فرحة العيد.. وروضات المحبين
بقلم: أ.د. صلاح الدين سلطان
لقد حق لنا أن نفرح بالعيد حق الفرح، ألسنا قد آمنا بالله؟ ألسنا نحب الله ورسوله؟ وهذا أعظم الفضل وأرقى النعم "فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ".. ألسنا قد صمنا رمضان وقمنا ليله ونرجو وعد الله تعالى على لسان حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم "من صام- من قام – رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"؟.
ألسنا ننفق من فضل الله علما وصحة ومالا؟ "فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ ﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ ﴿٦﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ ﴿٧﴾"، ألسنا نحتمل الآلام سجنا وحرمانا؟ "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا".
ألسنا محظوظين أن يوجد قوم نأخذ من حسناتهم– إن وجدت– فإن لم توجد طرحت عليهم سيئاتنا، فترفع درجاتنا، وينحط دركاتهم؟ "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا".
ألم نتقلب في روضات الجنات في الدنيا قبل الآخرة في روضة الخشوع "وجعلت قرة عيني في الصلاة"؟ والصيام "الصوم لي وأنا أجزي به"؟
وروضة الصدقة "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا"؟ وروضة حب الله تعالى "يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ"؟.
وروضة الحب في الله "يحشر المرء مع من أحب"؟، وروضة الصبر الجميل "وَاللَّـهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ" ".. وما أوتي عبدٌ خيرا وأوسع من الصبر"؟
وروضة الذكر الكثير "أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"؟ وروضة الرضا عن الله "رَّضِيَ اللَّـهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ"؟ "من قال: رضيت بالله ربا.. كان حقا على الله أن يرضيه"؟
روضة التهجد "وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا"؟
روضة الاستغفار" من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا"؟
روضة العفو والصفح "وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"؟
روضة تدبر القرآن "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"؟
روضة صلة الأرحام "من وصلها وصلته"؟
روضة اليقين من فرج الله ونصر الله "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ"؟.
هذه بعض روضاتنا في الدنيا وندعو الله أن تكون سببا في رحماته لننال "فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ ۖ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ".
فماذا جنى من ظلمنا وآذانا إلا الهم والغم، والضيق والضنك "وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا"، "يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ"، "يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا"،
ويكفيهم "فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ"، "يَلْعَنُهُمُ اللَّـهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ"، "عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّـهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".
لهذا وذاك لا بد أن يكون عيدنا فرحا بفضل الله تعالى وحده "قُلْ بِفَضْلِ اللَّـهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ"، وسيأتي عيد جديد علينا كل يوم، كل يوم لا نعصي الله فيه فهو عيد، والعيد الأكبر هو يوم أن نكون جميعا معا على أبواب الأقصى شهداء عند تحريره أو بعد تحريره إن شاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق