كيف تمكنّت إيران من الاستفراد في المنطقة؟ أورنيلا سكرباحثة متخصصة في الدراسات الاستشراقية ومديرة موقع أجيال القرن الـ 21
إن هذا الدور العبثي الذي مارسته إيران في المنطقة من خلال ما ترتب عليه من تراكمات استعدائية مع محيطها العربي -الإسلامي تم التأسيس لها بشكل ممنهج منذ العهد الصفوي، الذي يستهدف الوجود العربي، فهذه الحقبة التاريخية مغيبة من الذاكرة العربية والتي كانت سبب تراجع وهزيمة العرب والمسلمين سواء في الأندلس أو بلاد الشام .
إن النهج الذي اتبعتهُ إيران كان له تداعيات سلبية يعيق نجاح أي وثيقة تفاهم محتملة ممكنة في المنطقة ولو أنه يكثر الحديث عن تقارب إيراني -سعودي برعاية صينية، فالمنطقة العربية لم تكن تصل إلى هذا الدرك من الانحلال والأفول دون ممارسات إيران وقبلها إسرائيل عبر سياسة التهويد والتفريس ودعم العملاء التابعين بالوكالة لسياسة إسرائيل في المنطقة، من جهة أو دعم المليشيات المنظمة وغير النظامية التابع للحرس الثوري في المنطقة، في كل من لبنان وسوريا واليمن والعراق.
كما أن تبرير وتوظيف الصراع الطائفي وتسعيره في المنطقة بهدف إضعاف الوجود السني من خلال صناعة تنظيم داعش، كان سلسلة تراكمية من السياسات الاستعمارية التي سبقتها الحرب على الإرهاب وبرباغاندا الحرب على الإسلام، بهدف استهداف الإسلام السني من جهة، والإسلام من جهة أخرى في سياق عداء تاريخي غربي-اسلامي وفارسي-عربي.
لذلك لو رصدنا المشهدية العربية والإسلامية بدقة لوجدنا أن الغرب يدعم التفوق الإيراني الشيعي في منطقة الشرق الأوسط على حساب السعودية السنية بفعل هذه النوازع التاريخية التي يتجالها بعض المؤرخين العرب والمسلين من التاريخ العربي- الإسلامي .
الفترة الأولى: هي هيمنة العالم الإسلامي التي بدأت عام 622 م. واستمرت حتى عام 1492 عام سقوط غرناطة خلال هذه الفترة توسع العالم الإسلامي كثيراً، وانتشر الإسلام من شبه الجزيرة العربية إلى شمال أفريقيا وبعض أجزاء من آسيا وأوروبا.
الفترة الثانية: هي متداخلة مع الفترة الأولى جزئياً، فقد تمثلت بهجوم غربي مضاد عن طريق الحملات الصليبية التي بدأت في القرن الحادي عشر الميلادي واستمرت حتى عام 1783م، وهو العام الذي أوقف فيه توسّع آخر إمبراطورية إسلامية داخل أوروبا عند أسوار فيينا.
وقد أدت نهاية الحروب الصليبية إلى بداية الفترة الثالثة التي انتهت إلى الفترة الرابعة، وهي فترة الهيمنة الغربية واستعمار العالم الإسلامي في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين. إن أهمية هذه المرحلة هو الاشارة دور الفرس في تحالفاتهم مع الصليبيين والإنكليز والتواطؤ معهم.
الأمر الذي أغرق المسلمين في حروب الجبهات وتم استنزافهم وسقوطهم في أسبانيا كما هو الحال اليوم في منطقة الخليج وبلاد الشام عبر توظيف الطائفة الشيعية، وتجنيدها بهدف تفريس المنطقة وإضعاف السنة، وتغذية الأصولية الشيعية من خلال مباركة غربية- إسرائيلية.
وبالتالي، إن أي حديث حول تفاهمات بين الرياض وطهران فهو محفوف بجملة تحديات غير وارد انجازُها. وبخاصة، أن الحديث عن تكتلات إسلامية تم استنزافُه وإجهاضِهِ بفعل التجارب الجهاديين في أفغانستان وقبلها في يوغوسلافيا والشيشان وسوريا وما تلاها من حرب على القاعدة وداعش اليوم، لم يترك إمكانية أو مجالاً، لتوحيد العالم الإسلامي عبر تكتلات إسلامية وبات الحديث عنها مشبوها ومتلازماً للصناعةِ والعمالةِ الاستخباراتيةِ، ولو أن تبرير ما حدث يمكن تسميته: بالظروف التاريخية، التي سمحت للجهاديين والمتشيعين بالظهور نتيجة تاريخ من الاعتداءات والإساءات والمظالم والاغتيالات التي اختبرها كل من السني والشيعي، الكل عبر فيها عن توجهات متباينة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق