كشمير والجهاد الأفغاني..
مصدر إلهام سعى الكشميريون لاستلهامه
مع بروز الجهاد الأفغاني مترافقاً مع انقلاب ضياء الحق في يوليو / حزيران 1977 تراجع دور حزب الشعب الباكستاني بزعامة ذو الفقار علي بوتو، والذي كان له امتداداً مهماً في كشمير الباكستانية، وتراجع معه أيضاً حزب الرابطة الإسلامية التقليدي، وهما الحزبان الذين ظلا ولا يزالان يستأثران بإدارة كشمير الباكستانية، لكن تراجعهما كان بتراجع قواهما المليشياوية المقربة منهما أو المحسوبة عليهما، فقد لجأ الشباب الكشميري إلى الالتحاق بالجهاد الأفغاني تماماً كما التحق الكثير من الباكستانيين وكذلك العرب وبعض المسلمين القادمين من دول إسلامية أخرى كما هو معروف لكل من شهد تلك المرحلة.
خاض الشباب الكشميري المعارك إلى جانب المجاهدين الأفغان، وأداروا معسكرات تدريب خاصة بهم، وكانت أعينهم من ذلك الوقت على كشمير، من بين هؤلاء حافظ سعيد الذي أسس مبكراً لشكر طيبة أو جند طيبة كما سميت في أواسط الثمانينيات، وبجانبها نشأت جماعات كشميرية جهادية أخرى مثل جماعة المجاهدين والأنصار وغيرهما، فكانت انقسامات الجماعات الجهادية الكشميرية كالعادة على أساس المدارس الفكرية المعروفة، فالمدرسة الجهادية السلفية كان نصيبها جماعة طيبة بزعامة حافظ سعيد، والجماعات الديوبندية الحنفية التي تشكل روح باكستان منذ التأسيس كانت حركة الأنصار والتي تحول أسمها لاحقاً إلى حركة المجاهدين بزعامة فضل الرحمن، إذ اُتهمت الحركة باختطاف أجانب في كشمير مطلع التسعينيات فوُضعت على قائمة الجماعات الإرهابية، وهو ما أرغمها على تغيير اسمها لتفادي تداعيات التصنيف الدولي، وهناك حزب المجاهدين بزعامة سيد صلاح الدين التابع فعلياً للجماعة الإسلامية الباكستانية.
لا يخفى على أحد علاقة كل هذه الجماعات بالمخابرات الباكستانية، وتوظيف الأخيرة لهم من أجل إزعاج الهند وجعلها متوترة، ما دامت تصر على عدم تسوية القضية الكشميرية، وتصر معه على زرع الخوف والرعب في المنطقة من خلال تقارير دولية عن انتهاكات لحقوق الإنسان وتقارير عن الاغتصاب والسجن والتعذيب، حيث تؤكد التقارير العسكرية عن انتشار أكثر من سبعمائة ألف جندي هندي في كشمير، وهو ما يعتبر عسكرياً أضخم انتشار عسكري في بقعة جغرافية صغيرة كهذه.
(حافظ محمد سعيد مؤسس جماعة لشكر طيبة)
جاء الإعلان الهندي الأخير من ضم كشمير إلى الهند وتعليق العمل بمادة 370 من الدستور الهندي الذي يمنح كشمير وضعية الحكم الذاتي ليضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية من أممية وثنائية بين الدولتين، وليؤسس لحالة جديدة مدعومة بما يجري على الأرض من سوريا والعراق فالصين وبورما، حيث الإبادة والتهجير والصمت العالمي المريب والرهيب ضد كل ما يجري في هذه المناطق، فجاء التحرك الهندوسي عبارة عن حلقة في سلسلة حلقات دولية تهدف واقعاً وعملياً إلى جعل السنة أقلية في بلدانهم، عبر القتل والتهجير والإبادة وسلخهم عن محيطاتهم.
الخذلان الباكستاني للمسلمين في الشام والعراق وبورما والصين كانت نتائجه هو خذلان الدول الأخرى أيضاً لما تتعرض له كشمير، وبالتالي تمكن الهنود من الاستفراد بكشمير دون أي إدانة أو انتقاد، وهم يرون الصمت العالمي إزاء ما يتعرض له المسلمون في المناطق الأخرى، وجاء دعم البعض مثل الإمارات للخطوات الهندية هذه ليشكل صعفة قوية لباكستان وعلاقتها مع الإمارات، لاسيما وقد سبق هذا إنشاء معابدة هندوسية في الإمارات.
يعتقد البعض اليوم أن لا بديل أمام الباكستانيين إلاّ العودة لسياسة دعم الجماعات الإسلامية المسلحة في كشمير بعد أن أحرقت الهند كل الجسور مع باكستان، فالهند تخشى أن يؤدي الانتصار الطالباني المعنوي والمادي على الأميركيين بانسحابهم من أفغانستان إلى عودة حالة ما بعد الانسحاب السوفياتي من أفغانستان حيث نشطت الجماعات الجهادية الكشميرية، وبالتالي ما تفعله الهند اليوم إنما هو استباق لتلك الحالة وإجهاض لها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق