لماذا تنكل الصين بمسلمي الإيغور؟
تتناول نشرات الأخبار والتحقيقات الصحفية، كثيرا، أزمة أقلية الإيغور المسلمة في الصين والمعتقلات الجماعية التي أنشأتها الحكومة في إقليم شينجيانغ أو سنجان (تركستان الشرقية).
- محاولة للإجابة على سبب تعامل الحكومة الصينية بوحشية مع مسلمي الإيغور، وهل هي حرب كراهية؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا تتعرض الحكومة الصينية للمسلمين الإيغور وتترك المسلمين الصينين الموزعين في الأقاليم الصينية الأخرى؟
- تبدو الإجابة حول الاضطهاد الديني، ليست جوابا مقنعا.. وتاليا على سر السياسات القمعية والتعسفية للحكومة الصينية ضد مسلمي الإيغور.
خطر الجغرافيا والعزلة الثقافية
- إقليم شنغيانغ أو سنجان في الشمال الغربي من الصين، بعيدًا عن العاصمة الصينية بكين، ويحيط به من جهة الغرب كازاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وأفغانستان وباكستان وهي دول ذات غالبية مسلمة.
- يسكن هذا الإقليم مسلمو الإيغور، وهم قبائل تركية، تعد واحدة من 56 عرقية تشتمل عليها الصين، وتباين عرقية الغالبية الصينية التي تشكلها عرقية "الهان".
- مع عوامل الاختلاف التي تبعد الإيغور من الحكومة الصينية جغرافيًا وعرقيًا وثقافيًا، نجد ذات العوامل، وسائل صلة لشعب الإيغور مع سكان الدول المحيطة به فالعرق التركي يشكل غالبية في الجمهوريات المسلمة المتاخمة للإقليم، بالإضافة إلى اللغة والثقافة والتاريخ المشترك.
- لهذين العاملين، الجغرافي والتقارب العرقي والديني والثقافي، كانت الحكومة الصينية دائما تخشى من نزعات الانفصال، التي تدعو لاستقلال إقليم سنجان عنها، أو انضمامه لأي دولة مجاورة.
- قضت الحكومة الصينية على محاولتين لاستقلال الإقليم عنها، كانت المرة الأولى في عام 1933، حيث تم الإعلان عن الجمهورية الإسلامية لتركستان الشرقية، في مدينة كشغر، ومرة ثانية في عام 1944 حيث تم إنشاء جمهورية تركستان الشرقية المدعومة من الاتحاد السوفياتي السابق.
- بعد اعتناق الصين للشيوعية، تخلى الاتحاد السوفياتي عن جمهورية تركستان الشرقية، وتركها وحيدة أمام التنين الصيني، الذي لم يتأخر في إنهاء استقلالها، وضم أراضيها، ومنذ ذلك تحاول الصين إخضاع هذا الإقليم ودمجه، وقطع الصلات بينه وبين محيطه.
التغيير الديموغرافي
- الحكومة اتجهت في البداية إلى تشجيع عرقية الهان للهجرة والاستيطان في إقليم سنجان منذ الخمسينات.
- هذه المساعي تكللت بالنجاح، ففي عام 1945 كانت نسبة الإيغور في إقليم سنجان تمثل نحو من 83%، مقابل 6% من عرق الهان، وفي 2008 تغير الوضع الديموغرافي تماما، إذ تراجعت نسبة الإيغور إلى 46%، وزادت أعداد الهان إلى 39%.
التمييز الاجتماعي
- مع السنوات النمو الاقتصادي كانت الحكومة الصينية تتيح للهان باستلام مفاصل الاقتصاد، بعملهم في القطاعات الأكثر حيوية، بينما تُرك أغلبية الإيغور لمزاولة الزراعة فحسب.
- هذه السيطرة على الاقتصاد والسياسة في الإقليم أثارت غضب الأغلبية في الإقليم من مسلمي الإيغور، فاندلعت المظاهرات في عاصمة الإقليم أورومتشي في عام 2009. قتل 200 شخص، وأصيب المئات في قمع الحكومة للاحتجاجات.
- كانت هذه نقطة تحول في ازدياد القمع والتمييز ضد الإيغور من قبل الحكومة الصينية.
ثروات الإقليم وحساسيته الجغرافية
- يتمتع إقليم سنجان بثروات طبيعية تجعل من السيطرة عليه أولوية لدى الحكومة الصينية، ومع النهضة الاقتصادية التي شهدها الصين في العقود الأخيرة، ازدادت حاجتها لموارد الطاقة الطبيعية التي يتمتع بها إقليم سنجان.
- الإقليم يحتوي على 40% من مخزون الصين للفحم، و20% من احتياطيات النفط والغاز، بالإضافة إلى 20% من الطاقة الهوائية.
- في عام 2013 أعلنت الصين عن مبادرة إعادة طريق الحرير، تحت اسم مبادرة الحزام والطريق، وهو أكبر مشروع للبنية التحتية في تاريخ البشرية، يسعى لربط الصين بالعالم، بخلق طرق تجارية تربط الصين بأوربا لنقل البضائع.
- المشروع يعمل على مد خطوط للسكة الحديد، وأنابيب غاز بالإضافة إلى كابلات بصرية للإنترنت، عبر آسيا، وتوضح خريطة المشروع أن أربعة من أصل خمسة خطوط لهذه الإمدادات تمر عبر إقليم سنجان.
- هذا الوضع يرهن نجاح مشروع القرن بالنسبة للصين، ويجعله متوقفًا على استقرار الإقليم والسيطرة الكاملة عليه.
محو الهوية.. معتقلات وتعذيب وتفريق
- منذ عام 2016، بدأت الصين في شن حملات قمعية ضد مسلمي الإيغور تستهدف هويتهم، وتطمح لتغييرها ودمجهم في المجتمع الصيني، لإنهاء القلق من تميزهم وصلاتهم بمحيطهم المسلم في الجمهوريات الإسلامية.
- لهذا.. أخذت الدولة الصينية، تجرم - تحت غطاء قابلية الشعوب المسلمة لأفكار التطرف والإرهاب- وتمنع مظاهر الديانة الإسلامية، مثل النقاب، واللحية.
- لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي العام التالي، أنشأت الحكومة الصينية معتقلات جماعية للإيغور، يتم فيها عملية محو وإزالة لهويتهم الدينية والثقافية، وترسيخ الهوية الصينية.
- ارتبطت هذه المعتقلات بألوان من الجرائم والاضطهاد للأقلية المسلمة، تشتمل على التعذيب، والتفريق بين الأسر، وانتزاع حق الحضانة للأطفال من العوائل المسلمة، وإجبارهم على التخلي عن معتقداتهم الدينية، ولغتهم القومية، وثقافتهم المحلية.
- انفضح أمر هذه المعتقلات السرية بفضل رواية لبعض الناجين منها وتقديم شهاداتهم أمام المنظمات الدولية.
- مازالت المؤسسات والمنظمات الحقوقية تناشد المجتمع الدولي، بفرض عقوبات على الصين، وإجبارها على إيقاف المعتقلات الجماعية في ذلك الإقليم المنكوب.
المصدر
الجزيرة مباشر
- محاولة للإجابة على سبب تعامل الحكومة الصينية بوحشية مع مسلمي الإيغور، وهل هي حرب كراهية؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا تتعرض الحكومة الصينية للمسلمين الإيغور وتترك المسلمين الصينين الموزعين في الأقاليم الصينية الأخرى؟
- تبدو الإجابة حول الاضطهاد الديني، ليست جوابا مقنعا.. وتاليا على سر السياسات القمعية والتعسفية للحكومة الصينية ضد مسلمي الإيغور.
خطر الجغرافيا والعزلة الثقافية
- إقليم شنغيانغ أو سنجان في الشمال الغربي من الصين، بعيدًا عن العاصمة الصينية بكين، ويحيط به من جهة الغرب كازاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وأفغانستان وباكستان وهي دول ذات غالبية مسلمة.
- يسكن هذا الإقليم مسلمو الإيغور، وهم قبائل تركية، تعد واحدة من 56 عرقية تشتمل عليها الصين، وتباين عرقية الغالبية الصينية التي تشكلها عرقية "الهان".
- مع عوامل الاختلاف التي تبعد الإيغور من الحكومة الصينية جغرافيًا وعرقيًا وثقافيًا، نجد ذات العوامل، وسائل صلة لشعب الإيغور مع سكان الدول المحيطة به فالعرق التركي يشكل غالبية في الجمهوريات المسلمة المتاخمة للإقليم، بالإضافة إلى اللغة والثقافة والتاريخ المشترك.
- لهذين العاملين، الجغرافي والتقارب العرقي والديني والثقافي، كانت الحكومة الصينية دائما تخشى من نزعات الانفصال، التي تدعو لاستقلال إقليم سنجان عنها، أو انضمامه لأي دولة مجاورة.
- قضت الحكومة الصينية على محاولتين لاستقلال الإقليم عنها، كانت المرة الأولى في عام 1933، حيث تم الإعلان عن الجمهورية الإسلامية لتركستان الشرقية، في مدينة كشغر، ومرة ثانية في عام 1944 حيث تم إنشاء جمهورية تركستان الشرقية المدعومة من الاتحاد السوفياتي السابق.
- بعد اعتناق الصين للشيوعية، تخلى الاتحاد السوفياتي عن جمهورية تركستان الشرقية، وتركها وحيدة أمام التنين الصيني، الذي لم يتأخر في إنهاء استقلالها، وضم أراضيها، ومنذ ذلك تحاول الصين إخضاع هذا الإقليم ودمجه، وقطع الصلات بينه وبين محيطه.
التغيير الديموغرافي
- الحكومة اتجهت في البداية إلى تشجيع عرقية الهان للهجرة والاستيطان في إقليم سنجان منذ الخمسينات.
- هذه المساعي تكللت بالنجاح، ففي عام 1945 كانت نسبة الإيغور في إقليم سنجان تمثل نحو من 83%، مقابل 6% من عرق الهان، وفي 2008 تغير الوضع الديموغرافي تماما، إذ تراجعت نسبة الإيغور إلى 46%، وزادت أعداد الهان إلى 39%.
التمييز الاجتماعي
- مع السنوات النمو الاقتصادي كانت الحكومة الصينية تتيح للهان باستلام مفاصل الاقتصاد، بعملهم في القطاعات الأكثر حيوية، بينما تُرك أغلبية الإيغور لمزاولة الزراعة فحسب.
- هذه السيطرة على الاقتصاد والسياسة في الإقليم أثارت غضب الأغلبية في الإقليم من مسلمي الإيغور، فاندلعت المظاهرات في عاصمة الإقليم أورومتشي في عام 2009. قتل 200 شخص، وأصيب المئات في قمع الحكومة للاحتجاجات.
- كانت هذه نقطة تحول في ازدياد القمع والتمييز ضد الإيغور من قبل الحكومة الصينية.
ثروات الإقليم وحساسيته الجغرافية
- يتمتع إقليم سنجان بثروات طبيعية تجعل من السيطرة عليه أولوية لدى الحكومة الصينية، ومع النهضة الاقتصادية التي شهدها الصين في العقود الأخيرة، ازدادت حاجتها لموارد الطاقة الطبيعية التي يتمتع بها إقليم سنجان.
- الإقليم يحتوي على 40% من مخزون الصين للفحم، و20% من احتياطيات النفط والغاز، بالإضافة إلى 20% من الطاقة الهوائية.
- في عام 2013 أعلنت الصين عن مبادرة إعادة طريق الحرير، تحت اسم مبادرة الحزام والطريق، وهو أكبر مشروع للبنية التحتية في تاريخ البشرية، يسعى لربط الصين بالعالم، بخلق طرق تجارية تربط الصين بأوربا لنقل البضائع.
- المشروع يعمل على مد خطوط للسكة الحديد، وأنابيب غاز بالإضافة إلى كابلات بصرية للإنترنت، عبر آسيا، وتوضح خريطة المشروع أن أربعة من أصل خمسة خطوط لهذه الإمدادات تمر عبر إقليم سنجان.
- هذا الوضع يرهن نجاح مشروع القرن بالنسبة للصين، ويجعله متوقفًا على استقرار الإقليم والسيطرة الكاملة عليه.
محو الهوية.. معتقلات وتعذيب وتفريق
- منذ عام 2016، بدأت الصين في شن حملات قمعية ضد مسلمي الإيغور تستهدف هويتهم، وتطمح لتغييرها ودمجهم في المجتمع الصيني، لإنهاء القلق من تميزهم وصلاتهم بمحيطهم المسلم في الجمهوريات الإسلامية.
- لهذا.. أخذت الدولة الصينية، تجرم - تحت غطاء قابلية الشعوب المسلمة لأفكار التطرف والإرهاب- وتمنع مظاهر الديانة الإسلامية، مثل النقاب، واللحية.
- لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي العام التالي، أنشأت الحكومة الصينية معتقلات جماعية للإيغور، يتم فيها عملية محو وإزالة لهويتهم الدينية والثقافية، وترسيخ الهوية الصينية.
- ارتبطت هذه المعتقلات بألوان من الجرائم والاضطهاد للأقلية المسلمة، تشتمل على التعذيب، والتفريق بين الأسر، وانتزاع حق الحضانة للأطفال من العوائل المسلمة، وإجبارهم على التخلي عن معتقداتهم الدينية، ولغتهم القومية، وثقافتهم المحلية.
- انفضح أمر هذه المعتقلات السرية بفضل رواية لبعض الناجين منها وتقديم شهاداتهم أمام المنظمات الدولية.
- مازالت المؤسسات والمنظمات الحقوقية تناشد المجتمع الدولي، بفرض عقوبات على الصين، وإجبارها على إيقاف المعتقلات الجماعية في ذلك الإقليم المنكوب.
المصدر
الجزيرة مباشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق