ارتكب الاحتلال الصهيوني -خلال الهجوم الأخير الذي شنّه على قطاع غزة- جميع الجرائم التي تُعرّف دوليا بأنها جرائم ضد الإنسانية، وقتلت الغارات الجوية على المناطق السكنية والهجمات الصاروخية البرية المدنيين والمسلحين دون تمييز؛ بذريعة حق الدفاع عن النفس، وكانت الحصيلة حوالي 250 مدنيا، وقد دُمّرت المستشفيات ومقرات الصحف وقنوات التلفزيون والمدارس خلال أسبوع من القصف.
مع الأسف، لا نسمع أي صوت أو تدخّل من دول العالم المتحضرة، بينما يقوم الاحتلال الصهيوني بارتكاب أفظع جرائم الحرب في فلسطين المحتلة. عذرا، هناك أصوات بين الحين والآخر سمعناها من الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا والنمسا.
والنتيجة؛ ما لا يقل عن 70% من الذين لقوا حتفهم هم من الأطفال، و30% منهم كانوا من النساء. ولا يملك سكان غزة طائرات قادرة على التصدي للهجمات الإسرائيلية، وليس لديهم أيّ أنظمة دفاع جوي أو أنظمة مضادة للطائرات تحميهم من غارات الاحتلال الصهيوني.
ويشمل التقييم الأولي لهذه الهجمات جرائم ضد الإنسانية؛ نظرا لعدم وجود جانبين متكافئين أو متساويين في القوة على الأرض، ومن المحتم أن تؤدي الهجمات إلى مقتل الأطفال والمدنيين؛ ولهذا السبب يتحول كل هجوم إسرائيلي إلى كارثة إنسانية شاملة في قطاع غزة المحاصر فعليا منذ 15 عاما.
ويعيش الغزاويون -الذين تخضع مواردهم من ماء وكهرباء وغاز لسيطرة كاملة من حكومة الاحتلال- داخل سجن كبير في ظل غياب أبسط الاحتياجات الإنسانية.
ومع الأسف، لا نسمع أي صوت أو تدخّل من دول العالم المتحضرة، بينما يقوم الاحتلال الصهيوني بارتكاب أفظع جرائم الحرب في فلسطين المحتلة. عذرا؛ هناك أصوات بين الحين والآخر سمعناها من الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا والنمسا.
وقد أدانت هذه الأصوات الصواريخ التي أطلقتها حماس على الأراضي المحتلة، وأبدت تفهمها لقيام المحتل بقتل المدنيين في إطار "حق الدفاع عن النفس"، وذلك بدلا من التنديد باعتداءاته وبأعمال الإبادة الجماعية التي يمارسها بحق أصحاب الأرض، ودون اكتراث بـ250 مدنيا قضوا جراء الهجمات، و1500 جريح؛ ودون أي اهتمام بمعالجة مشاكل الفلسطينيين.
وما انفك المسؤولون في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي يذكّرون بحق المحتل في الدفاع عن نفسه. وعلى الرغم من كل الصور والأحداث، ما تزال بعض الأطراف توصي المحتل بضبط النفس وتدين بشدة إطلاق حماس للصواريخ.
وفي الواقع، هناك أطراف داعمة لهجمات المحتل المتهورة، وهو ما أعطاه كل هذه الثقة. لقد احتُلّت الولايات المتحدة وأوروبا قبل فلسطين والقدس، وذلك منذ اللحظة التي بدأ فيها الغرب بدعم المشروع الصهيوني في فلسطين. وسُلبت إرادة العالم العربي بأكمله، وإن كانت القدس محتلة، فالعالم كله تحت الاحتلال.
وتواجَه أبسط الانتقادات للاحتلال وجرائمه بتهم معاداة الدين اليهودي ومعاداة السامية، فمثلا لم يتوقف الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" عند الاحتجاج على همجية الاحتلال وتصرفاته، بل شن هجوما دبلوماسيا قويّا مطالبا بوقف هذه الإبادة الجماعية بأسرع وقت، كما سعى إلى استغلال علاقاته الدولية لوقف العدوان الإسرائيلي من خلال إجراء مكالمات هاتفية مع رؤساء 25 دولة خلال عيد الفطر.
ولا يمكن لأحد أن ينفي أن الجهود الدبلوماسية لم تخلق الوعي المطلوب بمأساة قطاع غزّة، وبحجم جرائم الاحتلال وضرورة إخراجه من الأراضي الفلسطينية، لذلك أوضح الرئيس أردوغان في جميع المناسبات أنه يعمل لتحقيق المزيد وأنه لن يتوقف أبدا.
وقد أشار الرئيس التركي -في خطاب ألقاه مؤخرا- إلى قصة الجندي العثماني الذي ظلّ يحرس القدس حتى عام 1982، وأضاف أنه يمكن للشعب التركي أن يستأنف هذه المهمة إذا لزم الأمر. ويمكن القول إن هذه الكلمات تبقي بصيصا من الأمل للشعب الفلسطيني المضطهد الذي يرزح تحت ويلات الاحتلال، ولولا هذا الخطاب لما رأينا أي صوت يعلو ضد إسرائيل.
وبسبب لهجته الحادة ضد مجازر الاحتلال، تم اتهام الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بمعاداة السامية، وبالفعل هذا الاتهام وقاحة لا توصف، وكأنه يجب على الفلسطينيين الذين يدافعون عن أنفسهم ضد الاحتلال أن يقبلوا بالقمع والظلم حتى لا تتهمهم إسرائيل وحلفاؤها بمعاداة السامية والدين اليهودي، فأي مقاومة تعني معاداة اليهودية واليهود على حد سواء.
وتُعتبر التصريحات التي أصدرتها وزارة الخارجية الأميركية دعما للصهيونية وموقفا مناوئا لكل من يقف ضد قتلة الأطفال. وفي الواقع، تشير كل هذه التحركات إلى أن الإدارة الأميركية -التي لم تتخلّ يوما عن دعمها لإسرائيل- ليست حرة كما كنا نعتقد سابقا.
كما أن أسباب الدعم غير المشروط من النمسا وألمانيا لإسرائيل واضحة للعيان، إذ إن عقدة الذنب التاريخية جراء الإبادة الجماعية النازية لليهود ما زالت تُثقل كاهل الدولتين وتجعلهما رهينتين للصهيونية، ومن غير المجدي توقع أن تعبّر الدولتان بحريّة عن رأيهما فيما يحدث. وبلا شك، ينطبق الأمر ذاته على صناع السياسة الأميركية، ولكن ضمن سياق مختلف. ولا يوجد أي مبرر لما تقوم به إسرائيل تجاه الفلسطينيين، ولا يستطيع أحد اتهام الرئيس أردوغان أو أي مسلم آخر بمعاداة الدين اليهودي، لكن تهمة معاداة اليهودية أصبحت من أهم أسلحة إسرائيل لإسكات منتقديها وتبرير جرائمها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق