فضيحة مدوية!
فضيحة جديدة للمجتمع الدولي والنظام العالمي (الغربي) القائم على القواعد، تضاف إلى سلسلة الفضائح العديدة المدوّية التي كشفتها حرب الإبادة الجماعية الصهيو-أميركية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فضائح تغذّي وعي البشرية يومياً بأن هذا النظام العالمي تهيمن عليه الصهيونية العالمية، وأنه وضع أساساً لخدمة الكيان الصهيوني وحمايته، فهو فوق القانون وفوق الشرائع والاتفاقيات الدولية والإنسانية، الأمر الذي بات يشكل خطراً كبيراً يهدد مستقبل البشرية جمعاء.
فقد أصدرت الأمم المتحدة أمس، ولأول مرة على هذا النحو منذ بداية هذه الحرب، بياناً مدوّياً يصرخ في وجه الولايات المتحدة، المعنية الأولى بهذا البيان باعتبارها زعيمة العالم، وحارسة النظام العالمي، ويطالبها بالإيقاف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة. فما الجديد في هذا البيان؟
عشرة مطالب أصدرتها اللجنة الدائمة المشتركة لوكالات الأمم المتحدة والوكالات الطوعية، لتقوم بالتصدّي للأوضاع الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعلى رأس هذه المطالب؛ الإيقاف الفوري لإطلاق النار.
المطالب العشرة
تحت عنوان "المدنيون في غزة في خطر شديد بينما العالم يراقب: عشرة متطلبات لتجنب كارثة أسوأ"، أصدرت المسؤولون الرئيسيون في اللجنة الدائمة المشتركة لوكالات الأمم المتحدة والوكالات الطوعية؛ بياناً تحدث عن الوحشية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بسبب الحرب الإسرائيلية التي أعقبت هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأدت إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال، وأجبرت أكثر من ثلاثة أرباع السكان على ترك منازلهم، عدة مرات، ليواجهوا نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية. وبعد أن استعرض البيان أبرز معالم المعاناة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني طيلة الأشهر الخمسة الماضية تحت وطأة الحرب الوحشية التي لم تبق مكاناً آمناً في غزة، وما يمكن أن يترتب على اجتياح مدينة رفح من معاناة مضاعفة، ذكر البيان عشرة مطالب عاجلة تمكّن هذه الوكالات من القيام بواجباتها تجاه الشعب الفلسطيني المنكوب في قطاع غزة، وهذه المطالب هي:
- وقف فوري لإطلاق النار.
- حماية المدنيين والبنية التحتية التي يعتمدون عليها.
- إطلاق سراح الرهائن فوراً.
- توفير نقاط دخول موثوقة تسمح بإدخال المساعدات من جميع المعابر الممكنة، بما في ذلك إلى شمال غزة.
- توفير ضمانات أمنية ومرور دون عوائق لتوزيع المساعدات، على نطاق واسع، في جميع أنحاء غزة، دون أي رفض أو تأخير أو إعاقة للوصول.
- تهيئة نظام إخطار إنساني فعّال يسمح لجميع العاملين في المجال الإنساني والإمدادات الإنسانية بالتحرك داخل غزة وإيصال المساعدات بأمان.
- تأمين الحركة والانتقال في الطرق والأحياء التي سيتم تطهيرها من الذخائر المتفجرة.
- توفير شبكة اتصالات مستقرة تسمح للعاملين في المجال الإنساني بالتحرك بأمن وأمان.
- التأكيد على أن الأونروا هي العمود الفقري للعمليات الإنسانية في غزة، لتلقي الموارد التي تحتاجها من أجل تقديم المساعدة المنقذة للحياة.
- وقف الحملات الرامية إلى تشويه سمعة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التي تبذل قصارى جهدها لإنقاذ الأرواح.
ومع إقرار اللجنة بأنه لا شيء يمكن أن يعوّض التقصير في الاستجابة الإنسانية عن أشهر الحرمان التي عانت منها الأسر في غزة، إلا أنها تعتقد أن هذه المطالب العشر هي ما تحتاجه الآن لتتمكن من توفير الضروريات الأساسية على الأقل: الدواء ومياه الشرب والغذاء والمأوى.
ودعا البيان (إسرائيل) إلى الوفاء بالتزامها القانوني، بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وتوفير الأغذية والإمدادات الطبية وتيسير عمليات المعونة، داعياً قادة العالم إلى منع وقوع كارثة أسوأ.
وقد وقّع على البيان رؤساء ١٩ وكالة إنسانية دولية، من بينها ١٢ وكالة تابعة للأمم المتحدة، وأيدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) البيان تأييداً كاملاً.
يعتبر البيان فضيحة جديدة، أضيفت إلى العديد من الفضائح التي كشفتها الحرب الهمجية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ لتؤكد الفهم بأن نفوذ الكيان الصهيوني يهيمن بصورة حادة على الولايات المتحدة والدول الغربية، التي لا تملك تجاهه حيلة ولا قوّة.
فوق القانون والنظام
تعتبر اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات (IASC) أقدم وأعلى منتدى لتنسيق الشؤون الإنسانية في منظومة المتحدة، أنشئت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٩١، وتضم الرؤساء التنفيذيين لـ١٩ منظمة من داخل الأمم المتحدة وخارجها، وهي مسؤولة عن وضع السياسات وتحديد الأولويات وتوفير الموارد استجابة للأزمات الإنسانية، وتعمل بصورة متماسكة موحدة لاتخاذ القرارات الاستراتيجية والتنفيذية ذات الأثر المباشر على العمليات الإنسانية في أرض الواقع. ويعتبر إصدار اللجنة مثل هذا البيان بعد حوالي خمسة أشهر من الحرب الهمجية في قطاع غزة؛ أمراً ليس اعتيادياً، ولا ينبغي المرور عليه مرور الكرام، فهو يشير إلى العديد من النقاط الحيوية التي لابد من الوقوف عليها وفهم دلالاتها، وفي مقدمتها:
- أن الوكالات الإنسانية الأممية والطوعية تشعر بالعجز الشديد عن القيام بدورها في إغاثة سكان قطاع غزة، كما تشعر بالخجل إزاء هذا العجز والتقصير.
- هذا البيان إدانة كاملة الأركان للكيان الصهيوني بمخالفته للقوانين الدولية والإنسانية، وإعاقته المتعمدة لإيصال المساعدات الإنسانية الدولية للمدنيين، وإعاقة المؤسسات الأممية والدولية عن القيام بعملها الذي شرّعته القوانين الدولية والإنسانية.
- أن هذا البيان يدعم مطالب الأمم المتحدة المتكررة بالإيقاف الفوري لإطلاق النار لحقن دماء المدنيين، وتمكين المؤسسات الإغاثية من القيام بدورها في بيئة آمنة.
- أن هذا البيان وثيقة من الوثائق التي تدعم التهم الموجهة للكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية بارتكابه الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
- أن هذا البيان يعتبر صفعة شديدة على وجه الولايات المتحدة وحلفائها الذين صمتوا حتى الآن على إعاقة الكيان الصهيوني للمؤسسات الإنسانية عن القيام بدورها الإنساني تجاه المدنيين في قطاع غزة.
- أن البيان دليل إضافي على فشل النظام العالمي الأميركي القائم على القواعد، وأن هذه القواعد يتم تشغيلها وتعطيلها بناء على مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها فقط.
- أن البيان يعزز المطالب الداعية إلى إسقاط هذا النظام وإقامة نظام لا يساوم في أي قضية تتعلق بالعدالة والإنسانية، لجميع الكيانات البشرية دون أدنى تمييز.
لقد عزز البيان الفهم السائد في العالم أن الكيان الصهيوني فوق النظام العالمي، وفوق القوانين والشرائع التي سنّها من أجل أن يحاسب بها الآخرين، دون أن يخضع لها. إنها فضيحة جديدة، أضيفت إلى العديد من الفضائح التي كشفتها الحرب الهمجية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ لتؤكد الفهم بأن نفوذ الكيان الصهيوني يهيمن بصورة حادة على الولايات المتحدة والدول الغربية، التي لا تملك تجاهه حيلة ولا قوّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق