الأربعاء، 22 مارس 2023

الملوخية الإرهابية !

 الملوخية الإرهابية !

جعفر عباس

رغم أن القراء والأصدقاء «يفشلوني» عاماً بعد عام بعدم تهنئتي بيوم مولدي الميمون في الأول من سبتمبر مقرونة بهدايا، إلا أن معظمهم يتذكُّر ما حدث في 11 سبتمبر من عام 2001 عندما هاجم تنظيم القاعدة برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك مما أدى الى مقتل زهاء 3000 شخص، وكلما جاءت سيرة تلك الحادثة تذكرت بدوري كيف توجه شاب سوداني إلى الولايات المتحدة، لنيل شهادات وخبرات إضافية فوق تلك التي نالها سلفا في مجال الطيران، فقالوا له: مجنون أنت؟ مسلم تريد تصير طيار في أمريكا؟ مش كفاية اللي سويتوه في مركز التجارة العالمي؟ وهكذا هبط صاحبنا أرضا، واضطر إلى العمل كسائق تاكسي، لينفق على نفسه كطالب في كلية جليفورد للتكنولوجيا بولاية كارولاينا الشمالية بعد أن صرف النظر عن الطيران الذي بات محرماً على كل ناطق بلا إله إلا الله أو بالعربية!.

بعد أحداث 11 سبتمبر تلك بأسابيع قليلة، تم إلقاء القبض على خلية سودانية «نائمة في العسل» في هامبورج بألمانيا، بعد أن بلغ الشرطة أنها تحوز مواد لصنع أسلحة جرثومية، وقد كتبت عن هذا الحدث في حينه، وأعلنت عن تعاطفي مع الشعب الألماني في وجه المؤامرة السودانية الدنيئة، التي كانت تهدف إلى الفتك بالألمان الذين عانوا من ويلات النازية، ثم غارات الحلفاء، ثم تقسيم دولتهم الى شطرين، وكان بديهياً أن أتعاطف معهم لأنني كنت ضحية تلك المواد التي من المؤكد أنها من أسلحة الدمار الكامل، ولا أذيع سراً إذا قلت إن الملحقيات الثقافية الألمانية نقلت ما كتبته حول هذا السلاح الفتاك إلى السلطات الأمنية في برلين، كشهادة دامغة على ضلوع الخلية السودانية الإجرامية في عمل يستحق الإدانة من كل شريف و»شريفة»، فقد كانت المادة التي وجدوها لدى المجموعة تلك هي «الشريفة»، وهذا هو الاسم الحركي للملوخية في السودان، فإذا ذهبت إلى مطعم سوداني وقالوا لك إنهم يقدمون الشريفة فانج بجلدك.

ولمصلحة القارئ يجب أن أخرج عن موضوعي (إذا كان هنالك موضوع)، لأقول إن السودانيين يطلقون أسماء مريبة على بعض الأطعمة في المطاعم من باب التمويه: رأس الخروف المحمر اسمه الباسم، (تسمية موفقة لأن الأسنان تكون مكشوفة)، والعدس اسمه السرينة، والفول اسمه الـ»كل يوم معانا»، أما الجقاجق فـ «الجواب من عنوانه»، والاسم لا يوحي بالطمأنينة، ولا داعي للخوض في تفصيلاتها، وعليك تجنبها تجنب السليم للأجرب!.


ما علينا فقد كانت تلك الخلية الإجرامية تخزن الملوخية المجففة في المسكن، مع علمهم التام بمضارها وما تفعله بالجهاز الهضمي من اضطرابات وعصيان مدني لا يمكن قمعه إلا بمضادات الغازات، وقاذفات القولون! 

ولم يسمع بعض المهاجرين المصريين بإدراج الملوخية في قائمة الأسلحة الإرهابية، فذهب اثنان منهم الى كندا حاملين ملوخية مجففة، وزادا الطين بلة بأنهما كانا يحملان كميات من الفسيخ، وهو سلاح جرثومي معروف في مصر والسودان، وبعد جرجرة وتلتلة أثبت المصريان أنهما لا يحملان جينات الإرهاب لأنهما مسيحيان نصاري، ونالا حريتهما، ولكن الفسيخ تعرض للعزل ثم الإعدام.


وقبل أن نفيق نحن السودانيين المسالمين من صدمة خلية الملوخية، وقع في الأسر (حدث هذا قبل سنوات) في أمريكا المدعو مكي حامد مكي، وقال الأمريكيون إنه طيار سابق في القوات المسلحة السودانية، وإنه كان يخطط لاختطاف طائرة لضرب مبنى الكونجرس أو البيت الأبيض، ولدي معلومة خطيرة أقدمها لسلطات الأمن الأمريكية، وهي أن السلاح الذي كان من الوارد أن يستخدمه مكي هو سيارة تاكسي، لأنه كان يعمل حتى اعتقاله سائق تاكسي في مدينة جرينز بورو في ولاية نورث كارولاينا، بعد أن صرف النظر عن مواصلة دراسة الطيران بسبب أحداث سبتمبر، وأقول «مواصلة» لأنه كان أصلاً مساعد طيار في الخطوط الجوية السودانية، ولما يئس من نيل ترقية إلى رتبة طيار ذهب إلى أمريكا، وهكذا اضطر للقيام بهبوط اضطراري من الطائرة إلى تاكسي، ولكن عيون المخابرات الأمريكية تحسب الفأر مُهْرا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق