كان ذلك قبل سطوع الشمس وانفجار ينابيع الأمل من حرب غزة،وكان ثمة حرب طاحنة ظننتها ستتحول إلى حرب عالمية بين عدد كبير جدا من العلماء من جانب والدكتور عصام تليمة من الجانب الآخر، وكان قد أصدر كتابا بعنوان "لا رجم في الإسلام".
لا أتدخل في الفقه أبدا، لكنني أرفض تجديده في عصور يسود فيها الطغيان والكفر وإلا تحدث بلسانهم، حيث يتأله الملك فيحيي ويميت ويحدد المصائر ويكون هو لا العلماء الذي يجدد الكفر لا الدين.
متابعتي للمعركة جعلتني أحس مرة أخرى أن الحروب بيننا كداحس والغبراء وليست حروب لاإله إلا الله محمد رسول الله،حروب لإثبات الذات لا لإثبات الدين.
كان يمكن حلّ الاختلاف كله بمقال أو مقالين ثم نغلق الأبواب،لكن النار اشتعلت والقيامة قامت وبدا لهم د عصام تليمة فريسة لابد من سحقها تماما،والحقيقة أنني اختلفت يوما مع بعض ما يقوله عصام فهاجمته مشتدا في القول لكنني لم أفكر في سحقه ولا في اغتياله،وأنبني ضميري عندما واجهوه في إحدى الفضائيات بما قلته عنه وكان شديدا فاعتذرت له عن شدتي لا عن فكرتي! لا يمكن اتهامي بأنني أتواطأ معه إذن، والأمر كله لم يكن من أولوياتي إلا حين كتبت مقالة منذ ثلاثين عاما بعنوان" الحدود في الإسلام كنز لا وباء" ربما أعيد نشرها عليكم فيما بعد.
الذي دفعني إلى عنوان كورونا الشيوخ هو أن الهجوم كان عاتيا جدا على عصام تليمة، لا بأس لم يقلقني ولا يقلقني ذلك فالقضية ليست ولن تكون في المستقبل المنظور من أولوياتي،لكن ما استرعى انتباهي أن أحدا من المهاجمين لم يجرؤ على أن يذكر أن بعض الأساتذة الكبار لهؤلاء العلماء المهاجمين يرون ما كتبه عصام تليمة. لم يذكر أحد مثلا أن الشيخ محمد أبو زهرة والعلامة يوسف القرضاوي رضي الله عنهما يقولون ما قاله عصام تليمة. من وجهة نظر الموضوعية والأمانة والشفافية والصدق كان عليهم أن يواجههوهما أيضا. لكنهم فعلوا العكس وتواطئوا على الإخفاء كي ينتصروا جدلا. حزنت وغضبت لذلك، فالشيوخ هم ملح البلد فمن يصلح الملح إذا الملح فسد.
لقد عبر العلامة القرضاوي رضي الله عنه عن استيائه ودهشته عن أن عالما من أكبر علماء مصر وأهمهم يعجز عن عرض اجتهاده بين جمهور من زملائه وتلاميذه الذين بادروه بالصياح ورفض استمراره. القرضاوي مهذب جدا كما تعلمون لكنني فهمت ما لم يقله من انتقاد لغوغائية العلماء.
كانت ذلك كله من ضمن أعراض كورونا العلماء والشيوخ.
نقطة ثانية حيرتني: هل الرجم من الأصول أم من الفروع. لقد عطل الطواغيت الحج والعمرة والصلاة في معظم المساجد والوضوء في كل المساجد، وألغوا فريضة الجهاد وجرموها ومنعوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأباحوا الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، وقتلوا الأبرياء وسجنوهم وزوروا الانتخابات وهتكوا الأعراض وتواطئوا مع الأعداء وثبت عليهم الوزر وربما الكفر في الولاء والبراء، وأشاعوا الفاحشة بكل أنواعها وألوانها بين المؤمنين .
حدث كل هذا فلم ينتفض شيوخنا غضبا كانتفاضتهم ضد عصام تليمة.
ولم يكتفوا بالصمت بل انبرى بعضهم فأباح لمليكه أن يزني ويسكر على الهواء، وصمتوا على علماء أعتقد والله أنهم كفروا بأن طوعوا الدين للحاكم وبدلوه وتحولوا من عبادة الله إلى عبادة الشيطان .وكنت أتمتم في أسى:لقد أصيبوا بكورونا الشيوخ. كم كانت رقتكم ودماثتكم وأنتم تتعاملون مع الكفر البواح بمنهج "للبيت رب يحميه" مع أن من قالها كافر!
ثم: هل هذا هو فقه الأولويات؟ هل انتظمت صفوف هائلة للرجم أوقفها كتاب عصام تليمة فتسبب في طعن الإسلام وهزيمتنا أمام الغرب وضياع فلسطين والشيشان وجمهوريات تركيا والهند والأندلس؟
أساسا حدث هذا ليس بسبب عصام بل بسبب فساد العلماء وإصابتهم بكورونا الشيوخ ليس في الجهاز التنفسي بل في العقل والقلب والدين والروح ونتج عن فسادهم وضعفهم وعجزهم فساد الحكام فلم يفسد الملوك إلا بعد فساد العلماء-
وهب أن عصام تليمة خاف منكم أو اقتنع بكم وأقر الرجم. هل كان أي واحد منكم سيستطيع تنفيذ الحد في بلده. أم أنها حرب داحس والغبراء بعد أن نسيتم الله فأنساكم أنفسكم ودخلتم في أرض التيه. لقد كان رأي أبي زهرة والقرضاوي وتليمة يصلح غطاء لعجزنا وتخديرا لجرحنا وسترا لعورتنا فنقول أننا لا نطبق الرجم لأن هناك رأيا آخر، بدلا من أن يقول العالم عنا أننا لا نطبقه رعبا منهم، أو أننا عقلنا وصرنا نخجل من ديننا.
قد يتساءل متسائل: لكنه مسموح به في السعودية. وأقول له يا مسكين يا محدود العقل لسبب جوهري ومتعمد ومخطط. لقد لاحظوا أن أغلب من يدخلون الإسلام
في الغرب من النساء،فأرادوا أن يضعوا لهم رادعا مخيفا يجعلهم يكرهون الإسلام. بل إن غلظة الفقه السعودي أمريكية الأصل والمنهج وهي مخططة لتنفير الغرب كله من دخول الإسلام
لقد غفلنا عن هذا كله ودخلنا فيما بيننا حروب داحس والغبراء
ملحوظة :
ملحوظة 2: أليس غريبا أن يقلبوا الدنيا على عصام تليمة ولا ينبتوا ببنت شفة عما ينشر الزنا حولنا في كل مكان خاصة في أقدس بلادنا تحت راية الترفيه.
فاللهم اهد علماءنا فبضعفهم وخوفهم وفسادهم انحرف ملوكنا فهلكنا أو نهلك
أختم مقالي بذكر أنواع العلماء:
1- الشهداء وهؤلء في عليين بإذن الله
2- المأسورون وأولئك أحسبهم ولا أزكيهم على الله على خير
3- الصادعون بالحق والمجاهرين به غفر الله لهم وجمعهم بالصديقين والشهداء.
4- من يعرفون الحق ويكتمونه وهؤلاء شياطين خرس.
5- أغلبية كفروا بعد إيمانهم وعبدوا الملك لا رب الغلام
يبقى نوع أخير وأحسبه أخطرهم: إنهم
نوع من الشيوخ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. إنهم يكررون دور البابا في الكنيسة،ويجعلون أنفسهم المفسر الوحيد للدين والقارئ الأوحد لما يريد الله قوله تماما ككهنة الأوثان حيث كانوا يترجمون الحديث بين الوثن والعبد ويتلقون قرابينه. إنهم يجعلون من أنفسهم وكلاء الله الحصريين، ومصدرا للتشريع او على الأقل ناقلين لأوامر الله كما فعلالرسل،فلا حلال إلا ما يرونه حلالا ولا إسلام إلا ما يعترفون به،أولئك،وأغلبهم للأسف علماء كبار،اخطر على الإسلام من ألد أعدائه
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق