توقفت الحرب ولم ينتهي الصراع …
فهل هو عجز دولي ام تواطؤ مع المحتل ؟
د. محمد السيد
باحث ومحلل سياسي
رغم استمرار الهدنة المعلنة بين الاحتلال وقطاع غزة وتوقف القصف بين الجانبين فعليا الا ان اسباب اندلاع المواجهات لازالت قائمة ، فاجتياح المستوطنين امس باحات المسجد الاقصي تحت حراسة مشددة من قبل شرطة وجيش الاحتلال تدل وبلا شك ان النيران تحت الرماد وان الوضع اذا استمر فالعودة للحرب مرة اخري ستكون البديل ان لم تتراجع حكومة الاحتلال من تلقاء نفسها او بتدخل دولي للضغط عليها ،لقد اصبحت القدس محور الصراع ويحاول الاحتلال فرض امر واقع من خلال التهويد المستمر لمنازل واحياء القدس في حي الشيخ جراح وسلوان واصدار قرارات ظالمة من محاكم عنصرية باخلاء سكانها الاصليين من الفلسطنيين ومنحها للمستوطنين دون اي سند قانوني لاحداث تغير ديمغرافي تمهيدا للسيطرة الكاملة علي القدس .
لقد استغل الاحتلال تشرذم القوي الفلسطينية وعمل علي تقسيمها فلا سلطة قوية تتمتع بتأييد شعبي ولا يسمح بأجراء انتخابات خوفا من وصول حماس الي السلطة ،فيظل الوضع كما هو عليه الان .
الوضع الدولي المنحاز للاحتلال يدل علي ان الازمة لن تنتهي وما حدث خلال الايام الاخيرة خير دليل ، فلم يتم ادانه المعتدي ولم يحاسب علي جرائمه في حق المدنيين العزل في قطاع غزة المحاصرة منذ 14 عاما بحرا وبرا وجوا ، فالاوضاع الانسانية داخل هذا الجزء الصغير من فلسطين( 365 كم مربع ) والمكتظ بالسكان ( 2مليون نسمة ) لم يلقي اي اهتمام دولي او اقليمي سوي بعض المساعدات التي تقدم في شكل تبرعات او هبات من بعض المؤسسات الخيرية او من الاونروا ، فعلي سبيل المثال يعاني القطاع من نقص شديد في الكهرباء ومياة الشرب بالاضافة الي النقص الحاد في المستلزمات الطبية والتي تعاني منه مشافي القطاع بالاضافة الي الاصابة بفيروس كورونا .
بشكل عام ، وبعدما تهدم 2000 مبني بشكل تام وتصدع الاف المنازل نتيجة القصف الاجرامي لطائرات الاحتلال اصبح هناك مئات الاسر المشردة في حاجة الي مآوي واصبح الاعمار امرا ملحا .
فبعد توقف العدوان انطلقت عدة دعوات للاعمار من دول اقليمية واخري دولية لكن هاته الدعوات لم يتم تنفيذها ولن يسمح بتنفيذها لان الاحتلال هو من يقرر دخول المساعدات او منعها ، فالحصار لم ينتهي والتحكم في المعابر لم يتوقف وهذه معضلة لم يستطيع العالم حلها وفرض ارادته علي المحتل ، فجميع المساعدات المالية او العينية تمر عبر قنوات الاحتلال كما لا يوجد ضمانه حقيقية بعدم تدمير الاحتلال كل مايتم اصلاحه او بناءه ،
اننا امام ازمة طال امدها واستفحل خطرها وكشفت للجميع حجم معاناة شعب يعيش ظروف صعبة منذ عقود ورغم ذلك لم يتحرك العالم لوقف هاته المهازل وردع المعتدي،
اسباب الازمة تجددت
يبدوا ان الانتصار الذي حققته المقاومة باعتراف قادة جيش الاحتلال وجعل ساسته يقبلون بوقف فوري لاطلاق النار لم يرق للبعض داخل الكيان المحتل ، فعادوا الي ممارستهم العنصرية في الاعتداء علي المقدسيين واعتقال الشباب الرافض لسياسة الفصل العنصري وبلغ حتي الان عدد من اعتقلوا اكثر من 1400 شاب ممن شاركوا في الدفاع عن الاقصي وحي الشيخ جراح .
وكانت المقاومة علي لسان ناطقها الرسمي ابو عبيده حظر قادة الاحتلال قائلا ان عدتم عدنا في اشارة واضحة الي ان الهدنة الحالية هي اختبار للاحتلال وليست دائمة .
لكن الازمة التي يعيشه الاحتلال من عدم تشكيل حكومة حتي الان بعد انتخابات جرت للمرة الرابعة اصبحت تدفع بالمتطرفين الي سده الحكم ، فهؤلاء يسعون الي مزيد من تأجيج الصراع بالسيطرة علي الارض وطرد الفلسطنيين من منازلهم تحت مزاعم وخرافات توراتية محرفة ، ورغم خطورة ما يفعلوه الا ان جزء كبير من المستوطنيين يؤيدهم بالاضافة الي وجود الدعم الدولي المتمثل في ( الوبي الصهيوني ) في كل من امريكا ودول اوروبا .
لقد عجز مجلس الامن والجمعية العامة علي حماية الشعب الفلسطيني من الانتهاكات التي يتعرض لها واصبح الفيتو الامريكي يشكل عائقا امام اي قرار يتخذ ضد همجية المحتل الغاصب ، ولذلك لم يعد امام الشعب الفلسطيني خيار اخر غير المقاومة ليحافظ علي مقدساته وارضه من سطوة الاحتلال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق