إن ينصركم الله فلا غالب لكم
بادية شكاط
امين عام منظمة اعلاميون حول العالم الدولية
ممثل الجزائر في المنظمة وعضو مؤسس
بعد تفكك المسيحية إدعت كل دولة أنها قد تلقت الإرث المقدس،وأنها حازت على الولاية من الرب،ففرنسا هي البنت البكر للكنيسة،والتي بها تتم أفعال الرب،وألمانيا هي فوق الجميع لأن الله معها،فلم يكن من العجيب أن لاتغيب الصهيونية عن هذه الساحة،التي فيها يتم تقاسم نشوة القومية،يقول الحاخام والفيلسوف اندري نهير:”إن اسرائيل وهي بامتياز علامة التاريخ الإلهي في العالم،فإسرائيل هي محور العالم،وهي العصب والمركز والقلب”إنها العبارات التي تفضح فضحًا ساطعًا الفكر العنصري البغيض،الذي يقف مع تعاليم الأنبياء على النقيض،وتكشف عن وجه الاسطورة الآرية التي أسست للايديولوجيا الجرمانية والهتليرية،والتي لايمكن بحال أن تؤمن بالحوار الذي يتنادى له دعاة الإستسلام برداء المحبة والسلام.
فهل يعرف أولئك المتوحشون شيئا عن الإنسانية؟ أم هل يعرفون غير الرصاص والقنابل أبجدية؟
إننا اليوم وإن كنا نألم لما نشاهده من صور وحشية للهمجية الصهيونية،انما نتألم أكثر لذاك الإطفاء لغطاء الشرعية من قبل بعض المثقفين العرب،لهيئات لانراها أسست إلا لتجعل من الدول العربية مقابر جماعية،فعن أي هيئة يهرول الغاوون وأولئك المطبعون؟
لقد سقطت كل الشرعية لهاته الهيئة الدولية وكل العالم يراها اليوم رأي العين وهي لاتتحرك إلا في مكانها،ولاتتجاوز المنابر في صيحاتها،ألم يكن هذا هو النص في ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الانسان المؤرخ في 10 ديسمبر1948 والذي اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة :
“الاعتراف بالكرامة المتاصلة في جميع أعضاء الأسره البشرية بحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحريه والعدل والسلام في العالم،ولما كان تناسي حقوق الانسان وازدرائها قد أفضيا الى أعمال همجية آذت الضمير الانساني،فلقد كان غاية ما يرمي اليه عامة البشر ميثاق عالمي يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيده،ويتحرر من الفزع والفاقة،فكان من الضروري ان يتولى القانون حماية حقوق الانسان لكي لا يضطر المرء آخر الامر الى التمرد على الاستبداد والظلم”
فأين ماجاء في تلك الديباجة مما يحصل الآن في غزة؟ ألم تعاني فلسطين من وحشية الاحتلال الصهيوني الذي منع عن غزة الكهرباء،الماء والدواء،ثم قصف المستشفيات في مجزرة لم يشهد التاريخ لمثل فظاعتها ووحشيتها؟
هل هناك فزع وفاقة أكبر من هذا؟
فأين تشريعاتها؟
أين حمايتها لأطفال أبرياء ونساء وشيوخ ضعفاء؟
أين مواثيق حقوق الاإنسان؟
أين اتفاقات السلام؟
إنها الكاشفة التي كشفت أن هذا الكيان الصهيوني الذي زرع في فلسطين،قد أحيط به بسياج متين يحميه على مستوى قطري من خلال الدول المجاورة والمحيطة التي جلّسوا على عروشها حكاما لامواقف لهم سوى مواقف الذل والخذلان.
ومستوى اقليمي من خلال هيئة الامم المتحدة،التي لايخضع الكيان الصهيوني لمواثيقها الدولية،فلايمضي على أي قوانين دولية،ولا تعنيه أي عقوبات أممية،فله أن يسقي الارض أنهارا من الدماء،وله أن يستخدم الأسلحة الفوسفورية والحارقة وكل ماتسول له طبيعته الوحشية.
وحري بنا أن نتساءل الآن :
لماذا لاتكون لنا هيئتنا الدولية البديلة والمستقلة،التي نشرّع فيها مواثيقنا الدولية التي نقيم عليها قيمنا الاسلامية ؟
لماذا نرضى بأن يكون غيرنا لتغيير واقعنا سباقين ونحن لإرضائهم متسابقين؟
لماذا وهم قد وضعوا للخلاص من اليهود استراتيجيتهم لانضع نحن استراتيجيتنا؟
لماذا وقد ضمنوا بكيان الاحتلال مصالحهم لانضمن نحن بدونه مصالحنا؟
لماذا نعيش أذلاء نتكفف الغذاء،السلاح والدواء بينما ثرواتنا ومقدراتنا الطبيعية واليشرية يستغلها غيرنا؟
لماذا لاتكون لنا منظمتنا العالمية التي تضم خيرة المفكرين والاستراتيجيين والعلماء لرسم خارطة جديدة للشرق الاوسط دون مايسمونها باسرائيل؟
لماذا رسموا لنا شرق اوسط قديم ونحن بانتظار أن يرسموا الجديد دون أن تكون لنا الخيرة من أمرنا وكأننا جدران لاتريد أن تنقض إلا على رؤوسنا؟
لقد آن الأوان لنفض ماعلق بهذه الأمة من هوان،بتقوية شوكتنا،وتوحيد همّتنا،وتنظيف عقولنا مِن تراكماتِ فكرٍ أوهمنا أنّنا لهم تبعًا،فأصبحنا لترّاهاتهم مستودعًا،فتوارثنا شعور الإنهزامية والدونية،واقتنعنا أننا مجرد شعوب مستضعفة ولم نشك في أنها الحقيقة المزيفة،فما اليهود والصهاينة سوى شرذمة يجوبون خلال الديار كطفل عابث يهوى التخريب والدمار،يقول أحد حاخاماتهم :”أيها اليهود إنكم من بني البشر لأنّ أرواحكم مصدرها روح الله،أمّا باقي الأمم فليست كذلك لأنّ أرواحهم مصدرها الروح النجسة” وهاهو طوفان الأقصى قد أخبر العالم اليوم أن الكيان الصهيوني ليس الجبار الذي لايقهر،ولاهو العين الاستخباراتية التي لاتنام،ولاهو صاحب التكتيكات العسكرية التي لاتكسر،وأنه مهما كان عدوان الصهاينة وحشي رهيب،لا ينبغي منهم أن نهيب،لأنهم أكثر أهل الأرض جبنا بل جبنهم منا عجيب،قال عزوجل :”لأنتم أشدّ رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لايفقهون ” سورة الحشر الآية “13”
كما أنهم شحنة أحقاد ووقود فساد،قال عزوجل :“كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لايحب المفسدين ” سورة المائدة – الآية 64
وعلى خلاف مايبدون هم شرذمة متفرقون،بينهم كثير من الإختلافات وعديد من الإنقسامات،قال عزوجل :”تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لايعقلون ” سورة الحشر الآية “14”
بل إنه من السهل تمزيقهم ومن الأيسر إستمالتهم،لأنهم
لايشيّعون سوى المصالح،ولايعنيهم خيانة المواثيق
والعهود يقول عزوجل:”أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق
منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ” سورة البقرة الاية 100.
فعلى أولئك المطبعين الذين يتنادون بدرء مابينهم وبين
المسلمين من عداء،عدم استغفال الجهلاء،فالله عز وجل قد
قال في كتابه الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
:”هاأنتم أولاء تحبونهم ولايحبونكم ” سورة آل عمران – الآية 120
ويقول أيضا جلّ وعلا:“لتجدنّ أشد الناس عداوة للذين
آمنوا اليهود والذين أشركوا” سورة المائدة الآية82
إن أمتنا الإسلامية لم تعقم من الرجال الراسخون
كالجبال،الذين ينطلقون كاللهب لحظة الغضب،الذين يرون
الجهاد جنة يمشون إليها سيرا على الأقدام بكل إقدام،فلا
تلهيهم حياة المترفين،ولاتعنيهم صفوف المتخلفين
قال عزوجل :”وإذ تأذّن ربك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة
من يسومونهم سوء العذاب إنّ ربك لسريع العقاب وإنه
لغفور رحيم “سورة الأعراف – الآية 167
فهيهات بين ذاك الذي يقاتل كفرا لأجل العناد وبين هذا الذي
يقاتل إيمانا لأجل الإستشهاد،يقول عزوجل :” ولاتهنوا في
إبتغاء القوم،إن كنتم تألمون فهم يألمون كما تألمون
وترجون من الله مالايرجون وكان الله عليما حكيما”
سورة النساء – الآية 104
وقال عليه الصلاة والسلام :”لاتزال طائفة من أمتي على
الحق ظاهرين ،لعدوهم قاهرين،لايضرّهم من خالفهم،إلاّ
ماأصابهم مِن لأواء حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك،قيل
أين هم يارسول الله ؟ قال ببيت المقدس وفي أكناف بيت
المقدس ” رواه أحمد في مسنده
غير أننا لن ننتصر على أعدائنا بأماني لاتتجاوز دعواتنا،أو
بصحيات لاتهز إلا أوتار حناجرنا،أو حتى بأسلحةنملكها،
بل إن انتصاراتنا لاتكون إلا بايماننا بربنا،يقول
عزوجل:”إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا
الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون”
سورة آل عمران-الآية 160
فالإنتصار به جل وعز يكون باتباع كتابه وهدي نبيه عليه الصلاة والسلام،فكل من يخافت بذكر الله أكبر هو أبعد من أن يُنصر،وكل من يرى الإسلام مجرد شعائر دينية لاتختلف عن الطقوس الوثنية لن يُنصر،وكل مسلم لاتصيبه مصائب إخوانه بالحزن والأسى فهو غثاء وأبعد من أن تراه عيون المجهر ناهيك أن يُنصر،فالإسلام لواء جامع لكل الناس تحت سحائب القيم الأخلاقية السامية الرحيمة،وإن انزلقت الأقدام في الأرض الوحلاء شدتها الأرواح باشراقات هذا الدين،إلى مشارف السماء،فالله لايورّث هذه الأرض إلا لعباده الصالحين،ولايجعل التمكين إلا لمن تمسك بعرى هذا الدين،يقول تبارك وتعالى:“وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لايشركون بي شيئًا،ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون” سورة النور– الآية 55″...أما ماسواهم فإنهم الفاشلين في سلمهم،المخذولين في حربهم،قال عز وجل:” فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم” سورة محمد الآية 35
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق