ضربت غزة من الطيران الصهيونى فإختفى محمود عباس والسلطة الفلسطينية
وجاءت مساعدات إعمار غزة فظهر محمود عباس والسلطة من جديد !!!
جنيف – سويسرا
التنسيق الأمني تحت قيادة محمود عباس “خنجر فى ظهر الشعب الفلسطينى”
على رغم تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسيين والمسجد الأقصى، بقي التنسيق الأمني الثابت الوحيد في قاموس السلطة الفلسطينية، حتى في ظلّ اشتداد سخونة الوضع في القدس المحتلة وتزايد هجمات المستوطنين.
ومع أن رئيس السلطة، محمود عباس، أعلن وقف العمل بكلّ الاتفاقات مع الإسرائيليين العام الماضي، إلا أنه سرعان ما أعاد العمل بها، لتستمرّ الاتصالات بين أجهزة أمن السلطة وأمن العدو كالمعتاد من تحت الطاولة، ومن ثمّ فوقها
عاد التنسيق الأمني مجدّداً إلى الواجهة، خصوصاً مع ملاحقة العدو منفذ عملية حاجز زعترة الأسير منتصر شلبي، إذ أكدت زوجته أن عناصر من أمن السلطة الفلسطينية حقّقوا معها ميدانياً واستجوبوها داخل بيتها في بلدة ترمسعيا شمال رام الله، قبل اقتحام جيش الاحتلال البيت لاحقاً. وتَركّز استجواب السلطة على تساؤلات تتعلّق بمركبة «جيب» تمتلكها العائلة، وعن ربّ العائلة ــ منفّذ عملية زعترة ــ الذي كان مطارَداً ومختفياً منذ لحظة تنفيذ العملية جنوب نابلس. وعلمت «الأخبار»، في وقت سابق، أن أشخاصاً داخل حارة جابر في بلدة عقربا جنوب نابلس أبلغوا مركز شرطة يتبع السلطة بوجود «مركبة غريبة مركونة منذ أيام في الحي»، لتصل الشرطة إلى المكان وتَعثُر على المركبة التي قادها المقاوم شلبي وعليها آثار رصاص، وهي المركبة نفسها التي استعلَم عنها أمن السلطة من زوجة منتصر، ليغادر الأمن مكان المركبة، ثمّ يقتحم جيش العدو المكان، لكنه كان متأخّراً قليلاً، إذ أحرق شبان فلسطينيون المركبة.
أن «التنسيق الأمني مستمرّ والدلائل ملحوظة، كإخلاء السلطة مراكز المدن والنقاط والحواجز في مناطق (أ) قبل اقتحام جيش العدو بوقت قصير، إضافة إلى استمرار اقتحامات مستوطنين في بعض المناطق التي فيها مراكز شرطية فلسطينية».
ما يُعرف بـ«التنسيق الأمني العسكري» لا يقتصر على الاتصالات المباشرة بين أجهزة أمن لتبليغ البعض عن تحرّكات الآخر، أو عن مهمّات أمنية في الحيّز الجغرافي المعقّد في الضفة والمقسّم إلى: أ، ب، ج، بل يمتدّ ليصل إلى مهمّات تنفّذها السلطة وترفع بها تقارير دورية إلى أمن العدو، من مثل: مراقبة الوضع المالي للشخصيات المقرّبة من فصائل المقاومة، ضبط أسلحة وخلايا للمقاومين والإبلاغ عنها بعد اعتقال أصحابها. كما يؤكد أسرى محرَّرون أنهم وجدوا معلومات كاملة لدى مخابرات العدو تطابق معلومات وقضايا حقّقت السلطة فيها معهم.
الأسوأ أن سيطرة أجهزة السلطة على مفاصل الوزارات والمؤسّسات الحكومية في الضفة أدّت إلى تفريخ شخصيات أمنية كثيرة تعمل لحسابها، على رغم أن تلك الشخصيات غير موظّفة في الأجهزة الأمنية نفسها. ويُطلَق على الواحد من هؤلاء لقب «مندوب»، وهو ينقل معلومات كاملة عمّا يراه ويلحظه في محيطه مقابل مبلغ زهيد قد يصل إلى 300 شيكل (أقل من 100 دولار أميركي) في أفضل الأحوال، إضافة إلى بطاقات شحن هاتفية من الجهاز الأمني الذي يعمل له. هكذا، يخدم «المندوبون» عمل السلطة في كلّ المهمات الأمنية، بما فيها مهمّات ملاحقة المقاومين ومَن يحوز السلاح والمركبات الغريبة وغيرها.
أمّا المشهد الأكثر وضوحاً، ولا يزال يتكرّر، فهو قمع الفلسطينيين مباشرة ومنعهم من المواجهة. وفي الأحداث الأخيرة، سُجّلت اعتداءات واعتقالات نفّذها أمن السلطة بحق شبان على خلفية إلقائهم الحجارة صوب جنود الاحتلال على نقاط التماس أو مشاركتهم في تظاهرات مع المقاومة.
في المقابل، بات الناس أكثر وعياً وإدراكاً لمفهوم التنسيق وخطورته، إذ تتعالى الأصوات أكثر من ذي قبل خلال المسيرات الشعبية: «التنسيق ليش ليش… وإحنا تحت رصاص الجيش»، «شعبي بده R.P.G… مش تنسيق و C.I.A». وكما يبدو، أخطر ما في التنسيق إدراك السلطة استحالة التخلّص منه أو عدم رغبتها في ذلك، لأنه حوّل دورها إلى شركة خدمات أمنية، بل بات هو أساس وجودها، فعندما لا تلتزم به كاملاً، يصير وجودها في مهبّ الريح. إزاء ذلك، علمت «الأخبار»، من مصادر أمنية، أن أمن السلطة حالياً، وفي ذروة موجة المواجهات على نقاط التماس في الضفة، قرّر غض النظر عن المواجهات الشعبية وإلقاء الحجارة، للتماهي ولو مؤقّتاً مع الموقف الشعبي من اقتحام الأقصى والمشهد في القدس.
بعد وفاة عرفات، استعاد التعاون الأمني في عهد عباس قوته، إذ ظل عباس معارضاً بشكل مطلق للعمل المسلح ضد الاحتلال، كما دافع بشراسة عن التعاون الأمني مع إسرائيل بوصفه “مصلحة وطنية” فلسطينية، بغضِّ النظر عن السلوك الإسرائيلي إزاء الفلسطينيين.
وفي عهد عباس، تم حل الجناح المسلح لحركة “فتح” التي تزعمها “كتائب شهداء الأقصى” عام 2007، والعفو عن العشرات من مقاتليها ضمن اتفاق مع إسرائيل عرف باتفاق العفو، بعد كانت هذه الكتائب قد تشكلت خلال الانتفاضة بأمر من عرفات. ولم يسمح عباس لحركته “فتح” بلعب أي دور فعلي للإسهام في تبني المقاومة في مواجهة المشروع الاستيطاني وتحدي السياسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، كما عمدت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة إلى التصدي لكافة أشكال المقاومة وحتى الشعبية السلمية منها، وأحبطتها بالكامل.
الجنرال الأمريكي، كيث دايتون
في عام 2005، عمدت الولايات المتحدة ولأول مرة إلى لعب دور فاعل في تنظيم ومأسسة التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، حيث شكَّلت واشنطن مجلساً لتنسيق التعاون الأمني بين السلطة وإسرائيل، بقيادة الجنرال الأمريكي، كيث دايتون، الذي تولى شخصياً مهمة الإشراف على إعداد وتدريب أجهزة السلطة الأمنية لتحسين قدرتها على إحباط العمليات المسلحة للمقاومة.
ولم يعمل دايتون على مأسسة التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة وجعله أكثر جدوى فحسب، بل حرص على أن تسهم دورات التدريب التي أشرف عليها في فرض عقيدة أمنية جديدة على المؤسسة الأمنية في السلطة، بحيث يفضي تشرب منتسبي الأجهزة الأمنية الفلسطينية تلك العقيدة إلى “صناعة الفلسطيني الجديد”، الذي يرى في إحباط العمل المقاوم ضد الاحتلال مصلحة وطنية له.
وبفعل خطة تايتون، ضربت السلطة الفلسطينية حتى يومنا أجنحة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية بالكامل، والتي سمّتها “العصابات المسلحة”، كما فككت التشكيلات العسكرية لها، وقد أشار الجنرال الأمريكي دايتون إلى أن الآلاف من أبناء القوى الأمنية الفلسطينية الذين تدربوا بتمويل أمريكي في الأردن، قادوا الحملات الأمنية في مدن الضفة، واعتقلوا المئات من أبناء حماس والجهاد وفصائل المقاومة، وتم ذلك على مستوى تنسيقي واسع المدى بينهم وبين الإسرائيليين.
ولكن في غزة، باءت خطط دايتون بالفشل بعد سيطرة حركة حماس على القطاع كاملاً في يوليو/تموز 2007، وتبع ذلك شن 3 حروب مدمرة عليها، لكن ذلك دفع إلى توفير بيئة مناسبة لتعزيز التعاون الأمني، حيث وجدت إسرائيل الفرصة لابتزاز قيادة السلطة وإجبارها على إبداء أكبر قدر من التعاون الأمني في الضفة، بحجة أن التعاون في مواجهة حركات المقاومة ضرورة لضمان بقاء حكم فتح وعدم السماح لحماس بتكرار “نجاحاتها” في الضفة.
عباس يرى مستقبله مرتبطاً بإسرائيل والولايات المتحدة، ونظريته القديمة هي أن الشعب الفلسطيني يمكن أن يحصل على بعض من الأمان إذا بقي فقيراً وغير قادر عسكرياً، ومخترقاً أمنياً، ومن محبي السلام، مقابل تخفيف البطش الإسرائيلي”.
التنسيق الأمني ليس مصطلحاً من كلمتين، بل علاقات فلسطينية – إسرائيلية أمنية وسياسية ومدنية واقتصادية متشابكة، ورزمة من الامتيازات الفردية والمؤسساتية التي تجذرت منذ اتفاقية أوسلو 1993، بحيث لم يعد الفكاك منها يتطلب مجرد قرار من رأس القيادة، لأن جبلاً من جليد التعقيدات والمصالح المتشابكة لطبقة فلسطينية كاملة يختفي تحت سطح هذا المصطلح.
ومن المعروف أن هناك أنواعاً للتنسيق، فمنها التنسيق المدني والعسكري والأمني، حيث بقي الأخير غامضاً، ولا يجد من يُقدم تفسيراً واضحاً لماهيته، فيما يتهرب قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية من إعطاء أي تفسير لحقيقة هذا التنسيق وما يترتب عليه. وتمتنع المؤسسات السياسية السيادية من نشر ملحقات اتفاقية أوسلو التي تناولت التنسيق الأمني على صفحاتها الإلكترونية.
أبرز البنود الأمنية التي وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية ضمن اتفاق أوسلو:
- تلتزم منظمة التحرير بحق دولة إسرائيل في العيش بسلام وأمن والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات، وأن إعلان المبادئ هذا يبدأ حقبة خالية من “العنف”.
- تدين منظمة التحرير تدين استخدام “الإرهاب” وأعمال العنف الأخرى، وستقوم بتعديل بنود الميثاق الوطني للتماشى مع هذا التغيير، كما سوف تأخذ على عاتقها إلزام كل عناصر أفراد منظمة التحرير بها ومنع انتهاك هذه الحالة وضبط المنتهكين.
- إعلان منظمة التحرير موقفاً علنياً تدعو فيه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الاشتراك في الخطوات المؤدية إلى تطبيع الحياة و”رفض العنف والإرهاب” والمساهمة في السلام والاستقرار والمشاركة بفاعلية في إعادة البناء والتنمية الاقتصادية والتعاون.
- إنشاء قوة شرطة من أجل حفظ الأمن في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
- إسرائيل هي المسؤولة عن حفظ أمن منطقة الحكم الذاتي من أية عدوان خارجي (لا يوجد جيش فلسطيني للسلطة الفلسطينية).
- بعد 3 سنين تبدأ “مفاوضات الوضع الدائم” يتم خلالها مفاوضات بين الجانبين بهدف التوصل لتسوية دائمة. وتشمل هذه المفاوضات القضايا المتبقية بما فيها الترتيبات الأمنية (كمية القوات والأسلحة المسموحة بها داخل أراض الحكم الذاتي، والتعاون والتنسيق بين شرطة السلطة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي).
- الم تولي الشرطة الفلسطينية تدريجياً مسؤوليات النظام العام والأمن الداخلي، وستتم خلال 18 شهراً من تنصيب المجلس الفلسطيني. وستنتشر الشرطة الفلسطينية، وستتولى مهام النظام العام والأمن الداخلي للفلسطينيين بشكل مرحلي.
- ستستمر إسرائيل في القيام بمسؤوليات الأمن الخارجي، إضافة إلى مسؤولية الأمن الشامل للإسرائيليين، وذلك؛ من أجل المحافظة على أمنهم الداخلي والنظام العام.
- بدء العمل بترتيبات وآليات تنسيق أمنية متفق عليها، تتضمن تشكيل لجنة تنسيق وتعاون مشتركة من أجل الأمن المتبادل ستسمى “JSC”، بالإضافة إلى لجنة أمن إقليمي مشتركة تسمى “PSCs”، وإقامة مكاتب مشتركة للتنسيق في المناطق، تسمى “DCOs”، كما نص عليه في الملحق الأول من الاتفاقية.
- سيأخذ الطرفان الإجراءات الضرورية لمنع “أعمال الإرهاب، الجريمة، والأعمال العدوانية” الموجهة ضد الطرف الآخر أو ضد أفراد واقعين تحت سلطة الطرف الآخر وضد ممتلكاتهم وسوف تؤخذ الإجراءات القانونية ضد مرتكبي هذه الأعمال.
- باستثناء سلاح وعتاد وأجهزة الشرطة الفلسطينية في الملحق الأول وتلك الخاصة بالقوات العسكرية الإسرائيلية، لا يمكن لأي منظمة أو مجموعة أو أفراد في الضفة الغربية وقطاع غزة أن يصنع أو يبيع أو يحوز أو يملك أو يورد أو يحضر سلاح أو عتاد و متفجرات أو ملح البارود أو أي أجهزة مرتبطة بذلك.
وعليه، أصبحت السلطة الفلسطينية أكثر التزاماً بمحاربة “الإرهاب”، وجعلها الاتفاق مسؤولة عن اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد المقاومين الذين اعتبروا “إرهابيين” من خلال التعاون أمنياً مع إسرائيل. وقد وظَّفت إسرائيل التعاون الأمني لخدمة مصالحها وتقليص فرص المس بأهدافها في الأراضي المحتلة.
عباس يفاخر بتنسيقه مع المخابرات الأمريكية
أن “قرار وقف التنسيق الأمني موضوع على طاولة الرئيس الفلسطيني منذ 2015، وقد حصل على موافقة من مؤسسات منظمة التحرير كافة لتطبيقه، لكنه لا يريد صراحة أن يوقفه، وهو يتفاخر في اجتماعات القيادة بأنه متعاون أمنياً مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل مطمئنة لهذا الموقف”.
وخلال اجتماعه مع وزراء الخارجية العرب، أبرز الرئيس علاقته الوثيقة بالمخابرات الأمريكية (سي آي إيه)، وقال إنها راضية عن أداء الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مكافحة الإرهاب
ويعد التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل جزءاً من ترتيبات الوضع النهائي التي أعلنها اتفاق أوسلو لعام 1993، وما تلاه من اتفاقيات لاحقة كاتفاق طابا 1995، واتفاقية واشنطن في العام ذاته، واتفاقية واي ريفر 1998.
بموجب هذه الاتفاقيات مُنحت إسرائيل الحق كاملاً في ضبط الأمن بالمناطق المشتركة في الضفة الغربية بالتعاون مع أجهزة الأمن الفلسطينية، وتشكيل لجنة مشتركة للإشراف على عمليات الاقتحام أو اعتقال المشتبه بهم في التخطيط، أو تنفيذ عمليات تهدد الأمن الإسرائيلي.
اعتقال المقاومين وحديث عن امتيازات مالية إسرائيلية للقادة الأمنيين
يأخذ التنسيق الأمني عدة أشكال، من بينها تسيير دوريات مشتركة فلسطينية وإسرائيلية؛ لضمان أمن المناطق الفلسطينية، وملاحقة سلاح المقاومة، واعتقال المشتبه بهم في التخطيط، أو تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، واستهداف البنى التحتية لأي نشاط يشكل تهديداً للأمن الإسرائيلي، وإعادة المستوطنين الإسرائيليين الذين يدخلون القرى والضواحي الفلسطينية.
وقد أعلن نداف أرغمان، رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، إحباط أكثر من 560 هجوماً كبيراً، من بينها 10 عمليات فدائية، و4 عمليات خطف، وأكثر من 300 عملية إطلاق نار خلال 2019.
إن “تهديدات عباس بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل لم تعُد مُجدية، في ظل تحكُّم أطراف ذات مواقع قيادية بالأجهزة الأمنية يتبعون لماجد فرج، يتواصلون مباشرة مع نظرائهم الإسرائيليين؛ للإبلاغ عن أي نشاط قد يشكل تهديداً لأمن إسرائيل مقابل حصولهم على امتيازات مالية، وتوفر إسرائيل للضباط وعناصر قيادية في “فتح” حماية أمنية؛ خشية تصفية الفصائل لهم”.
وإسرائيل قد تحاصر الضفة
أن “إسرائيل وضعت عدة سيناريوهات تحسُّباً لأي خطوة فلسطينية مفاجئة، من بينها تطويق الضفة الغربية بألوية عسكرية، وتفكيك مؤسسات السلطة الفلسطينية، وإعادة تفعيل سياسة روابط القرى”.
بلغة الأرقام تصل قيمة الدعم المالي الأمريكي لأجهزة الأمن الفلسطينية إلى 100 مليون دولار سنوياً، رغم فرض الإدارة الأمريكية حصاراً مالياً على السلطة منذ 2017، تركز على تمويل البرامج التشغيلية المخصصة لقطاع البنى التحتية في فلسطين والأونروا وموازنة السلطة، إلا أن الدعم الأمريكي لأجهزة الأمن لم يتوقف.
أن “أي وقف للتنسيق الأمني مع إسرائيل يتطلب حث المجلس التشريعي على إقرار حزمة من القوانين، من بينها تفعيل عقوبة الإعدام؛ لإدانة من يُتهم بالتواصل مع الجانب الإسرائيلي، من أجل رفع الحرج عن رئيس السلطة، الذي يخشى من تبعات القرار”.
عرفات تحايل عليه وأبو مازن مصر على الإلتزام به
مرَّ التنسيق الأمني بمرحلتين: الأولى مع اندلاع انتفاضة الأقصى أواخر 2000، حيث تراجع مستوى التنسيق الأمني، ومن أبرز ملامحه توفير الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات غطاء للفصائل المسلحة بتنفيذ عمليات ضد الأهداف الإسرائيلية دون اعتقالهم وملاحقتهم.
أما المرحلة الثانية فجاءت متزامنة مع تولي عباس رئاسة السلطة في 2005، وبدء الانقسام بين “حماس” و “فتح”، وتميزت هذه المرحلة بتعميق أواصر التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة، وبروز دور المخابرات الأمريكية (CIA)، بإشرافها المباشر على تدريب عناصر المخابرات الفلسطينية على مكافحة مخاطر التهديد الأمني، وتوفير أجهزة التنصت والمعدات العسكرية لملاحقة فصائل المقاومة في الضفة الغربية.
إسرائيل تضع شرطين مقابل تقوية عباس
يبدو أن ما سُميت إجراءات “حسن النوايا” الإسرائيلية تجاه السلطة الفلسطينية، لتقوية مكانة الأخيرة في ظل حالة الضعف التي تعيشها على أثر معركة “القدس” وتبعاتها، لن تكون مجانية، بل مقابل خطوات من السلطة أيضاً، كما تشترط إسرائيل.
فقد كشف مصدر سياسي عن شرطين إسرائيليين تم إرسالهما عبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال زيارته للقدس المحتلة ورام الله، يوم الثلاثاء 25 مايو/أيار، مقابل تقوية مكانة السلطة في رام الله على حساب حركة “حماس” التي زادت شعبيتها، إثر الحرب الأخيرة التي خاضتها ضد إسرائيل، إضافة إلى الدفع قدماً بالمشاريع العمرانية والتنموية في الضفة الغربية.
الشرط الأول: وقف خطوات السلطة “الأحادية”
ويتمثل الشرط الأول بوقف السلطة أي خطوة أحادية الجانب في المحافل الدبلوماسية العالمية أو المحاكم الدولية، خاصة تلك الخطوات المرتبطة بالسلطة مباشرة.
وبشأن هذا الشرط، أفاد المصدر بأن تل أبيب وواشنطن متفهمتان “حاجة السلطة للحديث عن هذه الخطوات من قبيل الاستهلاك الإعلامي الداخلي، لكن بشرط ألا يُبنى ذلك على خطوات جدية في المحافل الدولية ضد إسرائيل”.
وبحسب المصدر، فإن الولايات المتحدة الأمريكية قد وعدت إسرائيل بالعمل على تذليل قلقها من أي خطوات من هذا القبيل، بل وتقييد أي خطوات في المحاكم الدولية ضد تل أبيب.
وبناء على الرسالة الإسرائيلية التي حملها الوزير الأمريكي من المستوى السياسي الإسرائيلي إلى رام الله، فإن تل أبيب تعتبر أن بنود اتفاق أوسلو تحرّم على السلطة الفلسطينية التوجه إلى المحاكم الدولية أو إلى المحافل السياسية ضد إسرائيل.
ووفق الرسالة أيضاً، فإن تل أبيب دعت السلطة إلى عدم الاستمرار في تسمية نفسها دولة فلسطين في معاملاتها الداخلية، لأنه لم يحدث حل سياسي بعد، معتبرة أن هذا مخالف للاتفاقيات بين الجانبين.
وأشارت إسرائيل إلى أنه بناء على اتفاق أوسلو المبرم عام 1993 فإن التسمية هي “السلطة الفلسطينية”، لكن الرئيس الراحل ياسر عرفات قد أضاف فور نشوء السلطة قبل ربع قرن كلمة “الوطنية” لتصبح “السلطة الوطنية الفلسطينية”.
وتدعي إسرائيل أن إضافة هذه الكلمة كانت مخالفة لاتفاق أوسلو، بغية الزعم بأن “الفلسطينيين هم أول من لم يلتزم باتفاق أوسلو وليس إسرائيل”.
الشرط الثاني: استمرار التنسيق الأمني
أما الشرط الإسرائيلي الثاني، فهو استمرار التنسيق الأمني بأعلى مستوياته، مع تفعيل اللقاءات الدورية بين قيادات المؤسسة الأمنية الفلسطينية ونظرائهم الإسرائيليين، وعدم الاكتفاء بالتنسيق عبر الاتصالات اليومية الاعتيادية.
ووفق هذا الشرط، فإن إسرائيل تدّعي أن وقف أو تخفيض التنسيق الأمني كرد فعل من السلطة في أي وقت سيفاقم الخطر على السلطة واستقرارها، تحت عنوان أن هذا التنسيق عالي المستوى يضمن المصلحة المشتركة للطرفين.
شواهد على قبول الشروط
وبينما لم تصدر أي معطيات حول رد فلسطيني حيال هذه الشروط الإسرائيلية، إلا أن المصدر المقيم في أراضي 48 كشف عن بعض الشواهد التي تظهر الالتزام ببعضها على الأقل ما يخص التنسيق الأمني.
وأوضح أن توسيع انتشار الأمن الفلسطيني في المربع الأمني بمنطقة البالوع برام الله باللباس المدني وليس العسكري في بعض النقاط، لم يكن بدافع التمويه الأمني الفلسطيني، وإنما بطلب إسرائيلي، خاصة فيما يخص النقاط المشرفة على حاجز بيت إيل الإسرائيلي.
وقد تم هذا الانتشار بالتنسيق مع الأمن الإسرائيلي؛ وذلك ضمن جهود لعدم تكرار عمليات إطلاق النار نحو الأهداف الإسرائيلية في المنطقة، ومنعاً لجر الأمور نحو أي حالة لـ “عسكرة” الهبة الفلسطينية.
يذكر أن إسرائيل تربط الأمور الحياتية والمدنية اليومية للفلسطينيين بالتنسيق الأمني أيضاً، حيث إن كثيراً من الأمور المدنية يتم تنسيقها مع الجانب الإسرائيلي تحت عنوان “التنسيق الأمني”.
السلطة الفلسطينية تصعّد حملة الاعتقالات السياسية بالضفة الغربية ضد الفلسطينيين رماة الحجارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق