكيد تخدم المصالح الفلسطينية.
أحمد منصور: من المؤكد أنك تابعت أن بعض الزعماء العرب أيضاً طالبوا عرفات بإيقاف العنف مثلما يطالبه الأميركيون بدلاً من أن يطالبوا الأميركيين بأن يكون لهم موقف معتدل!
يلاحظ أن هناك عملية عسكرة للإدارة الأميركية.. الرئيس طيار سابق، نائب الرئيس وزير دفاع سابق، وزير الدفاع هو وزير دفاع سابق، مستشارة الأمن القومي كانت تعمل في وزارة الدفاع، هناك أكثر من 30 منصباً رفيعاً داخل الإدارة الأميركية، كله لعسكريين أميركيين، ما هي أبعاد عسكرة الإدارة الأميركية وتأثيرها على مستقبل البلاد؟
بول فيندلي: الرئيس (أيزنهاور) في كلمته الوداعية حذر فيها من قوة المؤسسة العسكرية الصناعية في الولايات المتحدة، وأنا أوصي كل مواطن أميركي بأن يقرأ تلك الكلمة لأن قوة المؤسسة الصناعية العسكرية واضحة تماماً هذا اليوم وفي.. تتمثل في الزيادة في الميزانية العسكرية والإنفاق، وفي حرص الإدارة الأميركية على الدخول في عمليات عسكرية في مختلف أنحاء العالم وممارسة دور الشرطي في العالم، وهذا كله مبعث قلق وسيناريو يبعث على القلق.. القلق ولكن يبدو أن الكثيرين لا يدركون مدى التهديد الذي يشكله هذا للبلد ولمصالح البلد، وأن هناك الكثيرين من المسلمين في الولايات المتحدة.. لكنهم لا يفعلون ما يجب أن يفعلوه، وكثيراً ما التقى بهم وألقي كلمات في تجمعاتهم وأسألهم كم واحداً منكم بعث برسالة إلى الرئيس بوش مثلاً فلا ترتفع إلا أصوات قليلة خمسة أو ستة من باقي 400.. 500 شخص، فأسألهم فماذا أنتم فاعلون عن قضية معينة مثلا، وأحثهم على الذهاب إلى الكنائس وأقول لهم الكنائس وليس المساجد، وأحثهم على الذهاب إلى الكنائس.. أن يحضروا القداس وبعد ذلك يحاولوا الحديث إلى المسيحيين وأن يقولوا لهم أنهم مستعدون لفهم وتعلم المزيد عن المسيحية، ومستعدين أيضاً أن يعلموا الآخرين عن الإسلام شيئاً.. ولكن أجد أن أعداد قليلة فقط ترتفع.. وأقول لهم إن عليكم جميعاً أن تذهبوا إلى الكنيسة يوم الأحد القادم.. وآمل أن يلتزموا بكل ذلك لأنهم لو فعلوا ذلك سوف يقدمون خدمة عظيمة لبلدانهم ولدينهم بنشر المعلومات الصحيحة عن الإسلام والتي هناك نقص كبير في الولايات المتحدة خاصة المناطق الريفية منها وسبب هذا هو.. بسبب العداء ضد الإسلام، وإن الافتقار إلى فهم حقيقي للإسلام يعتبر إحدى حجرات العثرة في الطريق التوصل إلى تعديل سياستنا تجاه الفلسطينيين.
أحمد منصور: يعني أنا قرأت أنه بعد الحادي عشر من سبتمبر أنت بنفسك توجهت إلى الكنيسة وأنت طبعاً مسيحي وألقيت كلمة عن سوء الفهم في محاولة ونشرت هذه في صحيفة "الحياة" في وقتها، ولكن هل صورة العرب والمسلمين قبل.. بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصبحت أسوأ مما كانت عليه قبلها؟ أم أن هناك نتائج إيجابية في أن كل أميركي بيسعى الآن للتعرف على الإسلام؟
بول فيندلي: إن الإجابة يجب أن تكون إجابة مختلطة.. نعم ولا.. وعليَّ أن أبدأ قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، معظم الأميركيين كانوا يعتقدوا أن المسلمين بشكل عام يوافقون ويقبلون بالإرهاب بشكل أو بآخر، الكثيرون كانوا يعتقدون أن المسلمين يعادون الديمقراطية وينتهكون حقوق المرأة ويسيئون معاملتها، وأن لهم إلهاً يختلف عن إله المسيحيين واليهود، ولكن منذ الحادي عشر من سبتمبر فإن الناس المسؤولين عنهم –حسب ما تقول روايات الإعلام- كانوا جميعاً عرباً ومسلمين وعليه فإذن ذلك قد رسخ الصورة النمطية السيئة التي كانت موجودة في أذهان الأميركيين، وفي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر كانت هناك ظواهر –دعني أذكر لكم واحدة منها- الأمين العام لمنظمة إسلامية مقرها (إنديانا) والتي تخدم جالية بأكملها من المسلمين قال أنه تلقى نصيحة من الشرطة بأن يُخلي مكاتبه ويأخذ موظفيه خوفاً من اعتداء الناس عليه، ولكنه قال إنه لن يفعل ذلك وسيبقى في مكانه بغض النظر عما قد يحدث له، وجاء بضع مئات من الناس وجاءوا ليس ليدمروا المكان ويعتدوا عليه بل ليظهروا الدعم للمسلمين لاعتقادهم إن المسلمين يؤمنون بالتسامح وبالعدل ولن يوافقوا على العمليات الانتحارية وقتل مدنيين وما شاكل، لقد جاءوا بأعداد كبيرة ليعربوا عن دعمهم للمسلمين، وكانت هذه نقطة مضيئة، ولكن بالمقابل وفي معظم أنحاء البلاد، الجهل بالإسلام، لا يزال قائماً وموجوداً، فأنديانا كان هناك ناس عاشوا مع مسلمين وعاشروهم لسنوات طويلة وفهموا الإسلام من خلالهم، ولكن في مناطق أخرى كانت هناك حوالي 500 حالة وفقاً لإحصائيات مكتب التحقيقات الفيدالي –كان فيها حوادث عنف ضد المسلمين، وأعتقد أن ما حدث ومن تداعيات الحادي عشر من سبتمبر إن الإسلام أصبح في متناول الأخبار أكثر من أي وقت مضى، وعدد المقالات التي كتبت بحد ذاتها جيدة وبناءه، ولكن بعض التغطية كانت مريعة وكانت متعصبة وتنم عن غضب و(إيفين بيلي جلاير) أحد كبار المبشرين المسيحيين قال.. سمى الإسلام دين شر ويجب إزالته والتخلص منه، ولكن هذا ربما كان استثناءاً لأن الكثيرين لا يؤمنون بهذا، ولكن مع هذه هناك الكثير من الجهد يُبذل.
أحمد منصور: لكن هل هناك رغبة حقيقية من الأميركيين لفهم الإسلام بشكل حقيقي؟ أم أن الصورة النمطية بأن المسلمين إرهابيين والمسلمين سيئين والمسلمين شر –كما يقول هذا- ترسخت، هل هناك رغبة في الأميركيين فعلاً في لفهم الإسلام؟
بول فيندلي: معظم الأميركيين –للأسف- مازالوا جهلة حول الإسلام، ولم يحصلوا على إطلاع كافٍ حوله، فالمعلومات التي ربما قد لا يكون سببها مُعادية للإسلام وعدائه دائماً، ولكن معظم الأميركيين لم تكن لهم أبداً في فترة حياتهم أي اتصال بالمسلمين، وربما سافر في شتى بقاع الأرض لكنهم لو فعلوا ذلك.. لو سافروا لألتقوا بالمسلمين، ولكنهم لم يفعلوا ذلك للأسف، ولكن هناك من يعيش في عزلة عن الآخرين، وهذا قد يتغير مع مرور الزمن، ولكن معظم الأميركيين ليست لديهم أية اتصالات مع المسلمين، وعلى المسلمين أن يأخذوا زمام المبادرة وينشروا الحقائق حول دينهم، ولكن للأسف يتراجع ويحجم ويقول من الأفضل لي أن أبقى ساكتاً وصامتاً وهذه عقلية سلبية خاطئة بل عليهم أن يعرفوا بدينهم لكي عندما يراهم الناس وهم يمثلون نموذجاً صالحاً لدينهم فإن ذلك قد يغير الصورة ويقلص من الإشاعات.
أحمد منصور: في المقابل.. في المقابل.. هناك أيضاً تصاعد لحجم الكراهية ضد الأميركيين في أنحاء العالم وفي العالم الإسلامي بشكل خاص، معهد (جالوب) أكبر مراكز الاستطلاعات في العالم، أجرى استطلاعاً نُشر في السابع والعشرين من فبراير الماضي.. قبل أسبوع أو 8 أيام تقريباً، أظن أن غالبية ... المسلمين يعتبرون أميركا دولة متعجرفة ودولة ظالمة، أيضا المؤرخ الأميركي (بول كيندي) صاحب كتاب "نشوء وسقوط القوى العظمى" كتب أيضاً مقال عن تصاعد حجم الكراهية، كتب الكاتب اليهودي البارز (توماس فريدمان) أكثر من مقال أيضاً عن تصاعد حجم الكراهية، كُتَّاب كثيرين يكتبون عن تصاعد حجم الكراهية للأميركيين، أما ينظر الأميركيين في المرآة إلى أنفسهم؟ وإلى تصاعد حجم الكراهية ضدهم؟
[فاصل إعلاني]
أحمد منصور: تفضل بالإجابة.. لا أريد أن أكرر السؤال عليك.
بول فيندلي: لقد تحدثت عن الكراهية التي يواجهها الأميركيون والتي بدأت تنتشر بشكل واسع في شتى أنحاء العالم بل في صفوف المسلمين والعرب..
أحمد منصور: وغيرهم أيضاً.
بول فيندلي: نعم، وغيرهم ليس فقط هؤلاء بل..
أحمد منصور: كل الشعوب اكتوت بناركم.
بول فيندلي: أفهم أن السبب وذلك بسبب النفاق الواضح الذي تتميز به السياسة الأميركية، فالرئيس يلقي خطاباً أمام الكونجرس يتحدث فيه عن الحرب ضد الإرهاب قائلاً بأنها أمر ضروري للدفاع عن قيم وحرية هو، ولكن في نفس الوقت السياسة التي تنتهجها الحكومة التي توفر الدعم للإسرائيليين ليحرموا الشعب الفلسطيني من حقوقه وحريته وهذا أمر فظيع ومريع، إنهم يتحدثون عن أهمية الديمقراطية وجلب الديمقراطية إلى العالم بأسره، ومع ذلك السياسات التي تتبعها الحكومات الأميركية بالنتيجة تحرم أبسط معاني الإنسانية لحقوق المواطنين في فلسطين، فهم لا يملكون حتى حق المواطنة الحقيقية أو حقوق المواطنة التي يتساوون بها مع مواطني الدول الأخرى.
إذن جزء من هذا النفاق الذي يتمثل بهذه السياسات واضح جداً ويتكرر في السياسات الأميركية، فلا عجب إذن أن شعوب العالم تشعر بهذا الامتعاض من قيادة أميركا للعالم بالطريقة التي يرونها بها اليوم، أتذكر أن الحرب العالمية الثانية التي خدمت فيها كانت الولايات المتحدة بطلاً في أنظار العالم، الرئيس (ريجان) في إحدى زياراته للشرق الأوسط أُستقبل بحفاوة من قبل ملايين من الناس، ولكن ذلك اختفى الآن وبسبب رئيسي، يعود السبب إلى أن الولايات المتحدة على مدى 40 عاماً قدمت دعماً غير محدود لدولة إسرائيل والذي كان نتيجته حرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه الإنسانية الذي.. هو تحت الاحتلال الإسرائيلي.
أحمد منصور: لكن كما يقول (بول كيندي) إلى متى الولايات المتحدة وعدد سكانها لا يزيد عن.. أو أقل من 5% من عدد سكان العالم وهي تصر على أن تضع العالم كله تحت قدميها؟
بول فيندلي: واجهت مشكلة في سماع هذا السؤال وأنا آسف.
أحمد منصور: كما يقول المؤرخ (بول كيندي) لماذا تصر الولايات المتحدة وعدد سكانها أقل من 5% على أن تطأ العالم كله وتضعه تحت قدميها؟
بول فيندلي: السبب أن في الولايات المتحدة مسألة السياسة الخارجية في الشرق الأوسط ليست قضية سياسة خارجية بل هي حقيقة قضية سياسة داخلية، الرئيس والكونجرس يتجاوبون على.. تجاه الضغط الذي يمارسه اللوبي المؤيد لإسرائيل.. وهو لوبي مؤثر جداً وأرعب الكونجرس بشقيه الكونجرس والسيناتور ووجدوا أساليب للتحكم حتى بالرئيس نفسه.
أحمد منصور: هناك سؤال هام جداً الآن بعد خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس ورفع فيه ميزانية الدفاع تدريجياً خلال السنوات القادمة.. ميزانية الدفاع الأميركية تستغرق الآن حوالي 40% من ميزانية الولايات المتحدة وتوازي ميزانية أكبر 9 دول في العالم تلي الولايات المتحدة في القوة.. إلى متى ستظل للولايات المتحدة القدرة على هذه النفقات الهائلة بالنسبة لميزانية الدفاع؟
بول فيندلي: الرأي العام والشعب في الولايات المتحدة يعتبر ضحية.. أولى ضحايا الحرب كما يقولون، وحدث ذلك في البوسنة فقد اعتقدوا أنهم في أفغانستان.. حدث نفس الشيء، الشعب يحب قيادة عسكرية وقوة عسكرية أميركية ونجاحاً وانتصارات في الحروب، ويميلون إلى تأييد أي طلبات تسليح من أي حكومة تكون في سدة الحكم، ويُعتقد أن هذا هو.. نفس السياسة التي يؤيدها اللوبي المؤيد لإسرائيل لأن الصناعة العسكرية الأميركية سوف تزود إسرائيل بما تحتاجه عند الضرورة.
أحمد منصور: الولايات المتحدة قامت على أساس أنها دولة راعية لحقوق الإنسان والحريات المدنية، ما هي رؤية الأميركيين لما يحدث من إذلال وانتهاك لحقوق الإنسان في (جوانتنامو)؟
بول فيندلي: الكثير من الأميركيين شعروا بالقلق والانزعاج مما يعتقدون إن.. مما يحدث في معسكرات الاعتقال في (جوانتنامو) في كوبا، وحقيقة أن بلدنا واعدة دائماً وتحدث وأعطى دروس حول سيادة حكم القانون وسيادة حقوق الفرد والدفاع عن حقوق الإنسان ويرون المعاملة التي يتلقاها السجناء في (جوانتنامو) اعتبارها انتهاكاً لمقتضيات اتفاقيات وبروتوكولات جنيف الخاصة بمعاملة المعتقلين والأسرى، ومعظم الأميركيين يشعرون بالقلق، وأقول ذلك، ولكن مع ذلك لم يكونوا مؤثرين في التصدي للسياسات التي تتبعها الحكومة، أعتقد إن نيتهم أونواياهم متجهة باتجاهات أخرى حول ما يحدث في أفغانستان مثلا أكثر ما يحدث في (جوانتنامو) والكثير منهم يعتقد أنهم في آخر المطاف ليسوا سوى عرباً ولا يستحقون الاعتبار الذي يجب أن يعطى.. للناس الآخرين.
أحمد منصور [مقاطعاً]: لكن أين منظمات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة؟
بول فيندلي: هناك منظمات دفاع عن حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، ولكن أنا سعيد بمحاولاتهم ولكن ليس لهم تأثير كبير، وإن إحدى المنظمات التي ساعدت على إقامتها كانت في طليعة المنظمات التي تهاجم السياسات الإسرائيلية والتي تُستخدم فيها.. يستخدم فيها التعذيب كجزء روتيني من الاستجواب، وهناك خوف من أن.. من التعذيب، استخدموه في جوانتنامو، وأقول: أنا لا أملك معلومات كافية، ولكن هناك اعتقاد بذلك.
أحمد منصور: اسمح لي آخذ بعض المداخلات، وكثيرون بقوا على الهاتف، وأيضاً لديَّ على الإنترنت.. على الإنترنت أحمد مطر مطر بيقول لك: ألا تتفق معي بأن الحكومات العربية هي المسؤول الرئيسي والأول عما يحدث؟ وهناك أيضاً ربما يتفق مع أحمد مطر مطر، ليلى محمد علي تقول: لأميركا كل الحق فيما تفعل بنا نحن أنفسنا كمسلمين نختلف على أتفه الأسباب ونتحارب، كما نتنكر لبعضنا البعض في الغربة، أطفال العراق وفلسطين يُقتلون ويجوَّعون ولا نتحرك، عمرو شلبي من كندا يقول: قبل أن نُلقي اللوم على اللوبي الصهيوني، إن الوجود العربي الإسلامي في شمال أميركا مختفي تماماً، والمسلمين هنا منخرطين بأحوالهم الشخصية.
إدانة من بعض المشاهدين للحكومات العربية وللمسلمين والعرب أنفسهم بأنهم يتحملوا المسؤولية، وليست الإدارة الأميركية التي تعمل لمصالحها.
بول فيندلي: أيَّاً كانت الأسباب فإن معظم الحكومات العربية على مر السنين لم يبدو وكأنهم يمارسون ضغوطاً على الإدارة الأميركية حتى اعتقدوا إن.. إن لديهم أسبابهم الخاصة القوية لذلك، ولكن الدول الغنية بالنفط خاصة التي بإمكانها أن تُمارس الضغط الاقتصادي على الدولار الأميركي، والاقتصاد الأميركي يومياً من خلال القرارات التي يتخذونها والمشتريات ومشتريات الذهب، إنهم خسروا فُرصاً كثيرة لممارسة الضغط على صُنَّاع القرار الأميركيين ولم ينتهزوها، وخسروا أيضاً فرصاً كمجموعات من الدول لإحداث تغييرات في السياسة الأميركية، ولكنني متفائل بما حدث مؤخراً عندما قام ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بطرح ما أعتبره أفكاراً ذات جاذبية وواعدة، والتي شجَّع فيها العرب على تطبيع العلاقات مع الإسرائيليين لو انسحبت إلى حدود ما قبل يونيو/ حزيران 67، لقد قدمت مقترحات مشابهة قبل عدة سنوات عندما كنت في الكونجرس، لم يكن قائماً على أساس جلب العرب سوية، ولكن كان لأجل دفع إسرائيل باتجاه الانسحاب إلى حدود ما قبل 67 مقابل وعد من الحكومة الأميركية بمراقبة الحدود لكي يقل احتمال تعرُّض الحدود لاختراقات عسكرية من كلا الطرفين بسبب وجود المراقبين الأميركيين، وأعتقد إن نجاح القوى الموجودة في سيناء تُراقب الحدود اليوم، والتي بقيت هناك لعدة سنوات بدون أي حوادث تُذكر يؤيد كلامي ويعزز الأمن بين الطرفين، وعليه يُوفِّر أملاً للمستقبل للإسرائيليين والفلسطينيين، وأجد الكثير من القواسم المشتركة بين أفكاري وأفكار الأمير عبد الله، وأنا سعيد أن دولاً عربية كثيرة تؤيدها، وسعيد أيضاً إن رئيس الوزراء شارون لم يرفضها رأساً، شارون الذي يُسمى "جزار بيروت" أن يمكن أن يُقنع ويأتي إلى.. إلى اتفاق مثل هذا يجلب السلام للطرفين..
أحمد منصور: لا أريد.. لا أريد أن أخوض معك في مبادرة الأمير عبد الله لاسيما وهي مثيرة للجدل عربياً حتى الآن، ولكن الإخوة الذين على الهاتف أرجو التكرم بأن تكون مداخلاتهم مختصرة للغاية ومباشرة، ناجي أبو حوية من بريطانيا. ناجي، تفضل.
ناجي أبو حوية: السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام.
ناجي أبو حوية: أود أن أسأل سعادة السيناتور فيندلي على حادثة وقعت في أواخر الستينات بصفته قريباً من دائرة صناع القرار في أميركا، أظهرت بعض الوثائق الأميركية التي تُصرح بعد 30 سنة عن دور الإدارة الأميركية آنذاك ولو بطريقة غير مباشرة في الإطاحة بالملك إدريس السنوسي في ليبيا، فهل كان هذا القرار قرار أميركي بحت أم بضغط من إسرائيل نتيجة لمواقف الليبيين المعادية لإسرائيل واليهود عموماً في سنة 67؟ وشكراً.
أحمد منصور: هل لديك معلومات حول هذا الموضوع؟
بول فيندلي: لا أملك معلومات أكثر مما نُشر في وسائل الإعلام، ولكنني انتقدت الإدارة إدارة (ريجان) بسبب هجومها على ليبيا، واعتبرته انتهاكاً للقانون الدولي...
أحمد منصور: سنة 86.
بول فيندلي: وفي نفس الوقت اعتقدت إن الهجوم لم يكن كافياً، ولازلت مقتنعاً برأيي، وأقول إن إدارة ريجان خضعت لضغوط من اللوبيات المؤيدة لإسرائيل لكي تجعل من الليبيين ضحايا وتُلقي على عاتقهم مسؤولية ما حدث في مرقص برلين من دون تقديم أدلة على ذلك.
أحمد منصور: ميسم على الإنترنت: لماذا لا يوجد رد فعل من الأميركيين تجاه ما يحدث للفلسطينيين؟ هل بسبب أنهم يكرهون المسلمين أم لأنهم لا يهتمون؟ وداليا سلامة تسألك: كيف نؤثر في المجتمع المسيحي الأميركي وقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين وإقامة الهيكل هي جزء من المعتقدات الدينية التي وردت في العهد القديم للمسيحيين؟
بول فيندلي: أتمنى لو كانت لي إجابة عن ذلك لأُلبي رغبة السائلين، إنني في الحقيقة أحاول إخفاء وجهي من الشعور بالعار الذي أشعر به بسبب السياسات الأميركية، لأننا نساعد إسرائيل على انتهاك القانون الدولي في كل ساعة من كل يوم، ونساعد إسرائيل على انتهاك أبسط الحقوق الإنسانية للفلسطينيين في كل ساعةٍ من كل يوم، ونفعل ذلك منذ سنوات، وكأننا مصابون بعمى لا يجعلنا نرى ما يحدث، وإزاء ما يحدث، ولو أن الأمر يشبه أن إسرائيل في موقع يضعها فوق القانون الدولي وفوق.. مقتضيات اتفاقيات الأمم المتحدة وميثاقها، لا أعتقد إن الأمر يدعو إلى اليأس تماماً، ولكنني لو.. لو ما كانت أملك أملاً لما كنت معكم هذه الليلة أشارك في هذا البرنامج.
أحمد منصور: ناصر الكعبي من قطر، اتفضل يا ناصر.
ناصر الكعبي: السلام عليكم.
أحمد منصور: عليكم السلام.
ناصر الكعبي: أحب أسأل ضيفنا الكريم الأخ بول فيندلي عن.. عن واقع وأنا قرأت له تقريباً الثلاث كتب الأخيرة اللي.. اللي هو أصدرها، وخاصةً المترجمة باللغة العربية، سؤالي له هيبدأ بالآتي: هل العداء بين الدين المسيحي والدين الإسلامي هو نابع قبل قيام الدولة الصهيونية في عام 47 بتصويت من الأمم المتحدة بفارق صوت واحد فقط؟ لأني قرأت كتابه الأخير اللي صادر في.. في شهر July عام 2000، اللي هو "لا سكوت بعد اليوم" في..
أحمد منصور: 2001 نعم..
ناصر الكعبي: 2001 في الفصل الأول اللي هو فيما يتعلق بالنسب الخفي صفحة 35 المترجم باللغة العربية يقول فيه: "إنني ضُللت بشأن المسلمين والدين الإسلامي، -هذا على لسانه- عندما كنت (...).. المشيخية في مدينة (جاكفيلد) في ولاية إيلني.
أحمد منصور: إلينوي.
ناصر الكعبي: واستقر هذا التضليل في ذهني حتى بلغت خريف العمر، "يقول في هذا الكتاب": قالت لنا معلمتنا وهي متطوعة، عطوفة، عملت بإخلاص سنوات طويلة أن شعباً أمياً، وبدائياً، وميالاً إلى العنف، يعيش في مناطق صحراوية في الأراضي المقدسة، ويعبد إلاهاً غريباً، ومازلت أذكر على لسانه يقول: من.. منذ طفولتي المبكرة إنها كانت تسميهم "محمديين" وتواظب على تكرار قولها إنهم ليسوا مثلنا، وكنا أثناء حديثها نلهو في صندوق رمل كبير ندرس في مواقع مختلفة منه أشكالاً مصغرة لأشجار النخيل والجمال والخيم والبدو.
أحمد منصور: شكراً ليك.
ناصر الكعبي: أعتقد إن عمر الدكتور.. عمر الأخ بول فيندلي الآن تجاوز 82 عام..
أحمد منصور: الثانية والثمانين نعم..
ناصر الكعبي: وهو يتحدث في كتابه يعود إلى ما عمره تقريباً..
أحمد منصور: إسقاط جيد، سنسمع منه الإجابة يا أخ ناصر، إسقاط جيد..
بول فيندلي: شكراً لقرائتك كتابي..
أحمد منصور: معظم العرب قرءوه لأنه تُرجم ونُشر في معظم الصحف العربية قبل أن يُصبح كتاباً..
بول فيندلي: مقتبسات منه، على المرء أن يتذكر إن المسلمين كانوا شبه لا وجود لهم في الولايات المتحدة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي صبايا وفي فترة الأربعينيات لم يكونوا موجودين أصلاً في الولايات المتحدة، وعليه فإن ليس ما يدعو إلى العجب إن مثل هذه الصور تظهر وكانت موجودة بسبب الجهل وبسبب الاختلافات في التراث، وكذلك إن المسلمين عندما وصلوا إلى أميركا غيَّروا المفاهيم مع وجودهم، ولكن ليس بالقدر الكافي لحد الآن، ولا زالت هناك صور مزيفة موجودة، وآمل إن عندما كتبت هذه الكلمات كنت آمل إن المسلمين لن يشتروا الكتاب فقط بل أن يشتروا الكتاب ويخبروا من يعرفون عن الصورة المتداولة لدى الأميركيين عن المسلمين، ويُقال إن نسخة من كتابي أُعطيت للرئيس بوش، وقيل له: سيادة الرئيس، رجاءً اقرأ هذا الكتاب وقل لنا ما رأيك بالمسلمين الأميركيين، ولأن الكتاب يرسم صورة مستقيمة ومشرقة عن المسلمين في أميركا، وكان الجواب: أنا لا ادري، ولكن آمل أن يكون الأمر كذلك.
أحمد منصور: هناك فضيحة تجسس إسماعيل القادري يقول لك: هناك فضيحة تجسس إسرائيلية ضد الولايات المتحدة الآن داخل أميركا، وكذلك عيَّاش على الفاكس من باريس، ماذا تتصور حول هذه القضية الحساسة ضد الأمن القومي الأميركي؟ وهي ليست القضية الأولى التي يتم فيها كشف عملية تجسس على الأمن القومي الأميركي من قبل الإسرائيليين.
بول فيندلي: (جوناثان بولارد) الجاسوس لازال قابعاً في سجنه، وهو المكان الذي يستحقه، لأنه كان مدفوعاً من قبل دولة إسرائيل للتجسس على الولايات المتحدة، وأوصل إليه الآلاف من الوثائق الغنية جداً والمهمة جداً والمتعلقة بالدفاع الأميركي، بعضها وجد طريقه عن طريق إسرائيل إلى الاتحاد السوفيتي سابقاً، وهناك أيضاً القضية المثارة من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي التي قرأنا عنها في الأشهر القليلة الماضية، إنني لا أشك في أن ذلك حدث، ولكن إن دولة إسرائيل حاولت ودائماً حاولت جاهدةً لإضعاف مصالح والنيل من مصالح أميركا خدمةً لمصالحها هي، وأسوأ ذلك كان في حزيران عام 67 عندما حاولت.. حاولت إسرائيل تدمير المدمرة (ليبرتي) التي كانت تجمع معلومات تجسسية، وذلك لإيقاف هذه السفينة من إيصال معلومات إلى الولايات الحكومة.. الأميركية، والتي قد تمنع إسرائيل من ضرب سوريا في اليوم التالي، وقد قُتل عدد كبير من البحَّارة الأميركيين في تلك الحادثة، وحاولوا تدمير السفينة بأكملها وإغراقها خدمةً لمصالح دولة إسرائيل، ومن كان له أصدقاء كهؤلاء ليس بحاجة إلى أعداء كما يقولون.
أحمد منصور: زين الدين عبد العزيز، محامي من مصر، يقول لك عبر الـ E-mail: هل ترون أن الاتجاه المعتدل داخل الولايات المتحدة قادر على تبصير المجتمع الأميركي بخطأ الانحياز لإسرائيل في المستقبل القريب؟
بول فيندلي: نعم، أعتقد أن الأصوات المعتدلة في الولايات المتحدة موجودة وكبيرة وتمارس دوراً يزداد كبراً يوماً بعد يوم، وإن مواقف الشعب الأميركي حيال اجتياح إسرائيل للبنان عام 82 الذي قُتل فيه الكثير من المدنيين ثلاثة مرات زاد عن الذين قُتلوا في الهجوم على مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة، فعليه فإن هناك عناصر مستقيمة تُدافع عن الحقوق، وتمارس عملاً أفضل يزداد يوماً بعد يوم، والأمر المهم جداً هو إن السياسيين أن يُقدِّموا الإجابة عن مسألة الضغط الذي تمثله اللوبيات المؤيدة لإسرائيل، وعلى المسلمين أن يقوموا بدورهم في هذا الاتجاه من أجل إحداث تغييرات ليوصلون أصواتهم إلى الكونجرس وإلى صُنَّاع القرار، ولو حدث ذلك فسوف يحدث تغير كبير في العالم الإسلامي، وسيكون تغيراً إيجابياً أيضاً، أولاً يجب ربما أقول لا أقول في خلال أيام، ولكن في فترة مناسبة.
أحمد منصور: عبد المنعم قنديل من الكويت، تفضل يا سيدي.
عبد المنعم قنديل: السلام عليكم أستاذ أحمد.
أحمد منصور: عليكم السلام.
عبد المنعم قنديل: مرحب بالسيد فيندلي، أولاً: أستاذ أحمد في بداية حديث السيناتور فيندلي بيقول إنه يعني أعضاء كثيرين من الكونجرس الأميركي فقدوا مناصبهم بسبب إنهم حاولوا يتحدوا أو حاولوا يصدروا تصريحات صريحة ضد الإدارة الإسرائيلية، وده شيء إحنا مؤمنين به جداً، وبنؤمن إن هناك دعم غير محدود من القيادة الأميركية لليهود، وده شيء طبيعي جداً وبديهي، إحنا بنشوف وبنتصور إن الدعم الغير محدود من الأميركيين لليهود بسبب اللوبي الصهيوني اللي موجود في أميركا وبسبب تحريك الأموال الصهيونية داخل أميركا وفي العالم بأجمع يعني، طيب..
أحمد منصور: سؤالك؟
عبد المنعم قنديل: ألم.. ألم يرَ الأميركان.. ألم يرَ الأميركان أن هناك دعم غير محدود من العرب؟ وألم يرَ الأميركان أنه.. أن العرب بالدرجة الأولى الأوائل هم السباقون إلى الوقوف مع الأميركان في حربهم.. في حربهم ضد الإرهاب وفي جميع الحروب الخارجية للأميركيين؟ ألم يرَ الأميركان هذا؟
أحمد منصور: شكراً لك.. اتفضل يا سيدي.
بول فيندلي: إن هناك إدراك من قبل الكثير من الأميركيين بهذه الحقيقة، ولكن ليس بعددٍ كافٍ يستطيع إحداث تغيير، وأذكر عندما كنت في الكونجرس تعرضت لكثير من الضغوط لتغيير مواقفي، ومنذ تركي الكونجرس انضممت إلى ثلاث منظمات، وجئت هذه الليلة إلى الدوحة وأرحِّب بأية فكرة لتوعية الشعب الأميركي وإطلاعه على الثمن الباهظ الذي يدفعه بلدنا ليس بسبب السياسات في الشرق الأوسط، ولكن ما يخص هيبتنا في العالم أجمع بسبب استعدادنا لدعم المخالفات حقوق الإنسان والقانون الدولي التي تتم يومياً من قبل دولة إسرائيل.
أحمد منصور: عندي كميل جاكي يقول لك عبر الـ E-mail: من العيب والمخجل أن الولايات المتحدة تدعي بحقوق الإنسان والحريات، ويعلمون أن اليهود مسيطرون عليهم، كيف نفسر ذلك؟ وإذا كانت أميركا بلد الديمقراطية والحريات، وتعلمون علم اليقين بالتأثير الصهيوني على السياسة، فأين الحرية وحقوق الإنسان؟ أليست العنصرية بعينها؟
بول فيندلي: إن هذا صحيح، العنصرية وأعتقد إن الشخص اللي اتصل ربما من مصر أو غيرها إن هناك شيء في العالم العربي يمكن أن.. أن يقوم به الناس وهو محاولة تحفيز الناس الأميركيين ليفعلوا الشيء الصحيح، مثلاً أنه.. كتابي الذي "لا سكوت بعد اليوم" مثلاً يعطي فرصة لفهم أفضل للمسلمين في الولايات المتحدة، وربما يكون شاهداً مناسباً لهذا..
أحمد منصور: حسين العلي من سوريا، حسين..
حسين العلي: السلام عليكم.
أحمد منصور: وعليكم السلام يا سيدي..
حسين العلي: نحن بحاجة إلى دولة عظمى تُقيم العدل وتنشر السلام يقودها رجل عظيم يحرص على هذه المبادئ، ولكن من الظلم أن يحكم العالم رجل اتُهم من قبل مواطنيه بعدم الدراية والخبرة، تسلم سدة الحكم بفارق أصوات العرب والمسلمين، وأقول: حرام عليهم أن يعطوه صوتاً واحداً فيما إذا رشح نفسه من جديد، تسلم الحكم بفارق أصوات هؤلاء وبحرب ومعاداة من اليهود، ومع ذلك لم يأخذ بأدنى حد من قواعد الأدب ورد الجميل، وذلك على الأقل بأن يقف موقفاً وسطاً بين الظالم والمظلوم، حيث كان همه واهماً مصلحته الشخصية لأن يُعاد انتخابه في فترة..
أحمد منصور [مقاطعاً]: شكراً لك يا أخ حسين، يبدو أنك كتبت مقالاً حول الرئيس (بوش) وانتقاد سياساته، يعني الآن الأمر لم يقف عند حد الضغوط التي تُمارس من الخارج ضد العرب، ولكن وزير المالية الأميركي وزير الخزانة (بول أونيل) يقوم بزيارة للمنطقة الآن، وكان في الكويت أمس، وبدأت الولايات المتحدة تتدخل فيما يتعلق بعقيدة المسلم في دفع زكاة ماله، وأنت تعرف أن المسلمين ملزمون بدفع زكوات أموالهم وبالتبرع في المجالات الخيرية، أميركا الآن تطلب فرض رقابة على الجمعيات الخيرية، وأغلقت كثير من الجمعيات الخيرية التي تؤوي الأيتام في الولايات المتحدة، أغلقت كثير من الحسابات الشخصية، وحسابات هذه الجمعيات دون وجود أي أدلة اتهام، يعني ما الذي يمكن أن يؤدي إلى ذلك؟ أليس ذلك دفعاً لرد الفعل ولمزيد من ما يُسمى بالإرهاب؟
بول فيندلي: ليس هناك شك في أن ما.. بالطريقة التي تعامل بها الكونجرس الأميركي إزاء أحداث الحادي عشر من سبتمبر والقوانين التي مُررت قبل بضعة أشهر، والتي جاءت بعدها كانت حقيقة انتهاكاً صارخاً بالتقليد والمبادئ التي استمرينا في الديمقراطية الأميركية على الالتزام بها لأمدٍ طويل جداً، وحقيقةً إنني.. إن الكونجرس أعطى الكثير من الصلاحيات للرئيس بوش وفقط واحد من بين من 535 عضواً كان مستعداً للوقوف ضد إعطاء هذه الصلاحيات للرئيس، وأقول إنني لو كنت أنا في الكونجرس لكنت المصوت الثاني ضد هذه القرارات، لأنني كنت أخدم في ضمن اللجنة الفرعية الخاصة بالعلاقات الدولية، وأعتقد إن ما حدث منذ الحادي عشر من سبتمبر كان انتهاكاً للحس الفطري والاتباع الصحيح للدستور، إن الكونجرس أعطى للرئيس صلاحيات ما كان يجب أبداً أن يعطيها له، لأن الرئيس بوش هو وحده فقط سوف يقرر أنه سيضرب العراق أم لا وأتمنى لو أنه لن يفعل ذلك، ولكنه مُنح صلاحيات لأن يُهاجم الصومال أو أي بلدٍ آخر مثلاً.. وضمن حربه ضد الإرهاب، لقد كانت بلدنا حريصةً جداً طوال السنوات على تحديد الصلاحيات، وإن الجهة المشرِّعة لقانون في الكونجرس.. لم تُعطِ الرئيس تلك الصلاحيات التي أُعطيت له مؤخراً بأي شكل من الأشكال، يجب ألا يكون هناك أي بلد في العالم له دور الشرطي، وما يجب علينا عمله هو محاولة إعادة تنظيم الأمم المتحدة أو هيئة دولية أخرى بحيث تكون لها اتخاذ القرارات حول متى يتم شن الحرب أو ما إلى ذلك، ولا أن يُعطى.. تُعطى مثل هذه الصلاحيات لشخصٍ واحد بعينه فقط.
أحمد منصور: بقي لديَّ دقيقتين فقط على نهاية البرنامج، ولديَّ سؤال هام لغاية: لاحظت أن كثيراً من الكتاب الأميركيين بدأ الشك يساورهم والقلق على مستقبل الولايات المتحدة الأميركية، بدأت الخسائر العسكرية في أفغانستان، في الفلبين تزداد، الكلام عما يُسمى بـ "محور الشر"، كلام الرئيس عن حرب مفتوحة، ربما مع العالم أجمع، هل أنت قلق أيضاً بشأن مستقبل الولايات المتحدة الأميركية؟ وكيف تنظر إلى مستقبل أميركا في ظل ما تريد أن تفرضه من هيمنة على العالم؟
بول فيندلي: إنني قلق بشأن مستقبل أميركا منذ سنوات عديدة وأعتقد إن قرارها منذ عدة سنوات لتوفير دعم كامل لإسرائيل مكن إسرائيل من انتهاك الحقوق الإنسانية الأساسية لأكثر من ثلاثة أو أربعة ملايين فلسطيني كانت إحدى الفصول الأكثر مدعاة للحزن في تاريخنا، وإن ما حدث لم يكن وليد اليوم بل حدث بوقت قصير بعد إقامة دولة إسرائيل ويستمر حتى اليوم، ونفس العين العمياء التي كان ننظر بها إلى ذلك الجزء من العالم، نستمر بها اليوم وفعلنا نفس الشيء مع دول أخرى تجاهلنا ما تقوم به من انتهاكات لحقوق الإنسان، وأنا قلق أيضاً من احتمال أن السياسة العسكرية التي تُتبع الآن ربما تدق إسفيناً بين العالم الإسلامي وبين أميركا وبدلاً من أن نتواصل ونتحاور مع العالم الإسلامي ونوثق صلاتنا به لنكون جزءً إيجابياً معه..
أحمد منصور[مقاطعاً]: أشكرك شكراً جزيلاً..
بول فيندلي: الوقت انتهى..
أحمد منصور: شكراً جزيلاً لك عضو الكونجرس البارز بول فيندلي، صاحب "من يجرؤ على الكلام"، "عن طريق الخداع"، "لا سكوت بعد اليوم".
أشكرك شكراً جزيلاً، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حلقة الأسبوع القادم –إن شاء الله- أقدمها لكم من العاصمة البريطانية لندن.
في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم بلا حدود. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق