الشيخ حاتم فريد.. ويا حلو بانت لبتك!
سليم عزوز
لم يكن مفاجأة لنا أن تنطق بعض الرموز السلفية، بعد انتصار المقاومة الفلسطينية، ليس تأييداً لها، ولكن على قواعد شبيحة الأفراح في الأحياء الشعبية قديماً؛ لإفسادها، ومن أسلوبهم هذا أخذ المثل الشائع: "كرسي في الكلوب"!
فبينما الأمة سعيدة بهذا الانتصار الذي تحقق، وبينما المظاهرات تخرج بالآلاف في عواصم غربية عدة منتصرة لفلسطين وحق الشعب الفلسطيني، أيضاً احتفالا بهذا الانتصار، إذا بأصوات هنا وهناك تنتمي للتيار السلفي، ترى في شكر إسماعيل هنية لإيران مدخلاً مناسباً لإفساد الفرح المنصوب. فكيف يشكر ايران الشيعية، والشيعة يسبون أمهات المؤمنين؟ مع أن الشكر شمل عبد الفتاح السيسي، ولم نر نحن الذين نرفض النظام المصري العسكري في هذا غضاضة. وإذا كان الاعتراض على شكر الشيعة، فمبلغ العلم أن الجنرال ليس زعيم أهل السنة والجماعة، بل إنه الأقرب إلى التدين الصوفي الشعائري، ويعتقد السلفيون في أن التصوف هو الدرجة الأولى في سلم التشيع!
بينما الأمة سعيدة بهذا الانتصار الذي تحقق، وبينما المظاهرات تخرج بالآلاف في عواصم غربية عدة منتصرة لفلسطين وحق الشعب الفلسطيني، أيضاً احتفالا بهذا الانتصار، إذا بأصوات هنا وهناك تنتمي للتيار السلفي، ترى في شكر إسماعيل هنية لإيران مدخلاً مناسباً لإفساد الفرح المنصوب
وإذ قرأت لأصوات هنا وهناك تهاجم المقاومة على هذا الشكر، فقد كان الشيخ حاتم فريد الواعر هو أبرزها، وهو واحد من رموز سلفية الإسكندرية، ويقيم حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث هاجم هذا الشكر، على مظنة أنه سيجعل الأجيال القادمة تؤكد أن إيران ساهمت في تحرير المسجد الأقصى، وأنه "إذا كان في عرف سياستكم واجب الشكر لإيران فاشكروها سراً".
لقاءات لندن:
وهي درجة من درجات التنطع ذكرتني بسلسلة لقاءات تلفزيونية نظمتها قناة "المستقلة" في لندن عن البديل للأنظمة الحالية، وذلك لمدة عشرة أيام، في نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر 2008، وبداية شهر كانون الثاني/ يناير من العام الجديد. وكنت فيها ممثلاً للفكرة الليبرالية، مع وجود ممثلين عن للناصريين، والإخوان المسلمين، وقوى سياسية أخرى. وإن كانت هذه اللقاءات التي كانت تمتد كل ليلة لقرابة الثلاثة ساعات، قد انتهت بحلقة عن غزة، فقد حدث الاجتياح الإسرائيلي لها في هذه الفترة، وقد أجمع المشاركون على رأي واحد لأول مرة منذ بداية هذه الحلقات.
وليس الاجتياح هو ما تذكرته على خلفية ما قاله "الواعر" وغيره، فالمفاجأة كانت بسبب رؤى الممثل عن الوهابية، وهو من علماء المملكة العربية السعودية، الذي عاد وزاد في أن رأس كل البلاء يتمثل في "التوسل بأصحاب القبور"، ومن زيارة الأضرحة، والصلاة في المساجد التي توجد بها هذه المباني التي تنسب للأولياء، وأدهشنا بما قال، حيث أصر على أن أزمة مصر ليست في وجود نظام مستبد، ولكن في اعتقاد المصريين في أصحاب هذه الأضرحة!
كان يعيد ويزيد في ذلك في كل ليلة، رغم احتجاجنا على الذهاب بالنقاش السياسي إلى هذه الدائرة، لكن يبدو أن القوم يجيدون خطف الحوار إلى ساحات ودورب وعرة، لأسباب تخصهم. وكذلك فعل الشيخ حاتم فريد الواعر، الذي نفخ في الحبة ليجعل منها قبة، وفي شكر إيران ضمن دول أخرى باعتباره جريمة كبرى، والهدف واضح وهو "إفساد هذا الفرح"، ربما لأنه عز عليهم انتصار المقاومة، وما تعنيه من زيادة شعبية حركة حماس، وفي وقت تتبنى فيه دولة المركز للمذهب السلفي الدعوة للتطبيع مع إسرائيل، وتتقرب إليها بالنوافل، وربما لأن الشكر لم يوجه إلى هذه الدولة، فكان لا بد من تحميل الأمر أكثر مما يحتمل، وحتى لا تفهم الأجيال القادمة أن إيران حررت المسجد الأقصى.. وهل تحرر المسجد الأقصى؟!
هزيمة حماس:
اللافت هنا أن الشيخ فريد الواعر كان في بداية الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى يدعو لتجاوز المذاهب، فالجميع مدعون لنصرته، وما دامت هذه وجهة نظره (قضية تتجاوز المذاهب)، فماذا في معتنقي المذهب الشيعي إن هم ساعدوا المقاومة؟ فلا أظن أن كلامه عن المذاهب كان قاصراً على المالكية والحنفية، لأن السلفية لا تؤمن بالمذاهب، ولا أعتقد أنه يقصر حديثه على الجامية المدخلية ومدارس السلفية في مصر، اللهم إلا إذا كانت أزمته ليست فقط في أن يكون لإيران دور في مساعدة المقاومة ولكن في انتصار المقاومة نفسها وعلى رأسها حركة حماس، ودعم هذا الانتصار لمكانتها في قلوب كل الأحرار. ومع تعدد حركات المقاومة في غزة واختلاف توجهاتها الفكرية والسياسية، إلا أننا لم نسمع عن فصيل مقاوم هناك على مذهب الشيخ الواعر وأستاذه ياسر برهامي!
الشيخ فريد الواعر كان في بداية الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى يدعو لتجاوز المذاهب، فالجميع مدعون لنصرته، وما دامت هذه وجهة نظره (قضية تتجاوز المذاهب)، فماذا في معتنقي المذهب الشيعي إن هم ساعدوا المقاومة؟
بل نتذكر أن من وصف صواريخ حماس في السابق بأنها صواريخ كرتونية، كان رمزاً سلفياً معتبراً، وكان يفعل بحسب قناعاته بعدم مقاومة المحتل، وربما باستدعاء أمني. فقد كان نظام مبارك يحارب المقاومة ويشهّر بها في إعلامه، ويرى عدم قدرتها على الفعل، لكنها تعطي المبرر لتدمير غزة واجتياحها. وكان اللافت أنه في هذه الفترة أن نظام مبارك الذي كان يتبنى هذا اللون من السلفية، كان يقر بهزيمة حماس، في وقت كان يقر فيه الإعلام العبري بل وتقرير لجنة تقصي الحقائق الإسرائيلية بانتصار المقاومة، وقد دفع رئيس الحكومة أولمرت ثمن هذا نهايته كسياسي بسبب خسارته لهذه الحرب!
إنها عقيدة القوم، ومن حسن الحظ أن هذا الفيروس لم ينتشر في العالم العربي إبان مرحلة الاحتلال الأجنبي للعواصم العربية، إذ لتم توظيف الفكر السلفي في دفع الناس بعيداً عن مقاومة الاحتلال، والتعامل معه على أن في حكم الحاكم المتغلب الذي لا يجوز الخروج عليه، لما في ذلك من مفسدة!
وقد اعترف ولي العهد السعودي أنهم دعموا في بلادهم الفكر الوهابي تنفيذا لتعليمات غربية، على نحو يوحي بأهمية هذا الفكر لدى دوائر الاستعمار العالمي، فهل كانت هذا التحول في موقف حاتم فريد الواعر بسبب استدعاء من جهة ما، إقليمية أو دولية، جعله يغير من موقفه من أن نصرة الأقصى قضية تتجاوز الخلاف بين المذاهب، إلى أن ينفر خفافاً وثقالاً، ويغدوا خماصاً وبطاناً، ضد شكر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لإيران؟ لا سيما وأن هذا يأتي في وقت روجت فيه قناة "العربية" لأخبار مفضوحة، مثل خبرها الذي نشرته بصيغة عاجل: "اعلام إيراني: هنية يستعرض نتائج معركة غزة مع قائد الحرس الثوري"، وذلك دون ذكر لاسم صحيفة أو فضائية إيرانية قالت هذا الكلام. وهو كلام يبدو للجنين في بطن أمه، أنه غير صحيح، فهنية في الدوحة ولم يغادرها لطهران. فما هو حرص القناة المذكورة على الفبركة في هذا السياق، الذي دخل عليه الرمز السلفي المعتبر حاتم فريد الواعر، صاحب التحولات السريعة من الحديث عن جميع المذاهب، إلى الهجوم على شكر إيران!
اعترف ولي العهد السعودي أنهم دعموا في بلادهم الفكر الوهابي تنفيذا لتعليمات غربية، على نحو يوحي بأهمية هذا الفكر لدى دوائر الاستعمار العالمي، فهل كانت هذا التحول في موقف حاتم فريد الواعر بسبب استدعاء من جهة ما، إقليمية أو دولية، جعله يغير من موقفه من أن نصرة الأقصى؟
حاتم من الإخوان للسلفية:
وليس هذا التحول الوحيد في حياته، فقد كانت ميول الرجل إخوانية في بدايته، وكان يهدي المقربين منه رسائل الإمام حسن البنا، قبل أن تتلقفه الرموز السلفية في الإسكندرية، وتعيد تشكيله وفق معتقدها، ثم يتبناه الأمن فيدفع به إلى ساحة الشهرة بالدفع به لإمامة المصلين في مسجد تاريخي بحجم "القائد إبراهيم"، استغلالاً لجمال صوته، وفي فترة كان الأمن فيها يتبنى التدين الآمن، بعد مرحلة الفورة الدينية في عهد السادات وفي بداية عهد مبارك، ولم يعد هناك خوف من شعبيته وقد جرى تعميده من قبل الدعوة السلفية!
وقد تعرفت الرموز السلفية عليه في بداية ذيوع صيته، واحتشاد كثيرين لصلاة التراويح خلفه. وفي هذا العام أنهى الشيخ محمد إسماعيل المقدم وغيره من الشيوخ صلاة التراويح في مساجدهم في ليلة الثامن والعشرين من شهر رمضان، وشدوا الرحال إليه، وبدأت نجوميته في توقيت ظهور الشيخ محمد جبريل في القاهرة، والذي بدأ صيته بدعوة الدكتور عبد الصبور شاهين، خطيب مسجد عمرو بن العاص، له لإمامة المصلين في صلاة التراويح، وكان يقول إنه من اكتشفه. وربما تصرف شاهين من تلقاء نفسه بهذه الدعوة، فقد كان لديه اعتقاد بأن الأمن لا يتدخل في الحالة الدينية إلا مع المتطرفين، بدليل أن مبارك من عينه خطيباً لمسجد عمرو بعد أن استمع لخطبة له، وأنه من عينه عضواً في مجلس الشورى. وكان يرى أن هذا الاختيار واستمراره إنما تأكيد لحقيقة دعوته، وعندما نقل لي صديق مشترك كلامه هذا قلت بلغه أن الأمن يهندس الحالة الدينية، وأنه لن يستمر طويلاً، فقط إنه ليس من الأولويات الآن!
وكأني كنت أقرأ الغيب، ففي أقل من ثلاثة شهور على هذه الواقعة، مُنع من الخطابة في مسجد عمرو بن العاص، ولم يعين مجدداً في مجلس الشورى، واقتصرت إمامة محمد جبريل على ليلة السابع من شهر رمضان، لكي تتوقف في وقت لاحق!
وكان حضور هذه الرموز السلفية لاكتشاف ظاهرة حاتم فريد هي بداية تعميده سلفياً، وكان للقوم عليه ملاحظة أن يتزيد في دعاء القنوت بما يخالف السنة، فتوقف عن هذا. وفي العام التالي كان اختياره لمسجد القائد إبراهيم، وهو المسجد الذي عرف بالشيخ أحمد المحلاوي، الذي هاجمه السادات في آخر خطاب له ووصفه بأنه مرمي في السجن زي الكلب. وكانت المفارقة في صورتين نشرتهما جريدة "المصري اليوم"، لصلاة التراويح في ليلة واحدة؛ الأولى من مسجد القائد إبراهيم حيث الآلاف الذين يصلون خلف إمام شاب اسمه حاتم فريد، والأخرى من زاوية صغيرة فيها حوالي عشرة مصلين يصطفون خلف الشيخ العجوز؛ الذي كان في السبعينات ملء السمع والبصر وكان الآلاف يحتشدون في مسجده ليسمعوا خطب الجمعة الغاضبة، إنه الشيخ المحلاوي!
كانت الدنيا قد اختلفت، وكل وقت وله آذان، كما يقولون، لكن رمزية الشيخ المحلاوي عادت من جديد في نهاية عهد مبارك، عندما صعد منبر مسجد القائد إبراهيم وخطب الجمعة في حضور الدكتور محمد البرادعي، فقد كانت مصر حبلى بالثورة، ومن المؤكد أنه تصرف على غير إرادة وزارة الأوقاف لكنها لم تتخذ اجراء ضد هذه المخالفة، لتعيد الثورة الروح للشيخ المحلاوي، وتنتهي الظواهر المستحدثة مثل ظاهرة الشيخ حاتم فريد الواعر، الذي كان هو وجماعته جزءاً من حسابات الثورة المضادة، وينقل عنه رفضه للثورة في بدايتها!
عندما نقلت "المصري اليوم" هذه المفارقة، قالت إن الشيخ الشاب لا يتحدث لوسائل الإعلام، وهو أمر كنت أعرفه قبل ذلك من خلال مصلين متحمسين له، وكان توجهاً سلفياً عاماً، يتجاوز مجموعة الإسكندرية إلى غيرهم؛ فالشيخ فوزي السعيد في القاهرة، ظل مسجده لأكثر من ثلاثين عاماً يكتظ بالمصلين في صلاة الجمعة فيغلقون شارع رمسيس الرئيسي، رغم طوابقه المتعددة، إلا أنه لم يتعامل مع الإعلام قط، لدرجة أن إعلاما أجنبيا كان يأتي للقاهرة خصيصاً لرصد هذه الظاهرة، فرفض التعامل معه، على أن ينقلوا هم الحالة كما وجدوها. فكانت القاعدة أن تعاملهم مع الإعلام هو بداية النهاية، ويمهد لمنعهم من الخطابة. وظل الشيخ فوزي على هذا الحال إلى أن تم منعه من الخطابة في نهاية عهد مبارك وحبسه على ذمة قضية "الوعد" ضمن شيوخ سلفيين آخرين، وعندما أخلى سبيلهم لم يعد لمنبره إلا في جمعة النصر بعد ثورة يناير!
وإن كانت سنوات الفتنة بدأت مع ذيوع قناة "الناس"، فشيوخ السلفية الذين ظهروا على شاشاتها انتقلت شعبيتهم من المحلية لتكون بعموم القُطر المصري، وإلى خارج الحدود، وعرف الناس أسماء مثل الشيخ محمد حسين يعقوب، فتخلى البعض عن حذره القديم، وأغلقت القناة في وقت لاحق، ليعاد البث بعد الثورة!
مع دخول الجيش على خط السياسة، كانت الاستعانة برموز سلفية لمهام محددة، بدأت بالتمرد الذي جرى في محافظة قنا، ضد تعيين محافظ مسيحي الديانة
ومع دخول الجيش على خط السياسة، كانت الاستعانة برموز سلفية لمهام محددة، بدأت بالتمرد الذي جرى في محافظة قنا، ضد تعيين محافظ مسيحي الديانة. وأخطأ المجلس العسكري التقدير عندما لم يدرك التطور الذي جرى، فمن بدأ الشرارة كانوا سلفيين، لكن قبليين تمددوا في المظاهرات، فكلف الشيخ محمد حسان ومصطفى بكري بمهمة إنهاء المظاهرات، وكان الشيخ حسان يفتقد خبرة إدارة الصراع في الصعيد، فذهب للمظاهرات من فوره، فلم يجد الرمز السلفي الذي أشعل الفتيل، فأهين هناك إهانة بالغة!
أما حاتم فريد الواعر، فقد استدعي لمهمة مختلفة في محافظة الإسكندرية، عندما جرى حصار مسجد القائد إبراهيم بمجموعات من الشبيحة كان معلوما أنهم في حماية الأجهزة الأمنية، فاستدعته قوات الجيش لإقناع المحاصرين بالخروج. ورغم التنبيه عليه من بعض أصدقائه بالاعتذار عن القيام بالمهمة إلا أنه فعل وقال إنه حصل على ضمانات بخروج الناس في أمان، وكان من بينهم أطفال ونساء، واستغل ثقتهم فيه وقد كان معظمهم من المصلين خلفه، ليكتشفوا حجم الخيانة بعد خروجهم، إذ جرى الاعتداء عليهم واعتقال بعضهم، وعندما طُلب منه أن يتدخل لدى الجيش للإفراج عنهم باعتباره من ورطهم، قال إنه خُدع، ورفض التدخل، وليس مقطوعا بأنه كان جزءاً من المؤامرة!
الحوزة الصامتة:
وعندما يأتي الآن، فينفخ من روحه في الشكر الذي تم توجيهه لإيران، ويجعله رأس الأمر وعموده وذروة سنامه، فإنه ليس منطلقاً من قاعدة الانتصار للإسلام، ولكنه الرأي والمذهب والخديعة!
لقد كنا نلتمس العذر للقوم وهم يصمتون على جرائم كبرى، بحجة أنهم ليسوا من أهل السياسة، فهم في حكم "الحوزة الصامتة" في النجف برئاسة السيستاني، التي كان خصومها في "الحوزة الناطقة" بزعامة محمد صادق الصدر يأخذون عليها الاستغراق في فتوى الحيض والنفاس (كما السلفيين)، ولا يواجهون المظالم أو يتصدون للنظام العراقي!
بيد أن "الحوزة الصامتة" نطقت مع قدوم الاحتلال الأمريكي، وتم اعتماد "الصامت" السيستاني المتحدث باسم الشيعة بل وباسم العراق كله، ويستقبل في حوزته ممثل هذا الاحتلال!
وقد نطقت "السلفية الصامتة"، وأمسكت في الشكر الذي قدمه إسماعيل هنية لإيران، وباعتبار أنه لا شكر لشيعي، وكيف يشكر الشيعة وقد سبوا أمهات المؤمنين، فإن الواجب أن يحتم على المتحدث بعد صمت الرد على اعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان استعداده لبدء صفحة جديدة مع إيران!
نطقت "السلفية الصامتة"، وأمسكت في الشكر الذي قدمه إسماعيل هنية لإيران، وباعتبار أنه لا شكر لشيعي، وكيف يشكر الشيعة وقد سبوا أمهات المؤمنين، فإن الواجب أن يحتم على المتحدث بعد صمت الرد على اعلان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان استعداده لبدء صفحة جديدة مع إيران!
لقد نفروا ثباتا وجميعاً في مصر، عند زيارة الرئيس الإيراني للقاهرة في عهد الرئيس محمد مرسي، والحديث عن سياح إيرانيين صوروا هم المشهد كما لو كانوا سيأتون للقاهرة مبشرين بالمذهب الشيعي، لتبدو قضية العدو الإيراني كما قضية الأضرحة عند المتحدث عن الوهابية في برنامج قناة "المستقلة"!
لا بأس، فإيران رأس كل خطيئة، فلماذا الصمت على هذا التحول في خطاب محمد بن سلمان، ما دامت إيران هو التي تدفع "الحوزة الصامتة" إلى النطق، ليكون مطلوباً من المقاومة المحاصرة أن ترفض المساعدات الإيرانية، ويصبح توجيه الشكر لها جريمة، مع أنه لا جريمة في حصار السيسي لغزة، ولا مانع من توجيه الشكر له باعتباره من أهل السنة والجماعة؟!
إن الهدف هو عزل المقاومة من محيطها الداعم، تماماً كما كان الهدف حصار الرئيس مرسي في المربع السعودي، لتمكين السعودية من "الاستفراد" به وسهولة إسقاطه بعد ذلك، وهو ما حدث فعلاً!
وعندما قال حاتم فريد رداً على من ذكّروه بأن المقاومة محاصرة، ولماذا تفر إلى إيران ولا تعدل من طريقتها حتى تتصالح مع دول الجوار وتقدم فقه التنازلات لتغليب المصلحة الأعلى وهي اجتماع كلمة المسلمين من أجل السنة؟!.. عندئذ قلت: "يا حلو بانت لبتك"!
إنها نفس السياسة التي دفع "سلفيو الأجهزة الأمنية" الرئيس محمد مرسي إليها. فدول الجوار على مذهب أهل السنة والجماعة، لن تقبل بأقل من التنازل عن المقاومة والذهاب إلى التطبيع، كما ذهبت دول الجوار كافة "مقصرين ومحلقين".. أهذا هو المطلوب؟!
لقد سأل الرمز السلفي الكبير فريد الواعر، إسماعيل هنية: ماذا لو قالت لكم إيران اكفروا مقابل دعمكم؟!.. لنصبح أمام حالة مرضية مستعصية على العلاج؟!.. وهل قالت له إيران: اكفر؟!
لقد قالت المقاومة إنها تقبل الدعم غير المشروط، فلا معنى لهذا السؤال الأبله، وإذا كان الرجل جاهلاً بالسياسة فإن الدين نفسه عرف التقييم حسب الموقف، قطاعي وليس جملة، ويكفي النظر إلى آيات القرآن الكريم في التعامل مع أهل الكتاب!
فهنا حكم بالكفر على الذين قالوا إن المسيح هو عيسى ابن مريم، وهناك فإن أقرب الناس مودة للذين أمنوا الذين قالوا إنا نصارى، وهنا من إن تأمنه من أهل الكتاب بقنطار يؤده إليك.. وهنا أيضاً من إن تأمنه بدينار لا يؤده اليك؟!
والأمر الإلهي: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا".. و"القوم" هنا بإطلاق وليست قاصرة على قبيلة من جماعة المؤمنين؛ لأن آية أخرى توضح المعنى وتجليه: "ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا".
والمعنى، أنه يجوز أن تشكر إيران على موقفها الداعم للمقاومة دون أن التسليم بمواقفها الأخرى، أو أن تكون هذه المواقف الأخرى سبباً في إنكار موقفها الداعم للمقاومة!
وبقي أن نشير إلى أنه لا تؤاخذ إيران لأنها دعمت المقاومة، ولكن من يستحقون المؤاخذة والتنديد والهجوم هم من يتولون حصار المقاومة ويعملون على شيطنتها، ومن يوالون إسرائيل، وإن كانوا من أهل السنة وعلى نهج الشيخ الواعر!
إن الشيخ حاتم فريد وجماعته يخفون في أنفسهم ما الله مبديه!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق