رسائل السجون!
سليم عزوز
لست من الذين تلقوا رسائل من قبل المعتقلين في السجون المصرية، وغيري قال إنه تلقوا رسائل منهم، ولست من القائلين بأنها رسائل مخابراتية، تستهدف اظهار ضعف المعتقلين، وضيقهم من تجربة السجن، واثبات العدا لقيادات الجماعة!
لقد قال البعض إنهم تلقوا رسائل من قبل عدد من المعتقلين الشبان، وهي الرسائل التي تم التعامل معها بحسب الخلفية السياسية للمتلقي، وإن كان الإعلام المصري وظفها في سياق آخر وهي أنها تمثل كفراً من الشباب بقياداته، فهل في مصلحة أهل الحكم أن يكفر شباب الإخوان بقيادات الجماعة، التي تمثل صمام أمان، لأي نظام استبدادي، فهي التي أوقفت الحراك، وهي التي عملت على تبريد المواقع الملتهبة، ومع كل ذكرى لثورة يناير، أو الفض، فهي جاهزة بالبديل، الذي يأخذ الناس بعيداً، فمرة يظهر القيادي بالتنظيم الدولي يوسف ندا، فيعلن أنه تلقى اتصالات من ضباط في الجيش يخططون لانقلاب على السيسي، ومرة تذيع وكالة الأناضول، أن الأمم المتحدة قررت بدء التحقيق في جريمة رابعة، ومرة يكون الإعلان أن بريطانيا قررت منح اللجوء السياسي لطالبيه من جماعة الإخوان، الأمر الذي ينتج حالة من التكاسل، على أساس أن المهمة تقوم بها منظمات دولية، وعليهم بالتالي أن يضعوا هم أيديهم في الماء البارد، حتى لا يرتكبوا مخالفة تمنعهم من حق اللجوء، ومن ثم الحصول على الجنسية البريطانية، بما يمكن الأنجال في المستقبل من دخول مجلس اللوردات!
إماتة الحراك:
وقد ثبت أن هذا كله كلام فبركة وتأليف، لكنه جزء من مهمة إماتة الحراك، وهناك حالة تمرد من قبل بعض الشباب على قياداته بسبب إدارة الملف بعد الانقلاب العسكري، وقد بدأ بديل ثالث يتشكل الآن في تركيا، عبرت عنه هذه الاحتفالية التي قام بها شباب الجماعة بمناسبة ذكرى مجزرة رابعة العدوية، وكان من الملاحظ عدم حضور قيادات الجماعة، أو المختلفين معهم في المكتب الإداري!
فليس في مصلحة الانقلاب العسكري في مصر، أن يشق الشباب في الجماعة عصا الطاعة، أو أن يتمردوا على القيادات، ومن هنا فإن احتفاء إعلام الثورة المضادة برسائل الشباب من السجون ضد الجماعة، هو في الحقيقة بسبب اعتماد سياسة التشويه، بدون النظر إلى مآلات الأمور، وإن كانت الرسالة المنسوبة لبعض الشباب في السجن تمثل التمرد، رفضاً لسياسة القادة بعدم تقديم تنازلات من شأنها أن تمكنهم من الخروج من السجن، وقد نفوا ما يتردد خارجه من قصص الصمود الأسطوري، فليست الأمور تسير على هذا النحو!
لقد قال البعض إنهم تلقوا رسائل من قبل عدد من المعتقلين الشبان، وهي الرسائل التي تم التعامل معها بحسب الخلفية السياسية للمتلقي، وإن كان الإعلام المصري وظفها في سياق آخر وهي أنها تمثل كفراً من الشباب بقياداته، فهل في مصلحة أهل الحكم أن يكفر شباب الإخوان بقيادات الجماعة، التي تمثل صمام أمان، لأي نظام استبدادي، فهي التي أوقفت الحراك، وهي التي عملت على تبريد المواقع الملتهبة، ومع كل ذكرى لثورة يناير، أو الفض، فهي جاهزة بالبديل، الذي يأخذ الناس بعيداً، فمرة يظهر القيادي بالتنظيم الدولي يوسف ندا، فيعلن أنه تلقى اتصالات من ضباط في الجيش يخططون لانقلاب على السيسي، ومرة تذيع وكالة الأناضول، أن الأمم المتحدة قررت بدء التحقيق في جريمة رابعة، ومرة يكون الإعلان أن بريطانيا قررت منح اللجوء السياسي لطالبيه من جماعة الإخوان، الأمر الذي ينتج حالة من التكاسل، على أساس أن المهمة تقوم بها منظمات دولية، وعليهم بالتالي أن يضعوا هم أيديهم في الماء البارد، حتى لا يرتكبوا مخالفة تمنعهم من حق اللجوء، ومن ثم الحصول على الجنسية البريطانية، بما يمكن الأنجال في المستقبل من دخول مجلس اللوردات!
إماتة الحراك:
وقد ثبت أن هذا كله كلام فبركة وتأليف، لكنه جزء من مهمة إماتة الحراك، وهناك حالة تمرد من قبل بعض الشباب على قياداته بسبب إدارة الملف بعد الانقلاب العسكري، وقد بدأ بديل ثالث يتشكل الآن في تركيا، عبرت عنه هذه الاحتفالية التي قام بها شباب الجماعة بمناسبة ذكرى مجزرة رابعة العدوية، وكان من الملاحظ عدم حضور قيادات الجماعة، أو المختلفين معهم في المكتب الإداري!
فليس في مصلحة الانقلاب العسكري في مصر، أن يشق الشباب في الجماعة عصا الطاعة، أو أن يتمردوا على القيادات، ومن هنا فإن احتفاء إعلام الثورة المضادة برسائل الشباب من السجون ضد الجماعة، هو في الحقيقة بسبب اعتماد سياسة التشويه، بدون النظر إلى مآلات الأمور، وإن كانت الرسالة المنسوبة لبعض الشباب في السجن تمثل التمرد، رفضاً لسياسة القادة بعدم تقديم تنازلات من شأنها أن تمكنهم من الخروج من السجن، وقد نفوا ما يتردد خارجه من قصص الصمود الأسطوري، فليست الأمور تسير على هذا النحو!
إن الرسائل المنسوبة للشباب المعتقل تقول إن القيادة ترفض التنازل دون أن نعرف أن تنازلها عن ماذا؟!
لقد بنى البعض خارج مصر، استراتيجيته على صمود من هم بداخل السجون، وعليه فإنه يزعجهم أن يقال إن هناك من ضاقوا ذرعاً بالتجربة، وكأن تحقيق الآمال الثورية معقود على استمرارهم بين الجدران، فاذا لم يكونوا على مستوى أسطوري من الصمود، ضاعت القضية، وهُزمت الثورة، وهؤلاء من يكذبون صدور هذه الرسائل من داخل السجون، ويقولون دائماً أن المخابرات تقف خلفها.
رسائل الاسترحام:
وفي المقابل فإن الأنظمة الشمولية العسكرية، تجد أنها انتصرت في أعظم ملحمة قتالية، عندما يرسل إليها معتقل ما يسمى برسائل الاسترحام، التي طلبها جمال عبد الناصر من خصومه في المعتقلات، وطلبها السادات من المعتقلين في القضية المشهورة باسم "مراكز القوى"، كما طلبها حسني مبارك من الفريق سعد الدين الشاذلي ليرضي غروره، مقابل الإفراج عنه، وهو أمر أنتجته عقد نفسية ومركبات نقص رأس النظام، ومن هؤلاء الحكام المرضى، فما هي الشجاعة في أن تحصل على تأييد من مواطن أسير تحت التهديد!
لقد كانت خطة بعض الأجهزة الأمنية بعد الانقلاب العسكري تقوم على بعث فريق من الإخوان المتقاعدين، يدعون أنهم الجماعة، لتكرار تجربة الانشقاقات الحزبية، التي كانت معتمدة قبل الثورة، ومن خلال النزاع على الرخصة، لكن تنظيم الإخوان بدون رخصة قانونية، ولا يعقل أن يوجه للمعتقلين منهم تهمة الانتماء لجماعة إرهابية، في حين تحتفي السلطة وإعلامها بمن يدعون أنهم هذه الجماعة الإرهابية وأنهم القيادات وليس غيرهم!
ثم كان أن طلبت الأجهزة الأمنية، من المعتقلين إعلان البراءة من الإخوان، مقابل الإفراج عنهم، حدث هذا قبل أربع سنوات، وقد وصلت رسائل الرفض للخارج، فأطربت، لكن الحقيقة أن هناك من وقع على هذه الاستمارات، لأن كثيرا من الشباب ليسوا من الإخوان، فقالوا إنهم لا ينتمون للجماعة، ويعلنوا البراءة منها، فما هو الأمر المغاير للحقيقة في هذه الحالة؟!
رسائل الاسترحام:
وفي المقابل فإن الأنظمة الشمولية العسكرية، تجد أنها انتصرت في أعظم ملحمة قتالية، عندما يرسل إليها معتقل ما يسمى برسائل الاسترحام، التي طلبها جمال عبد الناصر من خصومه في المعتقلات، وطلبها السادات من المعتقلين في القضية المشهورة باسم "مراكز القوى"، كما طلبها حسني مبارك من الفريق سعد الدين الشاذلي ليرضي غروره، مقابل الإفراج عنه، وهو أمر أنتجته عقد نفسية ومركبات نقص رأس النظام، ومن هؤلاء الحكام المرضى، فما هي الشجاعة في أن تحصل على تأييد من مواطن أسير تحت التهديد!
لقد كانت خطة بعض الأجهزة الأمنية بعد الانقلاب العسكري تقوم على بعث فريق من الإخوان المتقاعدين، يدعون أنهم الجماعة، لتكرار تجربة الانشقاقات الحزبية، التي كانت معتمدة قبل الثورة، ومن خلال النزاع على الرخصة، لكن تنظيم الإخوان بدون رخصة قانونية، ولا يعقل أن يوجه للمعتقلين منهم تهمة الانتماء لجماعة إرهابية، في حين تحتفي السلطة وإعلامها بمن يدعون أنهم هذه الجماعة الإرهابية وأنهم القيادات وليس غيرهم!
ثم كان أن طلبت الأجهزة الأمنية، من المعتقلين إعلان البراءة من الإخوان، مقابل الإفراج عنهم، حدث هذا قبل أربع سنوات، وقد وصلت رسائل الرفض للخارج، فأطربت، لكن الحقيقة أن هناك من وقع على هذه الاستمارات، لأن كثيرا من الشباب ليسوا من الإخوان، فقالوا إنهم لا ينتمون للجماعة، ويعلنوا البراءة منها، فما هو الأمر المغاير للحقيقة في هذه الحالة؟!
ليس لدى سلطة الانقلاب ما تقدمه في هذا الملف، وليس لدى الإخوان ما يناوروا به بعد توقف الحراك،
ومهما يكن، فإن طلب إعلان البراءة في البداية يمثل تنازلاً عن قضية الشرعية، وكأن شرط الانتصار لها، أن يكون داخل السجون نصاب معين من الناس، فإذا قل هزمت القضية، ولا أدرى لماذا لم يضحِّ من هم بالخارج بأنفسهم فينزلون ويدخلون السجن، إذا كان هذا ضمانة لعودة الشرعية، وليقوموا بدور "عروسة النيل"، التي كانت تلقى في مياه الفيضان لضمان استمراره وكسب رضا النيل بهذه العروس التي منحت له وضحت هي بنفسها من أجل قومها، كما تقول الأساطير!
لقد كان هؤلاء في السجون انتصاراً للثورة والشرعية، على أمل أن تقوم الثورة فتحررهم، ومن هنا يصبح لوجودهم في السجون وعدم التنازل معنى، لكن الآن وقد فقدت قضية الشرعية عنوانها، بوفاة الرئيس، وتوقف الحراك منذ أربع سنوات، فإن مثلي وإن كان يثمن صمود الصامدين، فإنه لا يستطيع أن ينكر على من يطالبون بأي صفقة لخروجهم من هذه السجون المرعبة، فهذا لن يمثل عائقاً من انخراطهم في الثورة عندما تقوم مستقبلا، وقد انخرطت الجماعة الإسلامية في صفقة مع الحكم، لكن عندما قامت الثورة، كانوا في قلبها!
حديث الصفقة:
لكن السؤال المهم هو هل هناك صفقة مطروحة؟!
الحقيقة أنها ليست أكثر من تصورات أمنية، تحت عنوان تنازلوا ثم نرى، مثل العرض الذي قدمه رئيس مصلحة السجون الأسبق حسن السوهاجي، على المهندس خيرت الشاطر، والرجل يعلم أنه مهما علت رتبة السوهاجي فليس هو من يمثل النظام في هذه مثل هذه الصفقات، فسأله عن المقابل لتفريط الإخوان في قضية الشرعية، فكان رده بتحسين شروط السجن، فلما تجاهل طلبه، جرده مما يقيه البرد، وأغرق الزنزانة بالمياه في عز الشتاء!
فهذا عبث، والمشروعات الكبرى والصفقات لا يوكل أمرها لرئيس مصلحة السجون، ليعبر عن ذاته، متصوراً أن قيادة الإخوان في السجون يمكن أن ينهاروا بمثل هذه التصرفات، وهم الذين ثبت تاريخياً، أنهم في مواجهة العنت والتعسف لا يفرطوا ولا يلينوا.
ليس لدى سلطة الانقلاب ما تقدمه في هذا الملف، وليس لدى الإخوان ما يناوروا به بعد توقف الحراك، والنظام يستثمر بحربه على الإخوان، فما قيمته لدى الدوائر الإقليمية إن أبرم صفقة أو اتفاقاً مع الجماعة ولو قررت على أساسها أن تعتزل العمل السياسي والدعوي معا؟ ثم ما هي الشماعة الجديدة التي سيعلق عليها فشله؟!
إن الرسائل المنسوبة للشباب المعتقل تقول إن القيادة ترفض التنازل دون أن نعرف أن تنازلها عن ماذا؟!
عن الشرعية؟ أم عن الحراك؟!
وقد قال البعض إنها رسائل مخابراتية.. دون أن نعرف لماذا؟ وما هو الهدف من ورائها، وما الذي يجعل المخابرات تقدح زناد فكرها من أجل ذلك؟
إنني مع مبدأ اخراج المعتقلين من السجون، مهما كان الثمن المدفوع، ومع أن تتوقف معارضة الداخل عن الاشتباك السياسي، فما يحدث الآن تضحيات بلا ثمن، فلست مع فكرة الدفع بالجميع إلى السجون، حتى إذا جاءت لحظة الخلاص، لم تجد الثورة من يمثلها.
ما أسهل المزايدة.
عن الشرعية؟ أم عن الحراك؟!
وقد قال البعض إنها رسائل مخابراتية.. دون أن نعرف لماذا؟ وما هو الهدف من ورائها، وما الذي يجعل المخابرات تقدح زناد فكرها من أجل ذلك؟
إنني مع مبدأ اخراج المعتقلين من السجون، مهما كان الثمن المدفوع، ومع أن تتوقف معارضة الداخل عن الاشتباك السياسي، فما يحدث الآن تضحيات بلا ثمن، فلست مع فكرة الدفع بالجميع إلى السجون، حتى إذا جاءت لحظة الخلاص، لم تجد الثورة من يمثلها.
ما أسهل المزايدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق