الشواذ بأنواعهم يُخضعون الصليب لرغباتهم
أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية
وصل الصراع الكنسي المتأجج بين الكنيسة الرومية والكنيسة الألمانية، وكلاهما كاثوليكيتان، خاضعتان للفاتيكان، أو بقول آخر: الكنيسة الكاثوليكية في روما والكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا، قد وصلتا هذا الشهر، مايو 2021، إلى خط اللا عودة في صراعهما الممتد حول قبول الشواذ بأنواعهم، ومباركة علاقاتهم المنحرفة المقززة أو البهيمية، رغم أنف النصوص الكنسية الصريحة، بل الشديدة الوضوح، التي تنص على ان الزواج يقوم أو يُعقد "بين رجل وامرأة".
بل لقد وصل الانحراف الذي أطاح بكل القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية إلى ان يتبني بعض القساوسة هذا الانفلات رسميا، ويعلنون عن كونهم ينتمون إلى إحدى هذه الفئات الشاذة، ويعلنون رسميا عن شذوذهم وانحرافهم، ويرتدون الثياب أو الشارات الدالة على شذوذهم، ليقوموا بممارسة الطقوس الدينية لتزويج الشواذ في كنائس يتم تغيير الديكور الكنسي التقليدي، ووضع ديكورات تنتمي إلى ألوان قوس قزح التي تدل على تلك الفئة الملعونة في جميع الأديان والأعراف.
والقضية في ذاتها ليست بجديدة، فالفاتيكان معروف، وثابت في حولياته، أنه مُخترق من هذا الانفلات، على مر التاريخ، من أخمص درجاته الكهنوتية إلى أعلي قممه البابوية.. فكم من بابا في الخدمة الكنسية سجل له التاريخ والوثائق والسجلات ما يندي له الجبين.. ورغمها واصل الكيان الكنسي مسيرته لفرض مسيحيته على العالم، اعتمادا على التعتيم وقمع الضحايا، حتى تفجرت الفضائح بصورة غير مسبوقة في القرن الماضي، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، بل وفي مختلف ارجاء ذلك الكيان الموبوء والذي جاهد قرونا طويلة للتعتيم على انحرافاته، ودوّي الضجيج المحاكمات والغرامات التي تم دفعها بملايين الدولارات للضحايا، وغطتها وسائل الإعلام بتفاصيلها الفاضحة في حينها.
والصراع الحالي وصل إلى قمته مع انتخاب البابا فرنسيس، الذي تم التعتيم بإحكام على ماضيه في الأرجنتين، وجاهد ليمسك العصي من منتصفها.. لكن من الواضح أن الموجة الكاسحة كانت أقوي من تردده المعلن في تصريحاته في العديد من المناسبات. ومن أشهر هذه التعليقات الألعُبانية قوله الشهير: "من أكون لأحكم على ميول أحد يبحث عن الرب"!
وتحت عنوان: "مباركة زيجات الشواذ جنسيا تقسم الكنيسة الكاثوليكية" نشر موقع "سلات" الفرنسي اليوم، 23/5/2021، موضحا في العنوان الفرعي: "ان انخفاض عدد الأتباع دفع بجزء من المسئولين بالانفتاح على مسائل تُغضب"..
ففي يوم الإثنين العاشر من شهر مايو 2021، قام حفنة من مائة قس بمباركة الزواج من نفس النوع، في مبادرة منهم أطلقوا عليها "الحب يكتسح".. وبخلاف هذه الزيجات قام القساوسة الشواذ بتزويج حتى الذين انفصلوا من قبل وانجرفوا في إحدى الزيجات المثلية ليحتضنوا "مختلف أنواع الحب" على حد قول المقال!
وتعد هذه المبادرة كرد فعل، أو صفعة للبيان الفاتيكاني الذي أصدره المكتب المقدس، والذي ينص على منع مباركة الزيجات المثلية، وأقره البابا فرنسيس في شهر مارس الماضي. وقد اثار هذا النص الكثير من الجدل داخل الكنيسة وخارجها، في مؤسسة تخشي ما تخشاه من الانقسام العلني، خاصة أنها لم تألف الحوار والمناقشة، وألفت اصدار الأوامر والقمع..
وليس بغريب أن تأتي هذه المبادرة من ألمانيا، خاصة وأنها تبنت العديد من الخطوات قبل انعقاد السينودس القادم. ومنها مباركة الزيجات المثلية، تعيين قساوسة وسيدات متزوجون، وسمحت بالزواج بين البروتستانت والكاثوليك دون الحاجة إلى التعميد الثاني، وهو ما اقره البابا فرنسيس عند زيارته لمصر، مع البطريرك تواضروس الثاني، وهو ما يُعد تنازلا من جانب الكنيسة القبطية..
وتعد الكنسية الألمانية من أغني الكنائس في العالم هي وكنيسة الولايات المتحدة التي تمول الفاتيكان مباشرة، لكنها تواجه انخفاضا كاسحا للأتباع الذين باتوا يرفضون دفع الضريبة الكنسية. ففي عام 2018، وصل عددهم إلى أكثر من مائتي ألف ينسحبون من قوائم الكاثوليكية، والعدد في تزايد. والكثير منهم ينسحب من كم الفضائح المتعددة من اعتداءات جنسية واختلاسات مالية وخاصة من الجمود الكنسي ورفض تغيير القوانين التي لم تعد تتمشي مع واقع حياتهم. وفي يونيو 2019 كتب البابا فرانسيس للكنيسة الألمانية يطالبها أو يطالب المسيحيين الألمان "بعدم الابتعاد كثيرا والمحافظة على وحدة ترابط جسد الكنيسة حية وفعّالة"..
واللافت للنظر ان العديد من القيادات الكنسية في أوروبا بدأوا ينتقدون "الضعف اللاهوتي"، "ومستوي لاهوتي تقليدي غير مقبول" ناجم عن إدارة كان يتعين عليها أن تكون "في قمة الثقافة الإنجيلية واللاهوتية". بل بدأ المسئولون في العديد من البلدان يتسللون خارج الكنائس بسبب "نظرة الكنيسة المتخلفة بالنسبة للحياة الجنسية لأتباعها". وينتهي المقال بسرد عدد الزيجات المثلية التي تمت في مختلف الكنائس في أوروبا..
واللهم لا تعليق على تدني قوم يجاهدون لاقتلاع الإسلام وتنصير العالم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق