مرحباً بمُطهِّر ذُنوبنا!
كان عمر بن الخطّاب يستقبلُ رمضان بقوله: مرحباً بمُطهِّر ذنوبنا..
فها قد أتى رمضان، وأنتَ المُثخنُ بالذُّنوبِ والنُّدوبِ، فرمِمْ ثُقوبَ قلبكَ، واجْبُرْ كسر روحكَ، وأَنِخْ بباب ربكَ مطاياك، وقُلْ له: عبدكَ المسيءُ قد عادَ إليكَ، أشقاه البُعدُ عنكَ، وقسمتْ ظهره المسافاتْ، يا الله: لكَ عبادٌ غيري وليس لي ربٌّ سواكَ، أنتَ جاهي واتجاهي، وقِبلة روحي، فافتحْ عليَّ فتوح العارفين، واقبلني في التائبين، واكتبني في القائمين، واحشرني مع الصائمين!
ها قد أتى رمضان:
الشهرُ الذي تظمأ فيه الحناجر وترتوي فيه القلوب، وتفرغُ فيه الأمعاء وتمتلئ فيه الأرواح، ويوهنُ فيه الجسد ويقوى فيه الإيمان، وتفترُ فيه الحركة وتشتدُّ فيه العقيدة!
فجدِّدْ إيمانكَ يا صاحبي، فليس للهِ حاجة في تركِ طعامنا وشرابنا، ولكنه يُرسل إلينا رمضان ليُنقينا، ويغسلنا من جديد لنكون لائقين به، فلا يكُن حظَّك منه إلا الجوع والعطش!
رمضان ليس حِميةً غذائيةً، على خُطى الرَّسول ﷺ راحُكَ ومُستراحُكَ، وأنت الدامي من مشقة الطريق، فألقِ عند اللهِ رَحْلكَ!
فإنكَ من اللهِ، ومع اللهِ، وإلى الله!
ها قد أتى رمضان:
فإنْ أنهككَ الجوع، وأضناكَ العطش، فتعزَّ بأولئكَ الذين فوق جوعهم وعطشهم حملوا السيوف، ووضعوا الأرواح على الأكُفِّ، وباعوا الدَّمَ للهِ، ليبقى لنا رمضان!
رمضان غزوة بدر حيث سلَّ الإسلام سيفه لأول مرَّةٍ دفاعاً عن القرآن، وسيبقى هذا السَّيف مسلولاً حتى يُقاتل آخر هذه الأمة الدَّجال!
رمضان فتح مكة، والمدينة التي استعادتْ هويتها أخيراً، عاصمة التوحيد! واذهبوا فأنتم الطلقاء، وبلال على ظهر الكعبة يُعلنها ملء الكون أنَّ الله أكبر!
رمضان القادسية، سعد بن أبي وقاص وأبو محجنٍ، وعمر بن الخطاب يسأل بعدما بُشِّرَ بالنَّصر: كم استمرَ القتال؟
فقالوا: من الفجر حتى العصر
فقال: سبحان الله، لا يصمد الباطل أما الحق كل هذا، لعله بذنبٍ أذنبتموه أنتم أو أنا!
رمضان بلاط الشهداء، وعبد الرحمن الغافقي على بُعد سبعين كيلومتراً من باريس، يقولُ: اللهمَّ خُذْ من دمي حتى ترضى!
رمضان فتح عمورية، المُعتصم والجيشُ الذي سار غاضباً لعرض امرأةٍ واحدة، فاللهمَّ أَرْجِعْ لنا عزَّتنا!
رمضان عين جالوت، المُظفر قُطز والمغول، حيث صام المجاهدون في الأرض وأفطروا في الجنة!
رمضان معركة شقحب، ابن تيمية وابن القيم في الصف الأول من المعركة، حيث لا يُغني الحِبر عن الدم، ولا الفقه عن الجهاد!
رمضان غزّة المذبوحة من الوريد إلى الوريد، تُؤذِّنُ فينا أذان إبراهيم عليه السّلام في النَّاس، وتُنادي فينا نداء نوحٍ عليه السَّلام أن اركبوا سفينة الجهاد! وما من مُجيبٍ، وحدها تجمعُ بين عبادتين عظيمتين: كُتبَ عليكم الصِّيام وكُتبَ عليكم القتال!
ها قد أتى رمضان:
إنه مصفاة القلوب، فنَقِّ قلبكَ، وإياكَ أن تخرجَ منه بنفس القلب الذي دخلته به!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق