العلو الكبير في فصله الأخير..صفعة القرن (٣ – ٣)
د. عبد العزيز كامل
بعد طول انتظار وترقب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، حضره رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، اعلن عن خطته الموعودة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين والتي اطلق عليها (صفقة القرن).
وهي تتضمن استمرار سيطرة اليهود على معظم الضفة الغربية التي احتلتها اسرائيل عا م1967، وضم الكتل الاستيطانية الضخمة في الضفة الغربية إلى الادارة الإسرائيلية، وبقاء مدينة القدس موحدة وتحت السيادة اليهودية .
وتتضمن تعهد اسرائيل بالحد من النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة أربع سنوات في فترة ممنوحة للفلسطينين كي يقروا الدخول في مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي لتطبيق الخطة.
واعتبر خطته للسلام “فرصة أخيرة” للفلسطينيين، ولم ينتظر نتنياهو حتى يعود حتى أعلن أنه سيقدم اقتراحاً إلى الكنيست الاسرائيلي لضم منطقة وادي الأردن الاستراتيجية ومستوطنات الضفة الغربية إلى دولته من جانب واحد.
وصفقة القرن تتصمن أن يكون للفلسطينيين دولة لها عاصمة تحمل اسم القدس، ولكن في أي مكان آخر غير المدينة المقدسة، أما القدس الحاضنة للمسجد الأقصى؛ فتقضي الصفقة بأن تبقى موحدة وتحت السيادة الاسرائيلية!
أما المسجد الأقصى وساحاته، فيبقى الوضع كما هو عليه، على أن يضمن اليهود حمايته وضمان حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين واليهود والديانات الأخرى، مع احتفاظ الأردن بموجب الخطة بمسؤولية الاشراف الإداري على المسجد.
أما المقابل الذي سيكافأ به الفلسطينيون فهو الحصول على مليون فرصة عمل جديدة في حال قبولهم بتنفيذ الخطة، كما وعدوهم بخفض معدل الفقر إلى النصف، وتوفير أموال للإنفاق في مشروعات للبنية التحتية، والاستثمار على مدى 10 سنوات في فلسطين وجيرانها بالأردن ومصر ولبنان.
والمفترض أن تقوم دول الخليج بتمويل الشق الاقتصادي من (صفعة) القرن هذه.. إذا سارت الأمور على مايريد المخططون.
وتتحدث الخطة التي تقع في 181 صفحة ونشرها البيت الأبيض على موقعه بعنوان “السلام على طريق الازدهار” لأول مرة عن موضوع “اللاجئين اليهود” ويقصد بهم اليهود الذين كانوا يعيشون في الدول العربية قبل إقامة دولة اسرائيل عام 1948 وهجرة عدد كبير منهم إلى إسرائيل أو غيرها من الدول، وتؤكد وثيقة ترامب أن اليهود الذين فروا من الدول العربية عانوا مثل أقرانهم الفلسطينيين؛ ولذلك تؤكد على رفض أي عودة للاجئين الفلسطينيين إلى “إسرائيل” واسقاط أي مطالب مستقبلية بتعويضهم.
وقد طلبت الوثيقة من (منظمة التعاون الاسلامي) أن تعمل على قبول كل دولة من أعضائها استيعاب خمسة آلاف لاجىء سنويا وعلى مدار عشرة أعوام.
يكفي لمن تأمل فحوى وروح هذه الصفقة أن يدرك أنها تمثل صفعة جديدة لأمة الإسلام من أمتي الغضب والضلال، بتعاون وثيق من أحلاف المنافقين.
اتفاقية إبراهيم وحلف المنافقين
معلوم أن كفار أهل الكتاب كانوا وما يزالون يتمسحون بملة إبراهيم عليه السلام، حيث قالوا إن إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا، ومعلوم أيضا أن عودة اليهود إلى الأرض المقدسة قد بنيت في الأساس على أسطورة (وعد إبراهيم) بإعطاء الأرض الممتدة من النيل للفرات لنسله الذين حصروهم في بني إسرائيل.
وهاهم اليهود والنصارى يعودون للتمسح في ملة إبراهيم عليه السلام، وينسبون أنفسهم له، ويردون عقد اتفاقية مع العرب باسمه، على اعتبار أن نيل إسماعيل من العرب، يمثلون أبناء عمومة لبني إسرائيل!
وعلى هذا الأساس جاء الإعلان عما اسموه الاتفاقيات الإبراهيمية أو (اتفاقية إبراهيم) الاتفاق الإبراهيمي؛ والمقصود بها مجموعة من اتفاقيات السلام التي أرادت أمريكا عقدها بين دولة اليهود وبين ودول عربية برعايتها.
وبالفعل؛ تم استخدم اسم الاتفاقية لأوّل مرة في بيان مشترك بين “إسرائيل” ودولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، وتم إعلان الاتفاقية في 13 أغسطس 2020م، وجرى توقيعها في 15 سبتمبر 2020م، ثم أعلن عن اتفاقية سلام جرى توقيعها بين إسرائيل والبحرين، ثم تبعتهما المملكة المغربية ثم السودان.
وقد جاء تتابع اتفاقيات السلام هذه بعد عقود من البرود المعلن في التطبيع الجماعي للعلاقات مع البهود، منذ أن وقع الأردن اتفاقية للسلام مع إسرائيل عرفت باسم معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية بوادي عربة، في عام 1994، لتكون الدولة العربية الثانية التي لحقت بركب الاستسلام الذي بدأ مساره من مصر في اتفاقية كامب ديفيد عام 1978.
وبغض النظر عما احتوت عليه تفاصيل اتفاقيات الاستسلام الجماعي، فإن مجرد الإجماع العربي الرسمي على هذه الضلالة، يؤكد على أن الضلع الثالث في حلف العداء الظاهر للمسلمين، قد قدم نفسه في صورة أبناء سلول ..
المصدر/ مركز محكمات للبحوث والدراسات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق