الثلاثاء، 18 مايو 2021

مخطط الصهيونية والهندوسية: إطلاق النار والنحيب

 مخطط الصهيونية والهندوسية: إطلاق النار والنحيب

لقاء سابق بين بنيامين نتنياهو (يسار) وناريندرا مودي

فرحان مجاهد شاك

إن المشاهد المروعة من العنف الذي يتعرض لها الفلسطينيون محطمة للقلوب. "كانوا أربعة" هكذا صرخ الأب الفلسطيني المرعوب الذي فقد جميع أطفاله في هجوم صاروخي إسرائيلي استهدف المباني السكنية المدنية في غزة. هذه الوحشية المستمرة تصبح أكثر ترويعًا بوجود وسائل الإعلام مثل "بي بي سي" (BBC) و"سي إن إن" (CNN) و"فرانس 24″ (France24) التي تساعد وتحرض قيادات السلطة والرواة على التصريحات التي تجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم.

هناك الكثير من أوجه التشابه بين فاشية الهندوسية في كشمير والصهيونية في فلسطين المحتلة. ومع ذلك فإن أكثر الإستراتيجيات خداعًا وتنظيما بعناية التي تستخدمها كلتا الفصيلتين هي اتباع سياسة ملاحقة التناقضات والتي لا يجوز التعاطف معها. إذ إنها تتمثل في استعطاف دول الخارج بينما تقومان بترويع حياة الناس الموجودين تحت احتلالهما.

وبالقدر نفسه من القبح لديهم طرق يشوهون بها الواقع، ويروجون للأكاذيب لتصوير إسرائيل على أنها الضحية. قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتحريف الحقائق بأسلوبه الوقح والمزيف المعتاد في أول مقابلة تلفزيونية له منذ الاعتداء الإسرائيلي مدّعيا: "كان هذا صراعًا بين القانون وبين من يتجاهله". وما يجعل هذا الأمر أكثر إثارة للريبة هو أنه يتشدق بالقانون بينما هو ينتهك اتفاقيات جنيف وميثاق الأمم المتحدة.

والأمر الذي لا يثير الدهشة أن حكومة حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة ناريندرا مودي في الهند قد أيدت بكل صدق الهجوم الإسرائيلي على الفلسطينيين، حيث تحدث ممثلو حزب بهاراتيا جاناتا، الذين لديهم رهاب تجاه الإسلام، عن كشمير وفلسطين بوصفهما جبهتين للحرب على الإسلام.

في الحقيقة هناك الكثير من أوجه التشابه بين فاشية الهندوسية في كشمير والصهيونية في فلسطين المحتلة. ومع ذلك فإن أكثر الإستراتيجيات خداعًا وتنظيما بعناية التي تستخدمها كلتا الفصيلتين هي اتباع سياسة ملاحقة التناقضات والتي لا يجوز التعاطف معها. إذ إنها تتمثل في استعطاف دول الخارج بينما تقومان بترويع حياة الناس الموجودين تحت احتلالهما.

هذه السياسة الازدواجية قد وُصِفت بالعبرية باسم "يوريم في بوتشيم"، أي إطلاق النار والنحيب. يتم تفعيلها في إسرائيل من قبل المستوطنين اليَمِينيين، وفي الهند من قبل سفاحي سوايامسيفاك سانغ القتلة. فكلاهما يهدف إلى سحق الفلسطينيين والكشميريين، ثم يتحسرون على معاناتهم ويقولون "لقد منحناهم فرصة للسلام، يا ليتهم استغلوها".

لا يوجد مكان يتجلى فيه هذا النفاق بوضوح أكثر من الهجوم الإسرائيلي الوقح غير المبرر والتعسفي على المصلين الفلسطينيين أثناء الصلاة، وفي الهند حيث يستخدم الوباء سلاحا لتعريض الكشميريين للخطر عن طريق الحد من الإمدادات الطبية وتشجيع "حج" الهندوس الجماعي.

أولا، إن سياسة مودي المتمثلة في "إطلاق النار والنحيب" هي تسلح عاطفي لاستدراج الدعم والتعاطف الخارجي مع الهند لا سيما أثناء تفشي وباء "كوفيد-19" الحالي لإحداث الفوضى في الحياة والحرية الكشميرية من خلال تسهيل انتشار الوباء. وقبل ذلك أدى ظهور الوباء إلى تزويد مودي بالغطاء الذي يحتاجه لفرض إغلاق لكشمير بحجة الحجر الصحي.

والآن ومع تصاعد حالات "كوفيد-19" في كشمير التي تحتلها الهند، تخطط الحكومة الهندية بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا لإقامة الحج الهندوسي في أمارناث ياترا. لك أن تتخيل أنه في وقت تسجل فيه 3 وفيات على الأقل في الدقيقة، ترغب الهند في تسهيل إقامة هذا الحدث الذي ينشر المرض بشكل فائق، مع العلم جيدًا بتأثير "كومبه ميلا" على تفاقم ويلات الوباء في الهند. ولا عجب بعد معرفة مجلة "ذا لانسيت" (The Lancet) الطبية بهذا الإجراء أن تدين تدابير مودي لصد الوباء.

يقوم حدث "أمارناث ياترا" السنوي على تسهيل مشاركة ما يزيد عن 600 ألف من المصلين الهندوس في رحلة "أمارناث ياترا"، الذي هو كهف ضريح يحوي صواعد جليدية. وعلى الرغم من فيروس كورونا المروع الذي يجتاح الهند، فإن الحكومة الهندية صرحت بأن الحج سيجري كما هو مقرر له في الفترة من 28 يونيو/حزيران حتى 22 أغسطس/آب 2021.

ولا شك في أن تسهيل زيارة المصلين الهندوس لضريح كهف أمارناث على ارتفاع 3880 مترًا (12 ألفا و730 قدمًا) فوق سطح البحر في جبال الهيمالايا، سيؤدي إلى موجة مدمرة من فيروس كورونا في كشمير التي تحتوي بالفعل على مرافق رعاية صحية غير مجهزة مطلقا.

يجب إيقاف هذا الحدث على الفور، ويجب إجبار الحكومة الهندية على منع حدوث هذه الجريمة ضد الإنسانية. وستؤدي عواقب مثل هذه الأعمال إلى انتهاكات جسيمة لاتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، بما في ذلك المعاملة اللاإنسانية، والتسبب عمدا في معاناة شديدة أو إصابة خطيرة في الجسد أو الصحة.

تهدف حكومة مودي إلى تعظيم خطورة الوباء وتعريض الأرواح للخطر بشكل متهور وزيادة ترسيخ الاحتلال العسكري للأراضي المتنازع عليها لفرض التجانس من خلال السماح برحلة حج أمارناث ياترا الهندوسية. فما الذي يمكن أن يكون أكثر كارثية من تسهيل حدث ينشر الوباء بشكل خطير في إقليم كشمير المتنازع عليه؟

ثانيًا، يتم تفعيل إستراتيجية "إطلاق النار والنحيب" لنتنياهو كما لم يحدث من قبل في القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة. وقد تصاعد الوضع الحالي عندما تعرض المصلون الفلسطينيون في المسجد الأقصى للاعتداء بوقاحة أثناء صلاة الفجر. وتجاهلت وسائل الإعلام الغربية والإسرائيليون هذه الحقيقة بالكامل، وقاموا بالتركيز على حماس وضرباتها الانتقامية الفجة ضد المدن الإسرائيلية.

إجمالا، كان هناك أكثر من "120 قتيلا وحوالي 1000 جريح، وقصف 24 مدرسة وتدمير 200 وحدة سكنية" في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد تشرد أكثر من 10 آلاف فلسطيني بسبب القصف. وحتى هذه اللحظة يتعرض الفلسطينيون للهجوم لأنهم تجرؤوا على المقاومة ثم شتموا على فعل ذلك. إذ إن الطاغية لا يبغض شيئا أكثر من مقاومة المظلوم، تلك المقاومة التي تكشف قسوته للعالم.

وعلى الرغم من الدعوات الدولية للوقف الفوري لجميع أعمال العنف بما فيها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهد بأن الهجوم سيستمر لأنه "بحاجة إلى استعادة الهدوء في دولة إسرائيل".

ومرة أخرى هذا مثال واضح آخر على التضليل المتعمد، إذ يدعي نتنياهو أنه يسعى لتحقيق السلام، بينما يقصف غزة بلا رحمة ويرفض بغضب الدعوات لوقف إطلاق النار. وهذا مألوف بشكل مخيف لما كتبته غولدا مائير ذات مرة بشكل لاذع حول السبب الذي يجعل الإسرائيليين "لا يمكنهم أبدًا مسامحة العرب على تنشئة وتعليم أطفالنا على قتل أطفالهم".

سواء في ميادين القتل في فلسطين المحتلة أو كشمير، يتم تعلم درس مأساوي بأن مستقبل عالمنا مريض. الإرهاب يولد مثل المرض وإن لم يكفِ الفعل الوقح المتمثل في ارتكاب جرائم حرب أو نزع الملكية أو الاستيلاء على الأراضي أو القتل الصريح لإجبار المجتمع الدولي على التصرف تجاه هذا المرض، فإن الآخرين سيفعلون ذلك. كما كتب نيلسون مانديلا بحكمة ذات مرة: "عندما يُحرم الرجل من الحق في أن يعيش الحياة التي يؤمن بها، فلا خيار أمامه سوى أن يصبح خارجًا على القانون".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق