لا تنساقوا مع العنصرية... غيِّروا أنفسكم!
استورد بعض سياسيينا نموذج الخطاب الشعبوي والانعزالي العنصري، الذي يجتاح العالم وأوصل دونالد ترامب وبوريس جونسون إلى الحكم في واشنطن ولندن، وجعل حزب الرابطة اليميني المتطرف هو الأكثر شعبية في إيطاليا، وكذلك تصدر ذلك التوجه في البرازيل والهند ودول أخرى حول العالم.
موجة الخطاب المعادي للأجانب المقيمين في الكويت تتصاعد من سياسيين كويتيين؛ لكسب الساحة، بعد أن فشلوا في تقديم ما يحتاج إليه الناخب الكويتي منهم من إنجازات وخلافه. خطاب العداء للأجنبي يتصاعد بشكل رهيب في الكويت، وهو أمر خطير في بلد يمثل مواطنوه 29 في المئة فقط من تعداده، وفي منطقة ملتهبة قد تقع فيها بأي لحظة مواجهات عسكرية.
نعم، نقر بأن التركيبة السكانية مختلة بشكل رهيب في الكويت، لكننا كلنا مسؤولون عن ذلك، وبصفة خاصة القطاع الخاص، الذي أصبح مدمناً للعمالة الأجنبية الرخيصة، وهناك حقيقة بأن 95 في المئة من العمالة الوافدة التي تدخل البلاد شهرياً تذهب للعمل لدى القطاع الخاص والكفالات الفردية للمواطنين.
الخطاب العنصري والمعادي للوافد في الكويت لن يحل المشكلة، بل سيخدم السياسي اللعوب الذي يريد أن يستغل غرائزك للحصول على صوتك، ليحتل مقعداً يستغله لخدمة مصالحه الشخصية. وإذا كنا نريد أن نعدل التركيبة السكانية، فيجب أولاً أن نغير أنفسنا وعاداتنا وسلوكنا، ليقل اعتمادنا على العمالة الأجنبية... فهل نحن مستعدون لذلك؟!
هل نحن مستعدون أن نتخلى عن العامل الذي يجر لنا "عربانة" الجمعية، لنفعل نحن ذلك كما يفعله كل الناس حول العالم؟ وهل يمكننا أن نجعل حجم العائلة الكويتية 3 أطفال فقط ونُصغّر منازلنا فلا نحتاج إلى جيش من الخدم وعمال الصيانة للمنازل الكبيرة وإنشاء مدن جديدة كبيرة ستحتاج إلى عشرات آلاف الوافدين لإدارتها؟ وننشئ نظام نقل حديثاً مثل المترو يغنينا عن آلاف الحافلات وسيارات الأجرة وسُوّاقها الأجانب؟ بالإضافة لإقرار ضريبة التحويلات الأجنبية لضبط كلفة العمالة الأجنبية على الدولة؟
وهل يمكننا أيضاً أن نوقف التخصصات الأدبية في المدارس، مدة خمس سنوات، حتى نخرج التخصصات الفنية التي تحتاج إليها البلاد؟ ونغير نظام دعم العمالة السيئ ليدفع بدلاته المالية للعمالة الكويتية التي تعمل في ميكانيكا السيارات وصيانة التكييف والمهن الحرفية فقط؟ ونوقف بناء تلك "المولات" التي لا تقدم لنا شيئاً سوى فرص عمل جديدة للعمالة الأجنبية، وكذلك نوقف بناء المستشفيات الكبيرة التي ستحتاج لإدارتها إلى آلاف مؤلفة من العمالة الوافدة، ونعزز بدلاً منها ميزانية العلاج بالخارج؛ لأن تكلفة الموظفين الأجانب على خزانة الدولة من رواتب وخدمات ستساوي تقريباً تكلفة علاج المواطن في الخارج؟!
تعديل التركيبة السكانية له ثمن يجب أن تدفعه الدولة والقطاع الخاص والمواطن، ولا يمكن أن يتم بالخطابات العنصرية الخطيرة، في بلد صغير مختلط وفيه جاليات أجنبية كبيرة، لذلك لا تكن أخي المواطن ضحية لسياسي مكار وانتهازي، أو ناشط يطمع في الشهرة ولديه طموحات نيابية، وتردد ما يقوله من خطابات الكراهية! فتعديل التركيبة السكانية في الكويت يحتاج إلى أن نغير أنفسنا... فهل نحن مستعدون لذلك؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق